غرس مفاهيم غير صحيحة في نفوس الطلاب
تصوير الطبيب في شخصيتي "قرد وثعلب" في كتاب مدرسي
عبدالله السلمان - التوافق - الأحساء
طالب أطباء سعوديون بإعادة النظر في موضوعين دراسيين في كتابي القراءة والمحفوظات للصفين الثاني والثالث الابتدائيين، واستبدالهما بما هو أفضل طرحاً، مشيرين إلى المعاناة التي يعانيها أطباء الأسنان على سبيل المثال،عند الكشف على الأطفال في هذه المرحلة السنية، وقد أبدى هؤلاء الأطباء تحفظات على تصويرهم في شخصيتي هذين الحيوانين، وظهورهما بشكل قد يسئ إليهما
ويعد استخدام الحيوانات في القصص المصورة للأطفال من الأمور الشائعة لتقريب الصور المطلوب إيصالها إلى أذهانهم، وتلجأ أفلام الرسوم المتحركة للحيوانات في رسم شخوصها، لذا من المفهوم جدا أن تستخدمها المناهج الدراسية كوسيلة تعليمية تجذب الأطفال.
لكن في المقابل يرى البعض أن استخدام تلك الوسيلة بشكل غير متقن من ناحية الربط قد يضر أحيانا كثيرة، ويؤدي إلى صورة عكسية، خاصة إذا ما ارتبطت تلك الصور بفئات معينة من المجتمع، ومن بينهم فئة الأطباء.
وعبر الأطباء عن استغرابهم من استمرار تقديمهم على هيئة ثعلب وقرد يقدمان خدماتهما العلاجية لطائفة من الحيوانات، رغم كثرة الاعتراضات المقدمة من قبلهم، على اعتبار أن الموضوعين يقدمانهما في صورة مغايرة لما يقومان به من أعباء وتحمل للمسؤولية
ورأى بعضهم أن موضوع (القرد الطبيب) و(الثعلب الطبيب) من شأنهما أن يغرسا بعض المفاهيم غير الصحيحة في نفوس الطلاب، خاصة في مثل تلك السن.
تشويه صورة الطبيب
وقال اختصاصي طب الأسنان الدكتور حسن الحليمي: "القرد الذي يرتدي معطفاً أبيض وسماعة، ويأتي ليمثل دور الطبيب ليخلع أسنان الأسد، حتى تستريح الغابة منه بعدما أكل حيواناتها يقدم صورة مغايرة لمهنة الطب التي تحمل الأمانة في التشخيص ، وأضاف أنه حتى وإن كانت القصة غير واقعية، ولمجرد التسلية، إلا أنها يجب أن تكون ذات أهداف سلوكية ودلالات تحمل معها احترام من يزاول هذه المهنة؛ فمَنْ مِنَ الناس يقبل أن يُسْقَط مسمى مهنته - مهما كانت - على مسميات حيوانات ، وعلق الدكتور محمد حسين على موضوع الثعلب الطبيب الذي سمع أن الدجاجة قد مرضت، فطمع في أكلها، وتنكر في هيئة طبيب، وارتدى المعطف الأبيض، وعلق سماعته، إلا أن الكلب أفشل خطته، مشيرا إلى أن هذا الدور غير مقبول على الإطلاق وقد يعكس مفاهيم خاطئة لدى الطلاب من أن الأطباء مخادعون، ويسعون لكل سبل الاحتيال من أجل الوصول إلى غاياتهم، أما الدكتور محمد آل سعيد فطالب بإعادة النظر في هذين الموضوعين، واستبدالهما بما هو أفضل طرحاً، مشيراً إلى المعاناة التي يعانيها أطباء الأسنان على سبيل المثال،عند الكشف على الأطفال في هذه المرحلة السنية، ولفت إلى علاقة الموضوعين وحالة كثير من الطلاب أثناء مراجعتهم لعيادات الأطباء، واصفا ذلك بالربط السلبي، وقال ولي أمر طالب إنه ذهب بابنه الذي يدرس في الصف الثالث الابتدائي إلى عيادة الأطفال، وبعد خروجه منها ذكَّره بذاك الدرس، وكيف كان الثعلب يعالج الدجاجة.
وأجمع عدد من المعلمين أن مثل هذه المسميات لا تليق بالفعل بمهنة الطب، حتى وإن كانت لمجرد التسلية والفكاهة لطلاب الصفوف الأولية، ومن جهته أشار مدير إدارة الإشراف التربوي بتعليم البنين بالطائف أحمد الحسن عسيري إلى أن الموضوع عندما طرح بهذا الشكل نظر إليه من جانب واحد، وهو تقديم فكرة للطالب في سن معينة بأسلوب مبسط وفكاهي، واختيرت هذه الحيوانات لأنها مألوفة لدى الأطفال، ويعشقون متابعة قصصها، إلا أن هناك جوانب أخرى لم يتم التنبه لها، وهي أن هناك من الموضوعات ما يمكن أن يثير حفيظة بعض الفئات، أو يقدم صورة سالبة عنهم رغم حسن نيتها ، ولفت إلى أنه من الأولى بالطبع عدم تقديم مثل تلك الموضوعات، خاصة التي يمكن أن ترسم بالفعل صورة سالبة لدى الطلاب، خاصة في مثل تلك السن المبكرة، وتصنع نوعا من الربط غير الصحيح، مثل إمكانية تخلى الطبيب عن ميثاق المهنة الأخلاقي لأهداف خاصة، وخاصة أنه خلع أسنان الأسد بخدعة، ليس لأنه مريض، بل ليريح الغابة من شره، كما أنه يصور الأطباء وخاصة أطباء الأسنان بصورة معينة تجعل الطالب قد يربط ما بين القصة المدرسية والواقع .
الطبيب الشخصية المثالية للأطفال
من جانبه قال مدير عام المناهج في وزارة التربية والتعليم عبدالعزيز الرويس "الطبيب يمثل الشخصية المثالية للأطفال، لارتباطها عندهم بإزالة الألم والشفاء من الأمراض، فعندما تسأل أي طفل عن مهنة المستقبل، فستكون الإجابة السريعة (طبيباً) في أغلب الأحيان
وأضاف "في كتاب القراءة للصف الثالث الابتدائي وردت قصة (القرد الطبيب)، وفيها يقوم القرد بدور الطبيب الذي يشفي الغابة من شرور الأسد وإيذائه، وقيام القرد بدور الطبيب تكريس لدور الطبيب وصورته في أذهان الأطفال
واستطرد الرويس "لو فرضنا - خطأً- أن صورة القرد في أذهان الأطفال تشبه صورته القبيحة في أذهان بعض الكبار، فإن القصة تبني عنصرها التشويقي على المفارقة الواضحة بين شخصيتين متضادتين، تنتصر فيها الصورة الجميلة للطبيب على الصورة القبيحة للقرد، فيتحول القبح جمالاً محضاً".
وفي تعليقه على القصة الثانية أشار إلى أن قصة (الثعلب الطبيب) يقوم فيها الثعلب بمخادعة الدجاجة، منتحلا شخصية الطبيب؛ لأنه يدرك أن شخصية الطبيب هي الشخصية التي لا يمكن أن ترتبط في ذهن أي كائن بالحيلة والخداع، وتتخذ القصة هذه المفارقة لتغرس الحذر في نفوس الأطفال من كل مخادع أو محتال، ولو ظهر بأجمل صورة ومثَّل أجملَ دور
وأكد الرويس أن الهدف من القصة تنبيه الأطفال إلى أن المخادعين دائماً الذين يظهرون بمظهر الناصح، ولا يمكن أن يتحقق هذا الأمر إلا باستخدام التناقض بين شخصيتين متضادتين: الثعلب المعروف بالخداع، والطبيب المعروف بالصدق والأمانة..، وفي كل الأحول تحرص كثير من دور النشر العالمية من خلال ما تنتجه من سلاسل لكتب مدرسية للأطفال على عرض بعض المفاهيم من خلال سياقات محببة للأطفال، حتى وإن كانت في بعض الأحيان تعتمد على رسوم كرتونية أو قصص خيالية.
وأكد الرويس أن الوزارة تسعى في تطويرها لكتب القراءة للأطفال إلى تنمية مهارات القراءة المتنوعة، بأن تكون في سياق شائق، وكل ذلك لا يمنع من إعادة قراءة أي نص أو صورة للتأكد من عدم قراءتها في غير سياقها المقصود .
تحياتي لكم..
15-12-07, 12:15 PM
تصوير الطبيب في شخصيتي "قرد وثعلب" في كتاب مدرسي
العرض العادي
