همسات لكلا الزوجين " 8" الهمسة الأولى ..
لا شكَ في أن لدى كل إنسان جملة من القناعات و المفاهيم و المبادئ و التي تستند إليها كمرجعية للحكم على الأمور ، فالإنسان يبني قيمه من خلال خبراته و تجاربه التي تعكس انتمائه للمجتمع الذي يعيش فيه ، و من الثقافة التي تسود حياته .
كما يستمد هذه القيم من الأبوين و الأقارب و الأصدقاء و وسائل الإعلام و غيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية ، و ترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة من الاولويات المهمة في التربية إذ أنها ستشكل للمسلم لاحقا هويته الإسلامية التي تعكس تصوره للكون .
لكن التساؤل الأهم الذي ينبغي أن يثيره أرباب الأسر أين أضع أسرتي في سلم أولوياتي ؟
و هل أضحي بالأصدقاء لأجل الأسرة .؟
و هل أضحي بالاستجمام و السياحة لأجل الأسرة ؟
يثير هذه الأسئلة الأستاذ حسين التاروتي مع ضيفيه الشيخ عبد الرحمن المحرج و الإخصائي النفسي جعفر آل خزعل ..
حيثُ بدأ الشيخ المحرج بالتحدث عن الماضي و الحاضر و عن الأمان الأسري و جاء في كلامه " أن دخول المتغيرات الكثيرة و مشينا خلف هذه التيارات جهلا من شئنه إيجاد شبح التفكك الأسري و انتشار الطلاق ، و للأسف أن هناك من مجتمعنا رجال بإمكانهم إسعاد أي إمرأة في العالم و هناكَ أيضًا نساء بإمكانهنَّ إسعاد أي رجل في العالم ، ولكنهم لا يستطيعون بسبب الضغوط الخارجية و ليس لسبب فيهم شخصيًا ، إذا أن عدم التكيف مع استعدادات الزواج ، و عدم تكيفهم مع الأوضاع الجديد يشعران بأن كل شخص هو عدو بالنسبة له و لذلك تتفكك الأسرة . حيثُ نجد الآن أنه لا توجد أي أسرة إلا بها قطيعة للرحم و نسب الطلاق متفشية بشكل مخيف و الطلاق العاطفي داخل البيوت أدهى و أمر ، و الله سبحانه و تعالى يقول " إنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم "
و يقول الأستاذ جعفر آل خزعل " أن الكل في الوقت الحاضر ينشغل بأهمية الوقت داخل الأسرة و العمل ، و ذكر قصة أن شابًا سأل شيخًا كبيرًا عن الوقت ، فقال له الشيخ : لن أخبرك ، فقال : لماذا ؟ فقال الشيخ : إن أخبرتك سوف نتعرف و بعد أن نتعرف سوف ننزل معًا في المحطة القادمة ثم أدعوكَ لشرب فنجان قهوة ، ثم أدعوكَ إلى منزلي ، و لي بنتٌ واحدة ، ثم تعجبك ، ثم تطلبها للزواج و أرفض .. فقال له الشاب مدهوشًا : و لماذا لا تزوجني إياها ؟! فرد الشيخ الكبير : رجلٌ لا يحمل ساعة لا يحترم الوقت و من لا يحترمَ الوقت لا أزوجهُ ابنتي " .!
و قال أيضًا : أن هناك من يتخلى عن دوره في الأسرة و الضحية هم الأولاد ، و المربون و علماء النفس يقولون : أنَّ الإبن الأكبر شريكٌ في التربية فعليكَ الاهتمام به "
ينصب الإدراك بأهمية الوقت على أربعةِ نقاط :
1/ عاجل و هام : مثلا المناسبات الاجتماعية تركها يكون مشكلة
2/ هام و غير عاجل : بناء علاقات مع الآخرين
3/ عاجل و غير هام : طلبات الأهل البسيطة
4 / غير هام و غير عاجل : مثل مُضيعات الوقت " الهاتف ، التلفاز "
و أكمل الحديث بأن لتنظيم الوقت فوائد منها التخفيف من ضغوط العمل و قضاء أكبر وقت مع العائلة و التطوير الذاتي و تطوير الانتاج .
و ذكر قصة الحطاب الذي كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لمتكن حادة ؛ إذإنّه لم يشحذها من قبل ، فمرّ عليه شخص ما فرآه على تلك الحالة ، وقال له : لماذا لاتشحذ فأسك ؟فقال الحطاب وهو منهمك في عمله : لا وقتعندي ؛ ألا ترى أنّني مشغول في عملي! فمن يقل : إنّه مشغول ولا وقت لديهلتنظيم حياته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة !
و سأل المُحاور التاروتي الشيخ المحرج عن أهمية تخصيص وقت للأسرة حيثُ من شانهِ توطيد العلاقة الزوجية فقال :أن تخصيص الوقت في الأسرة يعتمد على الكيفية لا على الكم ، و أن مسألة " الكرامة " التي يقولها معظم الأزواج و الزوجات ضيعت بيوت كثيرة إذ أنهم سمحوا لمداخل الشيطان التي من شأنه أن يخرب بيوت الزوجية الذي قال الله بشأنها " و جعل بينكم مودة و رحمة " أن يفكك الرابط المقدس الذين كانوا يحملونه و تناسوا ما جاء في الحديث " أن أفضل صدقة من وضع لقمة في فم زوجته "
إن العلاقة بين الزوجين لابد أن لا تكون عاطفية فقط ، لا بد من تحكيم العقل ، و قول أحدهم أنه عندما يغضب يفقد سيطرته أو لا يتمالك نفسه فهذهِ كلمات إنسان جاهل و تافه إذ أن " الحُلُمُ بالتَّحَلُم " .
و قال الأستاذ جعفر : أن سُلُّم الأولويات في مجتمعنا مبعثر ، حيثُ أن أغلب الشباب الآن يُقدمون على الزواج للإشباع الغريزي ، يريد امرأة بدون احتياجات بدون رعاية بدون واجبات المهم أن تخدمهُ و تنظف منزله و تقوم بواجباته ..
فنراه يجمع بين الزواج و الحياة العزباء التي تتسم بالحرية و الانطلاق و الصرف بدون حساب .
و لكي ننشئ أسرة صحيحة لابد من توفر رجل و امرأة ، لا رجل و رجل و لا امرأتان ..
نحتاج لأن يقومُ كلٌ بدوره ..
و يوجهُ الأستاذ حسين سؤاله إلى الضيفين عن كيفية النظر لمسألة الوقت :
فقال الشيخ المحرج : أن هناك نقطة مهمة يقعوا فيها في الخطأ ، و هي أن مجرد العقد يكون هوَ مُلكها و هي ملكه حيثُ أنه في البداية لا يملكان من بعضهم إلا بنسبة 10% و إذا زادت مع العشر تصل إلى 51% فهو يعتبر حين ذاك زواج ناجح و تبقى 49 % للارتباطات الأخرى .
و قال أيضًا : أن الزواج الناجح هو الذي يعي فيه كلا الطرفين النقلة الجديدة و يتقبل الزواج بحلوه و مره ..
و قال الاستاذ آل خزعل : أن التأخر عن قضاء حاجات الأسرة ، غياب الأب و تربية الأولاد لابد أن تكون متوازنة .. حيث ذكر قصة حدثت في زمن النبي " صلى الله عليه و آله و سلم "
إن امرأة أتت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) [ لبعض ] الحاجة ، فقال لها : لعلكمن المسوفات ، فقالت : يا رسول الله وما المسوفات ؟فقال : المرأة يدعوهازوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوفه حتى تنقضي حاجة زوجها فينام ، فتلك لا تزالالملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها.
فلكي نحقق الانسجام لابد من القناعة - التسامح - الانصاف - الاحترام - السعي لحل المشاكل .
و يوجه أيضًا التاروتي سؤاله للشيخ أن الكثير يوجهون الضغط على الرجل و أن مسؤوليته كبيرة و لا يوجد من يراعي ظروفه ..
فيجيب الشيخ عن مفهوم القِوامة إذ أنها من قامَ على الشيء أي حفظهُ و رعاه كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته "
إذ أن المرأة راعية في بيت زوجها و الزوج عليه الجانب الأكبر ..
و أن هناك قاعدة أو مفتاح لعلاقة زوجية سليمة تحتاج إلى يقين و ثقة و هي قاعدة الرفق بين الأزواج حيث أن الرفق ما وضع في شيء إلا زانه ، نحتاج إلى يقين و عدم استعجال للنتيجة ، و إن الرجل قد يمر بظروف قد يرى فيها زوجته غير جميلة أو مقصرة فهنا العيب ليسَ بها و إنما في مضغته " ألا أن في الجسد مضغة إذا صَلُحَت صلح الجسد كله "
و العجيب تغافل البعض عن أننا أمة و بشر خطائون و لسنا ملائكة نزلنا من السماء ..
خُتِمتَ الأمسية باستطلاع و أسئلة لكلا الضيفين اللذان كانا متميزين حقيقة وسط تفاعل الحضور من الرجال و النساء ..
حقوق الموضوع لمنتدى تاروت فقط ..
و يمنع نسخه لأي جهة أو منتدى آخر إلا بإذن صاحبته : رومانتك روز ..