من الأمور الملفتة و التي يشتكي منها الكثير من الطلاب و يعاني الآخر من جوانب نفسية فيها هي (تقديس المعلم)!!!
ودائماً ما يستشهد أصحاب هذا الفكر بهذه الأبيات:
قم للمعلم ووفه التبجيلا ****كاد المعلم ان يكون رسولا
وكأن قائل الأبيات (أحمد شوقي) قد أتى بها من السماء لهذا وجب تقديسها !!
أنا هنا لا أدعوا لإسقاط لغة الإحترام بين الطالب و معلمه، ولا أذهب إليها، وليس خلافي في تبادل الإحترام بين الطرفين، لكون الإحترام يجب أن يكون مبادراً من الطرفين (الطالب و المعلم) وتسقط صورة أي منهما عندما يتخلى عنها.
إلا أن خلافي حول تقديس المعلم و إحاطته بكهنوتية لم ينزل الله بها من سلطان، يتجلى ذلك بوجوب التصديق و التسليم بكل ما يخرج من فيه المدرس، و حرمة إنتقاده بأي شكل من الأشكال.
و العجيب و الغريب أن هناك الكثير من المدرسين من يحمل في نفسه هذا الفكر(( قداسته أمام الطالب ))
و الحقيقة أن ليس هناك أي قداسة للمعلم بقدر ما هناك قداسة لرسالة السامية التي يحملها و هي (العلم)، و لا يمكن أن يقبل هذا العلم إذا شابه شوائب.
* نظرية الأبوية:
يحمل بعض المدرسين نظرية بإمكاني أن أسميها (الأبوية)، وهي نظرية إستخدمت سابقاً و تستخدم حالياً عند الساسة و المسيسون، و من المعيب أن نراها قد وصلت إلى الجامعات عن طريق الأكاديميون.
هذه النظرة خلاصتها أنها توجب أن يكون (المدرس -مثلاً-) هو العارف فقط بمصلحة (الطالب-مثلاً-)، و أن الطالب لايعرف مصلحة نفسه.
بعبارة أخرى: كالحكومات التي ترى أنها تتقدم في الفكر على شعوبها، لهذا فهي تصدر قرارات غير عقلانية و يرفضها الشعب (كزيادة الضرائب) مدعياً فيها أنها الأعرف و الاعلم بمستقبلهم.
و أدع الرد في حقيقة ذلك بالوقوف عند مقولة (كلود برنارد) حيث يقول:
- يجب عليه (يعني الباحث أو المفكر) ألا يحرص على أفكاره السابقة إلا اعتبار أنها وسيلة يتطلب بها جواباً من الطبيعة، ويجب عليه أن يخضع فكرته للطبيعة و أن يكون على إستعداد لتركها أو تعديلها أو تغييرها تبعاً لما ترشده إليه ملاحظة الظاهرة في آثارها.
لهذا ترى بعض المدرسين يصابون بالتملق في شروحاتهم، و يرفضون أي تعديل على طريقة الشرح، و لا يستقبلون أي إنتقاد حولها، ضناً منهم بأنهم الأعلم و الأعرف بمصلحة الطالب القصوى.
و لا ألوم هؤلاء المدرسين لأنهم ورثة لماضي يسير على هذا النحو وهو (قدسية و أبوية المعلم) و بهذا يبقى الطالب ضحية القوالب الجاهزة التي لا تشهد تطور، نتيجة رفضها التخلي عن قدسيتها، و إصرارها بحرمة نقدها، متبعين في ذلك رؤية العالم الفرنسي رينه ديكارت و مقولته الشهيرة ( أنا انسان من تلقاء نفسي و دون وعي مني الى تيار آرائي القديمة.
و احاذر ان اصحوا من غفوتي هذه خشية ان اجد اليقظة الشاقة التي تعقب هذه الراحة الهادئة)
ملاحظة: كتبت هذا المقال في رسالة وجهتها لأحد المعلمين بعد غضبه من إنتقاد و جهته إليه، قرر معاقبتي على ذاك الإنتقاد.