New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > المنتديات الثقافة الفكرية والعلمية > المنتدى الثقافي والأدبي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-03, 05:25 PM   #1

المعتوق
عضو نشيط  







رايق

وكانت صديقتي .. الحلقة الأولى


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

سيداتي سادتي

كانت شمس هذا اليوم - الأحد - تنهض من افقها مسرعة على الكائنات , والوقت صيف , والنهار قد جاوز منتصفه بساعة على الأقل , وبيوت القرية قد استيقطت بكل ما فيها , حتى الطيور والمواشي , وبدت الحركة تدب بكل ثقلها على الأرض , وكنت - أنا من بين النائمين الذين استيقطوا للتو من مفارشهم .

وذهبت الى مكتبي - في الشركة - والتقيت بها , وكانت صديقتي , كما أنتم أصدقائي ومعارفي , ولها الفضل الكبير - بعد الله - في صقل موهبتي و سطوع نجمي في افق الأدب , كما أرجو الا يذهب تفكيركم بعيداً , ويهمني - في هذا السياق - أن اشارككم هذا البوح من الكلمات , علّني استمر في هذا الانتاج الأدبي .

وكانت صديقتي .. الحلقة الأولى

كانت صديقتي عندما التقيت بها أول مرة في أروقة الشركة التي أعمل بها كمدير أول لعمليات التخطيط المدني , أول ما راعني وجهها القمري الجميل , وعيناها الواسعتان اللتان تحتفظان بالكثير من أسرار الدنيا , وبين الأهداب والجفون يختبأ السّر المسحور بالكحل العربي , لمعان جبينها - المظلل بالحجاب - المشّع بخيوط الشمس النرجسية يتماشى وطبيعة المكان الذي جمعنا أول مرة , تناغيت مع ابتساماتها, وترحيباتها , وضحكاتها التي احتفظت بالطابع القروي وأجبرتني بأن أتعوّد عليها , وحفظت نبراتهما وهمساتها عن ظهر قلب , حينها تذكرت – فتاوى – والدي التي تحّرم علينا محادثة الفتيات وخصوصاً إذا كانت الفتاة من خارج محيطنا الأسري , فإنه يمنع علينا منعاً تاماً محادثتهن .

القلب ينبض بالمفاجأة , وفرائصي تهتز مع ارتعاشات الجفون , وخاطري – يسّرني - أن أبوح لها بما في مكنوني من آهات كانت عالقة قبل مجيئها الى محيطي , بلاغتها وحسن تعبيرها يسّمراني في بحبوحة من التفكير العميق , ولم أعي بما يدور حولي من قعقات وأصوات خارجة من بهو المكتب الا بعد أن ندستني ابنت أختي .. وقدمتها لي لأتعرف عليها أكثر , حينها خرجت من خجلي الذي أحمل في طياته الكثير من الإنطواء وأبوح لها بكل ما تجود به قريحتي من أجوبة , من أول وهلة أحسست أنني في عالم غير العالم الذي أعيشه , لأنني وطوال سنوات عمري لم التقي بفتاة تسامرني , وتنهال عليّ بالأسئلة الجريئة كالتي أسمعها الآن منها , وفوق هذا كله يضغى عليها الحس الجمالي أكثر من بلاغتها , في أول وهلة أحسست أنها مخلوق غريب قادم من الأطباق الطائرة , فتاة جميلة , خفيفة الروح والظل , حلوة الطالع , تختلف عن كل البنات بالطيبة وحسن الخلق , وهي واقفة بجوار طاولتي أخذت تردد هذه الكلمات بمعية ابنت أختي .. ياريت عندي خال مثل خالك – حنون , لطيف , يرتاح له الخاطر , تنفتح له النفس , يسمع ويصغي لطلباتكِ , وتقدري أن تبوحي له بكل مايجول في خاطرك من أسرار , الصراحة أتمنى لو أملك شخصية قوية مثل شخصية خالك .. لكن شوفي هاه .. لا تغارين .. أني أحب أمزح .. لكنني جادة بأن أناديه – خالي – هذا إذا ما عنده مانع , الصراحة ابنت أختي غارت بعض الشي واشتكت لي , وما نعت في بادىء الأمر , لكن الأحوال تعدلت فيما بعد , وسارت الأمور على رغبتها .

نافذتها تطل على مكتبي , وكلما تحركت في الدوران سرقتني النظرات اليها , وبمجرد أن أراها ترفع رأسها وترد التحية وتقف احتراماً في بعض الأحيان , وضحكتها القروية المعهودة تستوقفني بمذاق مخلوط من مذاق الكرز حتى تعودت عليها وأدمجتها في مذكراتي الشخصية لتكون من فواصل التاريخ الذي يجمع الشتات بعد الممات , وتخاطبنا في الهاتف للسؤال عن صحتي وصحتها , والسر المستودع في الضمير لم يبدي ارتياحه التام بما يدورمن مقابلات خلوية ومكالمات هاتفية خلف الكواليس , ولكنني أراها فتاة محافظة , تخاف على نفسها من هبة الهواء , تخاف من النظرات الجارحة , وتخاف من الهمسات التي تأتي دائما من خلف الطاولات , من الموظفين والموظفات , ولكنها أصّرت أن تسايرني , وأن تغمض عينيها عن كل هذه المنغصات , وبادرتني بالحديث , وأصّرت ايضاً أن تسميني خالها , وقبلت التحدي الصادر من عواطف ابنت اختي , ولكنها تنقل لي التحيات الصادرة منها - من ابنت اختي - بالهاتف وتخاطبها بما يدور بيننا بالدقيقة والثانية , ولهذا أنا مطمئن على سرية الحديث .

التقيت بها , وجسمي يرتعش ارتعاشة الخوف والمفاجئة , ويرسم في طريقي أكواماً من الأحجار الكبيرة التي يمكنني أن اتعثر فيها – لو اشتكاني أحداً الى والدي المحافظ دائماً على كيان الأسرة , والذي يحمل الكثير من الفتاوى التي تحّرم علينا مخاطبة الفتيات – ولكنني كلما نظرت اليها تبددت الغيوم – السوداء الحالكة - الجائمة على صدري , وضربت بفتاوى والدي عرض الحائط , واكتفينا بالاتصال عبر البريد اللاكتروني , وتبادلنا الأحاسيس والأفكار التي من شأنها تقريب العلاقة الجديدة .

حملنا في رسائلنا وحي الأمل , وخلطناها بحثيثات من الألم والشجون , وعرفت عنها الكثير .. بيتها المركون في الزاوية الشرقية من القرية , يطل بكل ثقة وأمل على بيوتاتها ويحيهم كل صباح ومساء , زرائب وحطائر والدها التي انزوت بها القرية في الشرق البعيد والتي تفصلها انهار وجداول القرية عن البيوت ترويها من الحليب البقري الطازج , وعرفت ناسها , وقريتها , ومستوى معيشتها وأملها وطموحها في الحياة , وهي كذلك حملت عني الكثير من النظرة الثاقبة , وأصّرت على المتابعة في الصداقة الحميمة التي ربطتني بها خمسة أعوام – ولازالنا- نستشف منها الكثير من التقارب الذاتي , وابتعدت ابنت اختي عن محيط صداقتنا , وابتدت رسائلنا تلوح في افق البريد تحمل الكثير من نسمات المودة , وهذه أولى رسائلنا .

الى عزيزتي .. رقية

أنتِ كتاب يضم أحلى وأجمل الصفات ، أنتِ عنوان للحب والوفاء ، مدرسة للتضحية والايثار ، معلمة أصول التربية ، الأمل للمتعب والسعادة للحزين ، الحنان كل الحنان وأنتِ القلب العطوف ، المعدن الأصيل الذي لايتغير ، العيون الساهرة التي افتقدها يوم الأربعين في مسرحية بني جمرة حيث كان دور رقية (ع ) دور بارز في مسميات الركب الحزين ، أنتِ الدواء للعليل والصدر الحنون الذي لايكل من أخطاء الأخرين ، فكيف تملكين كل هذه الصفات ولا أحبك ِ ؟!.

عذب المعاني .. رقية
أرى وجهكِ ملساء متألقة يغمرها الأرتياح ، وكأن ارهاق الحياة العملية لاسلطة له عليكِ ، ولكنني افتقدت هذه الأيام الى صوتكِ الحنون الذي يبعث على نفسي الأرتياح ، أتمنى أن تكوني بخير وسعادة .


خالك .. ساجد


والبقية تأتي في الجزء الثاني من القصة المطّولة


المعتوق

__________________
أبو السادة

التعديل الأخير تم بواسطة المعتوق ; 25-12-03 الساعة 06:28 PM.

المعتوق غير متصل  

قديم 27-12-03, 11:04 AM   #2

ملكة الحزن
عضو شرف

 
الصورة الرمزية ملكة الحزن  







رايق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة يضيء منه الحسن كالقمر المتسق ، لينير الحروف بوهجِ عاطفيِ يومض في كل الجوانب
ذلك الأسلوب الذي آتخذه الكاتب في جعل البطل هو من يقص الأحداث علينا خلق في دواخلنا احساساً بالانجذاب و مسحة واقعية ، تجعلنا نتتبع الوقائع بشغف من يبحث عن الحس الرقيق ، الشفيف ، العذب الوادع
صقلُ رائع بازميل نحاتِ نظنه متمرس . تضاد و كتمان في المشاعر برغم النبض الذي تعلو دقاته
ربما الاحداث غير جديدة ، و لكنه حرفنة قلمك في اختيار كلمات رائقة تحمل ألق الروعة هو من خلق من المعتاد امراً غير طبيعي
فنغمرنا في الاحداث ، نعيش لحظة انبهار .. وتدمج ارواحنا في احداثهم
و ننتظر التكملة ، دون صبر
شكراً لك أخي الكريم المعتوق
سلم لنا بوح اللطيف، انتاج ادبي ذا ثمار ناضجة شهية
ننتظر صوت ساجد من جديد ، فلا تطل

أختكم ملكة

__________________
[flash=http://www.tarout.info/montada/uploaded/maleekah.swf]WIDTH=370 HEIGHT=200[/flash]
[align=center]يقولون
إني كسرت رخامة قبري.. و هذا صحيح
و إني ذبحت خفافيش عصري .. و هذا صحيح
و إني اقتلعت جذور النفاق بشعري .. و حطمت عصر الصفيح
فإن جرحوني ..
فأجمل ما في الوجود غزال جريح
[/align]

ملكة الحزن غير متصل  

قديم 27-12-03, 01:42 PM   #3

غريب الفؤاد
عذب إحساس  







رايق

الأخ المعتوق
حلقة قصصية إبداعية
ينجذب لها القارىء ويغوص في تفاصيلها الشيقة
كلي إنتظار لإبحار مدادك المتالق مع بقية الحلقات

ودمت سالما


غريب الفؤاد

__________________
[poet font="Simplified Arabic,4,white,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=" glow(color=deeppink,strength=7)"]
وارحمتا للعاشقين تكلفوا = ستر المحبة والهوى فضاح
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم = وكذا دماء البائحين تباح
[/poet]

غريب الفؤاد غير متصل  

قديم 27-12-03, 02:09 PM   #4

صحوة الضمير
...(عضو شرف)...  






رايق

[ALIGN=CENTER]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها المعتوق..وصل إبداعك بهذه القصة الجميلة...

أتمنى بقدر التشويق ألا تطيل علينا ..

صحوة الضمير[/ALIGN]

__________________
[align=center]أنفاسي خطواتي نحو الممات .. و ربما تبقى لي ذكريات .. هكذا علمتني الحياة [/align]

صحوة الضمير غير متصل  

قديم 27-12-03, 03:11 PM   #5

المعتوق
عضو نشيط  







رايق

مسحة أخرى


الى الملكة الفاضلة

كلماتكِ وحدها هي التي يمكنها أن ترتب فوضى حواسنا , وسرد ذاكرة أجسادنا , في كل مرة ترتكبي فيها نصاً شعرياً ابداعياً يقضم به تفاحة أرواحنا ويعيدنا الى بداية الجوع , هذه كلماتكِ تأخذني الى صفاء سمائي التي نظرت اليها أول مرة , واسترجعت فيها ذكرياتي أول مرة , وأحبتي في جزيرة تاروت الذين التقيت بهم أول مرة قبل - عام مضى - وهذه نصوصي تأخذ من وقتكم الثمين مساحة أخرى , فشكراً لهذه المساحة .


الى غريب الفؤاد

لقد وجدت فيكم كل المعاني الجميلة , وجدت فيكم الوفاء , والطيبة , وحب الخير و كلماتكم المتعكزة على كلماتي هي التي فضحتكم , وسعادتي الدائمة بهذا التواصل , شكراً لكم .

الى صحوة الضمير

أنكم معي اينما ذهبت , وايمنا كتبت , أنتم ذلك النجم الذي استضيء بنور فكره , وروائع كتاباته , ,انتم الذين استعجلتموني هذه المرة على التواصل السريع في قصتي - وكانت صديقتي - فإني أعدكم بهذا التواصل .


المعتوق

__________________
أبو السادة

المعتوق غير متصل  

قديم 22-08-04, 10:35 AM   #6

قلب من دانتيل
عضو شرف

 
الصورة الرمزية قلب من دانتيل  







خايفة

مشاركة: وكانت صديقتي .. الحلقة الأولى


اخي الكريم المعتوق
قد تكون مجموعتكم القصصية الهادفة قد عتى عليها الزمن
والوقت متأخر
ولكن الصدفة جمعتنا وهذه الحكاية الممشوقة
كم هي جميلة ومشوقة وسهلة
عقبنا عليها للرفع
يمكن ان يراها اخانا المحترم ويمكن لا
نتمنى ان يكون للقصة بقية
تقبلوا منا فائق الاحترام

اختكم في الله قلب من دانتيل ...

__________________
يارب .. حمدا لك كثيرا ..

قلب من دانتيل غير متصل  

قديم 09-11-04, 10:05 AM   #7

وسيم
عضو مشارك

 
الصورة الرمزية وسيم  







رايق

مشاركة: وكانت صديقتي .. الحلقة الأولى


سلامٌ عليكم...

تستحق الرفع

تحيتي..

__________________
ولد المحسن.

وسيم غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 06:09 PM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited