لقد اجتاحت الكوليرا مصر فقضت على عشرات الألوف من المصريين ونشر الشقاء سحبه القاتمه على سماء الأسكندرية فاندفع الناس إلى الجوامع يبتهلون إلى الله أن يدفع عنهم هذا البلاء والشقاء
كان يأوي أفراد العائلة إلى أسرهم فيعودون بعضهم لأنهم ماكانوا يعرفون على من سيقع أختيار ملك الموت
فقد يصبح الصباح ويكون بعضهم قد أنتقل إلى الدار الآخرة
في غمرة هذا الوباء الماحق يتقدم كل من الدكتور(توييه)و(رو) البعثة الفرنسية و(كوخ)و(جفكي) البعثة الألمانية ليجوسوا أرض مصر باحثين عن أسباب هذا المرض والتعرف على طرق علاجه والوقاية منه وينسون النوم والطعام ويقيمون في حجرات موحشة يشرحون جثث المرضىمن صرعى المرض
وماهي ألا أيام حتى يسير الدكتور(توييه) وهو أصغر أطباء العالم آنذاك إلى مصيره شهيد العلم
مات هذا الطبيب الشاب ولم يعرف من لذة الدنيا إلا لذة الشهادة جاء يقتنص جرثوم الكوليرا فاقتنصه الجرثوم وراح شهيدا
ورغم التنافس العلمي الشديد بين ألمانيا وفرنسا آنذاك فقد تقدم الدكتور الألماني كوخ من قبرتوييه ووضع عليه الأكاليل وقال:(أنها غاية في البساطة لكنها من الغار والغار هدية الأبطال)
هذه القصة ومثيلاتهاتعطينا مثلا رائعا على أن الطبيب في الحياة هو الشهيد المجهول فشهيد الوطن يتعرض للموت في زمن الحرب
ولكن الطبيب معرض للموت في كل ساعة وفي كل دقيقة فهو في صراع مستمر وحرب دائمة لايعرف هدنة ولاراحة مادام يمارس عمله الأنساني ويصارع المرض لإنقاذ مريضه:)