New Page 1
قديم 06-03-03, 06:03 PM   #1

starnoor2000
عضو فعال

 
الصورة الرمزية starnoor2000  






رايق

قلب أشهر القراء الحسينيين في العالم: الدكتور الشيخ احمد الوائلي


أشهر القراء الحسينيين في العالم: الدكتور الشيخ احمد الوائلي

[ALIGN=JUSTIFY]منذ منتصف هذا القرن إحتل الدكتور الشيخ أحمد الوائلي مركز الصدارة في الخطابة الحسينية، فلم يستطع أن ينافسه فيها منافس، ولم يتمكن خطباء المنبر الحسيني أن يجاروه في قدراته الخطابية والفكرية والأدبية. فهو صاحب مدرسة مستقلة خاصة في الخطابة وذاك أمر لم يتيسر للكثيرين. ومدرسته رائدة في منهجها وإسلوبها، لذلك جاءت متفردة في عطاءاتها وأبعادها.

ولأن مدرسته كانت كذلك فقد جاء الخطباء من بعده يسيرون على نهجه ويقتبسون من شعاع مدرسته، وليس في ذلك منقصة لهم، بل اني أرى ذلك فخراً لهم. لأن مدرسة الوائلي هي المدرسة الحسينية التي إنطلقت من إصلاحات المصلح الفذ الشيخ محمد رضا المظفر، فلقد إستقى من معينها الصافي، وكان نتاجها الطيب، كما كان الخطباء الذين جاءوا بعد الشيخ الوائلي من نفس النتاج.

حاول البعض أن يقلّد حركاته وهو على المنبر.. أو يقارب صوته من صوته، وما ذلك إلاّ دليل على عبقرية هذا الخطيب غرس أبي تراب. والذي مكن الشيخ الوائلي من تبوأ هذه المكانة الرفيعة في عالم الخطابة، ثلاثة عوامل أساسية:

1 ـ تتلمذه على ثلة من العلماء الكبار أبرزهم الشيخ محمد رضا المظفر.

2 ـ نشوءه في بيئة النجف الأشرف المعروفة بثرائها العلمي والأدبي، فكان أديباً لامعاً وشاعراً مرهفاً وكاتباً إسلامياً عقائدياً.

3 ـ تحصيله الأكاديمي العالي الذي جعله يجمع بين الدراسة الحوزوية والدراسة الجامعية الحديثة.

وهذه عوامل يصعب أن تتوفر في خطيب واحد. هذا إضافة إلى ملكاته الخطابية وشخصيته المبدعة التي أسست مدرسة خطابية مستقلة، فلم يأت مقلداً يتتبع خطوات الذين سبقوه، بل جاء مؤسساً يتتبعه الآخرون.

وفي كل واحدة من هذه الصفات كان الوائلي متميزاً، فهو العالم الديني البارز في المجالس العلمية ومراكز البحث، وهو الشاعر المجيد الذي غطت قصائده الكثير من المناسبات والأحداث، وهو الاستاذ الأكاديمي البارع في تخصصه. ثم تأتي الخطابة لتجمع ذلك كله وتنظم تلك الملكات في وقت واحد عندما يرتقي المنبر الحسيني ليوظف كل ملكاته في خدمة القضية الحسينية.

لقد تأثر الشيخ الوائلي باستاذه الشيخ محمد رضا المظفر، كما تأثر به كل من عرفه، فالشيخ المظفر كان علماً من أعلام الأصلاح قلّ نظيره في المجتمعات الإسلامية، وهو الذي يعود اليه الفضل في تنشئة العديد من الشخصيات التي كان لها الدور الكبير في المواقع العلمية والاجتماعية.

كتب الشيخ الوائلي قصيدة يرثي فيها إستاذه المظفر، ومن أبياتها يمكن معرفة مدى تأثره به، وذوبانه في شخصه ومنهجه ومدرسته:

لا لن يموت نديُّ منك مؤتلق***بالنيّرات وللأمجـاد منعقد

يا أيها النبع ثرّاً في تدفقه***أيام أغزر ما في دهرنا الَّثمد

ستون عاماً ضخاماً في حصائلها***وان تبدّى قصيراً عند هــا العدد

ومن عطائِك فيه ألـف باسقة***شوامخ في نـداها للسَّما نُهُد

لايأكل التُرب روحاً منك خالدةً***بل كل ماللتُّراب الشلو والجسد

الإبداع عند الوائلي:

إن الإبداع الذي حققه الشيخ الوائلي في خطابته أنه غيّر طريقة الخطابة الحسينية، وفق نمط جديد تمثل في إفتتاح مجلسه بآية من القرآن الكريم، ثم يبدأ بالحديث عنها وتفسيرها والتوسع في مضامينها العقائدية والاجتماعية والاخلاقية وما إلى ذلك من مواضيع تتصل بالآية. وهو منهج لم يكن معروفاً قبل الشيخ الوائلي. حيث كان المجلس يبدأ بأبيات شعرية حول المصيبة الحسينية ينطلق منها الخطيب في خطبته. وبذلك يكون الشيخ الوائلي قد احدث تطوراً مشهوداً في الخطابة سار عليه الخطباء الذين جاؤا بعده. وقد ألف الناس هذا النمط من الخطابة وإعتبروه نمطاً نموذجياً يفوق الطريقة التقليدية التي تبدأ بأبيات من الشعر.

لقد فرض الدكتور الوائلي على كل من سمعه أن يتابع خطبته حتّى النهاية، ويحرص على متابعة بقية خطبه الحسينية. وكانت مجالس ما قبل الشيخ الوائلي تضم عادة كبار السن، وبسطاء الناس. أما مجالسه هو فقد تميزت بحضور الطبقة المثقفة من الطلبة الجامعيين والاساتذة ورجال الادب والفكر. وكل من يحضر يخرج بحصيلة مفيدة ينتفع بها. فالشيخ لا أخذ على نفسه إلاّ أن يفيد سامعيه بالرأي الجديد والفكرة الغنية والموعظة المؤثرة.

عصر الوائلي:

في الملف الخاص الذي نظمته مجلة الموسم عن الشيخ الوائلي، وجدنا من المناسب أن ندرج هنا ما كتبته تحت هذا العنوان:

من العوامل المؤثّرة في صياغة شخصية الوائلي، هو عامل المجتمع الذي عاصره فالوائلي ابن النجف الأشرف، نشأ في محيطه تربية وتعليماً، والنجف من أعرق البيئات الثقافية الإسلامية قدماً، يقول الدكتور علي جواد الطاهر:

(النجف مدينة العلم الديني المنقطع النظير، ثم الأدب والشعر، وهي فيهما نادرة من النوادر واعجوبة من الأعاجيب، يُعنى أهلها بقول الشعر وسماعه والحديث عنه عنايتهم بالمسائل اليومية من أكل وشرب، انهم أدباء كما يتنفّس المرء الهواء.. ولاتسل بعد ذلك - عن الكتب والمكتبات، والأسر العريقة في العلم والأدب والشعر ومجالسها الخاصة والعامة، وما يُتلى من شعر في الافراح والأحزان، وفي مآتم الحسين بن علي وما يتفاخر به الشعراء ويسمر به الناس..

إن الشعر في النجف حياة، وهو لدى ابنائها ولا أسهل منه أو أيسر، أو أنه فيها كالماء والهواء استسهالاً واستعظاماً، جداً وهزلاً، وهو مجد كما هو مرتزق، وعلامة فارقة لا تكاد تضاهيها فيه بلدة اخرى في العالم العربي..

ومن خواص النجف التي تذكر بالاكبار انها سايرت التطورات الدينية الأدبية في العالم العربي، بصدر رحب وأفق واسع فهي مع محافظتها على أصالة الفكر الإسلامي لم تتزمت فترفض المعاصرة، وإنما أخذت من وسائلها وأسبابها ما رأته الضروري النافع حتّى (أنّ الكتب الحديثة ما تكاد تدخل العراق حتّى تتجه رأساً إلى النجف فتتلقفها الأيدي هي وكتابات أكثر حداثة كشعر شوقي وحافظ وإيليا أبي ماضي، وفيهما ما يناقض الفكر النجفي المناقضة كلها، وهو رد فعل يتبناه الذين ضاقوا بالقديم وبلغ بهم الضيق الطرف الأقصى من رد فعل مطبوعات الآستانة، والهلال، والمقتطف، وشبلي شميّل والريحاني.. ومجلات وجرائد مما يعد حراماً وكفراً والحاداً...

على كل حال نشأ الوائلي في هذا العصر الذي يعتبر قمة في نضج وسعة المدرسة العلمية النجفية في مختلف أبعاد المعرفة، وكان من عناية الله تعالى بالحوزة أن تتابع جيل من المراجع المحققين والعلماء الكفوئين لقيادة الحوزة، وقد ضمت هذه الفترة على تعاقب واجتماع:

الميرزا حسين النائيني، والسيد أبو الحسن الاصفهاني، والسيد محسن الحكيم، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والسيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ محمد حسن المظفر، والسيد عبد الهادي الشيرازي، والسيد حسين الحمامي، والسيد محمد تقي آل بحر العلوم، والشيخ محمد رضا آل ياسين، واضرابهم من فحول العلماء الاعلام، وهؤلاء مجرد نموذج لا على نحو الاستيعاب، وتليهم طبقة أخرى ضمّت مجموعة، منهم:

الشيخ مرتضى آل ياسين، والشيخ محمد رضا المظفر، والسيد موسى آل بحر العلوم، والسيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد تقي الحكيم، والشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي، والسيد ميرزا حسن البجنوردي، وأمثالهم، وهذه المجموعة هي الأخرى مجرد نموذج من عدد كبير.

وحفل عصره أيضاً بعدد من الخطباء المبرزين، منهم الشيخ محمد علي اليعقوبي، والشيخ محمد علي قسام، والسيد صالح الحلي، تليهم طبقة اخرى نسجت على منوال السابقين ممن ذكرناهم من الأدباء والشعراء فيشكلون كمّاً كبيراً لهم طابعهم النجفي الخاص، وأدبهم الناضج والرائد، ابتداءاً من شيخ الأدب الشيخ محمد جواد الشبيبي، والشيخ محمد رضا الشبيبي، والشيخ علي الشرقي، والشيخ محمد مهدي الجواهري، والسيد محمد سعيد الحبوبي، والشيخ صالح الجعفري، والدكتور عبد الرزاق محي الدين، وكثير غيرهم ممن صقلت بهم أبعاد النجف الحضارية، ومن الجدير بالذكر أن معظم أهل العلم شعراء ولكنهم لا يرغبون بذكر ذلك عنهم لرغبتهم في الاحتفاظ بالنهج العلمي والاشتهار بذلك، أما المحققون في الابعاد الفكرية الأخرى فيوجد أعداد كبيرة، ورد ذكرهم في كثير من الموسوعات والمراجع المتخصصة، ومن أراد الاستزادة الرجوع اليها لأن النجف وبالاختصار كل زقاق من ازقتها معهد علمي، وكل ناد من انديتها ومجلس من مجالسها هو عبارة عن مؤسسة ثقافية تحفل بعطاء علمي ناضج.

ومثل هذا الجو لابد أن يفعل فعله في شخصية الوائلي، فقيهاً كان أو شاعراً أو خطيباً، ويعمل على صقله وتهذيبه، وبالتالي تكوينه بالشكل اللائق، ولاشك أن للاستعداد الفطري لديه أثر في توجهه وحرصه على الانتهال من هذا الغدير الذي يحمل سمات المعلم الثاني بالوجود الامام أمير المؤمنين عليه السلام، ومن قدس روحانية مرقده السامي الرابض كالأسد على الذكوات البيضاء من الغري الأغر، ومن فيض نفحاته وبركاته أن عايش الوائلي وأقرانه هذه الأجواء الرائعة التي قد لا يجود الدهر بمثلها، وعاصروها وتفاعلوا معها فكراً وعقلاً وروحاً، واستطاعوا أن يعطوا، ويؤثروا في الأوساط العلمية والاجتماعية، وللنجف في شخصية الوائلي أثر بليغ محفور في ذاكرته، ورنين يومي أبدي الحضور في شعوره وتصوراته، يُملي على ذاته تمثلها في حركاته وسكناته، ولم تزده الغربة إلاّ تعلقاً وتولّهاً وهياماً وشوقاً مضرم اللهب، جياش العواطف، لن يهدأ ولا يستكين:

صورأقمن بمقلتىَّ اقامة المعمود ***في ربع الحبيب النائي

يزددن حسناً كلما بعـد المدى***ويلفهنَّ البعد في لألاء

وتراب أوطاني ربيعٌ أخضر***ولو أنها في بلقعِ جرداء

صافحته بالخَدِّ عنـد ولادتي***ورسمت منه بجبهتي طغرائي

* * *

(وادي الغري) وحق رملك وهوما***اشتاقه في غـدوتي ومسائـى

لو تستبين على البعاد مشاعري***ملهوبة كالجمر في الظلمـاء

وصبابتي وأنا القصي عن الحمى***وبمقلتي تلّفت الغـربـاء

لـحزنت لي ولحنَّ رملك مثلما***ضج الحنين بأدمعي ودمائـي

فـأنا ابنك البرّ الوفي وفطرة***عطفٌ الأب الحاني على الأبناء

أترى وطيفـك يستبد بمقلتي***انساك لا ورمالك السمـراء

فأنا لهيب مشاعـر وصبابة***تواقة لقبـابـك الشَّماء

وإلى محاريب العبادةِ والتقى***ولخشعـة من راهب بكَّاء

أما مدارسك التي رقت بها***للفكـر الف خميلة غنّاء

أنا من طيوف خميلها أشدوبما***في روضها من روعة وبهـاء

وببـطن تربكِ لي جذور أَوغلت***من أعـظم الاجـداد والآباء

ممن أراق دمـاً وأسرج فكرةً***من أجل مجدكِ دونـما ضوضاء

وبراعم لي في حشاكِ دفنتهم***كانوا النسيج البكر من أحشائي

وأريت فيهم للطفولـة بسمةً***ودفنت فيهم بهجتي وهنـائي

فلديك أصـل والفروع وانني***أنا لاحق بهـما بدون مراء

إنتهى ما اخذناه من مجلة الموسم.

الحوزة في توجهات الوائلي:

حقق الوائلي تفوقاً في كل صنف من صنفي دراسته الحوزوية والأكاديمية. فقد التحق بالكتاتيب مثل بقية أقرانه، وكانت علامات النبوغ والتفوق واضحة عليه، ففي السابعة من عمره أكمل القرآن الكريم، ولا شك أن ذلك ترك أثره الكبير على شخصيته وثقافته وتوجهاته الإسلامية الأصيلة.

والشيخ الوائلي حريص أشد الحرص على الحوزة العلمية، وضرورة الحفاظ عليها من المندسين الذين يتزيون بزي العلماء وليسوا منهم، وله قصيدة في هذا المجال قال فيها:

وفريق تيمموا عتبة الأسياد ***في حقل سيد ومسود

ربضوا حولهم كما كان***اهل الكهف فيـه وكلبهم بالوصيد

لفظتهم شتى المجالات ***إذ ضاقت بهم بلاهة وجمود

فاستراحوا إلى التفيؤ***بالحوزة اكرم بظلها الممدود

فترحلوا فطاحلاً في شهور***واستطالوا هياكلاً من جليد

واستفادوا مضيرة وسمتهم***بشعار في جبهة أو فود(1)

والدكتور الوائلي عندما يتحدث عن هؤلاء الدخلاء في الحوزة العلمية، فذلك من حرصه على هذه المؤسسة الدينية التي رفدت الأمة بالعطاء المستمر على مدى قرون متعاقبة من الزمن. كما أن هذه الأبيات تعكس التوجه الاصلاحي الذي يختزنه الوائلي في نفسه تجاه الحوزة العلمية.

شعر الوائلي:

الشعر عند الدكتور الوائلي احد السمات البارزة في شخصيته، فقد تحرك من خلال الشعر على الكثير من القضايا والشؤون السياسية والاجتماعية، وعالجها

__________________________

(1) أصدرت مجلة الموسم في عددها المزدوج الثاني والثالث ملفاً موسعاً عن الدكتور الوائلي وسنرجع اليه في أخذ القصائد الشعرية وبعض المعلومات.

معالجة إسلامية واعية.

وكان شعر الوائلي مثل خطابته وثيقة من وثائق التوعية الجماهيرية، فحول أحداث العراق الإسلامية كتب عن ثورة العشرين قصيدة رائعة جاء فيها:

ففي (الرميثة) من هاماتنا سـمة***وفي (الشعيبة) من أسلافنا نصـب

و(العارضيات) أمجاد مخـلدة***أضحى يحدّث عنها الدهروالكتب

فالجـو طائرة والأرض قنبلة***وبالجهات البواقي مدفع حـرب

وخضت بحراً دماء الصيد ترقـده***وما السفائن إلاّ الضمـدُّ العرب

ثم انجلت وحشود من احبتنا***صرعى على القاع تسفي فوقهاالترب

فذا قوام وكـان الغصن منكسرا***وذاك وجه وكان البدر مـحتجب

وتلك أمّ يلفّ الوجـه أضلعها***على جنين ابوه في العرا تـرب

قد افلت الامل المنشود فـهي على***جمر من الألم المكبوت تضـطرب

حتّى احتضنا امانينا وصـار لنـا***بين الممالك مـن جاراتنا لقب

جاءالزعانف من حلف الفضول ومن***اذنابه فأرانـا اننـا الذنب

انحى بمنجلـه حصداً وخلّفنا***لا سلّة يجتنى فيها ولا عنـب(1)

ويقف الشيخ الوائلي ليكشف زيف التيارات السياسية والفكرية التي أريد لها أن تستوعب الأمة، وكان في وقفته يتحلى بالأفق الواسع والوعي الكبير الذي تميز به، لنستمع اليه وهو يقول:

والارض يحكمها رهـطٌ وان نزلوا***لا ينسبون إلى ما جـدَّ مـن نظم

لوساوموني حصيَّمن تحت أرجلهم***بانجم الاشتراكيين لـم أسم

__________________________

(1) من قصيدة للوائلي في رثار السيد عيسى آل كمال الدين من رجالات ثورة العشرين.


الكاذبين على التأريخ والمثـل الغـ***ـراء والعـلم والأخـلاق والقيم

والحاملين شعار الكادحين وهـم***محض افتراء على العمـال متهم

والمدعين التساوي والسماء لهـم***والارض والناس اصناف من الخدم

الناب والظفر فحواهم فمـا نبضت***من رحمة بهم يوماً ولا رحـم

عقماً لارحام دنيا الناس ان نسـلت***امثال اولاء من عرب ومـن عجـم

ولا يقف الوائلي وقفة المصدوم بما يجري أمامه، لكنه يقف وقفة من يعرف الحل ويشير اليه. فهو يقول في إحدى قصائده أن الحل يكمن في حكم الله على الارض، جاء في هذه القصيدة التي يبث فيها شكواه إلى الله تعالى ويسأله النصر والحكم الإسلامي:

رب رحماك ذوَّبتنا الرزايـا***واللظى قد يذوب منه الحديد

كُفَّ نعمى الحكام عنا فإنَّا***نحو هذي النعماء فينا جحود

وأعنّا على الوصول لحكـم***من معانيك ظلـه ممـدود

لم يعرف الشيخ الوائلي الممالأة للسلطات الحاكمة، فعندما سقط النظام الملكي في العراق عام 1958م وتشكلت الجمهورية العراقية، قام عبد الكريم قاسم بتقريب الشيوعيين لدعم سلطته، وقد إستغل الشيوعيون ذلك فقاموا بحملة تخريب كبير في الجوانب الفكرية والتربوية والسياسية، فتصدى الشيخ الوائلي لعبد الكريم قاسم، مخاطباً إياه في قصيدة شجاعة جريئة، مع العلم أن الشيوعيين لم يكونوا يتوانون عن الدفاع عن قاسم، ومهاجمة من ينتقد الحكم، لكن الشيخ لم يضعف في أداء رسالته:

وعـاد يزأر في النادي الوديع فتىً***مُفَيهق صوته كالصخر ينـحدر

يحكي البطولات كالصبيان ان ركبوا***عصيَّهم حسبوها الخيـلَ تبتدر

وحوله نفر يروون مـن خدع***له الهدير ليروي أنَّهـم هدروا

وهو الذي كان لا يسطيع من هلع***ان تستقر على اعطـافه الأزُرُ

ايام لا نحـن في سلـم فيمنعنا***ولا بحرب فندري كيف نعتجر

اغراب لا نحـن من قيس فتمنعنا***ولا قريش فيحمي رحلنـا مضر

مشى لنا، غربـاء، لو بساعدهم***لهان، لكنّهم ظلٌّ لمـن امـروا

تقسمونا فإغراء لـمن رقصوا***رقص القرودوضغط للذي صبروا

وللشيخ الوائلي مواقف مماثلة من حكم عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف، الذي تميز بالطائفية المقيتة، فقد قال قصيدته الخالدة في مهرجان الأدباء العرب عام 1965م:

بغداد يومـك لا يزال كأمسه***صورٌ علـى طرفي نقيض تجمع

يطغى النعيـم بجانب وبجانب***يطغـى الشقا فمرفّه ومضيع

في القصراغنية على شفةِ الهوى***والكوخ دمعٌ في المحاجر يلذع

ومن الطوى جنب البيادر صرّع***وبجنب زق ابـي نؤاس صرّع

ويد تكبّل وهـي مما يُفتدى***ويدٌ تقبّل وهي مما يُقطـع

وبراءة بيـد الطغاة مهانة***ودناءة بيـد المبرِّر تصنـع

ويصان ذاك لأنـه من معشر***ويضام ذاك لأنّه لا يركـع

كبرت مفارقـة يمثّل دورُها***باسم العروبة والعروبةُ ارفع

فتبيّني هذي المهازل واحذرى***من مثلهـا فوراء ذلك إصبع

شُدّي وهزي الليل في جبروته***وبعهدتي انَّ الكواكب تطلع

هذه جوانب من الشخصية الشعرية للدكتور الوائلي عميد المنبر الحسيني المعاصر، وهي تكشف عن الملكات الكبيرة التي يتمتع بها في المجال الأدبي. والحق أن خطيبا يمتلك هذه الموهبة الشعرية المرهفة، لخليق به أن يكون رائد المنبر الحسيني المعاصر وعميده.

فترة الخطابة الثرة:

عندما برز الشيخ الوائلي في عالم الخطابة كانت الفترة التي عاشها تتميز بوجود ثلة من الخطباء الواعين الذي ساهموا في نشر الوعي الإسلامي في مختلف مناطق العراق، وقد تصدوا بشكل مكثف للموجات الالحادية والمادية والقومية التي كانت مدعومة من قبل السلطات الحاكمة.

لقد كان لهم الدور المشهود في التبليغ الإسلامي، وكان لهم حضورهم الميداني في مدن وقرى العراق المختلفة، فكان الوعي ينتشر حيث حلوا وألقوا خطبهم ومارسوا عملهم التبليغي الحركي.

وفي تقديرنا أن وجود خطباء بارزين لهم مكانتهم وقدراتهم العالية في المجال الخطابي، كان يمثل عامل تحفيز لولادة أجيال من الخطباء الذين يتمتعون بمقدرة وكفاءة في المجال الخطابي. لأن الحاجة إلى التطوير والابداع تصبح ملحة من

أجل أن ياخذ الخطيب مكانته في الساحة.

وهذا ما نلاحظه في تجربة الشيخ محمد علي اليعقوبي الخطابية. فقد كان الخطيب الذي يشغل الموقع الأول قبله هو السيد صالح الحلي، الذي كان يمتلك قدرات عالية في مجال الخطابة والتأثير على المستمعين بشكل كبير. وكان الخطباء الآخرون لا يرقون اليه بأي حال من الأحوال. لكن مشكلة السيد صالح الحلي أنه كان قاسياً على من يخالفه الرأي، وقد دخل بقوة في المعركة التي شنت ضد السيد الأمين والسيد أبو الحسن الأصفهاني في موضوع الشعائر الحسينية. وأخذ يؤجج المعركة من على المنبر مستغلاً قدراته الخطابية، مما دفع السيد الأصفهاني إلى تحريم مجالسه إذا إستمر على هذا النحو.

وكانت مشكلة السيد الأصفهاني هي في إيجاد الخطيب البديل الذي يستطيع أن يشغل مكان الحلي، ويستقطب الأضواء منه. وكان البديل هو الشيخ محمد علي اليعقوبي الذي مثّل في زمانه ظاهرة خطابية جديدة، نتيجة ما يتمتع به من علم وثقافة وأدب.. إلى جانب قدرة خطابية عالية مؤثرة في نفوس المستمعين. وقد تمكن اليعقوبي خلال فترة وجيزة أن يكون هو الخطيب المبرز في عالم الخطابة، والبديل الكفؤ للسيد الحلي.

أسدى الشيخ اليعقوبي خدمة كبيرة للمنبر الحسيني وثبت المرتكزات الصحيحة في عالم الخطابة، وكان في زمانه أمير المنبر بلا منازع طوال الاربعينات والخمسينات.

إن اليعقوبي ما كان بإمكانه أن يكون هو الخطيب المطلوب للمرحلة، لو لم يتمتع باللياقات المطلوبة من علم وأدب وبيان. مما يعني أن البديل لا بد أن يكون أفضل من سابقه حتّى يفرض نفسه ومنهجه. وهذه مسألة مسلمة بشكل عام ولا تنحصر في عالم الخطابة.

ربما لم يكن من السهل في الذهنية العامة تصور بروز خطيب يخلف الشيخ اليعقوبي، نظراً للمستوى الرفيع الذي وصل اليه، والذي كان يشير إلى أن البديل أو الخلف لا يمكن أن يأتي بسهولة، ولا بد أن يتمتع بمواصفات عالية تمكنه من الجلوس في درجة اليعقوبي.

لكن المفاجأة كانت كبيرة بظهور الشيخ أحمد الوائلي الذي نال الأعجاب منذ بداية إرتقائه المنبر الحسيني، وكانت طريقته الابداعية ومنهجيته في الطرح وثقافته الموسوعية، تشير بشكل لا يقبل الشك أنه الخليفة المنتظر للشيخ اليعقوبي. بيد أن الشيخ الوائلي ومع مرور الزمن كان يعطي صورة أخرى أكثر قوة وبريقاً، فلقد كان ينتزع الاعجاب بشكل أكبر مما كان عليه سلفه الشيخ اليعقوبي.

لقد برز الوائلي في فترة زمنية حساسة شهدت سيطرة الاتجاهات المادية على الساحة، وكان المد الشيوعي والقومي لهما تأثير كبير على الثقافة العامة. مما يعني أن مهمة الخطيب ستكون صعبة في عملية التوعية الجماهيرية. لكن الدكتور الوائلي إستطاع بفضل كفاءته ومقدرته العلمية من فرض منهجه وسط المجتمع، وتمكن من إستقطاب الاضواء بدرجة ملفتة للنظر، وكان منبره مدرسة متحدية تتناول الأفكار المادية بالنقد والتفنيد وفق منهج علمي موضوعي.

لم يمر الشيخ الوائلي بفترة طويلة من أجل أن يصل إلى القمة الخطابية، فإن الفاصلة بين إنطلاقته وبين تربعه على قمة هرم الخطابة كانت وجيزة جداً، بحيث يمكن لنا ان نقول أن الوائلي ظهر منذ بدايته كبيراً، ثم سرعان ما صار لامعاً[/ALIGN]

نور

__________________
اللهم بحق محمد المصطفى و علي المرتضى و فاطمة الزهراء و الحسن المجتبى و الحسين الشهيد بكربلاءفرج عنا و عن كل مؤمن و مؤمنه كل فاقة و بلاء و ارحمنا و من نحب أجمعين و صلى الله على محمد و آله الميامين..

starnoor2000 غير متصل  

قديم 06-03-03, 06:06 PM   #2

starnoor2000
عضو فعال

 
الصورة الرمزية starnoor2000  






رايق

قلب لقاء مع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي


د. الشيخ أحمد الوائلي أشهر القراء الحسينيين في العالم: الإسلام فكر ولا خوف عليه من العولمة

-- السيرة الذاتية--

- هو الشيخ أحمد بن الشيخ حسّون بن سعيد بن حمود الليثي الوائلي ولد سنة 1347 هـ. في 17 ربيع الأول في النجف اشتهرت هذه الأسرة في النجف بأسرة آل حرج، وحرج هو اسم الجد الأعلى لها وهو أول من نزح من الغرّاف بلدهم الأصلي وهبط في النجف الأشرف واتخذها موطناً ومسكناً له.

- امتازت هذه العائلة بالثقل العلمي والمكانة المرموقة في تاريخ الأسر النجفية كأسرة آل بحر العلم وأسرة آل كاشف الغطاء وآل الجواهري.

- ولكن الشيخ الوائلي هو الذي جعل اسم أسرته لامعاً بما اكتسبه من شهرة واسعة في خدمة المنبر الحسيني منذ صغره وبنفس الوقت أكمل دراسته حتى حصل على الماجستير في جامعة بغداد ثم أكمل الدكتوراه في كلية دار العوم بجامعة القاهرة، ثم توغل بالدارسة الحوزوية وقرأ مقدمات العلوم العربية والاسلامية على يد أساتذة الحوزة البارزين. وله مؤلفات في الشعر والأدب.


س - العالم يتطور بسرعة كبيرة والمفاهيم تتغير وهو أمر جعل من وسائل الاتصال ونقل المعلومات مصدر خطورة على المفاهيم وعلى الأديان والقواعد الأخلاقية . فهل تعتقد أن هناك خوفاً على أجيالنا من تأثيراتها السلبية؟

ج - ما يدخل إلى الذهن والوعي من غذاء مثله مثل ما يدخل إلى الجسم من غذاء، فإذا كان في الجسم مناعة لا يتأثر بما هو ضار. كذلك جهاز التلقي الذهني يحتاج إلى مناعة تقيه من المؤثرات السلبية.


س - هل تتيح سرعة المتغيرات وصعوبتها، الفرص لبناء مثل هذه المناعة، بمعنى هل العقل البشري محصن إلهياً إلى حد ما؟

ج - العمل على تكوين جهاز المناعة عند المسلم يبتدئ فيما نعتقد من الأسرة، فالمدرسة، فالمجتمع. وأهم هذه الوجوه هو الأسرة. ولا يعني ذلك عدم أهمية الوجوه الأخرى. ولاشك في أن المسؤول عن التربية الدينية في الأسرة هو المؤسسات الدينية التي ينبغي قيامها بهذا الدور واستخدامها الوسائل التي أتاحها العلم وتوفير الكفاءات والمناهج العلمية قدر الاستطاعة وانتقاء الغذاء التربوي الجيد الذي هو متوفر والحمد لله في تراثنا. إن ذلك يضع الأسرة في أجوائها الإسلامية خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار إن كل أسرة مسلمة عندها خميرة من النزوع إلى جذورها وتراثها والاعتزاز بأولوياتها.


س - هناك خوف من الفضائيات والإنترنت وسواها من وسائل الاتصال الإلكتروني التي قد توظف ضد الأديان وخصوصاً الإسلام باعتباره خاتمة الأديان؟

ج - الذي يتمم ما سبق هو أسلمة الأدوات المؤدية إلى الهدف كالقناة الفضائية المسلمة، والمادة الإسلامية التي نغذي بها قنوات الاتصال، والمعلم المسلم الرسالي الذي ينبغي أن يوكل إليه تدريس الدين واللغة، أن الأسرة والمجتمع آخذ ومعطٍ فروافد المجتمع هي الأسرة والمدرسة. فإذا تم التركيز عليهما فذلك كفيل بنتائج طيبة. يضاف إلى ذلك ينبغي فتح أعين الأجيال على إفلاس الحضارات الأخرى وعجزها عن ملء الفراغ الذهني عند الإنسان وعن عدم قدرتها على أن تشده إلى قضية محورية يعيش من أجلها وتستهويه وتدفعه لمضاعفة جهده في ذلك. كما يصنع الإسلام في دفع الفرد المسلم إلى أن يبقى ينشد رضا الله عزّ وجّل بكل نشاطه الدنيوي وعمله لما بعد الحياة وهو هدف يظل قائماً ويظل يسعى الإنسان إليه متواصلاً وبذلك ينعدم عنده الفراغ والسأم ويعيش في لذة وسعادة متواصلة.


س - ذكرتم أن التربية الدينية تؤسس جهاز مناعة خلقياً عند الفرد المسلم يحفظه من سلبيات قد يتعرض لها نتيجة تفاعله مع أجواء حضارية غريبة وذلك يستدعي أن تكون في الإسلام إجابات كاملة على معالجة ما يجد من أمور متنوعة فهل هو كذلك؟

ج - أولاً إن طرح مثل هذا السؤال يدل على عدم معرفة الكثير منّا بالمحتوى الحضاري الغزير في الإسلام وأحد أسباب ذلك هو عدم المعرفة. وثانياً إن كل من له إلمام بالشريعة الإسلامية يعرف أنها تحمل الإجابات على ما هو موجود وما قد يوجد من الأمور التي يبتلي بها الإنسان وذلك بداهة إن الله عزّ وجل لا يكلف إنساناً حتى يعرّفه السبيل إلى الاستجابة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن الله عزّ وجل لم يتعبدنا بشريعة ناقصة يمكن أن تعجز عن تغطية حاجاتنا بل أكمل لنا الدين وأعلمنا ذلك بقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم)، ولذا فإن كل من له صلة بالشريعة يعلم أنها وافية بكل الحاجات.


س - فما الذي يحصل إذن؟

ج - غاية ما في الأمر أن بعض المذاهب الإسلامية يرى أن هناك مصادر للتشريع (أيضاً مصدر مشروعيتها الدين نفسه) جاءت مكملة لمحدودية النصوص. وتكثر الوقائع مثل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وغيرها، بينما يذهب البعض الآخر ومنهم الإمامية إلى أن نصوص الكتاب والسنة وما تفرع منهما وافية لتغطية كل ما يجد. والأخبار الصحيحة والمصادر ذكرت ذلك بالتفصيل. وكمثل لذلك ما جدّ من معاملات في حقل المصارف والاقتصاد بعامة، وما جد في حقل الصحة كنقل الأعضاء من إنسان إلى إنسان ونقل الدم وترقيع الأجسام وما جد في عالم الاستنساخ والأرحام والمتاجر والتلقيح الصناعي وما جد من الانتفاع بوسائل تكنولوجية جديدة وأمثال ذلك غطاها فقهاء المسلمين تغطية كاملة على الرصيد غير القليل في الشريعة.


س - لكن المكتشفات الطبية والعلمية الجديدة، يقال إنها خارجة عن حدود أحكام الأديان؟

ج - الإسلام ليس عاجزاً عن التعامل مع المستجدات في أي مجال والفقهاء غطوا ما سبق بما في ذلك الجديد الآن. وسيبقى في الشريعة الغنى الوافر لسد حاجات الإنسانية ونشير إلى بعض المؤلفات في ذلك للإرشاد إلى ما ذكرناه وذلك في ذيل هذه الإلمامة القصيرة بهذه المواضيع إن شاء الله.

اختلاف المذاهب

س - ما الحكمة في اختلاف مواقف وأحكام المذاهب؟ فقد يقف الفرد المسلم وهو في حيرة وتردد لما يرى من اختلاف المذاهب الإسلامية في العقائد والأحكام فلا يدري أين موقع الصواب وما هو المقدر له أمام الله عزّ وجل؟ وهو يتصور أن ليس كل هذه الآراء صائبة فما هو تكليفه في مثل هذه الموارد؟

ج - نحن نعلم أن في الإسلام مذاهب متعددة. ويتبع كل مذهب منها مجاميع من العلماء. وهنا يتعين على غير الفقيه من سائر المسلمين المكلفين إذا أراد الوصول إلى مسألة عقائدية أو أراد الوصول إلى حكم شرعي ما يلي:


- أولاً: أن يتحرى ويبحث عن الفقيه الجامع للشروط التي تشترط عادة في الفقهاء المستعدين للإجابة على المسائل الشرعية وبدرجة توصله للتأكد من أهلية هذا الفقيه. ولا يقتصر على الانتماء التقليدي، بل لابد من إحراز أن المسؤول من أهل العلم المؤهلين للفتيا والجامعين لأدواتها بالإضافة إلى أنه متصف بالورع والتقوى.


- ثانياً: انه إذا أحرز ذلك، فليس عليه أن يعرف ما هو دليل الفقيه. فإن ذلك موكول للفقهاء أنفسهم كونهم أهل الاختصاص وتبقى المسؤولية على أعناقهم لا عليه.


- ثالثاً: وهنا نلفت النظر إلى أن الاختلاف في العقائد والأحكام - كما هو المفروض - له مناشئ علمية يعرفها أهل العلم، تتعلق بالسند وبمضمون النص وملابساته الباقية. فقد يكون بعض رجال السند موثقاً عند البعض وعند الآخرين ليس كذلك. فيأخذ بعضهم بروايته ويرفضها البعض، وقد يكون منهج البعض الأخذ بخبر الآحاد ومفاده في بعض الموارد بينما لا يأخذ به الآخرون، وقد يحمل بعض الفقهاء اللفظ على ظاهرة ويذهب آخرون إلى تأويله، وقد يحمل البعض اللفظ على الحقيقة ويحمله الآخر على المجاز. وكذلك في فهم المضمون مثلاً: يقول الله تعالى: (وأولات الأحمالٍ أجلهن أن يضعن حملهن)، فلو أن امرأة حاملاً بتوائم تضع واحداً منهما فالبعض يرى أنها بمجرد وضع الحمل حلت للأزواج لأنها صدق عليها أنها وضعت بينما يذهب الآخر إلى أن المراد من الوضع هو إفراغ الرحم فلا يحل إلا إذا صار رحمها فارغاً من حملها وهكذا. ومثلاً يقول القرآن الكريم (ألم نجعل الأرض كفاتا)، والكفت هو الجمع والضم فيرى بعضهم أن من ينبش قبر ميت ويسرق كفنه تقطع يده لأنه سارق سرق من حرز بينما يقول الآخر أن هذا الحرز لا يختص بالميت في تفصيل طويل فلا يرى عليه القطع بل عليه التعزير والتأديب. وعلى العموم إننا نؤمن بأن فقهاء المسلمين إذا ذهبوا إلى رأي في حكم أو عقيدة فإن مصدرهم الشرع في اجتهادهم وإن اختلفت نواحي الاستظهار عندهم.

التكفير

س - ما هو حكم من يخطئ منهم؟

ج - قد يخطئون بعد استفراغ الوسع في عملية استنباط الحكم ولكنهم معذورون بعد ذلك الجهد والوسع إلا من يثبت على سبيل القطع انه ليس على صواب، إما لأنه ليس من أهل العلم أو لأنه يريد العبث. وهؤلاء هم في غاية الشذوذ وفقهاء المسلمين إن شاء الله بعيدون عن هذا الغرض. إننا يجب أن نحسن الظن بفقهاء المسلمين ولا نجترئ على رميهم بالابتعاد عن الإسلام أو تكفيرهم لأبسط الأمور كما يفعل بعض من لا يقدر حرمة وكرامة أهل لا إله إلا الله.


س - ما هي الحكمة الربانية من تعدد المذاهب؟

ج - تعدد المذاهب لم تشرعه السماء حتى يقال ما هي حكمة السماء في ذلك، وإنما نشأ من أسباب هي على أحسن الفروض من اختيار بعض الجهات لأشخاص رأت انهم أولى من غيرهم إما علمياً وإما اجتماعياً. ولكل منهم آراؤه واجتهاداته وتبعهم جماعة كونوا أسرة المذهب. والمذاهب غير مقصودة لذاتها بل المفروض أنها طرق مؤدية إلى الشرع. وأهم فائدة في تعدد المذاهب هي التوسعة على الناس لتعدد الآراء وعدم حبسهم على رأي واحد فتكون روافد متعددة كلها تؤدي إلى الشريعة.


س - هل هناك وجه آخر لتعدد المذاهب؟

ج - نعم. فإلى جانب الفائدة هناك سلبيات من أهمها التشرذم والتعصب وجعل المذهب غاية لا طريقاً مما يؤدي إلى التمزّق.


س - وهل هناك تضارب في بعض أحكام هذه المذاهب؟

ج - لا أسميه تضارباً، وإنما هو اختلاف في المنهج ووجهات النظر. وقد يؤدي أحياناً إلى التقابل. ولكن إذا عرفنا أن ذلك ناشئ من أمور موضوعية وليست من قصد سيء فإن ذلك يبعث على الاطمئنان ويحض على احترام وجهات النظر ويحمل على سعة الصدر لقبول وجهة النظر الأخرى.


س - هل في أي من الخلاف في أحكام المذاهب، ضرر أو خطر على الإسلام طالما أن أحكام هذه المذاهب ليست منزّهة أو معصومة ولا ترقى إلى عدم الخضوع للمناقشة؟

ج - لا خطر منها ما دام هناك أكثر من رأي وطريق يوصل إلى الإسلام والمسلم إذا تعبد بواحد منها بعد بذل الوسع في الاختيار واستنفاد الوسائل السليمة في ذلك أجزأه ويكون ممتثلاً لحكم الله عزّ وجل. أما المجتهدون أنفسهم فبعد بذل الوسع في استنباط الحكم لهم أجران إن أصابوا حكم الله وإلا فأجر واحد من أجل جهدهم وعنائهم.




العولمة

س - هناك في العالم اليوم ما يُعرف باسم العولمة وهناك ما يسمى بثورة المعلومات. وهناك خوف فعلي من أن يقود النظام العالمي الجديد والدعوات المتزايدة لحرية الأديان وحقوق الإنسان وارتباط العالم بالبريد الإلكتروني، إلى توحيد للأديان لكن ليس وفقاً لما يريده الله وإنما لما يفرضه الأقوياء حماية لصناعاتهم ومصالحهم؟

ج - لا يمكن لكل من العولمة وثورة المعلومات أن تؤدي إلى صهر الأفكار والمعتقدات في فكر واحد. وذلك لأن العولمة تحاول رفع الحدود المادية وثورة المعلومات تطرح أفكاراً جديدة وكل منهما موجود بالفعل يمشي عبر الحدود ولا يرده حاجز. ومع ذلك ما تزال الأديان متعددة والمعتقدات متنوعة. وإنما كل الذي نخشاه هو عدم خلق مناعة علمية وخلقية في الساحة الإسلامية تمنع تأثير الأمور الوافدة. وهذا الأمر يضاعف مسؤولية المؤسسات الدينية سواء الرسمية منها وغير الرسمية. ويحملها التبعة لتضاعف نشاطها في بناء الشخص المسلم بناءً يوازي حجم المستجدات ويرضي التطلعات خصوصاً ونحن على ثقة بأن محتوى الشريعة فيه ذخيرة لا تنفد لتغذية الأجيال فلم يبق إلا البحث في كنوز الشريعة وإعداد كوادر علمية مؤهلة ومنتجة لسد الحاجة وان تكون مؤسساتنا الدينية مراكز بحث وتطوير وإعداد كفاءات وليست مؤسسات للارتزاق على حساب ديننا.


س - المسلمون اليوم في وضع لا يحسدون عليه، متفرقون مشتتون، مختلفون في مصالحهم ومواقفهم، لكن هل هناك خوف على الإسلام بسبب ضعف المسلمين؟

ج - الإسلام فكر والفكر لا خوف عليه إنما الخوف على المسلمين الذين يتعرضون إلى مخططات لإبعادهم عن الإسلام بوسائل شتى أو تركهم لا يعرفون من الإسلام إلا مظاهر جوفاء. أما مضمون الإسلام فيفرغ من محتواه. وهذا الأمر يعيش على الساحة عند جميع المذاهب الإسلامية مما يؤسف له أشد الأسف مما جعلنا نرى المسلم. الشكليات. لا المسلم الموقف والرجولة والعطاء وصدق العقيدة وغير ذلك مما هو من مقومات الإسلام الصحيح.


س - ألم يحن الوقت لحوار حقيقي بين الأديان؟ وهل يمكن أن يكون لخطوة من هذا النوع جدوى في التقريب في وجهات النظر وتقليل التنافر العرقي وصراع الأقليات والتركيز على التعاون في مواجهة تحديات العصر مثل الأوبئة والفقر والتلوث وسواها؟

ج - لعل الإسلام يعتبر مجلباً للدعوة والحوار بين الأديان وذلك لأن الإسلام يقف على قاعدة صلبة لما فيه من أسس متينة ومتطورة ومستوعبة لحاجات كل العصور. (وما أرسلناك إلا كافة للناس) ولأنه يرى ويعلم أن الأديان. وأقصد بها الأديان السماوية كما هي في أصلها، كلها روافد من السماء ولكل دين دوره وعهده في أداء رسالته وقد ختمت بالإسلام حيث ما هو من الثوابت قد جمعه الإسلام وما هو من المتطورات قد حمله ونبه الأذهان له. (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) من هذا المنطلق وهو استيعاب الإسلام للثوابت وغير الثوابت في الأديان الأخرى، انطلق الإسلام يدعو إلى الحوار، (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا) ولم ينطلق من فرض انه الوحيد وغيره مرفوض بل فتح الأبواب لصراع الأفكار وفق الأصول حتى تنتهي إلى ما هو الحق. (وأنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين). وبناء على ذلك فلا خشية من أن يخذل الإسلام أو ينهزم في أي حوار شرط أن يكون المحاورون موضوعيين ومؤهلين للحوار لوجود أرضية علمية عندهم. وإذا استكمل الحوار بشروطه الموضوعية فلا شك في جدواه. إن الإنسانية قد تعبت في بحثها عن الأفضل وعلينا أن نبحث في دفائن ديننا من الكنوز لنقدمه زاداً للإنسانية وقل اعملوا.. إلخ.




حوار الحضارات



س - يروج البعض لمخاوف من احتمال افتعال العرب والمسلمين حرباً ضد الحضارة الغربية، ويقال أن دوافع إقامة المشروع الأميركي الجديد المعروف باسم استراتيجية درع النجوم أو وليد حرب النجوم، تنبع من أوهام مثل هذه، ما رأيك؟

ج - منذ ولد الإسلام طرح آراءه مقابل المفردات الحضارية المنوعة عند كل الأمم وأعلن موقفه فيما يقبل منها وما يرفض. وفي خصوص الحضارة المسيحية سواء في الغرب أو غيره يقف منها موقفاً يختلف. فإن كانوا مواطنين يترك لهم حرية البقاء على دينهم بشرط التزامهم بشروط تحقق المواطنة السليمة وتوازن بين حقوقهم وحقوق الدولة الإسلامية. وإذا كانوا خارج الدولة الإسلامية فهم حتى ولو كانوا كفاراً محاربين فلولي أمر المسلمين مهادنتهم إذا كانت المصلحة في ذلك. وهناك أحكام تحدد علاقة المسلمين بغيرهم وتتسم بالإنسانية في أعلى صورها ولا يخرج الإسلام عن هذا الإطار إلا إذا وضع في حالة الدفاع عن النفس أو عن الدين. فدعوى هؤلاء انهم يخشون من الإسلام مثل باقي ما يدعونه عن حظر الإسلام والأصولية. والحقيقة أن المحارَب والمحاصَر هو الإسلام الذي اخترعوا عشرات العناوين المبررة لمحاربته. وفي التاريخ مرايا صادقة تعكس ممارساتهم مع الإسلام والمسلمين. إنني هنا ألفت نظر الباحثين وطالبي الحقيقة إلى الرجوع إلى التلمود وللحروب الصليبية وتاريخها نظرياً وتطبيقياً وكذلك الرجوع إلى حروب القرون الوسطى وما جرى في الأندلس، ثم الرجوع إلى كتب التاريخ الإسلامي وكتب الفقه الإسلامي في باب الجهاد للتعرف على من يشكل الخطر على الحضارات ويريد نفي الآخر. إن شعار الإسلام (وإنا أوإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) هذا الطرح المفتوح حتى يتم الوصول للحقيقة.


س - دفعت التطورات العلمية الجديدة والاكتشافات الطبية المذهلة مثل الاستنساخ وسواه، إلى بروز تحديات كبيرة للأديان وخاصة أمام الإسلام، فهل أغفل الدين الحنيف مثل هذه الأمور، أم أن في بيان نصوص القرآن الكريم والفقه ما يتعامل مع كل حالة على حدة بنفس المنطق الرباني العظيم الذي يعالج به الرحمن الأمور الأخرى؟

ج - لا أسمي أمثال هذه الأمور التي ذكرتها تحديات بل هي أمور ألهم الله تعالى بها الذهن البشري وأقدره عليها على أن يتحرى بها خدمة الإنسان لا ضرره. وهذه الأمور تشكل موضوعات غطتها أحكام الشريعة وهي جميعها عالجها الفقه الإسلامي وتناولها فقهاء المسلمين تفصيلاً وأعنى بهم الفقهاء المعاصرين، لأنها أمور حدثت متأخرةً ومن بعض هذه المصادر التي تحضر ذاكرتي إتماماً للفائدة وللتدليل على أن الإسلام يتسع في نصوصه وقواعده لكل ما يمر على الدنيا من أمور ستكون موضع ابتلاء الإنسان: شرح عهد الإمام علي لمالك الأشتر - توفيق الفكيكي، الجزء الرابع من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي، منهاج الصالحين للسيد الخوئي (قدس سره)، الفقه للمغتربين للسيد علي السيستاني (دام ظله)، الاستنساخ للسيد سعيد الحكيم (دام ظله)، عقليات إسلامية للشيخ محمد جواد مغنية (طاب ثراه)، فقه أهل البيت للسيد محمود الهاشمي (دام ظله)، المذاهب الإسلامية للشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي (دام مسددا)، بحوث في الفقه المعاصر للشيخ حسن الجواهري (دام ظله) ومستحدثات المسائل للسيد الخوئي (قدس سره).




دولة إسلامية



س - ما سهي فرص قيام دولة إسلامية كبرى في العالم؟ وهل هي ضرورة أم إن الله عزّ وجل كفيل بأمر صيرورة الدنيا قبل قيام الآخرة؟

ج - فرص قيام دولة إسلامية عامة ليس بمستحيل عقلاً ولا ممتنع ذاتاً ولكن له شروط لابد من توفرها، وهي تحتاج عادة إلى زمن طويل لأن عنصر الزمن دخيل في تكوين الأشياء بحسبها. والدولة الإسلامية مرة تكون إسلامية عقيدة وأحكاماً لابد من تطبيقها والناس فيها من المواطنين المسلمين الملتزمين بالعقيدة والأحكام، وأخرى قد تكون محكومة من قبل المسلمين وأهلها ليسوا كذلك بل في الأديان كالمسيحيين واليهود والمجوس وحتى الصابئة أي من لهم كتاب وشبه كتاب. ولكل منهما تفاصيل استوفاها الفقه الإسلامي. غالباً في باب الجهاد من كتب الفقه. وكما ذكرت إن قيامها يبقى مفتقراً إلى شروط لابد من تحققها ودعني أضرب لك مثلاً واحداً: هو اللغة العالمية الاسبرنتو التي أريد لها أن تختصر الحواجز وتجمع الناس على وسيلة موحدة للتفاهم، وإلى الآن والفكرة في مكانها لم تتحرك مع أنها محبوبة للنفوس ولا تشكل ضرراً للأمم أو الأفراد اللهم إلا ما يرتبط باعتزاز كل أمة بلغتها فكيف يكون الأمر بالنسبة للعقائد والشرائع؟


س - هناك أيضاً لغط عن موقف الإسلام من مفهوم الديمقراطية فهل الإسلام ضد نظام مثل هذا تطالب به أغلبية البشرية الآن؟

ج - إذا تحدثنا عن موضوع الديمقراطية وتفاصيلها وخصوصاً موقف الإسلام من الديمقراطية بمعناها المصطلح فإن المسلم من الناحية العقيدية والناحية التشريعية ملزم بالعمل بما شرعته السماء، أو من ناحية التطبيق وذلك بأن تحكم الأمة نفسها بنفسها فهذا يتم على نحوين من التصور في هذه الفترة: النحو الأول أن يتولى الفقيه بما له من ولاية عامة حكم الأمة وفق قوانين الله عزّ وجل وذلك له تفصيل موسع في كتب الفقه. والنحو الثاني كما يذهب إليه البعض أن الأمة لها ولاية على نفسها فتنتخب من يحكمها وفق الشريعة. وعلى العموم من الناحية التطبيقية أمر الديمقراطية سهل، على أني ألفت النظر إلى الدول التي تدعي أنها تطبق الديمقراطية. هل إنها ملتزمة بشروط الديمقراطية أم هو مجرد شعار؟




حقوق الإنسان



س - وما موقف الإسلام من قضية حقوق الإنسان التي باتت مسألة حيوية تقيم الشعوب والأمم والأديان على مدى التزامها بها؟

ج - موقف الإسلام من حقوق الإنسان واضح. فلا اعتقد أن هناك شريعة كفلت حقوق الإنسان كالشريعة الإسلامية. فالإنسان كل الإنسان موضع تكريم الله عزّ وجل: (ولقد ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍكرّمنا بني آدم)، يقولها القرآن الكريم ويقول الرسول الكريم في خطبته في حجة الوداع: وقد سأل الصحابة (رضوان الله عليهم) أي يوم هذا؟ قالوا: أعظم الأيام. وأي شهر هذا؟ قالوا أعظم الشهور. وأي بلد هذا؟ قالوا أعظم البلدان. وأي بيت هذا؟ قالوا: أعظم البيوت، قال إن حرمة المؤمن أعظم عند الله من بيتكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا... إلخ.

ولقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): (الإنسان أخو الإنسان أحب أم كره). ويقول الإمام علي (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر: (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو شريك لك في الخلق). الناس سواسية كأسنان المشط، وقد أفاضت كتب التاريخ والسيرة في تفصيل تطبيقات ذلك بما لا يسعه هذا المختصر. وأرجو أن نفرق بين الإسلام وبين بعض المسلمين الذين ينبغي أن لا تحسب تصرفاتهم على الإسلام بل لابد من الاقتصار على ما رسمه التراث ورسمته السنّة النبوية ورسمه خلفاء النبي حقاً.


س - الأمر الآخر المثير للجدل هو الفهم الخاطئ من قبل البعض لموقف الإسلام من حقوق المرأة، فما هي الحقيقة في هذا المجال؟

ج - لا سبيل إلى الإفاضة في أمر مثل هذا. لأن الإسلام أكرم المرأة بما أراده الله لها وليس وفقاً لمشتهى البشر. ولكن ما ينبغي الإشارة إليه إنه كل الحقوق التي كفلها الإسلام للفصيلين الذكور والإناث إنما هي متصلة ومربوطة بفطرة كل منهما.

فالمسألة إذاً مسألة تصنيف لا مسألة تفضيل. إن بين الرجل والمرأة عشرات من الفروق النفسية والجسدية والاجتماعية، ولكل منها حسابه الخاص. أما من حيث المنشأ والخلقة فكل منهما عمد من أعمدة التكوين يقول تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى).

ويقول تعالى: (الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها)، ويقول النبي (صلى الله عليه وآله): (النساء شقائق الرجال). فالأمور التي تنعدم فيها الفروق بين الصنفين هما فيها سواء كحق التعليم، والنفقة المالية، وحق التكريم.. إلخ.

أما الحقوق التي لا يمكن المساواة فيها كحق التعدد للرجل الذي شرعه الإسلام لتغطية بعض الحالات فلا يمكن المساواة فيه ومثل الأمور التي ترتبط بغزارة الجانب العاطفي عند المرأة وتكليف الذكر ببعض الأمور التي ترتبط بتكوينه العضلي فالإسلام يفرق بينهما. وبالجملة كل حق مشروع ينسجم مع الخلق الكريم والفطرة السليمة أعطاء الإسلام للمرأة ومنعها مما يفسد فطرتها ويهين انوثتها وصدق الله العظيم: (أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى).

إن الٍٍإسلام كفل المرأة في كل حالاتها. كأم وزوجة وبنت. وكرّم مقامها وجعل الجنة تحت أقدامها، وقدم حقها كأم على حق الأب على رأي كثير من الفقهاء فأوجب تقديم ما تأمر به على ما يأمر به الأب لو تعارض الأمران، وجعل لها ثلاثة أرباع الحق في الولد وللأب ربعاً وأعطاها أجر الشهيد إذا ماتت أثناء الولادة وأعطاها ما لا يتسع ذكره هنا.




مؤلفات الدكتور الشيخ الوائلي



أولاً: المطبوعة

- هوية التشيع.

- أحكام السجون بين الشريعة والقانون.

- من فقه الجنس في قنواته المذهبية.

- نحو تفسير علمي للقرآن.

- دفاع عن العقيدة.

- تجاربي مع المنبر.


ثانياً: المخطوط

- الخلفية الحضارية للنجف قبل الإسلام.

- الأوليات في حياة الإمام علي (عليه السلام).

- حماية الحيوان في الشريعة الإسلامية.

- مدارس التفسير للقرآن الكريم

نور

__________________
اللهم بحق محمد المصطفى و علي المرتضى و فاطمة الزهراء و الحسن المجتبى و الحسين الشهيد بكربلاءفرج عنا و عن كل مؤمن و مؤمنه كل فاقة و بلاء و ارحمنا و من نحب أجمعين و صلى الله على محمد و آله الميامين..

starnoor2000 غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 08:18 AM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited