عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-04, 09:27 AM   #26

فدك الزهراء
...(عضو شرف)...  






رايق

آيات الغدير، جزءٌ من مجموع الآيات التي نزلت في علي وأهل البيت عليهم السلام ، وقد ألَّفَ قدماء المفسرين والمحدثين حتى السنيين منهم، كتباً خاصة في الآيات التي أنزلها الله تعالى في أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ، وفي الأحاديث التي قالها فيها كتابان معروفان مطبوعان..


وأثناء بحثنا لآيات الغدير الثلاث: ( بلغ ما أنزل اليك من ربك ) و ( اليوم أكملت لكم دينكم ) و ( سأل سائل بعذاب واقع )
وجدناها مرتبطةً بخطب النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع ارتباطاً وثيقاً، فكان لا بد أن يشمل موضوعنا بحوثاً في هذه الخطب الست! وما فيها من تبليغه صلى الله عليه وآله الأمة وجوب اتباع الثقلين من بعده: القرآن والعترة، وبشارته الأمة في خطبة عرفات بأن الله تعالى حل مشكلة الحكم فيها، واختار لها من بعده اثني عشر إماماً ربانياً..



آية التبليغ:


يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة-67)


التّفسير

اختيار الخليفة مرحلة إنتهاء الرسالة:

1.إنّ لهذه الآية نَفَساً خاصاً يميزها عمّا قبلها وعّما بعدها من آيات، إنّها تتوجه بالخطاب إِلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وحده وتبيّن له واجبة، فهي تبدأ بمخاطبة الرّسول: (يا أيّها الرّسول) وتأمره بكل جلاء ووضوح أن (بلغ ما أُنزل إِليك من ربِّك)

ثمّ لكي يكون التوكيد أشد وأقوى ـ تحذره وتقول: (وإِن لم تفعل فما بلّغت رسالته).

ثمّ تطمئن الآية الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وكأن أمراً يقلقه ـ وتطلب منه أن يهدىء من روعه وأن لا يخشى الناس: فيقول له: (والله يعصمك من النّاس).


1 ـ عبارة «بلِّغْ» كما يقول الراغب في «المفردات» أكثر توكيداً من «أَبْلِغْ».

وفي ختام الآية إِنذار وتهديد بمعاقبة الذين ينكرون هذه الرسالة الخاصّة ويكفرون بها عناداً، فتقول: (إِنّ الله لا يهدي القوم الكافرين).

2.أسلوب هذه الآية، ولحنها الخاص، وتكرر توكيداتها، وكذلك ابتداؤها بمخاطبة الرّسول (يا أيّها الرّسول) التي لم ترد في القرآن الكريم سوى مرّتين، وتهديده بأنّ عدم تبليغ هذه الرسالة الخاصّة إِنّما هو تقصير ـ وهذا لم يرد إِلاّ في هذه الآية وحدَها ـ كل ذلك يدل على أنّ الكلام يدور حول أمر مهم جداً بحيث أن عدم تبليغه يعتبر عدمَ تبليغ للرسالة كلها.

لقد كان لهذا الأمر معارضون أشداء إِلى درجة أنّ الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان قلقاً لخشتيه من أنّ تلك المعارضة قد تثير بعض المشاكل بوجه الإِسلام والمسلمين، ولهذا يطمئنه الله تعالى من هذه الناحية.

3.هنا يتبادر إِلى الذهن السؤال التالي

مع الأخذ بنظر الإِعتبار تأريخ نزول هذه الآية ـ وهو قطعاً في أواخر حياة الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ : تُرى ما هذا الموضوع المهم الذي يأمر الله رسولَه ـ مؤكّداً ـ أن يبلّغه للناس؟

هل هو ممّا يخص التوحيد والشرك وتحطيم الأصنام، وهو ما تمّ حله للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وللمسلمين قبل ذلك بسنوات؟

أم هو ممّا يتعلق بالأحكام والقوانين الإِسلامية، مع أنّ أهمها كان قد سبق نزوله حتى ذلك الوقت؟

أم هو الوقوف بوجه أهل الكتاب من اليهود والنصارى، مع أنّنا نعرف أنّ هذا لم يعد مشكلة بعد الإِنتهاء من حوادث بني النضير وبني قريظة وبني قينقاع وخيبر وفدك ونجران؟

أم كان أمراً من الأُمور التي لها صلة بشأن المنافقين، مع أنّ هؤلاء قد طردوا من المجتمع الإِسلامي بعد فتح مكّة، وامتداد نفوذ المسلمين وسيطرتهم على أرجاء الجزيرة العربية كافة، فتحطمت قوتهم، ولم يبق عندهم إِلاّ ما كانوا يخفونه مقهورين؟

فما هذه المسألة المهمّة ـ يا تُرى ـ التي برزت في الشهور الأخيرة من حياة رسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بحيث تنزل هذه الآية وفيها كل ذلك التوكيد؟

ليس ثمّة شك أنّ قلق رسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن لخوف على شخصه وحياته، وإِنّما كان لما يحتمله من مخالفات المنافقين وقيامهم بوضع العراقيل في طريق المسلمين.


نزول آية التبليغ:

على الرغم من أنّ الأحكام المتسرعة، والتعصبات المذهبية قد حالت ـ مع الأسف ـ دون وضع الحقائق الخاصّة بهذه الآية في متناول أيدي جميع المسلمين بغير تغطية أو تمويه، إِلاّ أن هناك مختلف الكتب التي كتبها علماء من أهل السنة في التّفسير والحديث والتّأريخ، أوردوا فيها روايات كثيرة تقول جميعها بصراحة.

إِنّ الآية المذكورة قد نزلت في علي(عليه السلام).

هذا الرّوايات ذكرها الكثيرون من الصحابة، منهم «زيد بن أرقم» و«أبو سعيد الخدري» و«ابن عباس» و«جابر بن عبدالله الأنصاري» و«أبو هريرة» و«البراء بن عازب» و«حذيفة» و«عامر بن ليلى بن ضمرة» و«ابن مسعود» وقالوا: إِنّها نزلت في علي(عليه السلام) وبشأن يوم الغدير.

بعض هذه الأحاديث نقل بطريق واحد مثل رواية زيد بن أرقم.

وبعضها نقل بأحد عشر طريقاً، مثل رواية أبي سعيد الخدري ورواية ابن عباس.

وبعضها نقل بثلاثة طرق، مثل رواية البراء بن عازب، أمّا العلماء الذين أوردوا هذه الرّوايات في كتبهم فهم كثيرون، من بينهم:

وهناك روايات كثيرة منها..

1.وابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمّة» الصفحة 27.

2.وجلال الدين السيوطي في «الدر المنثور» المجلد 3 الصفحة 298.

3.والقاضي الشوكاني في «فتح القدير» المجلد 3 الصفحة 57.

وجماعة كثيرون غيرهم أشاروا إِلى سبب نزول هذه الآية.



ثمّة موضوع آخر لابدّ من الإِشارة إِليه، هو أنّ الرّوايات التي ذكرناها فيما سبق تتعلق كلها بنزول هذه الآية في علي(عليه السلام)، أي الرّوايات الخاصّة بسبب نزول هذه الآية فقط، أم الرّوايات الواردة عن حادثة غديرخم وخطبة الرّسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) وإِعلانه وصاية علي(عليه السلام) وولايته، فإِنّها أكثر بكثير من تلك، حتى أنّ العلاّمة الأميني(رحمه الله) ينقل في كتابه «الغدير» حديث الغدير عن 110 من صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مع اسنادها، وعن 84 من التابعين، وعن 360 من العلماء والأُدباء المسلمين المعروفين بما لا يدع مجالا للشك في أنّ حديث الغدير واحد من أوثق الأحاديث المتواترة، ولئن شك أحد في تواتر هذه الرّوايات فإِنّه لا يمكنه أن يقبل أي حديث متواتر آخر.

.

آيـة إكمـال الديـن

متى أكمل الله الدين للمسلمين:

إِنّ أهمّ بحث تطرحه هاتان الفقرتان القرآنيتان يتركز في كنهه وحقيقته كلمة «اليوم» الواردة فيهما.

فأيّ يوم يا ترى هو ذلك «اليوم» الذي اجتمعت فيه هذه الأحداث الأربعة
المصيرية، وهي يأس الكفار، وإِكمال الدين، وإِتمام النعمة، وقبول الله لدين الإِسلام ديناً ختامياً لكل البشرية؟

لقد قال المفسّرون الكثير في هذا المجال، وممّا لا شك فيه ولا ريب أن يوماً عظيماً في تاريخ حياة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ كهذا اليوم ـ لا يمكن أن يكون يوماً عادياً كسائر الأيّام، ولو قلنا بأنّه يوم عادي لما بقي مبرر لإِضفاء مثل هذه الأهمية العظيمة عليه كما ورد في الآية.

وقيل أنّ بعضاً من اليهود والنصارى قالوا في شأن هذا اليوم بأنّه لو كان قد ورد في كتبهم مثله لإتّخذوه عيداً لأنفسهم ولاهتموا به اهتماماً عظيماً

ولنبحث الآن في القرائن والدلائل وفي تاريخ نزول هذه الآية وتاريخ حياة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والروايات المختلفة المستفادة من مصادر إِسلامية عديدة، لنرى أي يوم هو هذا اليوم العظيم؟

ترى هل هو اليوم الذي أنزل فيه الله الأحكام المذكورة في نفس الآية والخاصّة بالحلال والحرام من اللحوم؟

بديهي أنّه ليس ذلك لأنّ نزول هذه الأحكام لا يوجب إِعطاء تلك الأهمية العظيمة، ولا يمكن أن يكون سبباً لإِكمال الدين، لأنّها لم تكن آخر الأحكام التي نزلت على النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، والدليل على هذا القول ما نراه من أحكام تلت الأحكام السابقة في نزولها، كما لا يمكن القول بأن الاحكام المذكورة هي السبب في يأس الكفار، بل إنّ ما يثير اليأس لدى الكفار هو إِيجاد دعامة راسخة قوية لمستقبل الإِسلام، وبعبارة أُخرى فإِنّ نزول أحكام الحلال والحرام من اللحوم لا يترك أثراً في نفوس الكفار، فماذا يضيرهم لو كان بعض اللحوم حلالا وبعضها الآخر حراماً؟!

فهل المراد من ذلك «اليوم» هو يوم عرفة من حجّة الوداع، آخر حجّة قام بها

1 ـ في تفسير المنار، ج 6، ص 155.

النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) (كما احتمله بعض المفسّرين)؟

وجواب هذا السؤال هو النفي أيضاً، لأنّ الدلائل المذكورة لا تتطابق مع هذا التّفسير، حيث لم تقع أيّ حادثة مهمّة في مثل ذلك اليوم لتكون سبباً ليأس الكفار ولو كان المراد هو حشود المسلمين الذين شاركوا النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم عرفة، فقد كانت هذه الحشود تحيط بالنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في مكّة قبل هذا اليوم أيضاً، ولو كان المقصود هو نزول الأحكام المذكورة في ذلك اليوم، فلم تكن الأحكام تلك شيئاً مهمّاً مخيفاً بالنسبة للكفار.


ثمّ هل المقصود بذلك «اليوم» هو يوم فتح مكة (كما احتمله البعض)؟ ومن المعلوم أنّ سورة المائدة نزلت بعد فترة طويلة من فتح مكة!

أو أنّ المراد هو يوم نزول آيات سورة البراءة، ولكنها نزلت قبل فترة طويلة من سورة المائدة.

والأعجب من كل ما ذكر هو قول البعض بأن هذا اليوم هو يوم ظهور الإِسلام وبعثة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مع أن هذين الحدثين لا علاقة زمنية بينهما وبين يوم نزول هذه الآية مطلقاً وبينهما فارق زمني بعيد جدّاً.

وهكذا يتّضح لنا أنّ أيّاً من الإِحتمالات الستة المذكورة لا تتلاءم مع محتوى الآية موضوع البحث.

ويبقى لدينا احتمال أخير ذكره جميع مفسّري الشيعة في تفاسيرهم وأيدوه كما دعمته روايات كثيرة، وهذا الإِحتمال يتناسب تماماً مع محتوى الآية حيث يعتبر «يوم عذير خم» أي اليوم الذي نصب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) علياً أميرالمؤمنين(عليه السلام)بصورة رسمية وعلنية خليفة له، حيث غشى الكفار في هذا اليوم سيل من اليأس، وقد كانوا يتوهمون أن دين الإِسلام سينتهي بوفاة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأن الأوضاع ستعود إِلى سابق عهد الجاهلية، لكنّهم حين شاهدوا أنّ النّبي أوصى بالخلافة بعده لرجل كان فريداً بين المسلمين في علمه وتقواه وقوته وعدالته، وهو علي بن أبي طالب(عليه السلام)، ورأوا النّبي وهو يأخذ البيعة لعلي(عليه السلام) أحاط بهم اليأس من كل جانب، وفقدوا الأمل فيما توقعوه من شر لمستقبل الإِسلام وأدركوا أن هذا الدين باق راسخ.

ففي يوم غدير خم أصبح الدين كاملا، إِذ لو لم يتمّ تعيين خليفة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ولو لم يتمّ تعيين وضع مستقبل الأُمّة الإِسلامية، لم تكن لتكتمل الشريعة بدون ذلك ولم يكن ليكتمل الدين.

نعم في يوم غذير خم أكمل الله وأتمّ نعمته بتعيين علي(عليه السلام)، هذا الشخصية اللائقة الكفؤ، قائداً وزعيماً للأُمة بعد النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

وفي هذا اليوم ـ أيضاً ـ رضي الله بالإِسلام ديناً، بل خاتماً للأديان، بعد أن اكتملت مشاريع هذا الدين، واجتمعت فيه الجهات الأربع.

وفيما يلي قرائن أُخرى إِضافة إِلى ما ذكر في دعم وتأييد هذا التّفسير:


1.ـ لقد ذكرت تفاسير «الرازي» و«روح المعاني» و«المنار» في تفسير هذه الآية أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعش أكثر من واحد وثمانين يوماً بعد نزول هذه الآية، وهذا أمر يثير الإِنتباه في حد ذاته، إِذ حين نرى أنّ وفاة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كانت في اليوم الثّاني عشر من ربيع الأوّل (بحسب الروايات الواردة في مصادر جمهور السنّة، وحتى في بعض روايات الشيعة، كالتي ذكرها الكليني في كتابه المعروف بالكافي) نستنتج أن نزول الآية كان بالضبط في يوم الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام، وهو يوم غدير خم


2. ذكرت روايات كثيرة ـ نقلتها مصادر السنّة والشيعة ـ أنّ هذه الآية الكريمة نزلت في يوم غدير خم، وبعد أن أبلغ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين بولاية علي


ـ إنّ هذا الحساب يكون صحيحاً إذا لم ندخل يوم وفاة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ويوم غدير خم في الحساب، وأن يكون في ثلاثة أشهر متتاليات مشهرات عدد أيّام كل منهما (29) يوماً، ونظراً لأن أي حدث تاريخي لم يحصل قبل وبعد يوم غديرخم، فمن المرجح أن يكون المراد باليوم المذكور في الآية هو يوم غدير خم.

ومن هذه الروايات:

1 ـ ما نقله العالم السنّي المشهور «ابن جرير الطبري» في كتاب «الولاية» عن «زيد بن أرقم» الصحابي المعروف، أنّ هذه الآية نزلت في يوم غدير خم بشأن علي بن أبي طالب(عليه السلام).

2 ـ ونقل الحافظ «أبو نعيم الأصفهاني» في كتاب «ما نزل من القرآن بحق علي(عليه السلام)» عن «أبي سعيد الخدري» وهو صحابي معروف ـ أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أعطى في «يوم غدير خم» علياً منصب الولاية ... وإِنّ الناس في ذلك اليوم لم يكادوا ليتفرقوا حتى نزلت آية: (اليوم أكملت لكم دينكم...) فقال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وفي تلك اللحظة «الله أكبر على إِكمال الدين وإِتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وبالولاية لعلي(عليه السلام) من بعدي» ثمّ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله».

3 ـ وروى «الخطيب البغدادي» في «تاريخه» عن «أبي هريرة» عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ آية (اليوم أكملت لكم دينكم ...) نزلت عقيب حادثة «غدير خم» والعهد بالولاية لعلي(عليه السلام) وقول عمر بن الخطاب: «بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم»

وجاء في كتاب «الغدير» إِضافة إِلى الروايات الثلاث المذكورة، ثلاث عشرة رواية أُخرى في هذا المجال.

ورود في كتاب «إحقاق الحق» نقلا عن الجزء الثّاني من تفسير «ابن كثير» من الصفحة 14 وعن كتاب «مقتل الخوارزمي» في الصفحة 47 عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّ هذه الآية نزلت في واقعة غديرخم.


وقد وردت في الآية (55) من سورة النور نقطة مهمّة جديرة بالإِنتباه ـ فالآية تقول: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم

ولمّا كان نزول سورة النور قبل نزول سورة المائدة، ونظراً إِلى جملة (رضيت لكم الإِسلام ديناً) الواردة في الآية الأخيرة ـ موضوع البحث ـ والتي نزلت في حق علي بن أبي طالب(عليه السلام)، لذلك كله نستنتج أنّ حكم الإِسلام يتعزز ويترسخ في الأرض إِذا اقترن بالولاية، لأن الإِسلام هو الدين الذي ارتضاه الله ووعد بترسيخ دعائمه وتعزيزه، وبعبارة أوضح أن الإِسلام إِذا أُريد له أن يعم العالم كله يجب عدم فصله عن ولاية أهل البيت(عليهم السلام).

أمّا الأمر الثّاني الذي نستنتجه من ضمن الآية الواردة في سورة النور إِلى الآية التي هي موضوع بحثنا الآن، فهو أن الآية الأُولى قد أعطت للمؤمنين وعودا ثلاثة:

أوّلها: الخلافة على الأرض.

والثّاني: تحقق الأمن والإِستقرار لكي تكون العبادة لله وحده.

والثّالث: استقرار الدين الذي يرضاه الله في الأرض.


ولقد تحققت هذه الوعود الثلاثة في «يوم غدير خم» بنزول آية: (اليوم أكملت لكم دينكم ...) فمثال الإِنسان المؤمن الصالح هو علي(عليه السلام) الذي نصب وصيّاً للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ودلت عبارة (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ...) على أن الأمن قد تحقق بصورة نسبية لدى المؤمنين، كما بيّنت عبارة: (ورضيت لكم الإِسلام ديناً) إِنّ الله قد اختار الدين الذي يرتضيه، وأقرّه بين عباده المسلمين.

وهذا التّفسير لا ينافي الرواية التي تصرح بأنّ آية سورة النور قد نزلت في شأن المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، وذلك لأنّ عبارة (آمنوا منكم) لها معنى واسع تحقق واحد من مصاديقه في «يوم غدير خم» وسيتحقق على مدى أوسع وأعم في زمن ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف (وعلى أساس هذا التّفسير فإِنّ كلمة الأرض في الآية الأخيرة ليست بمعنى كل الكرة الأرضية، بل لها مفهوم واسع يمكن أن يشمل مساحة من الأرض أو الكرة الأرضية بكاملها).

ويدل على هذا الأمر المواضع التي وردت فيها كلمة «الأرض» في القرآن الكريم، حيث وردت أحياناً لتعني جزءاً من الأرض، وأُخرى لتعني الأرض كلها، (فامعنوا النظر ودققوا في هذا الأمر).

آية: سأل سائـل بعذاب واقـع
سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَاب وَاقِع(1) لِّلْكَفِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)مِّنَ اللّهِ ذِى الْمَعَارِجِ(3) سورة المعارج

سبب النّزول


نقل الكثير من المفسّرين وأصحاب الحديث أحاديث عن سبب نزول هذه الآية وحاصلها: أنّه عندما نصّب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً(عليه السلام) في يوم (غدير خم) قال في حقّه: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» ولم ينقضِ مدّة حتى انتشر ذلك في البلاد والمدن، فقدم النعمان بن حارث الفهري على النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّك رسول اللّه، وأمرتنا بالجهاد والحج والصّوم والصّلاة والزكاة فقبلناها، ثمّ لم ترض حتى نصّبت هذا الغلام فقلت من كنت مولاه فعليٌ مولاه، فهذا شيء منك أو أمر من عند اللّه.

فقال: «واللّه، والذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا من اللّه» فولى النعمان بن حارث وهو يقول: اللّهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فرماه اللّه بحجر على رأسه فقتله وأنزل اللّه تعالى (سأل سائل بعذاب واقع)وما ذكرناه هو مضمون ما روي عن أبي القاسم الحسكاني في مجمع البيان بإسناده إلى أبي عبد اللّه الصّادق(عليه السلام)
1 ـ مجمع البيان، ج10، ص352.

هذا المعني مروي عن كثير من المفسّرين من العامّة، فقد نقل رواة الحديث هذا المعنى بشيء من الإختلاف البسيط.

وينقل «العلاّمة الأميني» ذلك في كتابه (الغدير) عن ثلاثين عالماً مشهوراً من أهل السنّة (مع ذكر السند والنّص) ومن ذلك:

تفسير غريب القرآن (للحافظ أبي عبيد الهروي).

كتاب فرائد السمطين (للحمويني).

كتاب درر السمطين (للشّيخ محمّد الزرندي).


وفي كثير من هذه الكتب علم ورد أنّ هذه الآيات قد نزلت بهذا الشأن، وبالطبع هناك اختلاف بشأن الحارث بن النعمان أو جابر بن نذر أو النعمان بن حارث الفهري، ومن الواضح أنّ هذا الأمر لا يؤثر في أصل المطلب.

بالطبع أنّ بعض المفسّرين أو المحدّثين بفضائل الإمام علي(عليه السلام) من أهل السنّة يتقبلون ذلك، ولكن على مضض وعدم ارتياح، وتمسكوا بإشكالات

التّفسير


العذاب العاجل:

من هنا تبدأ سورة المعارج حيث تقول: (سأل سائل بعذاب واقع)، هذا السائل كما قلنا في سبب النزول هو النعمان بن الحارث أو النضر بن الحارث وكان هذا بمجرّد تعيين الإمام علي(عليه السلام) خليفة ووليّاً في (غدير خم) وانتشار هذا الخبر في البلاد، حيث رجع مغتاظاً إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: هل هذا منك أم من عند اللّه؟ فأجابه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مصرّحاً: «من عند اللّه»، فإزداد غيظة وقال: اللّهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فرماه اللّه بحجارة من السماء فقتله.

هناك تفسير آخر أعم من هذا التّفسير وأعم منه، وهو أنّ سائل سأله لمن هذا العذاب الذي تتحدث عنه؟ فيأتي الجواب في الآية الاُخرى: (للكافرين ليس له دافع).

وحسب تفسير ثالث يكون هذا السائل هو النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والذي دعا على الكافرين بالعذاب فنزل.

ولكن مع أنّ التّفسير الأوّل أكثر ملاءمة للآية فإنّه منطبق تماماً على روايات سبب النزول.

ثمّ يضيف بأنّ هذا العذاب خاص بالكفار ولا يستطيع أحد دفعه عنهم

سننتظر من باقي الأخوة والأخوات التفصيل في الأيات

__________________
لكل أجتماع من خليلين فرقة
وكل الذي دون الممات قليل

وان افتقاد فاطم بعد أحمد
دليل على أن لا يدوم خليل

التعديل الأخير تم بواسطة فدك الزهراء ; 06-02-04 الساعة 09:34 AM.

فدك الزهراء غير متصل