عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-04, 01:32 AM   #19

منهاج علي
عضو فعال

 
الصورة الرمزية منهاج علي  







مشوشة

يتبــــــع


[ALIGN=CENTER]كلمة أخرى للرازي [/ALIGN]

وللرازي كلمة أخرى صعد فيها وصوب فحسب في كتابه " نهاية العقول " إن أحدا من أئمة النحو واللغة لم يذكر مجيئ " مفعل " الموضوع للحدثان أو الزمان أو المكان بمعنى " أفعل " الموضوع لإفادة التفضيل .

وأنت إذا عرفت ما تلوناه لك من النصوص على مجيئ مولى بمعنى الأولى بالشئ علمت الوهن في إطلاق ما يقوله هو و من تبعه كالقاضي عضد الأيجي في المواقف، وشاه صاحب الهندي في التحفة الاثنى عشرية والكابلي في الصواقع، وعبد الحق الدهلوي في لمعاته، والقاضي سناء الله الپاني پتي في سيفه المسلول، وفيهم من بالغ في النكير حتى أسند ذلك إلى إنكار أهل العربية، وأنت تعلم أن أساس الشبهة من الرازي ولم يسندها إلى غيره، وقلده أولئك عمى مهما وجدوا طعنا في دلالة الحديث على ما ترتأيه الإمامية .

أنا لا ألوم القوم على عدم وقوفهم على كلمات أهل اللغة واستعمالات العرب لألفاظها فإنهم بعداء عن الفن، بعداء عن العربية، فمن رازي إلى أيجي .

ومن هندي إلى كابلي .

ومن دهلوي إلى پاني پتي .

وأين هؤلاء من العرب الأقحاح ؟ وأين هم من العربية ؟ نعم - حن قدح ليس منها - وإذا اختلط الحابل بالنابل طفق يحكم في لغة العرب من ليس منها في حل ولا مرتحل .

[ALIGN=CENTER]إذا ما فصلت عليا قريش * فلا في العير أنت ولا النفير[/ALIGN]

أو ما كان الذين نصوا بأن لفظ المولى قد يأتي بمعنى الأولى بالشئ أعرف بمواقع اللغة من هذا الذي يخبط فيها خبط عشواء ؟ كيف لا ؟ وفيهم من هو من مصادر اللغة، وأئمة الأدب، وحذاق العربية، وهم مراجع التفسير، أو ليس في مصارحتهم هذه حجة قاطعة على أن مفعلا يأتي بمعنى أفعل في الجملة ؟ إذن فما المبرر لذلك الانكار المطلق ؟ نعم، لأمر ما جدع قصير أنفه .

وحسب الرازي مبتدع هذا السفسطة قول أبي الوليد ابن الشحنة الحنفي الحلبي في " روض المناظر " في حوادث سنة ست وستمائة من أن الرازي كانت له اليد الطولى في العلوم خلا العربية .

وقال أبو حيان في تفسيره 4 ص 149 بعد نقل كلام الرازي: إن تفسيره خارج عن مناحي كلام العرب ومقاصدها، وهو في أكثره شبيه بكلام الذين يسمون أنسهم حكماء .
وقال الشوكاني في تفسيره 4 ص 163 في قوله تعالى: لا تخف نجوت من القوم الظالمين (القصص): وللرازي في هذا الموضع إشكالات باردة جدا لا تستحق أن تذكر في تفسير كلام الله عز وجل والجواب عليها يظهر للقصر فضلا عن الكامل ] .

ثم إن الدلالة على الزمان والمكان في " مفعل " كالدلالة على التفضيل في " أفعل " .

وكخاصة كل من المشتقات من عوارض الهيئات لا من جوهريات المواد، وذلك أمر غالبي يسار معه على القياس ما لم يرد خلافه عن العرب، وأما عند ذلك فإنهم المحكمون في معاني ألفاظهم، ولو صفي للرازي إختصاص المولى بالحدثان أو الواقع منه في الزمان أو المكان لوجب عليه أن ينكر مجيئه بمعنى الفاعل والمفعول وفعيل وها هو يصرح بإتيانه بمعنى الناصر .

والمعتق بالكسر . والمعتق بالفتح . والحليف . وقد صافقه على ذلك جميع أهل العربية وهتف الكل مجيئ المولى بمعنى الولي، وذكر غير واحد من معانيه الشريك . والقريب . والمحب والعتيق . والعقيد . المالك . والمليك .

على إن من يذكر الأولى في معاني المولى وهم الجماهير ممن يحتج بأقوالهم لا يعنون أنه صفة له حتى يناقش بأن معنى التفضيل خارج عن مفاد المولى مزيد عليه فلا يتفقان .

وإنما يريدون أنه اسم لذلك المعنى، إذن فلا شيء يفت في عضدهم .

وهب أن الرازي ومن لف لفه لم يقفوا على نظير هذا الاستعمال في غير المولى فإن ذلك لا يوجب إنكاره فيه بعد ما عرفته من النصوص، فكم في لغة العرب من استعمال مخصوص بمادة واحدة فمنها: كلمة عجاف جمع أعجف .

فلم يجمع أفعل على فعال إلا في هذه المادة كما نص به الجوهري في الصحاح، والرازي نفسه في التفسير، والسيوطي في المزهر ج 2 ص 63 وقد جاء بالقرآن الكريم: وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف (سورة يوسف) ومنه شعر العرب في مدح سيد مضر هاشم ابن عبد مناف .
[ALIGN=CENTER]عمر والعلا هشم لثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجـــــاف [/ALIGN]

ومنها: إن ما كان على فعلت (مفتوح العين) من ذوات التضعيف متعديا مثل رددت وعددت يكون المضارع منه مضموم العين إلا ثلاثة أحرف تأتي مضمومة ومكسورة وهي: شد . ونم . وعل .
ومنها أن ضمير المثنى والمجموع لا يظهر في شيء من أسماء الأفعال كصه و مه إلا: ها [ بمعنى خذ ] فيقال: هاؤما، وهاؤم، وهاؤن، وفي الذكر الحكيم قوله سبحانه: هاؤم اقرؤا كتابيه .

راجع التذكرة لابن هشام، والأشباه والنظائر للسيوطي .

ومنها: أن القياس المطرد في مصدر تفاعل هو التفاعل بضم العين إلا في مادة (التفاوت) فذكر الجوهري فيها ضم الواو أولا ثم نقل عن ابن السكيت عن الكلابيين فتحه، وعن الغنبري كسره، وحكي عن أبي زيد الفتح والكسر كما في " أدب الكاتب " ص 59، ونقل السيوطي في المزهر 2 ص 39: الحركات الثلاث .
ومنها: أن المطرد في مضارع " فعل " بفتح العين الذي مضارعه " يفعل " بكسره أنه لا يستعمل مضموم العين إلا في " وجد " فإن العامريين ضموا عينه كما في الصحاح وقال شاعرهم لبيد:
[ALIGN=CENTER]لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة * فدع الصوادي لا يجدن غليله [/ALIGN]
وصرح به ابن قتيبة في أدب الكاتب ص 361، والفيروز آبادي في القاموس 1 ص 343، وفي المزهر 2 ص 49 عن ابن خالويه في شرح الدريدية إنه قال: ليس في كلام العرب فعل يفعل مما فاؤه واو إلا حرف واحد: وجد يجد .

ومنها: إن اسم الفاعل من " أفعل " لم يأت على " فاعل " إلا أبقل . وأورس . وأيفع فيقال: أبقل الموضع فهو بأقل .

وأورس الشجرة فهو وارس . وأيفع الغلام فهو يافع: كذا في المزهر 2 ص 40، وفي الصحاح: بلد عاشب ولا يقال في ماضية إلا أعشبت الأرض . ومنها: إن اسم المفعول من أفعل لم يأت على فاعل إلا في حرف واحد وهو قول العرب: أسأمت الماشية في المرعى فهي سائمة . ولم يقولوا: مسأمة . قال تعالى: فيه تسيمون . من أسام يسيم . ذكره السيوطي في المزهر 2 ص 47 . وتجد كثيرا من أمثال هذه من النوادر في المخصص لابن سيدة، ولسان العرب، وذكر السيوطي في المزهر ج 2 منها أربعين صحيفة .

[ALIGN=CENTER][ALIGN=CENTER]
جواب الرازي عما أثبتناه [/ALIGN]
[/ALIGN]

هناك للرازي جواب عن هذه كلها يكشف عن سوئة نفسه قال في " نهاية العقول ": وأما الذي نقلوا عن أئمة اللغة من: أن المولى بمعنى الأولى فلا حجة لهم، إذ أمثال هذا النقل لا يصلح أن يحتج به في إثبات اللغة فنقول: إن أبا عبيدة وإن قال في قوله تعالى: مأويكم النار هي مولاكم: معناه هي أولى بكم .

وذكر هذا أيضا الأخفش، و الزجاج، وعلي بن عيسى، واستشهدوا ببيت لبيد ولكن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق، لأن الأكابر من النقلة مثل الخليل وأضرابه لم يذكروه إلا في تفسير هذه الآية أو آية أخرى مرسلا غير مسند، ولم يذكروه في الكتب الأصلية من اللغة .
ليت شعري من ذا الذي أخبر الرازي: إن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق ؟ وهل يطرد عنده قوله في كل ما نقل عنهم من المعاني اللغوية ؟ أو إن له مع لفظ المولى حسابا آخر ؟ وهل على اللغوي إذا أثبت معنى إلا الاستشهاد ببيت للعرب ؟ أو آية من القرآن الكريم ؟ وقد فعلوه .

وكيف تخذ عدم ذكر الخليل وأضرابه حجة على التسامح ؟ بعد بيان نقله عن أئمة اللغة .

وليس من شرط اللغة أن يكون المعنى مذكورا في جميع الكتب، وهل الرازي يقتصر فيها على كتاب العين وأضرابه ؟ ومن ذا الذي شرط في نقل اللغة عنعنة الاسناد ؟ وهل هو إلا ركون إلى بيت شعر ؟ أو آية كريمة ؟ أو سنة ثابتة ؟ أو استعمال مسموع ؟ وهل يجد الرازي خيرا من هؤلاء لتلقي هاتيك كلها ؟ وما باله لا يقول مثل قوله هنا إذا جاءه أحد من القوم بمعنى من المعاني العربية ؟ أقول: لأن له في المقام مرمى لا يعدوه .

وهل يشترط الرجل في ثبوت المعنى اللغوي وجوده في المعاجم اللغوية فحسب ؟ بحيث لا يقيم له وزنا إذا ذكر في تفسير آية، أو معنى حديث، أو حل بيت من الشعر، ونحن نرى العلماء يعتمدون في اللغة على قول أي ضليع في العربية حتى الجارية الأعرابية (1) ولا يشترط عند الأكثر بشئ من الإيمان والعدالة والبلوغ، فهذا القسطلاني يقول في شرح البخاري 7 ص 75: قول الشافعي نفسه حجة في اللغة .

وقال السيوطي في المزهر 1 ص 77: حكم نقل واحد من أهل اللغة القبول .

وحكى في ص 83 عن الأنباري قبول نقل العدل الواحد ولا يشترط أن يوافقه غيره في النقل .

وفي ص 87 بقول شيخ أو عربي يثبت اللغة .

وحكى في ص 27 عن الخصايص لابن جني قوله: من قال: إن اللغة لا تعرف إلا نقلا فقد أخطأ فإنها قد تعلم بالقرائن أيضا، فإن الرجل إذا سمع قول الشاعر :
[ALIGN=CENTER]قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم * طاروا إليه زرافات ووحــــدانا[/ALIGN]
يعلم أن الزرافات بمعنى الجماعات . وذكر أيضا ثبوت اللغة بالقرينة وبقول شاعر عربي . فهذه المصادر كلها موجودة في لفظ المولى غير أن الرازي لا يعلم أن اللغة بماذا تثبت، ولذلك تراه يتلجلج ويرعد ويبرق من غير جدوى أو عائدة، ولا أحسبه يحير جوابا عن واحد من الأسئلة التي وجهناها إليه .

وكأنه في احتجاجه بخلو كتاب " العين " عن ذلك نسي أو تناسى ما لهج به في " المحصول " من إطباق الجمهور من أهل اللغة على القدح في كتاب " العين " كما نقله عنه السيوطي في المزهر 2 ص 47 و 48 .

وأنا لا أدري ما المراد من الكتب الأصلية من اللغة ؟ ومن الذي خص هذا الاسم بالمعاجم التي يقصد فيها سرد الألفاظ وتطبيقها على معانيها في مقام الحجية، وأخرج عنها ما ألف في غريب القرآن أو الحديث أو الأدب العربي ؟ وهل نية أرباب المعاجم دخيلة في صحة الاحتجاج بها ؟ أو أن ثقة أرباب الكتب وتضلعهم في الفن وتحريهم موارد استعمال العرب هي التي تكسبها الحجية ؟ وهذه كلها موجودة في كتب الأئمة والأعلام الذين نقل عنهم مجيئ المولى بمعنى الأولى .

الحمد لله على كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب وولاية أمير المؤمنين علي عليه أفضل الصلاة والسلام ختام

__________________
قريباًللقضاء الحوائج
"ختمة زيارة عاشوراء"

منهاج علي غير متصل