عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-07, 08:05 PM   #206

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: موسوعة أسرتى وطفلى.كيف تربين وتتعاملن مع طفلك متجدد


تدني الوعي بقيمة التعليم يوسّع انتشار عمالة الأطفال





* أمينة خيري
وقفت ميادة تغسل جبلاً من الصحون والاواني المكدسة امامها، وعلى رغم سنوات عمرها التي لم تتعد 12 عاماً، تحمل سيرتها الذاتية اربع سنوات من الخبرة والاعمال الشاقة في المنازل التي يرسلها اليها "المخدماتي" لتسهم في ميزانية الاسرة المكونة من ثمانية اطفال - غيرها - والام. وكلهم يعيشون في غرفة واحدة في احدى قرى محافظة المنوفية، أما الاب فقد سافر للعمل في "الخليج" وعاد قبل ثلاثة اعوام جثة هامدة بعد وفاته في حادث سير.
وإضافة الى خبرتها في المسح والكنس والطهي، تحمل ميادة خبرة عام واحد في التعليم الإلزامي. وتحدث بفخر شديد عن العام الدراسي الذي امضته في الصف الاول الابتدائي في قريتها.
تقول: "في الحقيقة لم اكن افهم شيئاً مما تتحدث عنه "الأبْلة" (المعلمة) في الفصل، إذ كانت دائمة الصياح فيّ وزملائي البالغ عددهم نحو 50 طفلاً، لكي اكتب اسمي، وكنت إلى وقت قريب أتمكن من تسميع الألف باء، لكنني نسيت ترتيب الحروف، فعقلي ليس دفتراً، ويكفيني شغل البيت".
وتعد ميادة محظوظة جداً مقارنة بـ"ريم" البالغة من العمر 13 عاماً، فريم هي الاخرى تعمل مذ كانت في السابعة من عمرها، لكنها تعمل في فرن لسباكة المعادن في منطقة "شبرا الخيمة" العامرة بالورش الصناعية، وتلك الورش معروف عنها تشغيل اعداد كبيرة من الاطفال، على رغم ان القانون يحرم ذلك.
ومع أن ريم لا تشارك مباشرة في عملية الحصول على الحديد المصهور واعادة تشكيله والتي تصل حرارة الافران فيها الى سبعة آلاف درجة مئوية، فهي تظل دائماً عرضة للخطر. وتقول: لا يوجد شخص هنا بعيد من الخطر. وحينما يفتح الفرن، تتسرب غازات واتربة وسخونة وروائح خانقة".
على مدى السنوات العشر الماضية تصدرت قضية عمل الاطفال قائمة اهتمامات المجتمع المصري، الا ان نسبة المتسربين من التعليم في زيادة مستمرة وحدتها ما زالت تعرقل اي نجاح. امين عام المجلس القومي للطفولة والامومة السفيرة مشيرة خطاب نفت في حديثها لـ"الحياة" ان يكون العامل الاقتصادي وحده المحرك الذي يدفع الاطفال الى التسرب من التعليم للحاق بسوق العمل. وتشرح: "المشكلة الحقيقية تكمن في تدني الوعي بقيمة التعليم بين محدودي الدخل الذين يربطون بين قيمة التعليم والعائد المادي منه".
ويترجم "عم احمد" - حارس عمارة سكنية - هذه النظرية الى ارض الواقع، فهو يحتفظ بأربعة من ابنائه الستة في منظومة التعليم الحكومي. يقول عم احمد بعقلية تنافس خبراء صندوق النقد الدولي: "العيّل (الطفل) الواحد يكلفني نحو جنيهين يومياً ليتوجه الى المدرسة، بين مصروف يده وكلفة استهلاك الحذاء وملابس المدرسة، في حين يدر عائداً يومياً لا يقل عن خمسة جنيهات لو ظل في البيت، فهو يغسل سيارات السكان، ويشتري لهم الطلبات وهم بالتالي يعطونه الكثير".
وتقول خطاب ان تلك المعادلة تدفع بكثيرين الى التوقف عن ارسال الابناء الى المدرسة، مع العمل على زيادة عدد الابناء كمصدر اضافي للرزق. من جهته يحاول المجلس القومي للطفولة والامومة توعية الوالدين عن قيمة التعليم ليس كقيمة مادية، بل لأنه يوسع الخيارات المتاحة امام الطفل في المستقبل، مع تمتعه بحقوقه كطفل اليوم وكشاب غداً.
وهنا تشير استاذة علم النفس الدكتورة ناهد رمزي الى الصلة المباشرة بين عدم التحاق الفتيات بالتعليم او تسربهن منه، ودفعهن الى حقل العمل في مرحلة عمرية مبكرة يجرمها القانون. وهو ما يؤدي الى انخراطهن في العمل في الخفاء.
وتخلص ناهد رمزي في دراستها "حماية صغار الفتيات في سوق العمل" في البلدان العربية الى ان "الأسر ذات المستوى الاقتصادي المتواضع الذي لا يؤهلها تعليم بناتها على استعداد للتضحية بتعليمهن، تتحول الفتيات فيها احياناً الى مشاركات في الإعالة الاقتصادية من أجل تعليم الأخوة الذكور، ما يعني أن الفتاة تظل ضحية مجتمع يؤكد التفاوت بين الجنسين، ويعطي الأولوية للذكور، ليس فقط في إتاحة فرص أفضل في التعليم، بل ايضاً في من يتحمل العبء الاقتصادي اذا دعت الحاجة الى ذلك.
وتقترح منظمة "يونيسف" استناداً الى دراسة اجرتها، إشراك المتسربين من المدارس في تحديد المجالات التي يجب تغطيتها، بدلاً من أن يحددها الكبار وحدهم، مثل محو الأمية والتدريب المهني، والمهارات الحياتية، والترفيه، والموسيقى، والتدريب على الكومبيوتر والقروض للمشاريع الصغيرة.

شموع الامل غير متصل