عرض مشاركة واحدة
قديم 21-12-07, 08:37 PM   #172

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: موسوعة أسرتى وطفلى.كيف تربين وتتعاملن مع طفلك متجدد


كتاب الطفل وأدب البوليسيات والثقافات الغازية
* د. عبدالرؤوف أبوالسعد
مهما كان التطور في كتاب الطفل، ومضمونه الأدبي والمعرفي، فإنه في خدمة الثقافة الوطنية والقومية ويتوجه بهذا كله لتكوين الشخصية العربية والمصرية .. وأمام هذه الحقيقة تتحول الثقافات الوافدة إلى مجموعة من الأفكار والتقاليد والسلوكيات التي ينبغي أن تصفى وتعرض على كنترول الرقابة لنأخذ منها ما يدعم ثقافتنا وشخصيتنا، وهذا خيار تفرضه الحضارة والثقافة والشخصية، وهو خيار مرتبط بالدين وبموروث أمتنا العربية .. وهذا يجعلنا أمام المطروح من أدب الجريمة والأدب البوليسي والمسلسلات والثقافات الزاحفة دون رقابة أو موقف يختار أفضلها، وهذا ما تشهده سنوات الانفتاح على الغرب في السبعينيات والثمانينات، ويستهدف شرخ الشخصية المصرية والقومية عن طريق تقديم مادة ثقافية تؤثر بالسلب على أطفالنا، والمتعاملين معها من شبابنا. وهذا ما يؤكده المطروح على أرفف المكتبات وخلال المجلات، وما يقدم لأطفالنا وشبابنا من قبل المؤسسات التجارية من اللوحات المصورة، والبرامج التلفزيونية وما يدرس بمدارس اللغات من روايات وقصصو ما يغمر الأسواق من بوليسيات وأدب الجريمة .. كل هذا يشكل جريمة ضد مجتمعنا والجسم الاجتماعي لأمتنا، لأنه يتسلل إلى أطفالنا عن طريق الكتاب الذي ينتشر في طبعات رخيصة ويحمل مضموناً رخيصاً، ويغذي في أطفالنا وشبابنا الميل إلى العنف والعدوانية والتحلل ويرضى غرائز الأطفال ورغباتهم المطلقة .. وإن المتتبع المنصف لحياتنا الثقافية والفنية لا يستطيع إلاّ أن يشهد بأن كتباً جميلة الشكل ورخيصة المحتوى، تتسلل لصالح ثقافات وافدة، تؤدي أحياناً دور الغزوة المدمرة، أو الهجمة الشرسة، لأنها تستهدف خيرة أطفالنا الذين هم في الحقيقة صلب مستقبلنا .. غير أن الأمر لا يخلو من غفلة تنتابنا ـ أحياناً ـ ولن تخلو من مزالق وحساسيات، إن بعض الناشرين أو المبدعين، أو القائمين على أمر أدب الطفل، لهم صلات بشكل أو بآخر بجهات تخطط ضد تقدمنا، وتقوم المصالح المشتركة بين هؤلاء وهؤلاء بممارسة الضغط هنا أو هناك دون الدفاع عن ثقافتنا الوطنية والقومية التي ينبغي أن يتضمنها كتاب يكون بانتمائه القومي والوطني والديني رادعاً لتلك الثقافات.
وحسن عرض الأفكار يتطلب كل الجهود المخلصة وتساند مشاعر وعواطف صادفة تفرزها الشخصية القومية والوطنية والدينية القابعة في أعماق كل الأجهزة المسئولة بعامة والناشرين والممولين بخاصة.
وإزاء هذا فنحن أمام كتابين: كتاب ينشر أدب الطفل، وهو ما اتفقت عليه الأسس النفسية والاجتماعية، ومراحل النمو لدى الباحثين النفسيين، وتتفق عليه المؤسسات العالمية، ودور النشر في العالم كله، والتي تتخصص في نشر أدب الأطفال، وكتاب ينشر البوليسيات، وسلاسل «الشياطين»، و «سوبرمان»، و «الوطواط»، وهذه ليست من أدب الأطفال. والعالم كله يخرج الروايات البوليسية من دائرة الأدب، لأنها ترضى الغرائز ولا تستهدف الاحتياجات الضرورية للأطفال .. كما أن هذه الكتب ـ وهي ليست من أدب الطفل في شيء ـ لا تهتم بالفن والأسلوب والموضوع، وإنما تستهدف الإثارة، وتعويد الأطفال عادات بوليسية خلال احتكاكهم الاجتماعي، وتمنعهم من التفكير العقلاني الإيجابي المقدور .. كما أن الطفل لا يحقق من قراءتها إضافة لمعارفه .. بل يظل مشغولاً بتتبع الحوادث وملاحقتها دون اهتمام بما ينبث خلالها من معلومات. والضمير العالمي يقف ضد هذه الألوان من كتب أدب الطفل والبوليس وأدب الجريمة موقفاً متشدداً، تظهره تقارير الأمم المتحدة، التي ترى أنها تسبب للأطفال قلقاً واضطراباً وتوتراً نفسياً واجتماعياً، فالأمم المتحدة، وتقرير «فيليب بوشار»، وكل دساتير العالم في الكتابة للأطفال تحرم هذه الكتابات، وحوادث الاختطاف بخاصة، مثل سلسلة الألغاز: «الطفل المخطوف»، و «الأمير المخطوف»، كما تحرم سلسلة التهديد الذي يخل بأمن الطفل وطمأنينته، مثل ما ينشر في «الرسائل الغامضة»، والتي قلدها أحد الأطفال بمحافظات الوجه البحري، وقد اعترف بأنه تعلمها من سلسلة: «الرسائل الغامضة». إذن نحن ومعنا العالم كله يفرق بين نوعين من الأدب: أدب يقدم للأطفال، وقوامه احتياجات الطفل، كما توضحها دراسات الطفولة، وعلم نفس النمو، وأدب الجريمة، والأدب البوليسي وكتب المسلسلات مثل: «سلسلة المفاجآت» و «سلسلة الوطواط» .. إلخ والألغاز المخربة لضميره وسلوكه، والتي لا تستهدف غير الربح على حساب الثقافة والشخصية الوطنيتين، وتقضي على ثقافة المجتمع المنبعثة من ضميره القومي والديني، لهذا كله فإن مراكز ثقافة الطفل وأدبه في العلم تفرق بين النوعين تحقيقاً للتأكيد على أدب الطفل ونفياً لأدب الجريمة والألغاز والبوليسيات.

شموع الامل غير متصل