المضاعفات :
لو تركنا حالات البوال بدون علاج حتى تصل إلى الشفاء الذاتى مع تقدم العمر فإننا نعرض الطفل المصاب لمضاعفات نفسية خطيرة نذكر منها :-
1) ضعف صورة الذات ونقص احترامها وضعف الثقة بالنفس
2) الخجل والشعور بالدونية .
3) الانطواء وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعى بشكل طبيعى .
4) القلق أو الاكتئاب .
5)الحرمان من الذهاب للرحلات والمعسكرات وزيارة الأقارب خوفاً من حدوث الحالة .
6)الخوف من الزواج خاصة عند الفتيات .
تقييم الحالة :
عند تقييمنا لمثل هذه الحالات علينا أن نراعى عامل السن وشدة الحالة ، ففى الأطفال الأكبر سناً تكون الأعراض مزعجة أكثر وتسبب وصمة للطفل ، وهذا يستدعى تدخلات علاجية أكثر حسماً ، فى حين أن السن الأصغر لا يسبب مثل هذا القلق وبالتالى يسمح بتدخلات علاجية هادئة تأخذ وقتاً أطول . وهذه الاعتبارات نراعيها أيضاً بالتوازى مع شدة الحالة .
ويتلخص تقييم هذه الحالات فى النقاط التالية :-
(1) التاريخ المرضى للحالة :- وهو فى غاية الأهمية للوصول إلى التشخيص الصحيح ولاستبعاد الأسباب العضوية ، ويجب أن يتضمن ذلك التاريخ نمط التبول والتبرز ، والفحصوات المعملية أو الاشعاعية والعلاجات السابقة أن وجدت .
(2) الفحص الطبى والعصبى : وهو شامل للبطن والأعضاء البولية والتناسلية والجهاز العصبى .
(3) الفحصوات المعملية والإشعاعية : تتضمن تحليلاً للبول لاستبعاد أعراض التهاب بالمثانة
أو مرض البول السكرى أو البول المائى ، وهذا بالإضافة إلى أشعة على الفقرات القطنية والعجزية للاطمئنان على حالة المراكز العصبية فى هذه المنطقة خاصة لو وجدنا فى الفحص الطبى أو العصبى ما يدعو لذلك خاصة ما يسمى بحالة الصلب المفلوج Spina Bifida ،
فكثيراً ما يتهم الصلب المفلوج على أنه السبب فى البوال ، ولتوضيح حقيقة الأمر نذكر ما يلى
يعرف الصلب المفلوج بأنه فشل التقاء الأقواس الفقارية ، وهو على نوعين :
(كلمة ممنوعةأ) الصلب المفلوج الخفى (Spina Bifida occulta ) :
حيث يصيب المنطقة القطنية والعجزية من العمود الفقرى ، وقد يكون مصحوباً بإصابة الجلد المغطى له دون اصابة الحبل الشوكى أو السحايا ، وقد تكتشف هذه الحالة عن طريق الصدفة عند تصوير الفقرات بالأشعة لأى سبب من الأسباب دون ظهور اية أعراض إكلينيكية لها ، وقد يلفت النظر إلى هذه الحالة إصابة الجلد الذى يكسوها بشامة أو ورم دموى أو خصلة من الشعر ، أو حفره فى العجز أو ورم شحمى فى المنطقة القطنية العجزية من الظهر ، كما أن وجود اضطراب عصبى قد يشير إلى وجود الصلب المفلوج فى بعض الحالات ولهذا الاضطراب العصبى أسباب عدة :
1) تشوه أو نقص الحبل الشوكى .
2) ربط الحبل الشوكى إلى أحد الأنسجة المجاورة الذى قد يؤدى شدة أثناء حركة العمود الفقرى إلى تلف بالحبل الشوكى .
3) الضغط المباشر على الحبل الشوكى أو ذيل الفرس بواسطة مثير عظمى أو امتداد ورم شحمى داخل النخاع .
هذه الأسباب المؤثرة على الحبل الشوكى تؤثر على المسارات العصبية فيه فينتج شلل تقلصى سفلى ، واضطراب اخراج البول الذى يحدث فى هذه الحالة هو سلس البول (Incontinence ) وليس البوال (Enuresis) ، حيث يكون تنقيط البول مستمراً ليلاً ونهاراً بالإضافة إلى ما يصاحبه من
علامات عصبية فى الطرفين السفليين ونقص (أو اختلال) الإحساس فى منطقة السرج
(Saddle shaped area) .
(كلمة ممنوعةب) الصلب المفلوج الكيسى (Spina Bifida Cystica ) :
وفى هذا النوع يكون النقص العظمى متسعاً وتبرز خلاله السحايا والحبل الشوكى أو أحدهما ، وفى حالة الفتق السحائى فإنه يؤدى إلى شلل ارتخائى فى الطرفين وبالتالى سلس البول (حموده 1991):
العلاج :
هناك العديد من الوسائل العلاجية لحالات البوال وهى تتدرج من اتباع بعض التعليمات البسيطة إلى العلاج السلوكى والعلاج النفسى وأخيراً العلاج الدوائى . ويتم اختيار الوسيلة أو الوسائل العلاجية بعد التقييم الكامل للحالة بواسطة الطبيب المتخصص ، ويراعى فى الاختيار سن المريض وشدة الحالة وتعاون الأسرة ، فالاطفال بين الخامسة والسابعة يستحب أن نبدأ معهم بالوسائل البسيطة (غير الدوائية) أما الأطفال الأكبر سناً أو الحالات الشديد فربما نفكر فى أكثر من وسيلة من بينها العلاج الدوائى .
وفلسفة العلاج هنا هو أننا نساعد الطفل على التحكم بوسائل واجراءات خارجية على أمل أن يكتسب القدرة على التحكم فى وقت من الأوقات أو يحدث النضج التلقائى للأجهزة العصبية ، وبالتالى نحمى الطفل من مضاعفات الحالة التى ذكرناها آنفا وبناءاً على ذلك يجب أن نشرح للوالدين وللطفل (إذا أمكن) طبيعة العلاج ودوره ومدته لكى يكونوا متعاونين معنا فى تحقيق أهداف العلاج .
وهناك بعض الحالات ربما لا ترغب فى العلاج طويل المدى ولكنها تحتاج فقط للعلاج فى فترات مؤقتة حين الذهاب فى رحلة أو معسكر أو زيارة لأحد الأقارب لفترات محددة ، والعلاج يكون مفيداً أيضاً فى تحقيق هذه الأهداف .
وفيما يلى بعض هذه الوسائل العلاجية المتاحة :-
1) اتباع بعض القواعد والعادات : مثل الامتناع عن شرب السوائل ليلاً خاصة تلك التى تسبب إدرار البول كالشاى والقهوة والكوكاكولا والعصائر بأنواعها المختلفة ، وإذا شعر الطفل بالعطش فيكتفى بشرب كميات بسيطة من المياه العادية ، ويتعود الطفل أن يفرغ المثانة وذلك بالتبول قبل الذهاب للنوم مباشرة ، وأن يوقظه أحد أفراد الأسرة بعد ثلاث ساعات من بداية نومه للتبول أو يتم ذلك من خلال وضع منبه بجوار الطفل ، وإذا تبول الطفل فى هذا الوقت فإن المثانة تتحمل كمية البول المفرزة بقية الليل لأنه وجد أن معظم البول يتم إدراره فى الثلث الأول من الليل ونتجنب لوم الطفل أو عقابه أو تغييره إذا أصبح وقد بلل فراشه ، ولكن نطلب منه المشاركة فى تنظيف ملابسه ومكان نومه .
ونراعى عدم مشاهدة أو سماع قصص مخيفة أو مثيرة قبل النوم ونتأكد من جود إضاءة كافية فى غرفة نوم الطفل وفى الصالة وفى دورة المياه .
2) تدريب المثانة لزيادة سعتها : حيث يشرب الطفل كميات كبيرة من السوائل أثناء النهار ونطلب منه تأجيل التبول أكبر وقت ممكن حين يشعر بالرغبة فيه ، ويزاد هذا الوقت تدريجياً على مدى عدة أسابيع وبذلك تزيد سعة المثانة وتتعود الاحتفاظ بالبول لفترة أطول .
3) تدريبات الانتباه والاستجابة : وتهدف هذه التدريبات إلى زيادة الشعور بامتلاء المثانة وتعلم الاستجابة الفورية لذلك الشعور ويمكن تحقيق ذلك بأحد الطريقتين التاليتين أو كليهما معاً :-
أكلمة ممنوعة) لعب الدور : نشرح للطفل أننا وهو سنقوم بعمل تمثيلية حيث يمثل أحد الوالدين أولاً ثم الطفل أنه ينام ثم يشعر بامتلاء المثانة والرغبة فى التبول فيقوم ويذهب للحمام (فعلاً) ويفرغ كمية من البول (فعلاً) ، ويكرر لعب هذا الدور ثلاث مرات قبل النوم مع إفراغ جزء من البول فى كل مرة وفى المرة الثالثة يفرغ البول تماماً ثم يذهب لنومه .
بكلمة ممنوعة) لعبة رجل المطافئ : يتمثل الطفل بأنه رجل مطافئ وعندما نوقظه أو يوقظه المنبه أثناء الليل فإن عليه أن يقوم فوراً ليطفئ النار المشتعلة بواسطة البول الذى يفرغه فى الحمام .
4) العلاج الأسرى : وذلك بهدف :
- استعادة جو الطمأنينة والهدوء والحب داخل الأسرة لكى يشعر الطفل بالأمان .
- تجنب الشجار بين الوالدين خاصة أمام الأطفال .
- تجنب القسوة الزائدة والتدليل الزائد .
- مراعاة مشاعر الطفل بعد ميلاد طفل جديد .
- تجنب اللوم والعقاب للطفل على اعتبار أن هذه الحالة تحدث لا إرادياً فى أغلب الأحوال ، وتجنب معايرة الأخوة والأخوات له .
5) العلاج النفسى :
لإزالة الآثار النفسية التى تراكمت عند الطفل أو المراهق نتيجة الحالة ومحاولة استعادة ثقته بنفسه من خلال التأكيد على أنه غير مسئول عن حدوث هذه الحالة ، وأنها قابلة للشفاء ، وليست دليلاً على ضعف شخصية أو نقص فيه ، ويرى بعض المعالجين أن البوال فى بعض الحالات يكون صرخة استغاثة من الطفل ولذلك يجب الاستجابة لها ومساعدته فى مواجهة صعوباته وصراعاته والعلاج النفسى فى الأطفال لا يقوم بالضرورة على الحوار اللفظى ولكن يمكن الاستعانة فيه باللعب والرسم بجوار الحوار البسيط .
6) العلاج السلوكى :-
تشرح الأم أو الأب للطفل أو الطفلة البرنامج بعبارة بسيطة مثل : "إنك الآن كبرت ، وأعتقد أنك تريد أن نساعدك على أن تتوقف عن التبول فى الفراش ، فأنا أعرف أنها تسبب لك الإزعاج بسبب الرائحة والجهد الذى يتطلبه غسل أغطيتك وملاءات سريرك … وسنستخدم لذلك برنامج مكافآت … ولهذا نريدك أن تختار الأشياء التى تعجبك أو تحب أن تكون لديك (ونشترى له مجموعة من الهدايا الصغيرة التى يحبها بالإضافة إلى ملصقات على هيئة نجوم ذهبية) … والآن إذا مرت ليلة دون أن تبلل نفسك فسنضع نجمة ذهبية فى جدول الأيام ونعطيك هدية من الهدايا"
تقدم المكافآت فى اليوم التالى مباشرة إذا نجح الطفل فى الحفاظ على عدم تبوله . والمكافآت تقدم يومياً وفوراً فى الأسبوع الأول ، ثم كل يومين فى الأسبوع الثانى ثم كل أربعة ايام فى الأسبوع الثالث ، إلى أن تتوقف المكافآت المادية ، ولكن نستمر لفترة طويلة فى وضع النجوم الذهبية فى جدول الأيام عن كل ليلة تمر دون بلل .
امتدح سلوك الطفل أمام أفراد الأسرة فى كل مرة ينجح فيها ، ,إذا فشل الطفل فى يوم من الأيام لا تقم بتأنيبه أو نقده بل دعه يضع الملابس والأغطية المبللة فى المكان المعد للغسيل . تذكر أن الطفل سينجح فى بعض الليالى وسيفشل فى البعض الآخر فلا تيأس من المحاولات واستمر فى تطبيق البرنامج حتى ينجح الطفل فى التوقف عن التبول لعدة اسابيع .