عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-07, 12:46 PM   #41

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: موسوعة أسرتى وطفلى.كيف تربين وتتعاملن مع طفلك متجدد


متى يكون طفلك انعزالياً ومتى يكون اجتماعياً
نجد طفلاً في الحضانة وقلما نراه يلعب مع الأطفال الآخرين ، فعندما يلعبون لعبة بناء البيوت الخشبية فانه يمسك الكرة ويلعب بها وحده , وعندما يجتمعون في حلقة ليناقشوا قصة رواها لهم أستاذهم يبدأ هذا الطفل عندئذ بممارسة بناء البيوت الخشبية .
إن هذه التصرفات من قبل هذا الطفل تسبب لوالديه وخاصة أمه الشعور بالقلق ، إذ تخشى أن يكون طفلها انعزالياً .
وعلى الطرف المقابل من هذا الطفل نجد طفلاً أخر يصفه أبوه بأنه لا يستغني عن رفاقه دقيقة واحدة ، ولا يستطيع أن يصنع شيئا دون أن يستشيرهم لمطابقة برنامجه مع برامجهم ، فإذا اقترح عليه أبوه أن يذهب معه إلى مكان ما يوم الجمعة حديقة الحيوان مثلا فانه يرد عليه قائلا : انتظر ريثما أتكلم مع صديقي ، وينزعج والده من هذا التعلق الشديد الذي يبديه ابنه تجاه صديقه ، فهو صديقه المفضل ، ورئيس المجموعة التي ينتمي إليها هذا الطفل .
ويقول والده معلقا على هذا الموضوع : ـ لست على يقين من أن ابني يستطيع أن يفعل شيئا بشكل مستقل عن صديقه ، أخشى أن يكون عاجزاً عن أن يمضي أي وقت لوحده في ممارسة نشاط إنتاجي .
إن هذين الطفلين يمثلان النموذجين المشهورين لشخصية الإنطوائي الاجتماعي ، ومما يدعو إلى الدهشة أحيانا أن نجد هذين النموذجين في أسرة واحدة .
وإحدى الأمهات تحكي معاناتها ومشاكلها تقول :
"إن أبنائي إما أن يكونوا خارج المنزل مع رفاقهم أو أن يمسكوا الهاتف في حديث مطول معهم , حتى إنني اضطررت إلى أن أضع لهم أنظمة حازمة بما يتعلق بأداء واجبا تهم المدرسية قبل أن يخرجوا من المنزل أو قبل أن يستعملوا الهاتف . أما بالنسبة لأحد أبنائي وهو في الرابعة عشر من عمره فإن الأمر مختلف تماماً فهو يمضي معظم الأوقات لوحده حتى إننا نرغب يقيناً أن نراه يوما مع أحد زملائه ، أو أن نسمعه يتكلم بالهاتف مع أحد أصدقائه ".
ومن الطبيعي أن الأبوين يرغبان أن يريا ابنهما قادراً على الاتصال بالآخرين وعلى إنشاء صداقات مفيدة على أسس سليمة ولكن التوقعات الطبيعية للنمو الاجتماعي للطفل تخيب آمال الآباء والأمهات أحيانا ، إلى جانب أن الأبوين يكونان في معظم الأحيان عاجزين عن معرفة الدور الذي يجب أن يتوقف عنده نشاط ابنهما .
النمو الاجتماعي الطبيعي : ـــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
من المفيد أن يعرف الأبوان بعض الحقائق المتعلقة بالنمو الاجتماعي لأطفالهما ، وأن يتذكرا دائماً وجود فروق طبيعية فردية بين الأطفال ، فمن الخطوط العريضة لهذا النمو - وهي تعكس اختلاف الطرق والأساليب الفردية لكل منهم .
فبعض الأطفال اجتماعيون بطبيعة الحال ، وبعضهم الأخر يلتزم جانب الحذر في علاقاته مع الآخرين ، وبينما تجد طفلا ينطلق على سجيته لوحده ويخلو بنفسه لبعض الوقت ولا عجب في ذلك ، فإن الأمر ينطبق على البالغين أيضاً أليس كذلك ؟
نمو الصداقة بين الأطفال : ــ
ـــــــــــــــــــــــــــ
وهو يبدأ في مرحلة مبكرة من العمر ، وباجتماع الطفل مع رفاقه فإنه يتلقى درساً حتميا في الحياة ، ويدرك حقيقة واقعية تنبهه إلى أنه ليس مركز الكون , وتجعله يشعر بأن ثمة أطفالا آخرين يقولون أنا - وشعور الأنا لا يزول في عمر الطفل - وخاصة في هذه المرحلة .

والطفل في السنة الثالثة والرابعة من عمره يبني صداقته مع الآخرين على أساس الفائدة التي يمكن أن يحصل عليها منهم ، وإذا حدث أن أحد أصدقائه لم يلب له حاجته فإنه يستغني عنه فوراً ، ولو أن هذا الاستغناء لا يدوم طويلا إذ يعود إلى مصالحته ويتوقع فوائد أخرى منه فيما بعد ، وليس من النادر في هذه المرحلة أن تجد طفلا يقول لصديقه من الآن فصاعداً لا أنت صديقي ولا أنا صديقك ، ولا أنت تعرفني ولا أنا أعرفك ، ثم تجدهما بعد خمس دقائق يلعبان الكرة معاً .
واعتبارا من سن الخامسة يبداء الطفل في تعلم الكفاءات الاجتماعية التي تهيئه لأداء دوره الإنساني المسؤول في المستقبل ، وتعلمه كيف يتصرف في المواقف المختلفة عندما يكون وحده ، أو عندما يكون مع أسرته أو مع زملائه ، وذلك كله يهيئه للقيام بدوره كعضو نافع للمجتمع عند وصوله للسن التي تؤهله للقيام بذلك .
وفي هذه المرحلة يجب على الوالدين أن يعلما طفلهما الخبرات الأساسية في الحياة ، ومن ذلك ضرورة التأقلم مع الظروف ، كأن يرتدي سترة صوفية إذا كان الطقس باردا ، أو أن يعيد إليه شيء إلى مكانه بعد استعماله بحيث يستطيع الآخرون أن يجدوه عند حاجتهم إليه . وعلى الطفل أيضا أن يتعلم مراعاة شعور الآخرين ورغباتهم ، ويستغرق الأطفال فترة معقولة من الوقت قبل أن يتعلموا التكيف مع رفاقهم ، وليس من النادر أن نجد الطفل يحجم أحيانا عن المشاركة في نشاطات الآخرين ، أو ينفر من الاتصال بهم .
وربما كان من المفيد للأبوين في هذه المرحلة أن ينظرا ويلاحظا تطورات الأمر على المدى الهادئ . ومن الأمور التي يمكن ملاحظتها في هذه المرحلة أن الطفل يغير أصدقاءه المفضلين وخاصة بعد العطلة الصيفية.
والموضوع الذي يشغل بال الكثيرين من الآباء والأمهات يتعلق بالطريقة التي يجب أن يتصرفوا بها إذا استمر الطفل في انعزاله عن الآخرين ويعتمد الأمر في هذه الحالة على نوعية ما يعمله عندما يمتنع عن مشاركة الآخرين في نشاطاتهم ، فإذا كان يعمل بطريقة إبداعية ، فليس في الأمر ما يضيره ، ولا داعي للشعور بالقلق .
الفروق الفردية : ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتظهر الفروق بين الأطفال منذ المرحلة الأولى من عمرهم ، فبينما تجد طفلا سريع التأثر باقتراحات معلمه أو بما يعمله الأطفال الآخرون . تجد طفلاً آخر يتمتع باستقلال ذاتي ويعمل ما يرغب أن يعمله والى جانب ذلك نجد الطفل الذي يعلم ما يريد دون أن يمنعه ذلك من الانفتاح على اقتراحات الآخرين ، وهذا هو الطفل الذي يتصف بالسمة القيادية ، وذلك بعكس الطفل الذي يعجز عن انتقاء أحد البدائل المطروحة أمامه ، والذي يكون عادة تابعاً لغيره .
وفي سن السابعة تقريبا يبدأ الطفل بانتقاء صديقه المفضل بين أفراد مجموعته ، وعادة ما يكون هذا الصديق من الذين يشاركونه اهتماماته وهواياته الخاصة ، ولنستمع معاً إلى أحد الطفلين وهو يقول لوالدته : هل تصدقين يا أمي ؟ أن نصبح أصدقاء أنا وصديقي التلميذ الجديد لأنه يحب صيد الطيور مثلي ..
وفي التاسعة والحادية عشر من عمر الطفل ، فان مجموعة الأصدقاء تكتسب أهمية خاصة وتتميز هذه المرحلة بشعور الطفل باستقلالية مميزة عن أسرته ، وهكذا فإن مجموعة الأصدقاء تكون بديلاً مقترحاً دائماً في هذه المرحلة ، ومع أن والد أحد الطفلين يشعر بالإنزعاج من فرط اعتماد ابنه على مجموعة الأصدقاء ، إلا أن هذه الظاهرة تعتبر معلماً طيباً يدل على أنه يسير في طريق الاستقلالية عن أسرته ، وفي سبيل تحصيل الكفاءة الذاتية في الحياة .
ومن فوائد مجموعة الأصدقاء شعور كل من أعضائها بالانتماء وبالتقييم ولكنها مع ذلك قد تسبب في إحداث التأثير السيئ الذي ينجم عن الصراع بين حب العضو للجماعة من جهة ، والرغبة في الالتزام بالمعايير الخلقية من جهة أخرى .

وهذا ما يجعل الأبوين يشعران بالقلق وهما محقان في ذلك على أن لا يتجاوز هذا القلق حده الطبيعي ، فما لم تكن الجماعة منغمسة في نشاط مخالف للقانون أو الأخلاق فلا مانع من ارتباط الطفل بها دون أن يمنعه ذلك الارتباط من استمرارية نموه الذاتي واستقلاليته عن الآخرين ، ولكن كيف يكون الحال لو أن الطفل منعزل كلياً عن الآخرين ؟ هل هناك مشكلة؟ لا ليس بالضرورة فمن الظواهر الطبيعية المشهورة رغبة الفرد في أن يكون شعبيا ، ومن الطبيعي أن الشعبية تقتضي عددا معقولا من الأصدقاء، ومع ذلك فقد يكون الطفل محاطاً بعدد كبير من الأصدقاء دون أن يكون لديه صديق واحد يستحق الثقة ، بينما نجد طفلاً آخر ذا عدد محدود من الأصدقاء . ومع ذلك لا يشعر بالوحدة أبداًَ .
ومن الأخطاء الشائعة في التربية تلك الفكرة التي يحاول أن يغرسها الأبوان في ذهن طفلهما وهي : أن تصرفاته يجب أن تنال موافقة الآخرين .
وهذا خطأ واضح فإن تصرفات الفرد يجب أن تكون نابعة من ضميره الشخصي ، فبغض النظر عن اعتبارات الآخرين ، سواء وافقوا عليها أم لم يوافقوا . ولا يجوز للأبوين أن ينشأ طفلهما على أطروحات من قبل :
"إن أحسن الناس أحسنت و إن أساء الناس أسأت" بل عليهما أن يغرسا في ذهنه العقيدة الفردية التي تقوم على القيام بالعمل الصالح دون التأثر بآراء الآخرين ..

شموع الامل غير متصل