عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-07, 08:15 PM   #214

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: موسوعة أسرتى وطفلى.كيف تربين وتتعاملن مع طفلك متجدد


بل إننا نستطيع أن نقول عنها أكثر من هذا, فهي كثيراً ما تتعرض أثناء الإعداد والتجهيز, وعند التقديم, إلى التلوث بنوع من البكتيريا خطير, لم يعرف إلا من وقت قريب.
بورجر بميكروب القولون
في كتابه الأشهر (أمة الوجبات السريعة), يقول (إريك شلوسر), في معرض سرده قصة وجبات الماكدونالدز المفزعة: (لقد طوفت على مزارع الأبقار التي تديرها شركات اللحوم العملاقة, وزرت مصانع إعداد وتجهيز الوجبات, واطلعت - عن قرب - على الأوضاع المزرية للعمال الذين يقومون بإعدادها, وخرجت من ذلك كله بنصيحة أقدمها لجموع الآكلين: ألا فلتنسوا - مؤقتاً - قلقكم المشروع إزاء ما تنطوي عليه الوجبات من كوليسترول, إذ إن في لحومها برازا حقيقيا, ثمة بكتيريا قاتلة من نوع إيشيريشيا كولاي, المعروفة ببكتيريا القولون....).
ماذا? لقد اعتدنا تماماً النظر إلى بكتيريا كولاي, بوصفها كائنات أليفة تعيش في قولون الثدييات, وفي الإنسان بطبيعة الحال, دون أن تتسبب في أي منغصات. كما نعرف أنها تظهر في المادة البرازية بمستويات من الملايين في الجرام. ولكن هاهم البكتريولوجيون يكتشفون في البورجر, سلالة جديدة من الكولاي, شرسة وشديدة الإمراض, لأنها تنتج توكسينا قولونيا, يسبب تدفق الدماء إلى القولون. اكتشفت السلالة 157 - إتش7, لأول مرة في الولايات المتحدة, في عام 1982, لدى فحص الأطباء حالات مصابة بنزيف دموي معوي. لم يلبث الباحثون أن عرفوا أن الميكروب تسلل أولاً من براز أبقار مذبوحة في المجازر, فتلوثت الذبائح, وتلوثت أجهزة فرم اللحوم, ومن ثم أصاب الميكروب اللحم المفروم الذي أعد لصناعة أقراص الهامبورجر.
وهكذا, حين يطعم المرء من شطائر الهامبورجر الملوثة, فإنه لا يشعر من فوره بأي أعراض. تتراوح مدة الحضانة, أو المدة التي تمضي بين دخول الميكروب وظهور أعراض المرض, بين ثلاثة وأربعة أيام. يبدأ المرض بآلام تقبض وتقلص في عضلات البطن, وهذه يعقبها خروج براز مائي, ثم براز دموي كثيف. ويكون من المعتاد حدوث قيء, ولكن نادراً ما ترتفع درجة حرارة المصاب. وفي بعض الأحيان, يعقب المرض الإسهالي, أعراض البول الدموي, وهو من أخبث أمراض الجهاز البولي, حيث يتصف بحدوث اختلال وظيفي للكليتين, مع زيادة نسبة البولينا في الدم. حين يعتل طفل بالبول الدموي, يصبح أكثر عرضة لتفاقم الفشل الكلوي, وأكثر قابلية لتفاقم الغيبوبة وتلف الخلايا المخية على نحو يفضي إلى الوفاة. في الولايات المتحدة وحدها, يجري تشخيص ما بين سبعة آلاف, وعشرين ألفاً من الحالات المرضية, التي تنتج عن تلوث غذائي بالميكروب القولوني العصبي, على مدار العام. وتقول مجلة (ناشيونال جيوجرافيك) في عدد قريب, إنه في كل عام, يموت في الولايات المتحدة نحو ستين شخصاً, بسبب الإصابة بالميكروب, معظمهم من الأطفال. وقدروا قيمة الخسارة الاقتصادية, جراء التسمم الغذائي بالميكروب, بأكثر من 600 مليون من الدولارات في العام, وهي تتمثل في تكاليف المعالجة الطبية, وفقد الإنتاجية للعاملين المصابين.
إن بوسعي أن أرى التجهم على وجه القارئ, وأن أسمع من يقول: ولماذا البورجر على وجه التحديد. هو الذي يتهدده خطر التلوث بالميكروب القولوني العنيد, من دون سائر منتجات اللحوم?
عصبة متآخية
لم يكن أحد يعرف ما سر ذلك التلازم العجيب بين التفجيرات الوبائية لأعراض البول الدموي والاستنزاف الدموي لإلتهاب الغشاء المخاطي للقولون, وتناول شطائر البورجر تحديداً, من دون سائر منتجات اللحوم. ولكن حين بحث العلماء الظاهرة بعناية أكبر, وجدوا أن الميكروب لا يمكنه تلويث منتجات اللحوم غير المفرومة, سوى على السطوح. على أن تعريض سطوح المنتجات لحرارة الطهو المباشرة, يكفي تماماً لتطهيرها من الميكروبات الغادرة. فماذا عن البورجر والميكروب?
ينبغي علينا أن نعرف, أن فرم اللحم, وهو أول الخطو في إعداد الوجبة, يجعل الميكروب يتغلغل وينتشر في وبين دقائق اللحم المفروم, على نحو يبقيه في مكمنه محمياً من تأثير حرارة الطهو. ويعرف خبراء صناعة الأغذية, أن اللحم المفروم, ينبغي أن يطهى جيداً على درجة حرارة عالية, تكفي لاختفاء آثار احمرار اللحم بصورة تامة, وتكفي لوصول حرارة اللحم نفسه إلى درجة تفوق 86,1م, توسلا لقتل الميكروب.
في معظم منتجات اللحوم المفرومة يمكن بالفعل الوصول إلى درجة حرارة الأمان, ولكن المشكلة الحقيقية في لحوم البورجر المفرومة, تكمن في أنها لا تكون لذيذة, مستطابة للآكلين, إلا إذا عوملت على درجة حرارة أقل. وإذن, يظل الميكروب داخل شطيرة البورجر, آمناً... ينعم بالحياة.
لقد شهدت وجبة الهامبورجر أصدقاء كثيرين يتوافدون عليها, طوال عشرات السنين. لكن الزمان اختلف, والعديد من مساوئها الغذائية اكتشف: فهي وجبة غير صحية ميكروبياً إلى حد كبير. وهي تفتقر إلى التوازن الغذائي في التركيب. وهي فائقة الدسم على نحو خطير. وهي شحيحة فيما تحويه من ألياف, مما يجعل الجهاز الهضمي كسولاً, مهدداً بمعاناة القولون العصبي والإمساك. وهي فقيرة في المحتوى المعدني, بصورة تحط من كفاءة الجهاز المناعي, وتهدد بفقر الدماء. وهي متدنية في المحتوى الفيتاميني, مما يؤثر في حيوية الأبدان, كما توسم بعلامات النقص المرضية بلا انقطاع. وهي دون رصيد يذكر في مضادات الأكسدة, ذات الأدوار الحيوية المهمة لتمام صحة الإنسان. هذه بعض مساوئ هذا الطعام, أعني هذا (الجنك فود), الذي لا يستحق ترجمة أفضل من (نفايات المجازر) أو (طعام النفايات)?
والآن, أوشك أن أقول, إن إعلان حرب على أباطرة هذه الصناعة الكريهة, ليس مجرد واجب, بل هو فضيلة أيضا. ثمة حرب تدور الآن في ساحات المحاكم الأمريكية, تحت قيادة المحامي الأمريكي المخضرم (جون بنزان), الذي تسلح بكم وافر من أحدث الدراسات العلمية, ومن بحوث العلماء التجريبية, حول مساوئ الوجبات.
تُذكرنا هذه الموقعة, بحرب (بنزان) المنتصرة السابقة, ضد شركات السجائر والدخان, حين تمكن من تغريمها ملايين الدولارات, دُفعت لضحاياها من المرضى المدخنين, كتعويضات.
حين سئل (جون بنزان) عن دواعي حربه الجديدة, أجاب أنه يعتقد أن صناعة وجبات النفايات الجاهزة, تعد أخطر ظاهرة ابتلي بها السذج والمخدوعون من الناس, بعد صناعة السجائر والدخان.
هذه هي الحقيقة التي توجب الافتراق الآن, وإعادة النظر... وإلا حلّ الخطر. حقيقة قاسية على الكثيرين, لكنها - بالتأكيد - لن تكون أقسى من مكابدة المرض!

شموع الامل غير متصل