عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-07, 08:18 PM   #218

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: موسوعة أسرتى وطفلى.كيف تربين وتتعاملن مع طفلك متجدد


الطفل العربي ..ومشكلة ترجمة الكتب...






* ألفت محمد عبد الكريم
يبدو ذلك الطفل الصغير كمؤسسة كبيرة، تحتاج إلى بذل الجهد وحسن الإدارة والاهتمام، وهذا لن يتحقق بدون كتاب مفيد جذاب يُعلّم هذا الصغير ويقدم له نموذجا للسلوكيات والعلوم والفنون التاريخ. والناشر العربي عندما يهتم بإنتاج كتاب أو عمل فني للطفل؛ فهو يخاطب حاجة أساسية عند المربين وأولياء الأمور، ولكن إلى أي مدى كان نجاح إنتاجنا العربي؟ وهل خاطب حاجات الطفل فعلاً؟ لماذا ينتصر المنتج الغربي ويشد الطفل؟ كيف نستطيع النهوض بمنتجنا العربي ليكون على المستوى المطلوب؟ مئات الأسئلة تتوارد على الذهن في هذا الموضوع، ولكن أين الإجابات الصحيحة؟
يقول الأستاذ يعقوب الشاروني، كاتب الأطفال (مصر): كتاب الطفل لا بد أن يتدرج مع قدرة الطفل على الاستيعاب، وأن يراعي المرحلة السنية التي يخاطبها؛ فرسوم الطفل الصغير يُراعى فيها الألوان الأساسية الجذابة (أزرق- أصفر- أحمر)، ويقل فيها عدد الأشخاص، مع إلغاء الخلفيات والاعتماد على ما نسميه الصورة المقربة؛ فالطفل الصغير يرتبك عندما تكثر الخلفيات والشخصيات، كذلك لا بد أن تكون الجمل قصيرة، وعدد المفردات قليلا، مع مراعاة التبسيط في الموضوع، وكلما تقدم العمر قل دور الرسوم وزاد دور النص المكتوب.
ليست الكتابة فقط
هذا التنبه إلى الأعمال كثيرًا ما نفتقده في واقعنا العربي عند التعامل مع كتاب الطفل. ومراعاة هذه الحاجات إذا وجدت -نادرًا- عند الكتاب، فقليلاً ما توجد عند الرسامين، فنجد الكاتب مثلا يكتب الكتاب لعمر ست سنوات، والرسام يرسم به ألوانا داكنة وشخصيات كثيرة ويعدد التفاصيل وغير ذلك من الرسوم التي تناسب 12 سنة على الأقل.
وأحيانا ما تكون الكتابة جيدة والنص جيدا، ولكن الناشر غير المتخصص لا يحرص على الاتساق بين الصورة والنص؛ فمشكلة الناشر غير المتخصص تعوق إنتاج كتاب متميز للطفل؛ لأن كثيرا من الناشرين سلكوا هذا المجال لأنهم وجدوا به تجارة رابحة فقط.
ولو نظرنا في الخارج لعرفنا سر نجاحهم، ويكفي أن كل دار نشر تنشر كتابا للطفل لديها محرر خاص على دراية بأدب الطفل وخصائصه، يقوم بإجراء التعديلات واقتراح ما هو مناسب للطفل؛ لذلك كان لزاما علينا إذا أردنا النهوض بكتاب الطفل:
1- أن يتحقق التوازن بين النص والرسم والإخراج والطباعة.
2- أن ينفق الناشر على كتاب الطفل ولا يبخل عليه؛ فهو يحتاج إلى: فصل ألوان جيد، طباعة جيدة، رسوم جيدة تتطلب التخصص.
3- لا بد أن تشتري المكتبات الكتب الجيدة. ولنا أن نعرف أن 70% من الكتب التي تصل إلى الطفل الأمريكي تكون من خلال المكتبات، و30% فقط عن طريق الأسرة؛ ولذلك فلا بد من أمناء مكتبات متميزين يختارون الكتاب الجيد فقط؛ لأن المكتبة هي الأساس، فالأسرة أقصى ما تشتريه خمسة كتب شهريًا (مثلا) أما المكتبة فتشتري من ألفين إلى عشرة آلاف كتاب.
عن الكتاب الديني
..ولكن لا شك أن كتاب الطفل العربي الآن -والكلام ما زال للأستاذ يعقوب الشاروني- خاصة بعد مشروع القراءة للجميع وبعد وجود شيء من التعاون بين المؤلف والرسام أصبحنا ننتج كتابًا يقترب من مستوى الكتاب الغربي في جودته، وهذا ليس مجرد حماس، ولكنني أذهب كل عام إلى معرض بولوينا بإيطاليا الذي يقام منذ ثلاثين عامًا، ويشارك فيه على الأقل 5000 ناشر من العالم، وأرى فعلا أن مستوانا أصبح على قدر جيد، ولكن ما ألاحظه أن عدد الكتب التي تصدر بالعربية أقل مما يحتاج إليه 300 مليون شخص ينطقون العربية.
وعلى مستوى كتاب الطفل المتوفر؛ فالكتب القصيرة كثيرة، وكذلك الدينية، ولكن للأسف الكثير منها لا يناسب الطفل من حيث ارتفاع مستوى الدقة والأفكار، وأرى أن ما ينقص الطفل حقًا هو كتاب الإبداع (الفن- الشعر- الموسيقى...).
وعن الكتب الدينية أيضًا يعلق "أحمد زرزور" شاعر الأطفال، رئيس تحرير مجلة قطر، الحائز على جائزة الدولة التشجيعية بمصر في أدب الطفل سنة 1991، فيقول: فيما يتعلق بالكتاب الإسلامي للطفل فهو الأكثر معاناة بين سائر الكتب المخصصة للطفل، فبالإضافة إلى تواضع مستوى الحوار وغياب الروح الطفولية عن النص، هناك مشكلة ثالثة تتعلق بمفهوم الأدب الإسلامي للطفل، حيث يغلب على هذا المفهوم حتى الآن طابع المباشرة والإرشادية والتقريرية والمواعظ الجافة، انطلاقا من الاعتقاد بأن الأدب الإسلامي بشكل عام والمخصص للصغار بشكل خاص يجب أن يركز على شرح الشعائر الإسلامية، في حين أن المطلوب ببساطة من كاتب الطفل المسلم استلهام القيم الإسلامية بشكل إبداعي يتغلغل في ثنايا القصة أو القصيدة بعيدًا عن الأسلوب المباشرة.
ونعود للأستاذ يعقوب الشاروني حيث يضيف: عمومًا، إقبال الطفل على الكتاب زاد كثيرًا، وفي تجربتي أن هناك كتبا لم تكن تطبع قبل ذلك بعشر سنوات إلا طبعة واحدة كل 4:3 سنوات، أصبحت الآن تطبع كل عام. ويكفي فروع المكتبات المنتشرة التي وصلت إلى 10,000 فرع تقريبا في مصر، وهذا معناه أن الكتاب يصل فعلا للطفل، وأفضل وسيلة للوصول إليه هي المكتبات.
مشكلة ترجمة كتب الاطفال الى العربية..
يقول الأستاذ يعقوب الشاروني: لا بد أن نراعي شيئا هاما عند ترجمة كتب الأطفال إلى العربية، وهو ألا نبتعد عما يحتاجه أطفالنا؛ فالترجمة مثلا في مجالات العلوم مفيدة؛ لأن العلم ليس له جنس، كذلك عندما نترجم القصص التي بها قيمة إنسانية يتعلمها الطفل، وهو ما نراه في القصص الشعبية مثل: سندريلا، والجميلة النائمة، يقرأها الطفل بمثل التشويق الذي يقرأ به القصص الشرقية العربية مثل: علي بابا، أو علاء الدين.
والأدب الإنساني صالح لكل مكان وزمان، ويكفي دليلا على ذلك أن روايات أستاذنا نجيب محفوظ تُرجمت إلى حوالي 60 لغة، فعلينا إذن عندما نترجم لهم أن نختار ما به قيمة إنسانية. أما عيوب الاغتراب فنجدها في الشخصيات المترجمة، مثل: سوبرمان، وبات مان، الرجل الأخضر، هذه الشخصيات الخيالية لا تخضع لقوة القانون، ونشعر أن القوة التي لديها تحجبها فتعلّم الطفل عدم الاكتراث بالقانون وعدم احترام السلطة، وعلى ذلك فهي تضعف إحساس الطفل بالنظام والقانون.
كذلك تمييز الأبيض على الأحمر في قصص الهنود الحمر، يغرس قيمة خاطئة، ويغلّب الأبيض على الأسود، والحمد لله أن مثل هذه القصص غير شائعة في الكتب وإنما شيوعها في المجلات فقط.. لا بد أن تعي الأسرة وأولياء الأمور خطورة هذه المجلات المترجمة. وهناك بدائل من المجلات العربية، ويكفي أن هناك آلافا على الساحة المصرية (خمس مجلات أسبوعية)، كما أن هناك مجلات عربية تصل الساحة المصرية، وكلها مجلات عظيمة تشتمل على القيم التربوية.
ما نفتقده هو المجلات المخصصة للسن الصغيرة؛ لأن المجلات الموجودة تغطي احتياج العمر من 12:8 سنة. والعمر من 14 سنة فأكبر مظلوم، حيث لا يتحمس الناشرون للكتب الموجّهة لسن أكبر من 14 سنة؛ لأنهم بالتجربة اكتشفوا أن توزيعها قليل؛ لأن القارئ العربي عندما يصل لسن 14 سنة يقفز ليقرأ نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وأنيس منصور.
ومن أسباب المشكلة أيضا أجور المؤلفين: فكم سيعطي الناشر لمؤلف هذه الكتب التي تحتاج إلى عام كامل؟ لذلك فالتجربة تقرر أن توزيع السن الصغيرة أكثر رواجا وربحا، وهذه المشكلة بين المستهلك والناشر والمؤلف لن يحلها على الزمن البعيد سوى مكتبات أطفال كافية.
بحثًا عن مرح الطفولة
هذا بينما يقول الأستاذ أحمد زرزور: تعاني الكتابة الإبداعية للطفل في مصر من غياب روح الطفولة عنها.. الطفولة الحقيقية لا المتخيلة في ذهن الكبار؛ لهذا تأتي هذه الكتابة كتابة تقليدية أبوية مدرسية جافة، يغلب عليها طابع الإرشاد والوعظ والتعليمات والوصايا؛ فهي كتابة من الكبار إلى الصغار، وليست كتابة مستوحاة من عوالم الطفولة بكل براءتها وبساطتها وشغفها ومرحها وهمومها الخاصة.
لذلك، فإن العودة إلى ذكريات الطفولة هي شفرة الإبداع الطفولي، وكذلك الانغماس في الاحتكاك بالأطفال ومنابتهم، والتقاط الإشارات المرسلة من تصرفاتهم بعفوية، وبدون هذا التعامل يفتقد الكاتب الوصلة الصحيحة نحو عوالم الإبداع الطفولي.
أما كتاب الطفل في مصر فهو يعاني من افتقار الجمال في مظهره العام، من حيث تصميم الغلاف والرسوم الداخلية وإخراج الكتاب، وهذا ناتج عن قصور في الإدراك العام لدى المشتغلين في هذا المجال، فهم يغفلون أهمية الجمال، ظانين أن الرسالة هي الأهم، في حين أنه لكي تصل الرسالة جيدًا يجب أن تتوسل بالجمال والإبهار والجاذبية، وبدون غلاف يثير رغبة الطفل في القراءة، وبدون رسوم داخلية جذابة تتضافر مع الكتابة بحيث يشكلان معًا نصا إبداعيا، وبدون لغة حلوة ملونة ومزركشة تتحرك مفرداتها كأنها مخلوقات حية تغني وتصيح وتجري بطريقة طفولية -بدون كل ذلك لن نرقى لمستوى كتاب الغرب.
لهذا أحبوا ديزني
ويقول الأستاذ "عادل البطراوي" رسام الأطفال، المشرف الفني لمجلة القلم السحري التي تصدر عن جمعية الرعاية المتكاملة بمصر: الحقيقة أن الأطفال أحبوا الشخصيات الغربية مثل ديزني وغيرها لعوامل الجذب التي لا تأتي من أن العمل جيد أو قبيح، وإنما من عمل صواب وعمل خطأ.. كيف؟!
أولاً: البساطة: فالشخصيات بسيطة لدرجة السهل الممتنع.
ثانيا: مخاطبة العقل: احترام عقلية الطفل وتحديد المرحلة السنية.
ثالثا: صناعة الفكرة: نجد عندهم براعة في صناعة الأفكار للطفل، فعندما نشاهد مطاردات توم وجيري أو ميكي وبطوط (كيف مثلا تقع من يده المقشة- كيف يدخل الفرن) نجد العديد من الأفكار.
من أهم الأشياء التي جعلتهم ينجحون في العمل للطفل تقديرهم للقائمين على العمل للطفل ماديا ومعنويا، ويكفي أن أذكر موقفا حدث لي حيث كنت أحضر مؤتمرا بالخارج كان يحضره كبار الرجال ذوي المراكز الاجتماعية: سفراء وزارة وغير ذلك.. وعندما كنا نتعارف قدمت كارت التعارف باسمي وعليه أنني رسام للأطفال ففوجئت بأن الحفل انقلب إلى حفل تكريم لي.. الجميع يحيّون.
ويرى الفنان "عطية الزهيري" أن هناك تقنيات حديثة يمكن إدخالها على كتاب الطفل ليرتفع مستواه، منها:
- الأخذ من الأفكار العالمية، وتطويعها لما يناسب الفكر والذوق العربي.
- الاستعانة بتقنيات الكمبيوتر في برامجه المتطورة.
-العمل على أن يستمر المنتَج مع الطفل لأطول فترة ممكنة؛ لأن الكتاب التقليدي يُقرأ ثم يُهمل بعد ذلك.. فإدخال بعض التقنيات الحديثة مثل الأصوات والأشياء الملموسة يجعل الكتاب "لعبة وكتابا معًا"، كما يربط بين الكتاب والطفل.
وعن مشاكل المنتجين يقول "عاطف عبد الرشيد" مدير شركة أطفالنا المتخصصة في إنتاج الكتاب والوسائل للطفل: أهم المعوقات التي تقابلني في تسويق كتاب الطفل أن السوق غير مشجع للثقافة بالدرجة الكافية؛ فالبناء الاجتماعي بالمقارنة للغرب ما زال يفتقد الوعي بأهمية الكتاب وقيمته -وإن كان ذلك بدأ يقل بعد الدعم الإعلامي لهذه المسألة- كذلك من المعوقات معدل الأمية بين الآباء؛ فلا تزال الأمية موجودة بنسبة ليست قليلة، وكل ذلك يضعف من القوة الشرائية.
من المعوقات التي نلقاها أيضا أن هناك بعض دور النشر تحتكر السوق وتحتكر الاهتمام، كذلك فإن الاهتمام الحكومي بكتاب الطفل غير كاف، ويقتصر على الكتب القومية فقط الصادرة عن مكتبة الأسرة أو هيئة الكتاب.
هناك كذلك بعض القيود تقف حائلا دون إتمام عملية التسويق بشكل جيد بين البلدان المختلفة عند إقامة المعارض منها: الجمارك، مصاريف الاشتراكات العالية بالمعارض. وبعض الدول ترفض اشتراك الناشرين الجدد.


شموع الامل غير متصل