عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-11, 08:36 PM   #4

عبير الآل
عضو متميز

 
الصورة الرمزية عبير الآل  







رايق

رد: مناظرة الإمام الرضا عليه السلام مع علماء الأديان والمذاهب بمجلس المأمون




(4) في عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/139 : ( باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع أهل الأديان وأصحاب المقالات في التوحيد عند المأمون : حدثنا أبو محمد جعفر بن على بن أحمد الفقيه القمي ثم الإيلاقي رضي الله عنه قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقه القمي قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاري الكجي قال : حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي ثم الهاشمي يقول : لما قدم علي بن موسى الرضا عليه السلام على المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق ( رئيس الأساقفة ) ورأس الجالوت ( عالم من اليهود ) ورؤساء الصابئين والهربذ الأكبر ( الهرابذة خدم نار المجوس وقيل عظماء الهنود ) وأصحاب زردهشت ( زرادشت ) ونسطاس الرومي ( بالرومية عالم بالطب ) والمتكلمين ( تشمل الفلاسفة وعلماء المذاهب الإسلامية ) ليسمع كلامه وكلامهم، فجمعهم الفضل بن سهل، ثم أعلم المأمون باجتماعهم فقال : أدخلهم عليَّ ففعل ، فرحب بهم المأمون ثم قال لهم : إني إنما جمعتكم لخير وأحببت أن تناظروا ابن عمي هذا المدني القادم عليَّ ، فإذا كان بكرةً فاغدوا ولا يتخلف منكم أحد ، فقالوا : السمع والطاعه يا أمير المؤمنين نحن مبكرون إن شاء الله .

قال الحسن بن محمد النوفلي : فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام إذ دخل علينا ياسر الخادم ( خادم للمأمون برتبة وزير ) وكان يتولى أمر أبي الحسن عليه السلام فقال له : يا سيدي إن أمير المؤمنين يقرؤك السلام ويقول : فداك أخوك إنه جُمع اليَّ أصحاب المقالات وأهل الأديان والمتكلمون من جميع الملل ، فرأيك في البكور إلينا إن أحببت كلامهم ، وإن كرهت ذلك فلا تتجشم ، وإن أحببت أن نصير إليك خف ذلك علينا .



فقال أبو الحسن : أبلغه السلام وقل له : قد علمت ما أردت وأنا سائر إليك بكرةً إن شاء الله .

قال الحسن بن النوفلي : فلما مضى ياسر التفت إلينا ثم قال لي : يا نوفلي أنت عراقي ورقة العراقي غير غليظة ، فما عندك في جمع ابن عمك علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات ؟!

فقلت : جعلت فداك يريد الإمتحان ويحب أن يعرف ما عندك ؟ ولقد بني على أساس غير وثيق البنيان ، وبئس والله ما بنى !

فقال لي :وما بناؤه في هذا الباب ؟

قلت : إن أصحاب الكلام والبدعة خلاف العلماء ، وذلك أن العالم لا ينكر غير المنكر ، وأصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك أصحاب إنكار ومباهتة ، إن احتججت عليهم بأن الله واحد قالوا صحح وحدانيته ! وإن قلت إن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا أثبت رسالته ! ثم يباهتونه وهو يبطل عليهم بحجته ، ويغالطونه حتى يترك قوله ! فاحذرهم جعلت فداك.

قال فتبسم ثم قال لي: يا نوفلي أفتخاف أن يقطعوا عليَّ حجتي ؟!

فقلت : لا والله ما خفت عليك قط ، وإني لأرجو أن يظفرك الله بهم إن شاء الله تعالى .

فقال لي : يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون ؟

قلت : نعم .

قال : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وعلى أهل الزبور بزبورهم ، وعلى الصابئين بعبرانيتهم ، وعلى أهل الهرابذة بفارسيتهم ، وعلى أهل الروم بروميتهم ، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم ! فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته ، وترك مقالته ورجع الى قولي ، علم المأمون الموضع الذي هو سبيله ليس بمستحق له ! فعندها تكون الندامة ، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.



فلما أصبحنا أتانا الفضل بن سهل فقال له : جعلت فداك إن ابن عمك
ينتظرك ، وقد اجتمع القوم فما رأيك في إتيانه ؟

فقال له الرضا عليه السلام : تقدمني فإني صائر إلى ناحيتكم إن شاء الله.

ثم توضأ وضوء للصلاة ، وشرب شربه سويق وسقانا منه ، ثم خرج وخرجنا معه حتى دخلنا على المأمون ، وإذا المجلس غاص بأهله : محمد بن جعفر وجماعة من الطالبيين والهاشميين ، والقواد حضور ، فلما دخل الرضا عليه السلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وجميع بني هاشم ، فما زالوا وقوفاً والرضا جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس فجلسوا، فلم يزل المأمون مقبلاً عليه يحدثه ساعة، ثم التفت الى الجاثليق فقال يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى بن جعفر ، وهو من ولد فاطمة بنت نبينا ، وابن علي بن طالب صلوات الله عليهم ، فأحب أن تكلمه أو تحاجه وتنصفه .



فقال الجاثليق : يا أمير المؤمنين كيف أحاج رجلاً يحتج على بكتاب أنا منكره ، ونبي لا أؤمن به ؟

فقال له الرضا عليه السلام : يا نصراني فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقر به ؟

قال الجاثليق : وهل أقدر على رفع ما نطق الإنجيل ؟ نعم والله أقرُّ به على رغم أنفي .

فقال له الرضا عليه السلام : سل عما بدا لك واسمع الجواب .

فقال الجاثليق : ما تقول في نبوة عيسى وكتابه ، هل تنكر منهما شيئاً ؟

قال الرضا عليه السلام : أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه ، وما بشر به أمته وأقرت به الحواريون ، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وبكتابه ، ولم يبشر به أمته .

قال الجاثليق : أليس إنما نقطع الأحكام بشاهدي عدل ؟

قال عليه السلام : بلى .

قال : فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد صلى الله عليه وآله
ممن لا تنكره النصرانية ، وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا.

قال الرضا عليه السلام :
الآن جئت بالنصفة يا نصراني ، ألا تقبل مني العدل
المقدم عند المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ؟


قال الجاثليق : ومن هذا العدل ؟ سمه لي ؟

قال عليه السلام : ما تقول في يوحنا الديلمي ؟

قال : بخ بخ ، ذكرت أحب الناس إلى المسيح .



قال عليه السلام : فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل أن يوحنا قال : إنما المسيح أخبرني بدين محمد العربي ، وبشرني به أنه يكون من بعده ، فبشرت به الحواريين فآمنوا به.

قال الجاثليق : قد ذكر ذلك يوحنا عن المسيح وبشر بنبوة رجل ، وبأهل بيته ووصيه ، ولم يلخص متى يكون ذلك ، ولم يسم لنا القوم فنعرفهم .

قال الرضا عليه السلام : فإن جئناك بمن يقرأ الإنجيل فتلا عليك ذكر محمد وأهل بيته وأمته أتؤمن به ؟

قال : سديداً .

قال الرضا عليه السلام : لنسطاس الرومي كيف حفظك للسفر الثالث من الإنجيل ؟

قال نسطاس الرومي : ما أحفظني له .

ثم التفت عليه السلام الى رأس الجالوت فقال : ألست تقرأ الإنجيل ؟

قال : بلى لعمري .

قال عليه السلام :
فخذ عليَّ السفر، فإن كان فيه ذكر محمد وأهل بيته وأمته فاشهدوا لي، وإن لم يكن فيه ذكره فلا تشهدوا لي ! ثم قرأ عليه السلام السفر الثالث حتى بلغ ذكر النبي صلى الله عليه وآله وقف ، ثم قال عليه السلام : يا نصراني إني اسألك بحق المسيح وأمه أتعلم أني عالم بالإنجيل ؟

قال النصراني : نعم .

ثم تلا عليه السلام علينا ذكر محمد وأهل بيته وأمته ، ثم قال : ما تقول يا نصراني هذا قول عيسى مريم عليه السلام ؟ فإن كذبت بما ينطق به الإنجيل فقد كذبت موسى وعيسى عليها السلام ! ومتى أنكرت هذا الذكر وجب عليك القتل لأنك تكون قد كفرت بربك ونبيك وبكتابك !



قال الجاثليق : لا أنكر ما قد بان لي في الإنجيل، وإني لمقر به.

قال الرضا عليه السلام : إشهدوا على إقراره .

ثم قال عليه السلام : يا جاثليق سل عما بدا لك ؟

قال الجاثليق : أخبرني عن حوارى عيسى بن مريم عليه السلام كم كان عدتهم ؟
وعن علماء الإنجيل كم كانوا ؟

قال الرضا عليه السلام : على الخبير سقطت ، أما الحواريون فكانوا اثني عشر رجلاً ، وكان أعلمهم وأفضلهم ألوقا ، وأما علماء النصارى فكانوا ثلاثه رجال : يوحنا الأكبر بأج ( قيل موضع بالبصرة ) ، ويوحنا بقرقيسيا ( بلد على الفرات بسوريا ) ، ويوحنا الديلمي برجاز ( رجاز واد بنجد وأج مكان هناك ) وعنده كان ذكر النبي صلى الله عليه وآله وذكر أهل بيته وأمته ، وهو الذي بشر أمة عيسى وبني إسرائيل به !!!

ثم قال عليه السلام له : يا نصراني والله إنا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمد صلى الله عليه وآله وما ننقم على عيساكم شيئاً إلا ضعفه وقلة صيامه وصلاته !



قال الجاثليق : أفسدت والله علمك ، وضعفت أمرك ! وما كنت ظننت إلا أنك أعلم أهل الاسلام !

قال الرضا عليه السلام : وكيف ذاك ؟

قال الجاثليق : من قولك إن عيسى كان ضعيفاً قليل الصيام قليل الصلاة وما أفطر عيسى يوماً قط ، ولا نام بليل قط، وما زال صائم الدهر ، وقائم الليل !

قال الرضا عليه السلام : فلمن كان يصوم ويصلي ؟!

قال فخرس الجاثليق وانقطع !!

قال الرضا عليه السلام : يا نصراني أسألك عن مسألة .

قال : سل فإن كان عندي علمها أجبتك .

قال الرضا عليه السلام : ما أنكرت أن عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى بإذن الله عز وجل ؟

قال الجاثليق : أنكرت ذلك من أجل أن من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص ، فهو رب مستحق لأن يعبد.

قال الرضا عليه السلام :فإن اليسع قد صنع مثل صنع عيسى عليه السلام مشى على الماء وأحيا الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، فلم تتخذه أمته رباً ولم يعبده أحد من دون الله عز وجل ! ولقد صنع حزقيل النبي عليه السلام مثل ما صنع عيسى بن مريم ، فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجل من بعد موتهم بستين سنة !

ثم التفت عليه السلام الى رأس الجالوت فقال له : يا رأس الجالوت ، أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة ، اختارهم بخت نصر من سبي بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس ثم انصرف بهم الى بابل ، فأرسله الله عز وجل إليهم فأحياهم ؟! هذا في التوراة لا يدفعه إلا كافر منكم !



قال رأس الجالوت : قد سمعنا به وعرفناه .

قال عليه السلام : صدقت .

ثم قال عليه السلام : يا يهودي خذ عليَّ هذا السفر من التوراة . فتلا عليه السلام علينا من التوراة آيات ، فأقبل اليهودي يترجج لقرائته ويتعجب !

ثم أقبل على النصراني فقال : يا نصراني أفهؤلاء كانوا قبل عيسى أم عيسى كان قبلهم ؟

قال النصراني : بل كانوا قبله.

فقال الرضا عليه السلام :
لقد اجتمعت قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه أن يحيي لهم موتاهم فوجه معهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له : إذهب الى الجبانة فناد باسماء هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويا فلان ويا فلان ، يقول لكم محمد رسول الله قوموا بإذن الله عز وجل ، فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ! فأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم ثم خبروهم أن محمداً بعث نبياً ، فقالوا : وددنا أنا أدركناه فنؤمن به ! ولقد أبرأ الأكمه والأبرص والمجانين ، وكلم البهايم والطير والجن والشياطين ، ولم نتخذه رباً من دون الله عز وجل ، ولم ننكر لأحد من هؤلاء فضلهم ، فمتى اتخذتم عيسى رباً جاز لكم أن تتخذوا اليسع وحزقيل رباً ، لأنهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم عليهم السلام من إحياء الموتى وغيره .

وإن قوماً من بني اسرائيل خرجوا من بلادهم من الطاعون وهم ألوف حذر الموت فأماتهم الله في ساعة واحدة ، فعمد أهل تلك القرية فحظروا عليهم حظيره ، فلم يزالوا فيها حتى نخرت عظامهم وصاروا رميماً ، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل فتعجب منهم ، ومن كثرة العظام البالية، فأوحى الله عز وجل إليه: أتحب أن أحييهم لك فتنذرهم؟ قال: نعم يا رب ، فأوحى الله عز وجل إليه: أن ناداهم فقال : أيتها العظام البالية قومي بإذن الله عز وجل ، فقاموا أحياء أجمعون ، ينفضون التراب عن رؤوسهم !


ثم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام حين أخذ الطير فقطعهن قطعاً ، ثم وضع على كل جبل منهن جزءً ، ثم ناداهن فأقبلن سعياً إليه .

ثم موسى بن عمران عليه السلام وأصحابه السبعون الذين اختارهم صاروا معه الى الجبل فقالوا له: إنك قد رأيت الله سبحانه فأرناه ، فقال لهم إني لم أره فقالوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ( سورة البقرة:55 ) فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم وبقي موسى وحيداً فقال : يا رب اخترت سبعين رجلاً من بني إسرائيل فجئت بهم ، وأرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به ؟! فلو شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ( سورة الأعراف: 155 ) فأحياهم الله عز وجل من بعد موتهم .

وكل شئ ذكرته لك من هذا لاتقدر على دفعه ، لأن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قد نطقت به . فإن كان كل من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص والمجانين ، يتخذ رباً من دون الله ، فاتخذ هؤلاء كلهم أرباباً !! ما تقول يا يهودي؟!



فقال الجاثليق : القول قولك ، ولا إله إلا الله.

ثم التفت الى رأس الجالوت فقال : يا يهودي أقبل عليَّ أسألك بالعشر الآيات التي أنزلت على موسى بن عمران عليه السلام هل تجد في التوراة مكتوباً بنبأ محمد صلى الله عليه وآله وأمته : إذا جاءت الامه الأخيرة أتباع راكب البعير يسبحون الرب جداً جداً تسبيحاً جديداً في الكنائس الجدد ، فليفرغ بنو إسرائيل إليهم وإلى ملكهم ، لتطمئن قلوبهم ، فإن بأيديهم سيوفاً ينتقمون بها من الأمم الكافرة في أقطار الأرض ! أهكذا هو في التوراة مكتوب ؟

قال رأس الجالوت : نعم إنا لنجده كذلك .

ثم قال عليه السلام للجاثليق : يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا عليه السلام ؟

قال الجاثليق : أعرفه حرفاً حرفاً .

قال عليه السلام لهما : أتعرفان هذا من كلامه : يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار لابساً جلابيب النور ، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر !

فقالا : قد قال ذلك شعيا عليه السلام .

قال الرضا عليه السلام : يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى عليه السلام : إني ذاهب الى ربكم وربي والبارقليطا جاءٍ هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت ، وهو الذي يفسر لكم كل شئ ، وهو الذي يبدأ فضائح الأمم وهو الذي يكسر عمود الكفر !

فقال الجاثليق : ما ذكرت شيئاً من الإنجيل إلا ونحن مقرون به .

فقال عليه السلام : أتجد هذا في الإنجيل ثابتاً يا جاثليق ؟

قال الجاثليق : نعم .



قال الرضا عليه السلام : يا جاثليق ألا تخبرني عن الإنجيل الأول ، حين افتقدتموه عند من وجدتموه ؟ ومن وضع لكم هذا الإنجيل ؟

فقال له : ما افتقدنا الإنجيل إلا يوماً واحداً حتى وجدناه غضاً طرياً فأخرجه الينا يوحنا و متى .

فقال له الرضا عليه السلام : ما أقل معرفتك بسنن الإنجيل وعلمائه ؟! فإن كان هذا كما تزعم ، فلم اختلفتم في الإنجيل وإنما وقع الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أياديكم اليوم ، فلو كان على العهد الأول لم تختلفوا فيه ، ولكني مفيدك علم ذلك: إعلم أنه لما افتقد الإنجيل الأول اجتمعت النصارى الى علمائهم فقالوا لهم : قتل عيسى بن مريم عليه السلام وافتقدنا الإنجيل وأنتم العلماء فما عندكم ؟ فقال لهم ألوقا ومرقابوس : إن الإنجيل في صدورنا ونحن نخرجه اليكم سفراً سفراً في كل أحد ، فلا تحزنوا عليه ولا تخلوا الكنائس ، فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفراً سفراً ، حتى نجمعه كله . فقعد ألوقا ومرقابوس ويوحنا ومتى ، فوضعوا لكم هذا الإنجيل بعد ما افتقدتم الإنجيل الأول ، وإنما كان هؤلاء الأربعة تلاميذ تلاميذ الأولين ! أعلمت ذلك ؟

فقال الجاثليق : أما هذا فلم أعلمه وقد علمته الآن ، وبان لي من فضل علمك بالإنجيل وسمعت أشياء مما علمته شهد قلبي أنها حق فاستزدت كثيراً من الفهم .

فقال له الرضا عليه السلام : فكيف شهادة هؤلاء عندك ؟

قال الجاثليق : جائزة، هؤلاء علماء الإنجيل وكلما شهدوا به فهو حق.

قال الرضا عليه السلام للمأمون ومن حضره من أهل بيته ومن غيره : إشهدوا عليه !!!

قالوا : قد شهدنا .

ثم قال عليه السلام للجاثليق : بحق الإبن وأمه هل تعلم أن متى قال : إن المسيح هو ابن داود بن إبراهيم بن اسحاق بن يعقوب يهوذا بن خضرون ، فقال مرقابوس في نسب عيسى مريم : إنه كلمة الله أحلها في جسد الآدمي فصارت إنساناً ، وقال ألوقا: إن عيسى بن مريم عليه السلام وأمه كانا إنسانين من لحم ودم ، فدخل فيها الروح القدس . ثم إنك تقول من شهادة عيسى على نفسه : حقاً أقول لكم : يا معشر الحواريين إنه لا يصعد الى السماء إلا من نزل منها ، إلا راكب البعير خاتم الأنبياء فإنه يصعد إلى السماء وينزل . فما تقول في هذا القول ؟

قال الجاثليق : هذا قول عيسى لا ننكره .

قال الرضا عليه السلام : فما تقول في شهاده ألوقا ومرقابوس ومتى على عيسى وما نسبوه إليه ؟

قال الجاثليق : كذبوا على عيسى .

فقال الرضا عليه السلام : يا قوم أليس قد زكاهم وشهد أنهم علماء الإنجيل وقولهم حق ؟

فقال الجاثليق : يا عالم المسلمين أحب أن تعفيني من أمر هؤلاء.

قال الرضا عليه السلام : فإنا قد فعلنا . سل يا نصراني عما بدا لك ؟

قال الجاثليق : ليسألك غيري فلا وحق المسيح ما ظننت أن في علماء المسلمين مثلك .



يتبع

عبير الآل غير متصل