عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-07, 10:21 PM   #139

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: موسوعة أسرتى وطفلى.كيف تربين وتتعاملن مع طفلك متجدد


التقليد ودوره في اكتساب اللغة عند الطفل
* د. حلمي خليل
يحدد الأستاذ خلف الله دور التقليد وأثره في اكتساب اللغة فيقول: ((للتقليد أثر مهم في تكيف الأصوات، ويعده بعضهم أهم العوامل فيها، مستندين إلى أن المولود الأصم يعجز عن التكلم وأن الطفل الطبيعي يتكلم أية لغة يسمعها)) ثم يحدد الفترة التي يظهر فيها أثر التقليد بقوله: ((ويظهر أثر التقليد جلياً في الشهر التاسع من العمر))، غير أنه يفرق بين مرحلتين من مراحل التقليد إحداهما: محاولة الطفل إحداث أصوات شبيهة تماماً بما يسمع وهذا ـ كما يقول ـ أقل حدوثاً أما الثانية فهي التقليد الذي يحاول فيه الطفل تقليد الأصوات بصرف النظر عن الدقة والنجاح في ذلك ويرى أن النوع الثاني أكثر ظهوراً في المراحل الأولى من العمر.
ومما يلفت النظر هنا، أنه حدد دور التقليد أو مجاله في مستوى الأصوات دون صوغ الكلمات أو الجمل ويشترك معه في ذلك عدد كبير من علماء النفس الذين درسوا ظاهرة اكتساب الطفل اللغة في الاهتمام بعنصر التقليد أو المحاكاة، بل إن بعضاً منهم يعتبرون التقليد المرحلة الثالثة بعد مرحلتي ما قبل اللغة ومرحلة المناغاة، أي تلك المرحلة التي تتحول فيها المناغاة إلى كلمات فيما أطلق عليه علماء اللغة مرحلة الكلام وأشرنا إليه قبلاً.
ومن هؤلاء العلماء جزل Gesell وبيلي Baley ولويس Lewis وجيرنساي Gernsey وغيرهم ويستند لويس إلى دراسة قام بها جيرنساي على نحو مائتي طفل ممن تقع أعمارهم بين شهرين وواحد وعشرين شهراً، لكي يحدد مراحل التقليد وتطوره في ثلاث مراحل هي:
1 ـ المرحلة الأولى: وهي التي يستجيب فيها الطفل إلى نطق الآخرين، بإصدار أصوات أشبه ما تكون بتقليد صوتي ساذج وتشغل هذه المرحلة فترة الشهور الثلاثة أو الأربعة الأولى من حياة الطفل.
2 ـ المرحلة الثانية: وهي مرحلة توقف أو نقصان للاستجابات الصوتية التي تتميز بها المرحلة الأولى وتقع هذه المرحلة بين الشهرين الخامس والتاسع.
3 ـ المرحلة الثالثة: وهي التي تتميز بالتقليد المقصود والتي تظهر في حوالي الشهر التاسع من عمر الطفل.
غير أن بعض الباحثين لا يوافقون على اعتبار المرحلة الأولى من التقليد في شيء وإنما هي مرحلة أقرب إلى اللعب الصوتي أو المناغاة التلقائية وبالتالي يقسمون التقليد إلى مرحلتين:
1 ـ التقليد غير المقصود.
2 ـ التقليد المقصود.
ويصنف مكارثي Macarthy التقليد تحت الثنائيات الأربع التالية:
1 ـ تقليد تلقائي وإرادي أي ما يقصد به الطفل أن يقلد وآخر لا يقصد فيه الطفل التقليد أو المحاكاة.
2 ـ التقليد مع فهم وآخر بدونه.
3 ـ تقليد عاجل وآخر آجل.
4 ـ تقليد دقيق وآخر غير دقيق.
وهذه الأنواع متداخلة وغير ثابتة ولذلك اختلف العلماء والباحثون في تحديدها بالنسبة لعمر الطفل اختلافاً يؤدي للبس والاختلاط.
أما علماء اللغة فقد أشاروا أيضاً في دراساتهم إلى عنصر التقليد ودوره في اكتساب اللغة وخاصة في مرحلة الكلام الفعلي أي مرحلة اللغة المشتركة غير أنهم يعطون أهمية خاصة للتلقين والتكرار فيما يسميه علماء النفس التدعيم السمعي. يقول الدكتور محمود السعران:
((يتعلم الطفل آخر الأمر لغة جماعته، ومما يعينه على ذلك قدرته الفائقة على التقليد وما يجده من عناية ممن حوله من الكبار ولا سيما الأم، فالأم أو مَن يقوم مقامها تظل تناغيه وتكرر على مسمعه دون أن تمل الكلمات والجمل والعبارات والأغاني والأناشيد حتى عندما تعرف أنه لا يفهم عنها ولكنهما يجدان ـ الطفل والأم ـ في ذلك من المتعة ما يدعوهما إلى الاستغراق، وهكذا يسمع الطفل الكلمات والجمل مرات ومرات لطريقة محببة ويجد من تشجيع مَن حلوه ما ييسر له الطريق، فينفسح أمامه المجال لتصحيح أخطائه اللغوية في نطق الأصوات وصوغ الكلمات أو في تركيب الجمل أو في مدلول الكلمات، فالأب والأم والأخوة والأخوات والأقارب والرفاق الكبار أو الخدم لا يزالون يصححون له أخطاءه وإن كانوا أحياناً يعملون على استيفاء بعض الأخطاء استملاحاً واستظرافاً)).
التقليد والتلقين هما إذن الوسيلتان اللتان اجتمع علماء النفس وعلماء اللغة أيضاً على التسليم بدورهما الفعال في اكتساب الطفل اللغة أصواتاً وكلمات وجملاً.

شموع الامل غير متصل