عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-13, 01:12 PM   #7

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 7


تضحية المرأة تختلف عن تضحية الرجل

يمكن القول بأن هذا الحديث -للأسف- لم يشرح جيدا وبقى مسكوتا عنه، وقليل من عنده الجرأة في التكلم عنه. أقصد هذا الحديث النوراني عن النبي محمد صلى الله عليه وآله: "جهاد المرأة حسن التبعل".
للأسف إن الثقافة الغربية -وأعني بها الثقافة التي اتحدت مع الصهيونية لضرب الإسلام والمسيحية- بدأت تثقف المرأة على عدم التضحية في سبيل الآخرين. فالمرأة الأوربية أصبحت اليوم تمتنع حتى عن الإنجاب لأن فيه صرف شيء من صحتها ووقتها لأولادها.
أول شيء يثقفون به المرأة، هو أنك ليس من المفروض أن تضحي في سبيل أولادك! هذه الثقافة لم تدخل لله الحمد إلى ثقافتنا الإسلامية بشكل ملموس. لكن الشيء الثاني الذي يثقفون به المرأة -وقد دخل إلى ثقافتنا الإسلامية بنطاق واسع- هو: ليس من المفروض أن تضحي في سبيل زوجك!
نحن قلنا: على المرأة والرجل أن يضحي كل منهما في سبيل الآخر، فالمرأة عليها خدمة الرجل، وعلى الرجل خدمة المرأة. ولا إشكال فيما لو لم يحصلا على المقابل من المخدوم. لكن في الغرب يقولون للمرأة: ليس من شأنك أن تكوني خدّامة للرجل.
إن الملاحظة التي تستدعي الانتباه هنا هي إن مصاديق التضحية تختلف فيما بين الرجل والمرأة إلى حدّ ما. وقد استغلّ هذا الاختلاف الظاهري وجُعل حجر عثرة أمام تضحية المرأة لزوجها وأولادها.
أما الاختلاف في المصداق فهو إن المرأة لا تتعدى تضحيتها وإيثارها زوجها وأولادها. لكنهم يلقنون المرأة هذا التفكير: "أنا أخدمك داخل البيت وسيكون لك شأن اجتماعي خارجه وسأبقى أنا مجهولة".
يقول أحد الخطباء المخلصين المعروفين المؤثرين على كبر سنهم: كنت أقول للطلبة لو عثرتم على موضوع يستحق الذكر على المنابر هاتوا به لأطرحه على المنبر؛ وتحصلون أنتم على ثوابه. فصحيح أن الشأنية الاجتماعية ستكون لهذا الخطيب، لكن الأجر الأخروي سيصير نصيبا من ذكر له هذا الموضوع. فالطالب المخلص لا يتوانى عن هذا الأمر، ويتوانى عنه من في قلبه حبّ الجاه والسمعة. المرأة كذلك، لن تلين أمام خدعة الغرب هذه، لو لم يكن في قلبها حب الجاه. وهذا هو شرح الحديث النبوي: "جهاد المرأة حسن التبعل" الذي لا يجرأ أحد على طرحه ببساطة حتى في الحوزات العلمية للأخوات بدأوا يشتغلون على هذا الأمر ليدخلوا في أذهان المرأة المسلمة؛ مسألة أن المعنويات، لا تنافي كونك كزوجك خارج البيت، ولا يكون البيت ميدان تضحيتك، ينبغي أن لا تجعلي معنوياتك مقتصرة على خدمتك لزوجك. لقد وصل بنا الأمر إن نساءنا المتدينات أيضا لا يرضين أن يعملن صفقة مربحة مع الله سبحانه بخدمتها لزوجها. فلقّنوها أن تقول في نفسها: كيف أبقى في داخل الدار لا أتعداه والميزة الاجتماعية كلها نصيب زوجي؟!!
أتعلمون ما نتيجة هذه الدعاوي؟ نتيجتها ازدياد سبل الظلم للمرأة. فهناك نسبة طردية بين عدم احترام الرجل في داره، وعدم رعاية زوجته له، وبين ظلمه لزوجته في نفس دارها، وظلم باقي النساء في مجتمعهن.
وبطبيعة الحال، سيكون الرجل في ظل هذه المساواة -أعني بها مساواة في توزيع الأدوار الاجتماعية- أكثر ظلما للمرأة منها له؛ وهذا ما يحصل اليوم في الغرب.
كما أضيف هذه النكتة؛ من السهولة بمكان أن تحتوي المرأة زوجها وتتحكم فيه، وبعبارة أخرى أن تجعله في قبضتها. لكن (ما هكذا تورد يا سعد الإبل) فليس من الصحيح أن تصرخ المرأة بوجه زوجها باسم المساواة؛ بل الصحيح هو "حسن التبعل" لاغير.
على كل حال، فإن مصداق التضحية يختلف فيما بين المرأة والرجل. وقد يتصور المرء لأول وهلة بأن هذا الاختلاف يُشمّ منه رائحة التحيّز، إلا أنه لاوجود لهذا الأمر على الإطلاق، لأن هذا التوزيع في المسؤوليات يتم على أساس الاختلاف الروحي والجسدي بينهما. ورد في الحديث النبوي: "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها". وكما قلنا ليس من المفروض أن يصل أحدهما بخدمته لزوجه إلى مقام معين، فليطمئن بأنه لا يخسر شيئا، حتى لو لم يحصل على شيء. لكن أن للمرأة على أساس هذا الحديث تطلّعات معينة في حياتها المشتركة ولا طريق للوصول إليها إلا عن طريق خدمة زوجها. كما أن على الزوج أيضا تكاليف خاصة به عليه أداؤها.
ماذا على الرجل أن يكون؟ ما ينبغي أن يكون سلوكه داخل بيته؟ ما هي تضحية الرجل في بيته؟ هل تنحصر تضحيته في عمله خارج البيت؟ كلا، لاتنحصر تضحية الرجل في عمله خارج البيت. بل يمكنه أو عليه أن يكون البيت ميدان تضحيته أيضا. يمكن أن نتابع هذا البحث بملاحظة مهمة. افرضوا جلوس الزوج على مائدة الطعام في بيته، يرفع الغذاء ويضعه في فمه فيجده خاليا من الملح. أمامه أربع ردود فعل:
1- أن يُخرج كل ما في فمه من سباب و... ويقدمه لزوجته. 2- يصعد منبرا لزوجته قائلا: "من المستحيل أن تتحولي إلى إنسانة! إلى متى أبقى أتحمل هذا الوضع؟ لقد نفد صبري". 3- لا يتكلم بشيء لكن وضعه وشكله يوحي بأن شيئا ما سيقع، وعليها التضرع والتوسل إليه للخلاص منه. 4- أن يقول لزوجته: إجلبي لي من فضلك قدحا من الماء. وعندما تذهب الزوجة لجلب الماء يأخذ الملح ليضع منه شيئا في صحن زوجته لكي لا تلتفت لقلة ملحه، فتقف على اشتباهها وتضطر للاعتذار.
نعم، على الرجل اختيار الخيار الرابع، والإحساس بالمتعة واللذة به. حتى لو عادت زوجته بسرعة إلى المائدة قبل أن يضع ملحا في صحنه هو، فلا يستاء من ذلك ويبقى بأكل طعامه بدون ملح بكل لذة. على المرأة أن تكون كذلك، كما أن على الرجل أن يكون كذلك، ليحكم الرفق في جوّ البيت. إعلموا أن الله سبحانه ليرفع نظره عن البيت الذي لا وجود للرفق فيه. الرفق بينكم يساعد على تغلبكم على المشاكل حتى المادية منها.
على كل حال، اجتهدوا في المسارعة إلى التضحية والفداء في سبيل الآخر دون انتظار الأجر منه؛ وهذا ما حصل في الأسرة المثالية في الإسلام؛ أعني بها أسرة أميرالمؤمنين عليه السلام والسيدة فاطمة سلام الله عليها وكانت نتيجة هذا الجو الحاكم في البيت أن يرثي الإمام علي عليه السلام زوجته عند شهادتها بقوله:

أرى علل الدنيا عليّ كثيرة *** وصاحبها حتى الممات عليل
وإن افتقادي فاطمٌ بعد أحمدٍ *** دليل على أن لايدوم خليل

أتعلمون كيف كانت معاشرة السيدة الزهراء سلام الله عليها مع الإمام علي عليه السلام؟ كانت تقول له: "يا أبا الحسن إني لأستحي من إلهي أن أكلف نفسك ما لاتقدر عليه".
أرجوا من الله التوفيق للحصول على أسر نورانية. إعلموا إن أهم ما نعمل لتوسعة الدين، ولدحر الاستكبار العالمي، والوقوف أمام الغزو الثقافي، ولتحقيق ظهور الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه، الذي هو على رأس كل هذه الأمور، هو أن نجعل أسرنا أسر صالحة وجيدة. فإشاعة التدين في المجتمع مرهونة بكون أسرنا أسر متدينة.

يتبع إن شاء الله...

أميري حسين غير متصل