عرض مشاركة واحدة
قديم 24-02-13, 10:37 AM   #12

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

وقفة عند أسرار الولاية 10


منطق حكومة الشعب على الشعب

السؤال الأول الذي لابد أن يجاب عنه بشأن الديمقراطية هو أنه هل يحق للناس أساسا أن يتحكموا في شؤونهم ومصيرهم؟ هل أن الله الذي خلق الناس وأرسل إليهم الأنبياء لهدايتهم وإيصالهم إلى الكمال المطلوب، قد سمح لهم بالتحكّم في مصيرهم؟
ولابدّ لكل متدين بدين ما أن يجيب عن هذا السؤال، وإن لم يجد جوابا صحيحا عنه فلا داعي لمواصلة البحث. ولكن بما أنّا أخذنا على أنفسنا أن نناقش الموضوع بلا تقيّد بنطاق الدين، فنغض الطرف عن جواب هذا السؤال وننتقل إلى السؤال الثاني وهو ما هو المنطق الذي ارتكزت عليه حكومة الشعب على الشعب؟ وقد أجيب عن هذا السؤال وقيل إنه «منطق حكومة الأغلبية على الأقلية». ولكن هناك سؤال آخر يطرح نفسه وهو ما الدليل على ضرورة اتباع جميع الناس لأغلب الناس؟ حيث إن هذا الأسلوب يمثل نوعا من أنواع الدكتاتورية أيضا وهو الدكتاتورية الاجتماعية. لماذا يجب على الأقلية أن تتبع الأغلبية وتستسلم لمطالبهم ومصالحهم؟ وما الحلّ في ما لو أراد الأغلبية أن يضطهد الأقلية طمعا بمصالحهم؟ فهل علينا أن نستسلم لهذا المنطق؟
نعم، إن اتباع الأغلبية في سبيل تحقيق «النظام والترتيب» أسلوب لا بأس به، ولكنه لا يوجد «حقا». فعلى سبيل المثال لقد طرحت «اتفاقية حقوق المرأة»[1] في الأوساط الدولية، واعترف بها أكثر بلدان العالم، فهل نستطيع استنتاج صحة هذه الاتفاقية وأحقيتها بسبب اعتراف الأكثرية بها؟ فهل علينا أن نقرّ بها بمجرّد قبول الأغلبية.
لا يعطي الإسلام أية موضوعية للأغلبية، والمهمّ عنده هو تطابق أو عدم تطابق مطالبة الأغلبية مع الأحكام الإلهية، من خلال الآية 116 من سورة الأنعام التي يحذر فيها الله نبيّه من اتباع الأغلبية والآيات الأخرى التي تعتبر أكثر الناس «لا يؤمنون»، «لا يعلمون»، «لا يشكرون» إلى غيرها من الآيات،[2] قد نستطيع أن نخرج بنتيجة وهي أساسا لا يعطي الله أية موضوعية وأي موقع للأغلبية بمعنى الأغلبية في المجتمع الدولي.
إن أساس تشكيل الحكومات مرتكز على الوقوف أمام الظلم في هذا النظام التسخيري. طيّب، فإذا قامت الديمقراطية بممارسة الظلم مستندة إلى منطق حاكمية الأغلبية على الأغلبية، فمن الذي يقف أمامها حينئذ؟ يقول الغربيون: في سبيل الوقوف أمام الظلم في الإطار الذي ترسمه الديمقراطية، هناك آليّتان قويتان تحت عنوان «الأحزاب» و «الإعلام». إذن نحاول أن ندرس ونناقش هذه الآليتين بشكل مستقل، لنقيّم مدى صحة هذا الإدعاء.


يتبع إن شاء الله ...


[1]«اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» هي اتفاقية دوليّة أقرّت في تاريخ 18 ديسمبر 1979 في المجمع العام للأمم المتحدة وقد وقع عليها جميع الدول أعضاء الأمم المتحدة ما عدى إيران والصومال والسودان والسودان الجنوبية وتونغا. إن ملخص مضمون هذه الاتفاقية التي تمثل أهم اتفاقية دولية بشأن التمييز الجنسي، عبارة عن القضاء على جميع أنواع التمييز بين المرأة والرجل في كافة المجالات. إن بعض بنود هذه الاتفاقية تتعارض مع صريح أحكام الأسلام من قبيل: المساواة بين الرجل والمرأة في الدية والإرث، إعطاء حق الطلاق للنساء، حق النساء في تعدد الأزواج، إباحة المثلية للنساء، وشرعية ممارسة الدعارة كشغل معترف به و... .

[2]به‌عنوان نمونه: اعراف،187؛ هود،17؛ یوسف،21؛ روم،6 و...

أميري حسين غير متصل