من التراث الذي مضى :
الصميعة لعبة شعبية تختص بالأولاد لما تعتمد على روح المغامرة والقوة والشجاعة وإعمال الفكر والتمويه ‘ وهي تعبء الطاقة الفكرية والجسدية والنفسية والاجتماعية ، وعادة ما تلعب في شهر رمضان ...
فما معنى الصميعة في اللغة :
صَمَّعَ يُصَمِّعُ تَصْمِيعًا :
- على رأيه ونحوه: صَمَّمَ.- الشيءَ: دقَّقه وحدده؛ صَمَّع السِّكينَ.- الحيوانَ: ضمَّره؛ صمَّع فرسه إعدادًا للسباق.
الصَّمِعُ : الحديدُ الفؤادِ الذكيّ. -: الشُّجاع؛ شابُّ صَمِعٌ لا يتهيبُ المصاعب.
الأصْمَع : الصغير الأذن.-: السيف القاطع.-: القلب الذكي القويّ/ الأصمعان، هما القلبُ الذّ كِيّ والرأي الحازم، اجتمع له الأصمعان فنال شهرة واسعة.-: الشجاع-: من ركب رأسه غير مكترث مؤ صَمْعاء ج صُمْعٌ.
فإذا ما دققنا النظر في معاني الكلمات السابقة يتضح إن لها معان مختلفة قد تلتقي مع ما يعنيه مصطلحنا المتعارف عليه من الذكاء والقوة والحزم والشجاعة والإعداد للسباق ...
فالصميعة بالمصطلح العامي : هي لعبة تتم فيها الملاحقة من قبل مجموعة قليلة على مجموعة كبيرة ..
مكونات الصميعة :
عدد أفراد من خمسة إلى أكثر من عشرين / موقع ومكان اللعبة ويسمى ( المحلس )
والمحلس في اللغة هو :
حَلِسَ يَحْلس حَلَساً :- بالمكان وفيه: لزمه؛ حلس في بيته الرَيفي أشهرا متتالية.- الشخص: ثبت أمام قرنه؛ حلِس الملاكم أمام خصمه حتى نهاية المباراة ولم يضعف.- بالشيء: أولع به؛ حَلِس بجمع القطع الأثرية القديمة.
تَحَلَّسَ يَتَحَلَّسُ تحَلُّساً :- بالمكان: لزمه؛ تَحَلَّس المحاربون بمواقعهم لا يتراجعون عنها. - بشيء: أصابه وحصل عليه؛ ما تحلّس الفقير من أخيه الغنيّ بشيء أي لم يصب منه شيئاً.
وعلى ضوء ذلك فإن المحلس يعتبر المكان الذي يتجمع فيه اللا عبون وتبدأ إنطلاقتهم منه ثم يعودون إليه .
العداد : وهو قائد اللعبة يقوم بعد الأشخاص ويضع ضوابط اللعبة ويوزع الأدوار .
كيف تتم اللعبة : =========
اللعبة ذوشجون يخرج فرد من بيته وهو ينادي بصوت مرتفع (( صميعه /الصميعة ) مما ينساب صوته إلى كل فرد في الحي باعتبار الهدوء التام الخالي من الملوثات والضوضاء ، يتجمع الأفراد شيئا فشيا وتعقد بعد ذلك اللعبة ..
يتزعم أحدهم ليكون هو قائد اللعبة ويرشح نفسه ( للعد ) وكثيرا ما يتم الاعتراض عليه ، فأما يفرض نفسه بأسلوب أو بآخر أو يقوم بالتراجع لمن يهابه أو يهابونه ليتسلم القيادة بعد ذلك ...
يخطط القائد الملعب ، والملعب لابد أن يستند إلى حائط مسافته طويلة ، فيقوم باستخدام رجله الحافية في التخطيط يسحبها عاملا خطا طويلا على الأرض ينعطف به بعد مسافة معينة ليكون مستطيلا ذات ثلاثة أضلاع أما الضلع الرابع فهو الجدار ، مساحة المستطيل تحدده عدد أفراد اللعبة فكلما كثراللعبين كلما كان ( المحلس ) أي الملعب كبيرا .
يستند اللعبون إلى الحائط قبالة العداد فيقوم الأخير بالعد من الأول إلى غاية عشرة وهو يشير بصبعه على كل فرد منهم ، الفرد الذي يصل العد إليه إلى العشرة يطلب منه الخروج مما يستدعي التناقص شيئا فشيئا للأفراد إلى أن يصل عدد الأفراد أربعة أو أثنين أو واحد ، فكلما كان عدد الللاعبين كبيرا كلما وضع في المحلس عددا يتراوح من اثنيتن إلى أربعة وهؤلاء يسمون ( الصيادون ) أي عليهم الدور في صيد الأفراد الذين تم إخراجهم نتيجة وصولهم إلى الرقم عشرة .
يقف القائد أمام الصيادين ويطلب من اللعبين الباقين البحث لهم عن منطقة تتوزع بشكل مجموعات ويسر لهم في آذانهم بمنطقة معينة سيلحق بهم فيما بعد أن يراقب قانون اللعبة مع الصيادين الذين يهمهم معرفة موقعهم . حين يطمئن القائد وصول جماعته إلى بر الأمان يطلب منهم عدم الحركة لحين يذهب بعيدا ليصوت عليهم ، أو هم يصوتوا كلهم بصوت واحد ((تعااالوووو )) ، وغالبا يسمع الصوت من مكان بعيد جدا ، فحين يستمعون لصوتهم يوزع قائد الصيادين دورهم بحيث يبقى اثنين في الملعب يذوذان عن وصول أي لاعب إلى المحلس ، ويذهب اثنان للبحث عن اللعبين ليتم القبض عليهم ومسكهم ، فبعد التعب والركض في الظلمة على اللعبين الذين يختفون خلف النخيل أو فوقها وبين الجدران أو كومة الحجارة أو أي شيئ ، يتكيفون في فن الاختباء حسب الموقف ، ومن ثم يهرعون بشكل موحد للهجوم على المحلس ليدخلوا في إطاره يندفعون أليه بكل قوة .
أما الصيادون فيحاولون مسك أي منهم ، والمسك يعني أن يحل أي شخص ممسوك محل الماسك .. اللاعبون حينما تلامس رجلهم خط المحلس يقول وهو يدخل المحلس وهي المحطة النهائية التي يجب على اللاعبين اللجوء إليه فيقول ( حلست ) أي وصلت دون أي عائق وبالتالي سيعاود لعبة الهروب والاختباء ..
طبعا الصيادون يواجهون خشونة اللاعبين سرعة وحماس وقوة وبالتالي يكون تركيز المسك للاعبين الضعاف بحيث يتكاتفون في الانقضاض عليه ليكون فيما بعدهم صائدا هزيلا لايستطيع مقاومة الأقوياء .. لكن بعض الأحيان يقوم الأقوياء منهم في التبرع بان يكونو صيادين مرهوبين ليستعرضو قوتهم أمام زملائهم ... قد يذهب اللعبون مناطق بعيدة عن موقع اللملعب وتتم المطاردة على ساحل البحر أو قريب إلى الفرقان أو حتى يصلوا إلى مناطق مخيفة كالخيس والخرائب ...
إنها بلا شك متعة حقيقة لمن زاولها يعتلي الغبار الوجوه والأقدام الحافية تثير هذه الغبرة ، تتمزق أالثياب في كثير من الأحيان ، شعر الرأس يبدو أكثر شعثا ، التعب والارهاق ، وما إلى ذلك ..
اللعبة تتم أكثر من مرة تصل إلى خمس أو ست أدوار ، لاينهي اللعبة إلا الإرهاق وصوت الديكة التي تعلن للجميع إن الوقت حان إلى الهدوء ، والليل في انتظارهم في الخلود للنوم ، وهم حاملين أحلام الليل بنجومه ، أحلام الظلمة التي ينيرها القمر المراقب لهم طول وقتهم الليلي ، ودواشقهم المبللة بنداوة الرطوبة ، وشربة ماء من ( الحب أو الشربة ) .. واستيقاض على صوت المسحر .. فمن يريد هذا الزمن فليسجل عندي ذكراه
28-10-03, 06:28 PM
العرض العادي
