مواقف الإمام الحسن عليه السلام
قال الإمام الصادق عليه السلام : " كان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خلقاً وهدياً وسؤدداً )
نحن إذا سيرنا وقرأنا سيرة المعصومين عليهم السلام ابتداءاً من رسول الله صلى الله عليه و آله وختاماً بخاتم الأوصياء الإمام الحجة بن الحسن عجل الله فرجه نجد اختلافاً في دورهم التبليغي الإرشادي إلى عبادة الله تعالى .
فالنبي صلى الله عليه وآله بدأ سراً بدعوته إلى الله سبحانه و تعالى في مكة ، ولما قوي الإسلام بثلة من أهل مكة أمر النبي صلى الله عليه وآله بالدعوة جهرة حتى ضايقه أهل مكة من أقاربه وغيرهم حتى أمر بالهجرة عن مكة إلى المدينة المنورة بعد ثلاثة عشر سنة من الدعوة في مكة ، حتى استقر في المدينة بعد سنة حارب قريشاً بالسيف وقتل سبعين رجلاً من صناديدهم بسيف علي أمير المؤمنين عليه السلام في غزوة بدر الكبرى بعدها أخذ الإسلام ينتشر شيئاً فشيئاً في رقعة الجزيرة العربية حتى أصبح على ماكان عليه الآن .
وأما سيرة أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله غصب حقه وخذله أصحابه فجلس في الدار مايقارب ست وعشرون سنة لم يرفع السيف ولما ولي واستلم الخلافة قلما حراً قام بالسيف من حرب الجمل إلى صفين مع معاوية إلى النهروان مع الخوارج ثم مات سلام الله عليه شهيداً في المحراب لعن الله قاتله إلى يوم الدين .
ولما جاء ابنه الحسن الزكي عليه السلام بعد حروب ثلاثة ذهب من ذهب فيها بسبب محاربتهم إمام زمانهم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام اقتضت المصلحة للإمام الحسن ألا يحارب لأن معاوية عنده استعداد للحرب وقتل المسلمين لأجل السلطة و الكرسي كما قال لما استولى على السلطة وبعد حرب أمير المؤمنين عليه السلام " ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا وأني أعلم أنكم تفعلون ذلك وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم "
فلما رأي الإمام الحسن الزكي عليه السلام هذا المر من اصرار معاوية للحرب مرة ثانية وثالثة وقتل المسلمين كف عن الحرب مع لمصالح منها :
1- اقتداءاً برسول الله صلى الله عليه و آله في بقائه في مكة ثلاثة عشر سنة يتحمل الأذية والاستهزاء . والاستهزاء من قريش وغيرهم من القريب و البعيد واقتداءاً بأبيه أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام حين جلس في الدار ستاً وعشرين سنة مع أنه الوصي بعد رسول الله صلى الله عليه و آله بنص حديث الغدير وآية الولاية .
2- أنه لم يجد أنصارا حتى يقاوم عدده بل أقرب المقربين إليه تبرأ منهم وانضم مع معاوية حباً للمال و الدنيا .
3- ولئلا يقال أن أهل البيت عليهم السلام يسفكون الدماء لأجل الدنيا لأن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام وأرواحنا فداه خاض ثلاثة حروب من القاسطين و المارقين و الناكثين وإذا كانت حرب ثانية وفيها قتل يرتد الناس عن الدين ويرجعون كفاراً بسبب أصحاب الدنيا و مصالحهم .
فلأجل هذه المصالح امتنع الإمام الحسن عليه السلام الحرب مع معاوية لأن الإمام عليه السلام يسير بدين الله سبحانه ودين رسوله صلى الله عليه و آله لا يسير الشهوة والسلطة و الإمارة و حب الدنيا .
وهذا الفارق كما في بيان الفرق بين أهل البيت عليهم السلام وبين غيرهم لذا قال الإمام الصادق عليه السلام : " كان الحسن أشبه الناس برسول لله صلى الله عليه و آله خلقاً وهدياً وسؤدداً " .
فلا يفعل الإمام الحسن المجتبى عليه السلام بأمر نفسه ... بل يفعل بأمر الله تعالى لأنه من أهل بيت النبوة والرسالة معصوم مسدد من قبل الله تعالى فعاش الإمام الحسن عليه السلام بين شماتة عدوه معاوية بن أبي سفيان وبين مرارة خذلان أصحابه وأصحاب أبيه ولحوق بعضهم إلى جيش معاوية للدنيا .
ومع شماتة الأعداء وخذلان الناصر حفظ الدين و الإسلام و المسلمين وعرف أن الإمام الحسن عليه السلام ابن أمير المؤمنين و الصديقة الطاهرة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله وأنه الإمام المفترض الطاعة و غيره من تقدم عليه هو الباغي والخارج على إمام زمانه .
ومع الجو المظلم الذي عاشه الإمام الحسن عليه السلام من شماتة الأعداء وقلة الناصر إلا أن الفضائل والمناقب التي تخرج من بين يديه تتحدث بها الركبان وما ملأ مابين الخافقين .
لذا روي عن دلائل الإمامة لأبي جعفر محمد الطبرسي الشيعي عن أبي محمد سفيان عن أبيه عن العمش عن إبراهيم عن منصور قال رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وقد خرج مع قوم يستسقون فقال للناس أيما أحب إليكم المطر أم البرد أم اللؤلؤ فقالوا يابن رسول الله ما أحببت فقال : على أن لايأخذ أحد منكم لا ينساه شيئاً فأتاهم بالثلاث ، ورأينا يأخذ الكواكب من السماء ثم يبثها فتطير كالعصافير إلى مواضعها .
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
عبد الجليل علي الأمير
15 / 9 / 1429 هـ
15 / 9 / 2008 م