إغلاق الثقوب في قلوب الأطفال بـ " الشمسية " و من دون جراحة

[سحر الشوق]

[align=center]
إغلاق الثقوب في قلوب الأطفال بـ "الشمسية" ومن دون جراحة
فاعلية أكبر وتكلفة أقل ... وخطورة في المستشفيات غير المجهّزة

كتبت مي عبود أبي عقل

منذ عام 1997 درج البروفسور فرنسوا بورلون على زيارة لبنان كل سنة بدعوة من اطباء قلب لبنانيين لاجراء عمليات لسد ثقب في القلب، وخصوصا للاطفال، بواسطة جهاز يعرف بـ"الشمسية" يدخل بواسطة التمييل من دون اللجوء الى جراحة، بعد اخضاعهم للمعاينة والكشف الطبيين على يد اختصاصيين لبنانيين في جراحة القلب. وقد اجرى قبل نحو اسبوعين بالتعاون مع الاطباء شرف ابو شرف وجورج غانم واسعد معلوف، ثماني عمليات في مستشفيي رزق والقديس جاورجيوس لاطفال تتراوح اعمارهم بين السنة و16 عاما، وعادوا بعد 48 ساعة الى ممارسة حياتهم العادية، من دون وجود اي جرح في اجسامهم، على ان يتناولوا مدى 6 أشهر الاسبرين ويخضعوا لمتابعة الطبيب بعد شهر ثم بعد ستة اشهر ثم بعد سنة.



النموذج الحديث.

تجرى في لبنان سنوياً نحو 2500 عملية قلب مفتوح 12 في المئة منها للاطفال. وتشكل عمليات التمييل للاطفال بواسطة "الشمسية" جزءاً ضئيلا منها لا يتعدى الثلاثين حالة سنوياً موزعة على كل لبنان.

ما هي تقنيات "الشمسية"؟ في اي حالات تجرى؟ وكم تبلغ كلفتها؟ وغيرها من الاسئلة طرحتها "النهار" على الاختصاصي الفرنسي في عمليات تمييل القلب في مركز موناكو لجراحة القلب البروفسور فرنسوا بورلون الذي يقوم بهذا النوع من العمليات منذ العام 1992، وطبيب قلب الاطفال في لبنان الدكتور شرف ابو شرف.

التقنيه

"الشمسية" هي جهاز او قطعة بديلة مصنوعة من مادة "نيتينول"، كان شكلها الاولي يشبه الشمسية وتطور اليوم ليشبه "سندويش بيغ ماك" على ما يصفه بورلون، ويبلغ وزنها نحو 14 غراماً. وهي نسيج من خيوط صنعية شديدة المرونة ولينة، تدخل بواسطة التمييل الى القلب لتسد الثقب الموجود عند الحاجز الذي يفصل الاذينين أو البطينين.

ں في أي حالات تُستعمل تقنية "الشمسية"؟ يجيب بورلون: "تستخدم هذه التقنية للولد الذي في قلبه ثقب في الحاجز الذي يفصل الاذينين الايمن والايسر. ونتأكد اولا ان الثقب في وضع جيد وان هناك هامشاً كافياً حواليه يسمح لنا بوضع جهاز بديل يسمى (amplatzer) أو "الشمسية" ندخله بواسطة ميل ينطلق من شريان في الفخذ الى القلب لنسد هذا الثقب. ويتم اختيار الحالات على اساس فحص بالصورة الصوتية بعد ان يكون المريض قد خضع لمعاينة طبيب القلب.

ں ما هي تقنيات هذه العملية ؟
- هناك تقنيات عدة، لكن الطريقة الاساسية ترتكز على ادخال ميل بواسطة شريان الفخذ ليصل الى الاذين الايمن ويعبر الثقب الى الأذين الأيسر ثم الى الشرايين الرئوية. ندخل في هذا الميل (القسطر) جهازاً معدنياً ليناً يوضع في الشريان الرئوي، ثم نرفع الميل ونستبدله بمولج طويل بقياس اكبر، وبواسطة هذا الجهاز سيصل الى الاذين الايسر. كل هذه المراحل لنضع غمدا وتريا (gaine) في الاذين الايسر. وفي هذا الغمد ذي الحجم الكبير يمكن ان نضع "الشمسية" اللينة بحيث يتغيرشكلها لتتمكن من الدخول في الميل، وعندما نثبت هذا الجهاز على الاذين الايسر سيستعيد شكله الاساسي، ونفتح القسم الاول من الشمسية في الاذين الايسر، ونسحب المولج نحو الاذين الايمن حيث نفتح القسم الثاني من الشمسية، وبهذه الطريقة تطبق الشمسية من الجهتين على الثقب وتغلقه. اذاً يكمن الامر في وضع جهاز بديل بصورة صحيحة ودقيقة تحت مراقبة آلة التصوير الصوتي (ecographie). لذلك يجب وجود ثلاثة اطباء اثناء اجراء العملية: اثنان يهتمان بتقنياتها، وثالث من اجل التصوير الصوتي.
في الاذين والبطين

هذه العمليات يمكن إجراؤها في البطين ايضاً، يؤكد البروفسور بورلون، ويضيف: "حالياً تم اختبارها بنجاح وتجري اكثرمن السابق، ولكن لا تزال الجراحة عند الاطفال الرضّع الذين لديهم ثقوب في البطين متفوقة على هذه التقنيات بسبب حجم الشرايين الصغير لديهم. الدراسات التي نملكها خصوصاً من بوسطن حيث تجرى سلسلة اكبر من العمليات، ومن ميلانو حيث يوجد فريق ناشط، يسّدون ثقوبا صغيرة نحن هنا لا نتدخل فيها بل نتركها على ما هي عليه”.

ں كم تبلغ قياسات هذه الثقوب؟
- بالنسبة الى الرضيع عندما يتعدى الثقب ثلثي الشريان الابهر نذهب الى الجراحة، أي عندما يبلغ 4 او 5 ملليمترات، لان هذا الشريان يبلغ قطره عادة 10 ملم لدى الرضع، يعني اذا كان الثقب لدى الرضيع يبلغ 7 ملم لا تعود تفيد هذه التقنية في اغلاقه، بل يجب اللجوء الى الجراحة. بعض الثقوب الصغيرة تلتئم بسرعة وحدها، ويبقى البعض الآخر من دون ان يزعج او يؤثر على الاطفال ويغلقها بعض اطباء القلب بواسطة التمييل، لكنني اعتقد انها ليست الطريقة الامثل ونفضّل ان نترك التطور العفوي لهذه الثقوب الصغيرة التي ستلتئم من تلقائها. ليست هذه حال الاطفال الرضع الذين لديهم ثقب كبير ويجب ان تجرى لهم جراحة سريعة، نقوم بها عادة خلال الاشهر الثلاثة او الستة الاولى بعد الولادة، والا يتسبب الامر بخلل وتضخم في القلب وببعض التعقيدات.

ں كم هي نسبة النجاح في طريقة "الشمسية"؟
- في حالات الثقب في الاذين، هناك نسبة 80 في المئة منها يمكن اغلاقها بواسطة الشمسية، ونسبة نجاح هذه العمليات تتعدى 95 في المئة حاليا. في العمليات التي اجريناها في لبنان لم تفشل اية واحدة حتى الآن وكلها تم اغلاقها بواسطة "الشمسية".
للكبار والصغار

ں هل تطبق هذه التقنية على الكبار والصغار؟
- عندما آتي الى لبنان اهتم بالاطفال اجمالا، لكن التقنية ذاتها تسري على الراشدين ايضاً. في عملي الخاص لسد الثقوب بين الاذينين، بعض المرضى هم من الراشدين الذين تتراوح اعمارهم بين العشرين والاربعين عاماً، ونكتشف انه بين الناس يعاني كثيرون من ثقوب بين الاذينين من دون ان يزعجهم الامر كثيراً. ان الكشف بواسطة السماعة على الصدر صعب لدى الكبار بينما هو نموذجي لدى الاطفال للتعرف على وجود ثقب بين الاذينين، بينما في حال الصّفير في القلب (souffle cardiaque) يختلف الامر كليا واحيانا لا نسمعها ابداً. إنها احيانا اشارات غير مباشرة لدى الاشخاص الذين لديهم هذا الصفير او المرضى الذين تعرضوا لاصابات عصبية او خلل في نبضات القلب، وهؤلاء عندما يعاينهم طبيب القلب سيفاجأ بوجود تضخم في القلب ويشكك في وجود ثقب بين الاذينين، وغالبا ما تكون هذه الحالات ناتجة من تشوهات خلقية او تكوينية ولدت معهم. وأشير إلى انه في منطقة المتوسط ثمة كثير من حالات "الثقوب في الاذين" لدى الراشدين لا يعلم بها اصحابها.
إن استخدام جهاز "الشمسية" هو احدى الطرق المستعملة. وثمة أساليب اخرى تُعتمد في حال وجود ثقوب صغيرة، فهناك نسبة 20 في المئة من المصابين باخطاء تكوينية في القلب لديهم ثقوب صغيرة جداً ولا تتسبب بأية اضرار. وتحصل احياناً حوادث عصبية يسببها ثقب في حاجز الاذين عند الكبار (foramen oval)، وهذا الثقب مع عوامل اخرى تؤدي الى ان اشخاصا في عمر الشباب يصابون بجلطة، وهذا يعني ان تخثراً في الدم يمكن ان يجتاز الاذين الايمن عبر هذا الثقب الى الاذين الايسر ويذهب الى الدماغ مما يؤدي الى شلل جزئي. كما يمكن ان يصيب الغطاسين ارتفاع في الضغط، او على اثر سفر طويل في الطائرة يمكن لتخثر في الفخذ ان يتلف مكاناً ما في الرئة، او ان يعبر التخثر الثقب من الاذين الايمن الى الايسر ويسبب فالجاً او اضطرابات في النظر او امراضاً اخرى... لكن هذه تتطلب انواعاً مختلفة من الاجهزة البديلة.

عوارض واسباب
ں ما هي عوارض الاصابة بثقب لدى الاطفال ؟
- ابرز العوارض لدى الاطفال هي: التأخر في النمو وصفير في القلب وبعض الضيق في التنفس، بينما لدى الكبار يمكن ان تكون ضيق في النفس وانقباض في عضل القلب يتحول الى اضطراب قلبي، وضيق كبير في التنفس وهنا يمكن ان نكتشف هذا التشوه الخلقي.

ں هل يمكن ان يكتشف طبيب الاطفال هذه الحالات عند المولود الجديد ؟
- في حال الثقوب بين البطينين نعم، يمكن الطبيب ان يكتشف صفيرا في القلب عند الولادة وسيعطي رأيه لطبيب القلب، بينما في حالات الثقب في الاذينين فعموما لا تكتشف عند الطفل الحديث الولادة، لكن في مرحلة لاحقة عندما يبلغ السنتين او الثلاث سنوات من العمر سيظهر عنده صفير في القلب وسيفحصه طبيب قلب الاطفال ويكتشف الامر.

ں يعني ان على الاهل ان ينتبهوا؟
- كلا فهذا الامر يكتشفه الطبيب بواسطة السماعة، الا في حالات نادرة حيث يحصل تأخر في النمو وتعرّق وضيق في التنفس غير طبيعي، عندها ينتبه الاهل.
ويؤكد بورلون انه يمكن اياً كان ان يصاب بثقب في القلب، "لكن بالاجمال يدخل العامل الوراثي، وليس من النادر ان يكون هناك ثقب لدى الام والطفل معا. لا نعرف السبب الرئيسي لهذا النوع من الامراض فهو لا يرتبط بالكحول او بالسكري او غيرها من الامراض... وتبلغ نسبة الاصابة بامراض القلب الخلقية بين 7 و8 بالالف بين الولادات، بينها 10 في المئة نسبة الاصابة بثقب في الاذين و20 في المئة في البطين. وتندرج الاسباب احيانا في اطارالتشوهات الخلقية العامة، اضافة الى امراض او تشوهات خلقية عدة. احيانا تكون الام مدمنة على الدخان او المخدرات او مصابة بالسكري او بأمراض اخرى خلقية... كل ذلك يمثل 5 في المئة من الاسباب التي نعرفها، لكننا في معظم الحالات نجهل الاسباب.

جراحة قلبية

ويلفت البروفسور الفرنسي ان هذا النوع من الامراض ليس خطيراً "ويمكن معالجة الثقب بجراحة قلبية سهلة يمكن ان تتسبب احياناً ببعض الجروح التجميلية او بعض الاضطرابات القلبية المزعجة على المدى الطويل، وبواسطة الوسائل الحديثة يمكن اللجوء الى هذه التقنيات السريعة لسد الثقب من دون فتح القلب". ويستدرك قائلاً: "تحدثنا هنا عن وسيلة "الشمسية" فقط، لكن هناك وسائل اخرى متعددة لسد الثقوب واخرى لاستحداثها مثل حال الاطفال الحديثي الولادة الذين يولدون ويجب إحداث ثقب بين الاذينين، احيانا يجب ان نقفل اقنية شريانية واحيانا اخرى يجب توسيع اوردة مثل الشريان الابهر، او توسيع الاوردة الرئوية فنضع فيها ما يسمى نابض (ressort) في الاوردة الكبيرة".
ں ماذا عن الثقوب الناتجة من جرحة قلبية لدى الراشدين؟

- هذا امر آخر ويتطلب آلية اخرى في العمل. في هذه الحالات تصيب الجرحة الحاجز بين البطينين ويحدث الثقب نتيجة هذه الجرحة ولا يكون خطأ تكوينيا. هذه حالات نادرة وخطيرة، وتتم حاليا معالجتها بواسطة الجراحة، وهي افضل وانجح من التمييل بواسطة "الشمسية".



"الشمسية" في البدايات.



أجزاؤها.

ابو شرف

الدكتور شرف ابو شرف الاختصاصي في امراض القلب لدى الاطفال هو الذي يعاين الاطفال المرضى ويكتشف اصاباتهم ويشارك في اجراء هذه العملية ويتابعهم بعد مغادرة البروفسور بورلون.
عن هذه التقنية المعتمدة في سد الثقب في قلب الاطفال يقول ابو شرف إن "البروفسور بورلون ساعدنا على تطوير هذا النوع من العمليات في اغلاق عدد كبير من الثقوب في لبنان. لقد اصبحنا مستقلين الآن، لكننا نفضل اجراءها، في بعض الحالات المعقدة، تحت اشراف خبير مثله لديه خبرة اكبر بكثير من خبرتنا، ففي المركز الذي يعمل فيه يجرون 4 او 5 عمليات اسبوعيا، بينما هنا لا نجري أكثر من عشر عمليات في السنة".

ں كيف تحضرون المرضى في لبنان؟
- نجري بداية الفحص الطبي. وعادة ما يأتي المريض الينا اثر اصابته بصفير في القلب، فنجري له الفحص، والنتيجة واحدة من اثنين: اما أن ننتظر، بحسب عمر الولد، لأنه في بعض الحالات يغلق الثقب في الاذين من تلقاء نفسه او يصغر حجمه بفعل التقدم في العمر. واما أن نجري له عملية التمييل. وهناك بعض الحالات التي نفضل تجميعها ومناقشتها مع البروفسور بورلون لنأخذ ارشاداته حول اسلوب العمل لتسكيرها. بهذه الطريقة نكون اكثر امانا وتأكدا بالنسبة الى العملية من جهة، ونستفيد من خبرته من ناحية ثانية، كما تكون اكثر فائدة للولد ومضاعفاتها اقل، واخف كلفة على المجتمع. بعد العملية نتابع المرضى دوريا هنا في لبنان على مدى سنة. وحتى الان نشكر الله لم تحصل اية مشاكل والتقدم ايجابي. ولا بد من الاشارة الى اننا اجرينا كذلك، وباشراف الدكتور بورلون، عمليات توسيع او تسكير شريان خارج القلب بواسطة الروسور او الشمسية.

ں في اية مستشفيات تجرى عمليات كهذه؟
- حاولت من خلال وزارة الصحة حصر هذه الحالات النادرة في المستشفيات الجامعية التي تضم كل الاختصاصات في مجال طب الاطفال، اضافة الى المعدات اللازمة والفريق الطبي الضروري، مثل الجامعة الاميركية والقديس جاورجيوس واوتيل ديو ورزق وحمود في صيدا... وقد نجحت بنسبة 50 في المئة حتى الآن. وهذا برأيي السبيل الامثل للحصول على نتائج افضل والتقليل من الكلفة وتطوير خبرة الاطباء، وكذلك تقليل نسبة الوفيات. انها مسألة سياسة صحية". وكشف أبو شرف ان ثمة عمليات كهذه تجرى في مراكز عدة في المناطق النائية، "لكنها، ويا للأسف، تحمل نسبة كبيرة من الخطر لان تلك المراكز ليست مهيأة لهذا النوع من العمليات في حال حصول مضاعفات قد تؤدي الى الوفاة".
ں هل تغطي وزارة الصحة او الضمان الاجتماعي كلفة هذه العمليات؟

- نعم تغطيها الوزارة والضمان. لكن هذه المرة واجهتنا بعض المشاكل بسبب سعر الجهاز المرتفع الذي يبلغ بين 4 و6 آلاف دولار، وقد خفضت الهيئات الضامنة من نسبة تغطية سعرالقطعة، واضطر بعض المرضى الى تأمين المبلغ بانفسهم من الاصدقاء والاقارب، مع الاشارة الى ان العملية بكاملها تكلف نحو 8 آلاف دولار، وهذا مكلف للبناني في الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة. لقد تمكنا في مستشفى الروم من مساعدة بعض المرضى المحتاجين عن طريق جمعية (cap-ho) التي تغطي جزءا من تكاليف العملية، لكن هذا الامر لا يمكننا القيام به دائما ولكل المرضى.

وهنا تدخل الدكتور بورلون ليشيرالى "الاسعار المرتفعة جداً للتجهيزات والمعدات واللوازم الطبية في لبنان والتي هي اغلى بكثير من فرنسا!!!".

سحـــــر الشــــوق[/align]

[أجمل إحساس]

اللهم ابعد عن عبادك الشر والضرر ..

الله يعطيك العافية أختي سحر الشوق

اجمل احساس .

[حنايا الألم]

الله يعطيك العافية أختي سحر الشوق