New Page 1
قديم 17-10-11, 08:41 PM   #1

الخيال
عضو فعال

 
الصورة الرمزية الخيال  







رايق

Ico27 رنّة جرس


رنّة جرس قصة قصيرة : منصور جعفر آل سيف
نجيبة السيد علي

خفق قلبها العذري على رنّة جرس الباب، انتفض قلم الحــــبر الجاف بين أناملها، صعد الدم إلى وجهها الفاتن ليزيده احمراراً .. إنه هو .. وما من أحد يفتح الباب سواهـا فهي الوحيدة في الدار هذا اليوم.. نعم هو .. له رنّة خفيفة مميزة، فيداه لا تـــــــكادان تلامسان زر الجرس.. وربما هو الجرس يستجيب إليـــــــه بنغمة خاصة أو هي أذناها تترجمان الرّنة دوناً عن غيرها.. ومــع خفـــة رنته إلا أنها دائما تهزّها بل ترفعها من مكانها لـــولا الحـــياء وترفّع الفتاة الفطري في مجتمع محافظ.. حين يحالفها الحظ فــي فتح الباب لاستقباله.. تواجهه بابتسامة تعجز عن مواراتها ..قــــائلة تفضل.. وحين يلج يشيع التحية لكل أفراد الأسرة صغـيراً وكــبيراً.. ويخص خالته وهي أمها بقبلة يطبعها على جبهتها.. أما هي فيتحدث إليها كما يتحدث مع غيرها من أهل الدار، لــم يــعامـــلها معاملة خاصة، رغم أنها مسماة له.. أو محجوزة باسمه، فـــــقد قالت القابلة التي أولدتها بعد عسر.. وهي تلقفها إلـــــــــى يد خالتها مصفقة راجزة لــســـــلامـــة مولودة كادت أن تختنق " مــا أحلاها زوجـــة عباس " فهي زوجته عرفاً منذ أن فتحت عيناهــــا إلى نور الدنيا!!
لطالما سمعتهم يرددون القول أمامها بأعين لا يفارقها الغمز:
ـ رجاء لعباس وعباس لرجاء.. ابنة خالته أولى به من غيـره.
في سنوات طفولتها المبكرة، لم تكن تعي مغزى مايقــــال.. لكنها غالباً تستقبله بشيء من الاعتداد.. وتعتبره ميزة خاصــــة بها دوناً عن غيرها كما تتميز طفلة بلعبة لا حـق للآخرين فيها ولا مطمع.. وكثيراً ما حاكت خيالاتها الطفولية البــــــريئة للأمر صوراً ساذجة وأخرى مضحكة! وحين لسعت حرارة الأنــــوثة مشاعرها، بدأت تبدي لا مبالاة ظاهرية لكلامهم وفي بعض الأحــــيان تتصنع التمرّد والثورة.. وكثيراً ما يجتاحها حياءٌ يقابله الآخرون بالبسمات الماكرة.
وبينما نظرت إليه في جرأة طفلة ، استحـــالت تلــك الـجــــرأة العفوية إلى مجموعة من النظرات المختلســـة في سنوات الصبا ممطرة بقرع قلبي غير متوازن.. قالوا أنه دليل الحب.. أو هــكذا فهمت من المسلسلات التلفزيونية التي تدمنها.. أيعجبها حقاً..؟! يطرب قلبها مجرد ذكره.. تتمــــــناه الكثيرات.. حين يدخل الدار يتحلّق حوله أفراد أسرتها صغاراً كــــــــــباراً، هذا يطالبه بآخر نكته، وآخر يتحداه في لغز مستعصٍ وثـــالث يستنجد به في حل مسألة رياضية شائكة.. حتى " حبيب" الـــذي لــــم يجاوز الثالثة من عمره يستنفر عضلاته الرقيقة ليقفز إليه مرحبـــاً متسلّقاً إلى عنقه ، وإن جلس لازمه في حضنه يرمقه بنظـــــرات حب طفولي صارخ.. تذكرته في إحدى زياراته.. كان حبيــــــــب يومها متسخاً بالبوظة التي انهمك يلحسها ويتمطقها في تلذّذ.. أحست يومها بحرج شديد.. دلفت تسحب أخاها الذي لــــــــوى رأسه في عناد ملتصقاً أكثر بسحنة عباس ملوثاً إياه.. وحيــــــن أصّرت على سحبه، فتح فمه معبراً عن رفضه بلفظة "مــــا" التي حملت معها فقاعة من بقايا لعابه اللّزج.. حتى أثـــار ضـــحــــــك الجميع واستدرّ عطفهم، قال عباس في تلّطف وهو يمــسح مــــا علق بوجهه من آثار البوظة..
ـ لا بأس .. لا بأس.. دعيه.
ربما شعر ذلك الطفل الصغير بفطرته الخصبة أنها تحـــــــسده لمقامه من عباس وقربه منه ، بينما لا تجرؤ هي عــلـى مجـــــرد مكاشفته بمكنون قلبها، هل تغبط عباس على ما يكنـــه لـــــــــه الآخرون من حب وألفة أم تغبط الآخرين من أفراد أسرتهــــــا حيث يجالسونه بحرّية فتتدفق بهم الأحاديث حتى تلامـــــس خــاصـــة أحاسيسهم.. في لحظات تعتريها الغيرة منهم، تشـــعــر بـــهـم ينتزون مكانتها منه، وتتمنى لو استأثرت به دونهم خصوصــاً وأنــه لم يشعرها قط بخصوصيتها لديه، لكنها تعلل له وتترقـــب مــــنه نظرة أو كلمة في يوم ما.. فلعله تأتي فرصة نادرة يخلو البيت إلا منه ومنها!
لكن الفرصة لا تأتي ، هو دائماً محاط بأفراد أسـرتـهــا وهـــي دائماً مأسورة بمشاعرها وأحلامها الأنثوية.. وقد شارفت سنوات المرحلة الثانوية على النهاية.. بينما أكمل هو دراسته الجامـعية وصار مشروعاً زواجياً جاهزاً ، واللحظة التي تترجاها مــا زالــــــت مكبلة.. إلى متى.. ! وفي محاولة لإطلاقها.. استغلت نقاشـاً جمعها والصديقات حيث كانت كل واحدة منهن تعـــرّي نـوايـاهـــا المستقبلية وتضعها في مشرحة القيل والقال.. حينها صرّحــت وهي تطالعهن كمن يرمي لهن بمفاجأة:
ـ أما أنا فلا أنوي الزواج من الأقارب ..
وعللت نيتها بأسباب علمية وصحية .. كانت كــمن ألــــــقى حجراً ليجلّي اهتزازات الماء من حوله..
هاهي رنته تقرع أذنيها وتتسلل إلـى قلبـــها متناغــمــة مــع مشاعرها، والبيت خال إلا منها، ربما هــــي الـفـرصـة الـنـادرة.. نهضت من مكانها.. عربدت تساؤلات حائرة في ذهنــهـا.. هـــل بلغته رسالتها؟ كيف لا وأخته بينهن حين عرّت نواياها.. هل جـاء يناقشها الأمر .. ماذا تجيبه وهي لم تألف الحديث معــه عـلـــى انفراد؟ هل تجرؤ مصارحته بهواجسها التي دفعتها إلى ما قالتــــه.. وماذا لو أسفر ذلك البرود الذي تأخذه عليه عن بركــان هــائـج فأراد أن يقبلها رغماً عنها.. تسمّرت حيث هي أزداد دفق الدمـاء إلى وجهها الفاتن..قالت..لا..لا.. أعوذ بالله .. لابد أن أرفـض هذا الشيء.. سارعت في خطواتها نحو الباب مستترة بغلالــــة من قماش تحجب البدن وشيئاً من الشعر.. فتحته غير شاكــــة أنها ستراه.. سلّم دون أن يرفع طرفه أليها كعادته دائماً.. قالت بصوت عكّرت صفاءه أنفاس ملتهبة وخفقان قلب مضطرب:
ـ تفضل لكن الوالدة غير موجودة.
ردّ في تأدّب واضح:
ـ شكراً.. سوف آت مرة أخرى.
لوى جدعه الممشوق متراجعاً، هوى فؤادها، لكنه استقــــام وتقدّم بخطوة أخرى أفعمت قلبها في كلمة ترجوها.. التـــهـــبت مشاعر أنثوية ترقباً، أحسّت به في مثل وضعها إن لم يكن أكثر.. خصوصاً وقد مدّ يده إلى جيبه ليخرج ظرفاً ناصع البياض، مدّه إليها في ترّفق وقد رمقها بنظرة لم تفطن معناها..قال:
ـ تفضلي هذه بطاقة دعوة..
وانسحب سريعاً كالبرق.. بينما رنت وراءه بنظرة خاطفــــــة، قلّبت الظرف بين أناملها المرتعشة.. فتحته لا تدّخر توقعـــاً لمــا فيه، أخرجت ورقة ملساء مزدانة بنقوش ملوّنة.. قرأتها،شدهتها العبارات، دعوة لحضور حفلة "خطوبة" عباس من معــصــومـــة.. اهتزت الورقة بين أناملها، همست في مرارة وهي تطبق أجفانها عن قطرات دمع..
ـ ألم تجد غير هذه.

تــــــــمّـــــت
السبت 25 / جمادى الآخرة 1421 هـ

الخيال غير متصل  

قديم 20-11-11, 03:54 PM   #2

عاشق السماء
.: إداري :.

 
الصورة الرمزية عاشق السماء  







افكر

رد: رنّة جرس



الأخ الخيال
لك تحية مزهرة بربيع الخير

قصة جميلة استمتعت بقرائتها رغم أن نهايتها حزينة
لكنها تستحق القراءة والثناء عليها

دمت موفقاً لكل خير

تحياتي السماوية
عاشق السماء
__________________

عاشق السماء غير متصل  

قديم 20-11-11, 06:48 PM   #3

اموووت في تاروت
عضو متميز

 
الصورة الرمزية اموووت في تاروت  







قلق

رد: رنّة جرس




رائعه جدا لكن نهايتها تبكي لها العين

يسلمو على النقل
__________________

اموووت في تاروت غير متصل  

قديم 26-03-12, 12:49 PM   #4

الزهراء عشقي
...(عضو شرف)...

 
الصورة الرمزية الزهراء عشقي  







فرحانة

رد: رنّة جرس


,
آللهم صلِ على محمد وآلٍ محمد
قصه مميزه ورـآئعه
لكنهآ مؤلمه وحزينه
آلمتألق / آلخيآل ~
يعطيكـ ـآلعآفيه ع الانتقاء المتميز
وبآنتظآر جديدكـ ـآلقآدم
دـآم ـآبدـآعكـ ودـآمت موـآضيعكـ ـآلجميله
رعآآكـ ربي~ ||~

__________________
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي

الزهراء عشقي غير متصل  

قديم 26-03-12, 03:57 PM   #5

محبة آل محمد
عضو متميز

 
الصورة الرمزية محبة آل محمد  







رايق

رد: رنّة جرس


يسلموو الخيال على القصه المؤثره

__________________

محبة آل محمد غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رنّة الخلخال ليث الديرة المنتدى الثقافي والأدبي 34 15-08-11 11:19 PM
شخصيّتك من رنّة هاتفك ملكة الأحساس منتدى الإتصالات 3 19-10-06 08:45 PM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 02:38 PM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited