New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > المنتديات الثقافة الفكرية والعلمية > المنتدى الثقافي والأدبي > ركن المنقولات الأدبية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-06-09, 11:28 PM   #1

romanticrose
إداريه

 
الصورة الرمزية romanticrose  






افكر

جميل بثينة " ترجمة شاعر + قصائد "


جميل بثينة..عشق وفراق

قصة مثل الكثير من قصص العشق التي تنتهي بالفراق، تأتي لنا قصة جميل وبثينة لتنضم لموكب شهداء الحب، العاشق هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري نشأ في قومه بني ربيعة بوادي القرى بين مكة والمدينة، أما العاشقة فهي بثينة بنت يحيى من بني ربيعة أيضاً.

عشق جميل بثينة منذ الصغر فلما كبر خطبها فمنعه أهلها عنها، فأنطلق ينظم الشعر فيها فجمع لها قومها جمعاً ليأخذوه إذا أتاها فحذرته بثينة فاستخفى وقال:

فلو أن الغادون بثينة iiكلهم
غياري وكل حارب مزمع iiقتلي
لحاولتها إما نهاراً iiمجاهراً
وإما سرى ليلٍ ولو قطعت رجلي


وهجا قومها فاستعدوا عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة، فنذر ليقطعن لسانه فلحق بجذام وقال:
أَتانِيَ عَن مَروانَ بِالغَيبِ iiأَنَّهُ
مُقيدٌ دَمي أَو قاطِعٌ مِن iiلِسانِيا
فَفي العيشِ مَنجاةٌ وَفي الأَرضِ مَذهَبٌ
إِذا نَحنُ رَفَّعنا لَهُنَّ iiالمَثانِيا
وَرَدَّ الهَوى أُثنانُ حَتّى iiاِستَفَزَّني
مِنَ الحُبِّ مَعطوفُ الهَوى مِن iiبِلادِيا




بقى جميل هناك حتى عزل مروان عن المدينة، فأنصرف على بلاده وكان يختلف إليها سراً، كان لبثينة أخ يقال له حوَّاش عشق أخت جميل وتواعد للمفاخرة فغلبه جميل، ولما اجتمعوا لذلك قال أهل تيماء: قل يا جميل في نفسك ماشئت، فأنت الباسل الجواد الجمل، ولا تقل في أبيك شيئاً فإنه كان لصاً بتيماء في شملة لا تواري لبسته، وقالوا لحواش قل، وأنت دونه في نفسك وفي أبيك ما شئت فقد صحب النبي "صلى الله عليه و آله وسلم".

قال كثير: قال لي جميل يوماً: خذ لي موعداً مع بثينة، قلت: هل بينك وبينها علامة؟ قال: عهدي بهم وهم بوادي الدوم يرحضون ثيابهم، فأتيتهم فوجدت أباها قاعداً بالفناء، فسلمت، فرد وحادثته ساعة حتى استنشدني فأنشدته:
وَقُلتُ لَها ياعَزَّ أَرسَلَ iiصاحِبي
عَلى نَأيِ دارٍ وَالرَسولُ مُوَكَّلُ
بَأَن تَجعَلي بَيني وَبَينَكِ مَوعِداً
وَأَن تَأمُريني بِالَّذي فيهِ iiأَفعَلُ
وَآخِرُ عَهدٍ مِنكَ يَومَ iiلَقيتَني
بِأَسفَلِ وادي الدَومِ وَالثَوبُ يُغسَلُ



فضربت بثينة جانب الستر، وقالت إخسأ، ولما تساءل والدها، قالت: كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء هذه الرابية، قال: فأتيت جميلاً وأخبرته أنها وعدته وراء الرابية إذا نام الناس.
كما يروي ابن عياش قائلاً: خرجت من تيماء فرأيت عجوزاً على أتان - أنثى الحمار- فقلت من أنت: قالت: من عذرة، قلت: هل تروين عن جميل ومحبوبته شيئاً فقالت: نعم، إنا لعلى ماء بئر الجناب وقد أتقينا الطريق واعتزلنا مخافة جيوش تجيء من الشام إلى الحجاز، وقد خرج رجالنا في سفر، وخلفوا عندنا غلماناً أحداثاً، وقد أنحدر الغلمان عشية إلى صرم لهم قريب منا ينظرون إليهم، ويتحدثون عن جوار منهم فبقيت أنا وبثينة، إذا انحدر علينا منحدر من هضبة حذاءنا فسلم ونحن مستوحشون فرددت السلام، ونظرت فإذا برجل واقف شبهته بجميل.
فدنا فأثبته فقلت: أجميل؟ قال: إي والله، قلت: والله لقد عرضتنا ونفسك شراً فما جاء بك؟ قال: هذه الغول التي وراءك وأشار إلى بثينة، وإذا هو لا يتماسك فقمت إلى قعب فيه إقط مطحون وتمر، وإلى عكة فيها شيء من سمن فعصرته على الأقط " الجبن"، وأدنيته منه فقلت: أصب من هذا وقمت إلى سقاء لبن فصببت له في قدح ماء بارد وناولته، فشرب وتراجع فقلت له: لقد جهدت فما أمرك؟ فقال: أردت مصر فجئت أودعكم وأسلم عليكم، وأنا والله في هذه الهضبة التي ترين منذ ثلاث ليال أنظر أن أجد فرصة حتى رأيت منحدر فتيانكم العشية، فجئت لأحدث بكم عهداً، فحدثنا ساعة ثم ودعنا وانطلق، فلم نلبث إلا يسيراً حتى أتانا نعيه من مصر.


وهكذا مات جميل ومات معه حبه ولكن يظل شعره ينبض بالحياة ويروي لنا قصة عاشق

لَقَد ذَرَفَت عَيني وَطالَ iiسُفوحُها
وَأَصبَحَ مِن نَفسي سَقيماً صَحيحُها
أَلا لَيتَنا نَحيا جَميعاً وَإِن iiنَمُت
يُجاوِرُ في المَوتى ضَريحي ضَريحُها
فَما أَنا في طولِ الحَياةِ iiبِراغِبٍ
إِذا قيلَ قَد سوّي عَلَيها iiصَفيحُها
أَظَلُّ نَهاري مُستَهاماً iiوَيَلتَقي
مَعَ اللَيلِ روحي في المَنامِ iiوَروحُها
فَهَل لِيَ في كِتمانِ حُبِّيَ iiراحَةٌ
وَهَل تَنفَعَنّي بَوحَةٌ لَو أَبوحُها


بعض قصائده :

أرى كل معشوقين غيري وغيرها "
" يلذّان في الدنيـا ويغتبطان



وأمشي وتمشي في البـلاد كأننا "
" أسيـران للأعـداء مرتهنان



أصلي فأبكي في صلاتي لذكرهـا "
" لي الويل مما يكتب الملكان



ضمنت لها أن لا أهيـم بغيرهـا "
" وقد وثقت مني بغير ضمان



ألا يا عبـاد الله قوموا لتسمعوا "
" خصومة معشوقين يختصمان



وفي كـل عـام يستجدّان مـرة "
" عتابا وهجـرا ثم يصطلحان



يعيشان في الدنيـا غريبين أينما "
" أقاما وفي الأعوام يلتقيـان

....
__________________

romanticrose غير متصل  

قديم 17-06-09, 11:41 PM   #2

romanticrose
إداريه

 
الصورة الرمزية romanticrose  






افكر

رد: جميل بثينة " ترجمة شاعر + قصائد "


قصيدة مع المناسبة و وقفات بلاغية :

قاضى الهوى (2)

وقلت لها:اعتللت بغير ذنب وشر الناس ذو العلل البخيل

ففاتينى إلى حكم من اهلى وأهلك ، لا يحيف ولا يميل

فقالت : أبتغى حكماً من اهلى ولا يدرى بنا الواشى المحول

فولينا الحكومة ذا سجوف ، أخاً دنيا ، له طرف كليل
فقلنا : ما قضيت به رضينا ، وأنت بما قضيت به كفيل
قضاؤك نافذ ، فاحكم علينا بما تهوى ، ورأيك لا يفيل
وقلت له : قتلت بغير جرم ، وغب الظلم مرتعه وبيل

فسل هذى : متى تقضى ديونى وهل يقضيك ذو العلل المطول؟

فقالت : إن ذا كذب وبطل ، وشر ، من خصومته ، طويل

أأقتله؟ وما لى من سلاح ، وما بى ، لو أقاتله ، حويل

ولم آخذ له مالاً ، فيلفى له دين على ، كما يقول

وعند أميرنا حكم وعدل ، ورأى ، بعد ذلكم ، أصيل

فقال أميرنا : هاتوا شهوداً فقلت : شهيدنا الملك الجليل
فقال : يمينها ، وبذاك أقضى ، وكل قضائه حسن جميل

فبتت حلفة ، ما لى لديها نقير ، أدعيه ، ولا فتيل
فقلت لها وقد غلب التعزى : أما يقضى لنا ، يا بثن ، سول؟.

فقالت ثم زجت حاجبيها : طلت ، ولست فى شئ تطيل

فلا يجدنك الأعداء عندى ، فتثكلنى وإياك الثكول !









يدور المحور الفكرى فى هذا النص حول الاحتكام إلى قاض من الأقرباء يحكم فى الخصومة بين الحبيبين ، (جميل وبثينة) ، ووقع الاختيار على إحدى القريبات ، وذكر كل منهما قصته.

وقد بدا النص في مجمله قصة شعرية قصيرة ، احتوت العناصر الدرامية بكل أبعادها ، متضافرة فيما بينها ، مبرزة عاطفة الحب التى ملأت قلبه وسيطرت على مشاعره.

وهو فى بنائه الدرامي لرؤيته الشعرية اعتمد على أسلوب القص والسرد ، والحوار الذي جرى على لسان الشخوص الثلاثة (هما والقاضي) غير أنها جلسة قضائية سرية ، من غير جمهور أو حجاب ، وبالطبع مكان المحاكمة مكان مستور عن العيون ، وهو ما تقتضيه طبيعة العلاقة بينه وبينها.

والقصة كلها من قبيل الخيال الكلى المتنامي المنتظم فى قصة لها بداية ووسط ونهاية ، تعتمد على التسلسل في الأفكار والمعاني ، مما حقق فيها الوحدة العضوية والموضوعية طبقا لمنظور النقد الأدبي الحديث، وهذه القصة الشعرية القصيرة يمكن نثرها كما يلي :

جميل : قلت لها إنك قد تجنيت على من غير ذنب أو جريرة تجعلك تجافينني إلى هذا الحد ، والأجدر بنا الاحتكام إلى حكم من أهلي وأهلك يعدل في الحكومة ولا يجور ، ويحكم بالحق والقسطاس ولا يميل إلى هوى أو شيء في نفسه.

بثينة : قالت : أبتغى قاضياً من أهلي ، يحكم بيننا سراً ولا يعلم بهذه الحكومة أحد من الوشاة النمامين ، ولا العذال اللائمين (فاتفقنا على اختيار الحكم ، امرأة عادلة من قومنا ، وأقررنا بأن حكمها نافذ عادل مقبول ، سوف يذعن له كلانا ويقبله عن طيب خاطر وبدأ كل منا يورد حجته).

جميل : أيها القاضي! إن بثينة قد قتلتني من غير جرم ارتكبته ، ومن غير ذنب اقترفته ، وللظلم نهاية تنصف المظلوم ، وتأخذ فوق يد الظالم ثم إنها مدينة لي ، فسلها متى تقضى ديوني؟ وهل يؤدى المماطلون ما عليهم من ديون واجبة السداد؟

بثينة : (بلهجة ثائرة وبصوت مرتفع حاد) : إن هذا كذب وبهتان وتضليل منه ، وشر طالما حل على منه الكثير ، وكيف أقتله وأنا المجردة من السلاح، ولا حيلة لي ولا قوة في مواجهة حيله وقواه؟ كما أنني لم آخذ منه مالاً حتى يدعى ويزعم أنني مدينة له ، والرأي رأيك يا أميرنا القاضي ، فاحكم بما ترى ، فأنت الصائب فى الرأي ، العادل في الحكم والقضاء.

القاضي : أين الشهود؟

جميل : الله ربى خير الشاهدين.

القاضي : عليها يمين الله ، تقسم بالله أنها بريئة وسوف أحكم لها إذا حلفت (وكل ما يحكم به قاضينا فهو حسن جميل). وحلفت بثينة يمينا قاطعاً ببراءتها من كل ما نسب إليها ، وسدت الطرق أمام آي اتهام صغير أو كبير، يوجهه إليها خصمها جميل.

جميل : قال لها (وقد غلب التعزي) أما آن لنا إعادة الوصل بيننا؟ وما آن أن يلبى مطلبي؟.

بثينة : (بتمنع ودلال) لقد أطلت يا جميل ، وعهدي بك أنك لا تطيل ، وكل ما أطلبه منك أن تكون حذراً فلا يجدنك الأعداء عندي ، فتفتقدني إلى الأبد ، ساعتها سوف أقتل وأنت القتيل.


الحبكة الدرامية كما ترى قد توافرت دلائلها فى هذا النص الشعري، من خلال الحوار الخارجي الذي يسير متناهيا متصاعداً ، حيث تزداد حدته الانفعالية بين الطرفين.

وكـان الحكـي على لسـان الراوي بضميـر المتكلـم (قلت) لأنـه البطـل القصصي والتاريخي معـاً ، فكان بطريقة السرد الذاتي Autobiogt aphical.

وعنصر الصراع واضح فى هذا العمل بين الأمل واليأس ، بين الرغبة والمنع ، وتصل قمة تأزمه لحظة تبادل الاتهامات أمام القاضي المختار ، ثم تجئ الانفراجة حين تخاطبا (جميل وبثينة) وجها إلى وجه ، وقد نحيا القاضي جانباً وأخذ يتلاومان ويتعاتبان.

"وغالباً ما يكون الصراع هو عقدة العمل القصصي ، إذ الحوادث تتلاقى ، وتتلاحم درجات التأزم والتعقد ، ثم يأتى بعد ذلك ما يسمى بالقرار الحاسم ، وهو يشبه الحل في القصة ، ولحظة التنوير في القصة القصيرة أو الأقصوصة

ومن الصراع والحوار تكون هذا العمل الشعري القصصي فى لحمة جميلة ، والحوار والصراع هما أساس القصة وعمادها فالحوار كان بمنزلة الجسد ، والصراع بمنزلة الروح في هذا الإبداع الشعري ، أو كما يقول الدكتور/ عز الدين إسماعيل : "الحوار هو المظهر الحسي ، أما الصراع فهو المظهر المعنوي

وقد كشف لنا الحوار الذي أجراه الشاعر / القاص على لسان الشخصيات عن طبيعة هذه الشخصيات وهويتها وعقيدتها التي تدين بها فالحوار الجاري على لسان القاضي - يكشف عن أنها امرأة حصيفة ذات مكانة في قومها ، وأنها تستقى مواد حكمها من شريعة الإسلام.



فقلت : شهيدنا الملك الجليل



فقال أميرنا : هاتوا شهوداً



وكل قضائه حسن جميل



فقال : يمينها وبذاك أقضى






فالقاضى يستقى مواده القانونية من خلال المعيار الإسلامي في القضاء "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر".

وهو ما يدل على أنه قاض على قدر من العقلانية والتثبت ، وعلى قدر من العدل والإنصاف.

وهو ما يعكس لنا البيئة الإسلامية فى ذلك الوقت ، وكيف رسخت أنظمة القضاء وفض المنازعات بين المتخاصمين فى العصر الأموى.

والحوار على لسان بثينة كشف عن شخصية منظمة فى تفكيرها ، قوية الحجة فى الخصومة وفى الدفاع عن نفسها ، وكشف الحوار فى الوقت نفسه عن طبيعة المرأة فى انفعالها وثورتها.



وشر ، من خصومته ، طويل



فقالت إن ذا كذب ، وبطل



وما بى لو أقاتله حويل؟!



أأقتله؟ ومالى من سلاح



له دين على كما يقول



ولم آخذ له مالاً فيلفى



ورأى بعد ذلكم أصيل



وعند أميرنا حكم وعدل






إنه حوار يكشف عن شخصية صاحبته اللماحة، سريعة البديهة، قوية الحجة، لها المقدرة على تفنيد اتهامات الخصوم والرد عليها جزئية بعد أخرى، وجميل - في نظري - هو أدرى الناس بشخصية (بثينة) وأقدرهم على رسم ملامحها النفسية والعقلية والأخلاقية.

وكل حوار يؤدى إلى تاليه فى إنماء درامية النص حتى يصل إلى نقطة الحل والنهاية ، وقد أدى الحوار المهام المنوطة به فى هذا العمل الشعري القصصي حيث "الاشتراك فى رسم الشخصيات ، وإبراز أعماقها الدفينة وأحاسيسها الكامنة ، وصنع الاندماج والتلاحم بين شخصيات القصة، والتفاعل بينها وبين الأحداث ، كما أدى دوره فى تطوير أحداث القصة وإنمائها وصولاً إلى النهاية أو الحل

الأسلوب والصياغة وقد حقق الأسلوب والصياغة مزيداً من الدرامية وقدراً موفقاً من التعبير الأدائي العضوي.

منها اختياره للصيغ الصرفية الأكثر دلالة على تكثيف المعنى وتهويله ، زيادة على الدلالة المعجمية لمادة الكلمة مثل "اعتل - ابتغى - أقاتل - فاتينى" والاعتماد على الأساليب التأكيدية المختلفة مثل القصر وإياك الثكول - والترادف "لا يحيف ولا يميل" - نقير أدعيه ولا فتيل ، وإن المؤكدة للجملة الاسمية "إن ذا كذب وبطل وشر من خصومته طويل" وتأكيد النهى "فلا يجدنك الأعداء عندي" وهى أساليب تلائم السياق التاريخي والفني ، وهى ترتبط بمحاولات الدفاع أو توجيه التهم ، فيدور التأكيـد إيجـابـا أو سلبا ، ولذا كان ملائما أيضاً الإكثار من النفي والاسـتفهام، إذ الموقف يحتمل الأخذ والرد ويحتمل التعجب والإنكار ومن النفي "لا يحيف ولا يميل - رأيك لا يفيل ومالي من سلاح - وما بى لو أقاتله حويل".

والاستفهام (متى تقضى ديوني؟) للاستبطاء ، وقوله : وهل يقضيك ذو العلل المطول؟ أأقتله؟

الأول استخفاف بها واستفزاز لمشاعرها ، والثاني نفى واستبعاد وإنكار منها للتهم الموجهة إليها ، والأمر للإذعان والتسليم "فاحكم علينا بما تهوى". كما يجئ الأسلوب الخبري فى موطنه الأدائي فهو يأتي إقراراً بعدل القاضي وتسليما بحكمه : "ما قضيت به رضينا - وأنت بما قضيت به كفيل - قضاؤك نافذ ورأيك لا يفيل - وعند أميرنا حكم وعدل - ورأى بعد ذلك أصيل). ويجئ الأسلوب الخبري قبل نهاية القصة فى أفضل مواطنه ، ليدل على عجز المدعى بالحكم المدني (جميل) عن توجيه أي اتهام آخر للمدعى عليها (بثينة) بعد يمينها القاطع المانع أمام القاضي :



نقير أدعيه ولا فتيل



فبتت حلفة مالي لديها






ويتضافر الاستفهام مع أسلوب التصغير فى الملاطفة والاسترقاق حيث قوله :



أما يقضى لنا يا بثن سول؟!



فقلت لها وقد غلب التعزي






كما كان المجاز أسلوباً تعبيريا، فمنه الكناية فى قوله ذا سجوف ، له طرف كليل) كناية عن المرأة المختارة للقضاء.

ومنه التبادل المجازى بين المضارع والماضي حيث قوله : "ما قضيت به رضينا" والتعبير بالماضي بدلاً من المضارع هنا له قيمته الوظيفية لإظهار ما سيكون كأنه كان بالفعل ، دلالة على الإذعان والتسليم المطلق بحكومة القاضي ، وهو ما أضفته اسمية الجملة (قضاؤك نافذ).

ومنها الاستعارة بالفعل (قتلت بغير جرم) وكأن الطعنات المعنوية التي تلقـاهـا من (بثينة) طعنـات بالسـيف كادت أن تودي بحياته، وقوله: "ثم زجت حاجبيها" كناية عن الدلال والرقة.

وتضافرت الموسيقى الخارجية ( بحر) الوافر مع الموسيقى الداخلية ،ومنها الترصيع بالتنوين في قوله: ( ذا كذب وبطل وشر ) يعكس به الشاعر القاص مظاهر الانفعال والاندفاع الشعوري لبثينة أثناء التقاضي حينما اتهما الشاعر بأنها قاتلته وأنها مدينة له.

وهكذا جاءت القصيدة قصة شعرية قصيرة أبدعها جميل بثينة ، تمثلت فيها العناصر القصصية (الدرامية) من الصراع والحوار والسرد والحدث المتنامي والتعقيد والحل والشخوص ، وكل تلك البنائية جاءت دون أن يقصد الشاعر إنشاء قصة قصيرة كما عرفها الأدب الحديث ، وإنما هو قالب فني انتهجه الشاعر ضمن غيره من الشعراء السابقين والمعاصرين له واللاحقين.

وقد جاءت عناصرها التشكيلية موظفة في سياقها الفني فأدت ما عليها ، مع تنوعها وتباينها ، معجماً وأسلوباً وصياغة وتصويرا.

والنص في النهاية دليل على وجود المذاهب الأدبية لدى شعرائنا فى العصور القديمة قبل التقسيم النقدي الحديث للمذاهب الأدبية ، وهو ما يدفعنا إلى الاعتزاز بتراثنا الأدبي ، وإعادة قراءته تحليلاً ونقداً لاستخراج كنوزه وذخائره طبقا للأصول النقدية الأصيلة والمعاصرة معاً.

__________________

romanticrose غير متصل  

قديم 24-06-09, 06:22 PM   #3

أيمن العمران
عضو نشيط

 
الصورة الرمزية أيمن العمران  






رايق

رد: جميل بثينة " ترجمة شاعر + قصائد "


باسمه تعالى
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشاعرة "رومانتك روز":
جميل بثينة وما أدراك ماجميل.
جميل بن معمر يأخذني للغزل لأبد حدود لطهارته وعفته.
ترجمة جميلة ورائعة، بحق أتعبني هذا الشاعر الفذ!.

شكرًا لهذه المواضيع الجميلة أختي رومانتك.

موفقين إن شاء الله تعالى
دمتم في اللطف.

__________________
Victor Hugo

أيمن العمران غير متصل  

قديم 27-11-10, 04:25 PM   #4

صاحب الخل
عبق إنسان

 
الصورة الرمزية صاحب الخل  







رايق

رد: جميل بثينة " ترجمة شاعر + قصائد "


للاسف قرات له قليل جداً ولكن سمعت قصته كثيرا



اتمنى ان اقرأ له


شكرا لك يا مشرفتنا القديرة

رومنتك روز







صاحب

__________________
العشق الحقيقي عشق الله اما غيره فكله وهم واهدار للعمر
اللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين ابدا

صاحب الخل غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 08:15 PM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited