[ALIGN=JUSTIFY]موضوع عجبني كثير وشامل 00 كاتب الموضوع 00
الشيخ غازي الشبيب يحفظه الله
والموضوع جداً قيم[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]عاشوراء الجـــــرح الدامــــــي
بسم الله الرحمن الرحيم [/ALIGN]
[ALIGN=JUSTIFY]الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
مرة أخرى ومن خيوط فجر جديد لعام جديد تطل علينا عاشوراء من نافذة الزمان ، وتطالعنا كربلاء من زاوية المكان مرسلة لنا أشعة النور وضياء الحق .
مرة أخرى ومن خلال إشراقة عام هجري جديد نعاود الاتصال بركب الداعين إلى الله والثائرين في وجه الظلم والطغيان، الذين لم تأخذهم في الله لومة لائم ، علنا نوفق للاستضاءة من نورهم والارتواء من صافي معينهم والاستفادة من مواقفهم التي ظلت شامخة بشموخ الزمن .
تجيء هذه الذكرى كما جاءت من قبل ، حزينة كئيبة ، تغمرها اللوعة ويكسوها الأسى والألم لما حل على العطرة الطاهرة ، يقول الإمام الرضا عليه السلام )) كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة أيام ، إذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكاؤه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام(( )1( .
وهذه أيام عاشوراء المرة التي لا زالت مرارتها تسكن الأحشاء تعود مرة أخرى صارخة في وادي الصمت تطلب النصرة لابن بنت رسول الله)ص( ولأعز مخلوق على وجه الأرض ))هل من ناصر ينصرني ؟! ((.. وهذه وصايا أهل البيت(ع) تؤكد علينا مواصلة إحياء اسم الحسين(ع) وتجديد عقد الولاء معه ، فهذا زين العابدين)ع( يقول (( أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين(ع) حتى تسيل على خده ، بوّأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقابا)) (2) .
لمسة على الجرح الدامي
هناك جانبان لإحياء عاشوراء ، فتارة نحيي جانب المأساة وأخرى نحيي جاني القيم التي جسدتها حركة الحسين (ع) ، ولعلنا أولينا جانب المأساة أهمية أكبر، وهنا لابد لنا أن نقف لنتساءل ، ألا تكفينا مآسي المسلمين في واقعنا حتى نستدعي التاريخ إلى حاضرنا ؟ ألا نكتفي بآلام وآهات أهل الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ؟ فها هي فلسطين سليبة جريحة !! وهاهي العراق مستباحة!!... أولم نشاهد صور الأطفال الأبرياء يهجرون وتهدم بيوتهم ؟ أو صور النساء يصرخن وينادين أين العرب والمسلمين ؟ أولم نرى مشاهد أبنا اليهود كيف يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة يسلبون منها قرطها وجلبابها ؟! .
فلماذا نستدعي التاريخ البعيد ؟ ثم إن مآسي التاريخ ليست قليلة... فلماذا التركيز على عاشوراء؟!
أولا: إن عاشوراء تمثل القيم
فنحن لا نحتفل بعاشوراء كمأساة ليقال لنا أن المآسي كثيرة وان كان ذلك ما يغلب على ممارساتنا، بل نحيي عاشوراء لما تمثله من تجسيد لموقف الإسلام في كل أبعاد أمام موقف الباطل بكل ممارساته.
ولعلنا بالفعل في هذه المناسبة بطريقة توحي إلى (فكرة المأساة) وهذا يدعونا لإيجاد حالة توازن بين إظهار المأساة وإبراز القيم ، ويستدعي من إخواننا أصحاب الفضيلة من العلماء والخطباء أن يولوا أهمية لجانب القيم والمبادئ التي جسدها الحسين واصحابة ، فكل موقف وكل فرد كان يمثل الرسالة بكل طهرها. بل إن حاجتنا إلى عاشوراء كبيرة جدا لافتقارنا إلى الكثير من الدروس والتوجيهات التي تجسدت في كربلاء ، فتحمل مسؤولية الإصلاح ، وممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدفاع عن كرامة المسلمين ،والنهوض في وجه الظلم ، والتضحية والفداء ، والإيثار والإخلاص ...وغيرها كل تلك تدعونا لإحياء عاشوراء .
ونحن بحاجة إلى عاشوراء لتصحيح واقعنا وتقويم انحرافنا ،وحتى مآسينا المترامية على امتداد العالم الإسلامي سنجد لكل واحدة منها علاجا ناجعا سطرته مواقف أبطال كربلاء ولكن بشرط أن نفهم عاشوراء في مبادئها وقيمها .
ثانياً : إن جرح الحسين لا زال ينزف
لقد جاء في مستدرك الحاكم(ج3 ص149) وفي كنز العمال(ج6 ص116) ، وفي الصواعق المحرقة(ص111) ، هذا الحديث القائل...روى ابن عباس قال : قال رسول الله(ص) : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس...
وهذا الحديث واضح بيّن ليس فيه أي إلتباس ، وفهمه لا يحتاج إلى مؤونة ، ومراده أن أمان أمة محمد(ص) في اتباع أهل بيته ، ولكننا نجد فيمن نصب نفسه لكتابة التاريخ الاسلامي ما يثير الدهشة والغرابة وليس من الإجحاف القول بأنهم لا زالوا يقتلون الحسين ويصوبون نحوه السهام وأن جراحه(ع) لا زالت تنزف ، وهنا أنقل ثلاثة نصوص في كتاب التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر من الجزء الرابع الطبعة الثالثة(1405هـ - 1985م) يقول في صفحة135 (خرج الحسين من مكة باتجاه الكوفة ، وقد نصحه كثير ممن يحبه في عدم الخروج مما يدل على أن ذلك الخروج كان في سرعة ولكن الحسين مجتهد) .
ويقول في صفحة137 )وهؤلاء الناصحون هم من أصحاب الرأي والمعرفة ، وقد كانوا صادقين في نصحهم وعلى صواب في رأيهم ، قد اجتهد الحسين واجتهدوا ، ويبدو فيما بعد أن اجتهادهم قد أصابوا فيه ، وقد أخطأ رضي الله عنه في اجتهاده) .
وفي صفحة139 يقول(هذه أقوال رجال زمانه ، ومن ينظر إليهم ، ومن هم ثقة عند الأمة جميعاً قد نصحوا له ، وبينوا مغبة سيره إلى العراق ، ولكنه كان سائراً إلى أمر الله الذي لا بد له ، فذهابه غلط)
فكيف يمكن لنا أن نفسر حديث الرسول الكريم(ص) ؟....فإذا كان الحسين متسرعاً وقد أخطأ في اجتهاده ، وأن ذهابه غلط ، فكيف يكون إتباعه أمان للأمة كما يقول رسول الله(ص) .
وما يزيد الطين بله ما طالعتنا به الفضائيات حيث نسمع همساً خسيساً كرزية الخميس يتحدث بصوت يزيد وبحنجرة شمر وعلى طريقة عمر بن سعد وبلسان عبيد الله بن زياد فيقول إن خروج الحسين كان مفسدة!!!! .
وهذا رسول الله(ص) يقول كما في مستدرك الحاكم(ج2 ص343) (مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق)... وبعد هذا نسأل هل اندمل جرح الحسين أم لا زال ينزف؟ وهل يا ترى مأساة الحسين انتهت ومضت أم أنها لا زالت غرة طرية؟! أولسنا بحاجة إلى الحسين(ع) ليحيى فينا الضمير الحي ، أولسنا بحاجة إلى الحفاظ على التاريخ من التزوير ومن عبث العابثين .
ثالثاً : الحسين قدوتنا...
إن من أهم الناهج التربوية في علم التربية الحديث هو منهج(القدوات) ، وذلك لما هذا المنهج من تأثير مباشر على المتلقي وتأتي أهمية هذا المنهج في جهتين ، الأولى سرعة الوصول إلى المعاني التربوية المرادة ، والثاني صياغة الشخصية بأقل الوسائل وأنفذها .
وقد ركز الإسلام على أهمية هذا الجانب في حياة الإنسان ومدى ما يتركه من تأثير ، وضرب لنا القرآن الكريم بعض الأمثلة في الجانب السلبي حيث التأثر بالقدوات الزائفة كقوله سبحانه وتعالى(( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ)) (22) سورة الزخرف ، وقوله) ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (( ( 23) سورة الزخرف ، ومن جهة أخرى يرشدنا القرآن إلى الإقتداء بالقدوات الصالحة فيقول (( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)) (90) سورة الأنعام ، ويقول سبحانه وتعالى(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) (21) سورة الأحزاب .
ومن خلال عاشوراء ينبغي لكل مؤمن ومؤمنة أن يستحضر تلك النماذج الرائعة والقدوات الصالحة التي كانت في كربلاء ، فعلى الرجال أن يستأنسوا بتلك السير لزهير وبرير وحبيب وباقي الصحب ليستلهموا منها الدروس والعبر ، وعلى النساء أن يستحضرن في حياتهم تلك المواقف المشرفة للعقيلة زينب وبقية النساء ليجعلن منها نبراساً يستضئن به ، ففي زمن العولمة التعيس انقلبت الموازين وتبدلت المعايير حتى أصبحنا نرى حثالة المجتمعات من الفاسقين والماجنين تقدمهم لنا أجهزة الإعلام كنجوم صاعدة تنتشر صورهم وأخبارهم في كل مكان ، بل إن ما يؤسف له أن نجد بعض شرائح مجتمعنا سرعان ما يستجيبوا لمثل هؤلاء فيتابعون كل صغيرة وكبيرة من حياتهم ويحتفظون بصورهم ويولونها اهتماماً مبالغاً...!! .
ونحن على أبواب وأعتاب شهر محرم ينبغي علينا أن نجعل هذه الأيام فرصة رائعة للتعرف على قدواتنا الحقيقيين وعلى النماذج التي يتوجب على كل إنسان الإحتذاء حذوها والإقتداء بها ، والتي أمرنا الله بالسير على هداها والتأسي بها .
كما يفترض أن توظف هذه المناسبة لتعريف أبنائنا وأجيالنا القادمة بقدواتهم الحقيقية...وأن نعمق حالة الولاء للحسين(ع) في نفوسنا ونجدد عقد البيعة والولاء للرسول الأكرم(ص) وأهل بيته الطاهرين(ع) للسير على منهجهم والوقوف على طريقهم ، فهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
يقول علماء الإجتماع أن كل مجتمع يكثر عدد أفراده تكثر مشاكله وتزداد متطلباته وتتنوع إحتياجاته ، ويضربون مثالاً لذلك بأن العائلة الصغيرة المتكونة من زوجين تكون العلاقة فيها محصورة بين طرفين فقط ، ولكن بمجرد أن يرزقان بولد فإن العلاقات تتوسع وتكبر ويكون عدد العلاقات ست ، علاقة الأب مع كل من الأم والإبن وعلاقة الأم مع كل من الأب و الإبن وعلاقة الإبن مع كل من الأب والأم....وهكذا فكلما كبرت العائلة إتسعت علاقتها وزادت إحتياجتها وتنوعت متطلباتها ، وهكذا حال المجتمعات أيضاً ولكن المجتمعات القوية هي تلك التي تتوفر فيها المؤسسات ، وكلما كانت المؤسسات قوية ونشطة ومتماسكة كلما كان المجتمع كذلك قوياً ونشطاً ومتماسكاً وكانت القدرة على تلبية الإحتياجات وحل المشاكل أيسر وأسهل .
وإن من أهم المؤسسات الإجتماعية في مجتمعنا الشيعي هي مجالس الحسين(ع) ـ الحسينيات ـ وتتجلى أهمية هذه المؤسسات ليس على الصعيد الديني وذكر سيرة الرسول)ص( وأهل البيت(ع) فقط ، وإنما تبرز أهمية هذه المواقع في جميع الأبعاد المرتبطة بالمجتمع دينياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً...إلخ ، فهي منابر للتوجيه والإرشاد المستمر على مدار السنة ، وينبغي أن تعالج كل مشاكلنا المتشعبة ، ووجود هذه ـ الحسينيات ـ نعمة كبرى من نعم المولى عز وجل وتقع علينا مسؤولية الحفاظ عليها ودعمها وتنشيطها ، وهذه النعمة قد لا يشعر بها إلا فاقدها ن فمن يجلس بجانب النبع العذب ليس كمن يجلس في صحراء قاحلة ، فكم لدينا من الأقارب والأصدقاء ممن يعيشون في مناطق نائية وبعيدة أو في دول لا تسمح بإقامة مثل هذه المآتم ن يفتقدون مثل هذه النعم ويغبطوننا عليها وهم في حالة شوق كبير لحضور مثل هذه المجالس...لذا فإنه يتوجب علينا تقوية حسينياتنا ودعمها وذلك من خلال :
أ- الدعم المعنوي...
ويتمثل ذلك بالحضور الدائم والمشاركة المستمرة والفعالة وحث الآخرين وتشجيعهم على المواظبة وتقديم الملاحظات والمقترحات لأصحاب المآتم ، وعلى القائمين على إدارة هذه المواقع أن يتقبلوا مقترحات الناس وملاحظاتهم وأخذها بعين الإعتبار ، فكما استطاعوا بفضل الله أن يفتحوا هذه المجالس فعليهم أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم أيضاً.....وكل ذلك كي تظهر هذه المؤسسة بالشكل اللائق والمناسب .
ب- الدعم المادي...
فالحسينيات مثلها مثل أي موقع آخر ، فهي تحتاج إلى تجديد وصيانة ، ورعاية لكل محتوياتها من فرش وتكييف ومرافق ، وتطوير لخدماتها ، وهذا كله يتوقف على الدعم المالي ، وهنا ينبغي أن نرسي قاعدة العطاء في بداية كل عام هجري ، ونجعلها عادة سنوية نقوم بها جميعاً كعوائل وأسر وأفراد ، فالآباء يشجعون الأبناء والأمهات يشجعن بناتهن على البذل والعطاء ، ولنعلم أبناءنا بأن كل قرش ندفعه للحسينيات هو عبارة عن تقديم العون والنصرة للحسين(ع) وإننا سننال به خير الدنيا والآخرة ، فإذا فاتنا أن ننصر الحسين(ع) بأنفسنا فلا تفوتنا نصرته بأموالنا وأملاكنا ، وقد ورد في الأثر (( المرء تحت ظل صدقته يوم القيامة)) ونحن في أحوج ما نكون لظل الحسين(ع) في ذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
ج- الدعم الخدماتي...
إن خدمة الحسين(ع) شرف وافتخار ، وجميع حسينياتنا ليست خاضعة لنظام دقيق وحازم في تحديد مهام الموظفين وتوزيع أدوارهم ، وإنما هي(كما قلنا سابقاً) مؤسسات اجتماعية تقوم على حالة التعاون ، فلذا فإنه ينبغي على الجميع استشعار الحاجة إلى تقديم الخدمة للآخرين ، وإن ذلك ليس عيباً أو منقصة كما يتوهمه البعض(خطأ) وإنما هذا شرف وعز فلا ينبغي الإستنكاف عن تقديم الماء أو الشاي أو المشاركة في المواكب العزائية أو نسخ شريط أو توزيع مطبوعة...فكل ذلك محفوظ عند الله عز وجل وإن الله لا يضيع عمل عامل .
إن خدمة الحسين(ع) شرف وافتخار ، وجميع حسينياتنا ليست خاضعة لنظام دقيق وحازم في تحديد مهام الموظفين وتوزيع أدوارهم ، وإنما هي(كما قلنا سابقاً) مؤسسات اجتماعية تقوم على حالة التعاون ، فلذا فإنه ينبغي على الجميع استشعار الحاجة إلى تقديم الخدمة للآخرين ، وإن ذلك ليس عيباً أو منقصة كما يتوهمه البعض(خطأ) وإنما هذا شرف وعز فلا ينبغي الإستنكاف عن تقديم الماء أو الشاي أو المشاركة في المواكب العزائية أو نسخ شريط أو توزيع مطبوعة...فكل ذلك محفوظ عند الله عز وجل وإن الله لا يضيع عمل عامل .
[/ALIGN]
---------
05-03-03, 09:09 PM
ــهـــا الكلمات :(
العرض العادي
