New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > المنتديات الثقافة الفكرية والعلمية > المنتدى الثقافي والأدبي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-06-06, 06:01 PM   #1

هزيم الرعد
حالة خاصة  







رايق

حوار ادبي مع الشاعر حسن السبع






[grade="800080 800080 800080 800080 800080"]قال ذات مساء ممهدا لنفسه ( اعتاد بعض متذوقي الشعر أن يضعوا الشعراءَ في ( قنينات التصنيف ) ويحكموا إغلاقها . فهذا شاعر عمودي أو هذا تفعيلي وذاك شاعر نثر ، هذا واقعي وذاك سريالي ، هذا ملتزم وذاك برناسي ، هذا جاد وذلك ساخر ، تصنيفات تقترح عليك أن تتنفس بنصف رئة وترى بثلثِ عين وتسمعَ بربعِ أذن ، وتنشدَ بخمسِِِِ حنجرة .. الشاعر ليس أخصائيا في الأذن والأنف والحنجرة ، الشاعر حكيم شامل لكل تضاريس الروح والجسد .. هو حكيم يحلم في ترتيب البيت البشري وفق رؤيته الخاصة ))… لهذا سيبقى ولاء الشاعر ، أبدا لجماليات القصيدة والحياة … [/grade]



- هل استطاع الشعر على امتداد تاريخه الطويل أن يغير مجرى أحداث العالم وأقدار الإنسان؟
الإجابة عن هذا السؤال معقدة ومتشابكة، وستضطرني إلى الخوض في بعض التفاصيل، وقد توصل أحدهم مرة وهو يتأمل سؤالا مشابها لهذا السؤال إلى أن تغيير العالم من اختصاص الساسة والإداريين، ومهما كان مقدار (التحيز) للشعر فإن بالإمكان مجاراة تلك الإجابة مؤقتا، فنعترف بأن تغيير العالم أو صنع تاريخه لا يأتي من خلال قصيدة أو ديوان شعر، وأنها مهمة اضطلع بها القادة والساسة والإداريون، ويمكنني أن أضيف إليهم العلماء والأطباء والمهندسين وغيرهم.. لكن عند الحديث عن التغيير نحو الأفضل، فلا بد أن يمتلك هؤلاء نفوسا دافقة بالشاعرية والجمال لكي يرتبوا البيت البشري بشكل أفضل. الطغاة والمستبدون والحمقى غيروا، أيضا، في مجرى أحداث العالم، ولكن كيف كان ذلك التغيير؟. الفنون في بعدها الجمالي هي ما يحقق تكريس البعد الأخلاقي والإنساني، وهي ما يلم شتاتنا أو شظايانا التي بعثرتها السياسة، والأطماع الاقتصادية، وجعجعة الهويات. والثقافة الجمالية كما يرى تيري إيجلتون هي التي “تُقطِّر إنسانيتنا المشتركة حيث تنتزع الثابت من الزائل، وتقطف الوحدة من التعدد. فهي تشير إلى ضرب من الانقسام على الذات كما تشير إلى ضرب من شفاء الذات الذي لا يلغي ذواتنا الدنيوية النكدة وإنما يصقلها بنوع من الإنسانية”.
لذلك يصعب الاطمئنان إلى تلك النتيجة التي تتجاهل تأثير الشعر وبقية الفنون الأخرى على حياتنا.
مازلت أذكر كيف أقحم أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية عملا أدبيا في مقرر دراسي يعنى بمشاكل التنمية في العالم الثالث. كانت رواية تصور صراع أسرة فقيرة في الريف الهندي تناضل لانتزاع لقمة العيش. وهو صراع ضد الجفاف، والرياح الموسمية، والآفات الزراعية. أما الغاية من إقحام هذه المادة الأدبية ضمن المقرر، فلأنها، كما يرى الأستاذ، أصدق من الأرقام والإحصائيات للتعبير عن واقع حال هذه الأسرة والأسر الأخرى التي تعيش أوضاعا معيشية مشابهة، ولأنها، كما يرى، أجدى وأنفع من تقارير مؤسسات هيئة الأمم المتحدة لتفهم مشاكل البلدان النامية والتعاطف معها. ومعنى ذلك أن العلم وحده لا يكفي لتلطيف طبائع البشر، وتهذيب أخلاقهم، ولا يكفي لتأكيد الإحساس بوجود الآخرين، أو تحقيق شكل من أشكال التضامن معهم. بل من الممكن أن يكون العلم مدمرا وليس بناء. ومن السهل أن نحشو رؤوس الناس بكم هائل من المعلومات والأرقام، لكن من الصعب أن نزرع الرحمة في قلوبهم، أو نجعلهم أكثر إنسانية. هاهنا تنتهي مهمة العلم لتبدأ مهمة الفن والأدب في ترسيخ القيم الجميلة، والمشاعر الطيبة تجاه بني البشر.

- متى يموت الشــاعر؟
لموت الشاعر مجازيا وجوه كثيرة منها: أن تتعطل قدرته على الخلق والابتكار. أي حين تجف لديه ينابيع اللغة، ويترهل قاموسه الشعري، ويفقد القدرة على إثارة الدهشة. هذا على مستوى النص. لكن دعنا نتأمل ميتة أخرى: فقد يقيم كثير من الناس سلوك الشاعر أو الفنان تقييما مثاليا، ومن هنا يأتي عنف الصدمة، وتأتي خيبة الأمل التي لا تشبه إلا خيبة أمل أولئك الذين تغزلوا بالقمر طويلا ثم صدمتهم حقيقته الجغرافية. والذين يفكرون بهذه الطريقة لا يرغبون، عادة، الفصل بين شخصية الفنان ونتاجه الأدبي، أو بين إبداعه وممارساته، وذلك حلم من أحلام الأخلاقيين متلقين ونقادا. مثل هؤلاء يتمنون لو كان بإمكانهم أن “يميتوا” الشاعر، أو أن يشطبوه من الذاكرة كي يستمتعوا بقراءة نصوصه، ولسان حالهم يردد مقولة الخيام: إن قرع الطبول في البعد أعذب!

ـ هل يأتي عملك المسمى (ليالي الناطفي) امتدادا طبيعيا لتجربتك الشعرية الطويلة، أم هو انعطافة مفاجئة في مسيرة قصيدتك؟
ليالي الناطفي عمل نثري سردي يجمع بين الأدب والتاريخ والفنتازيا. إنه أشبه بالعمل الروائي. وهو عمل أدبي يحاول إزاحة ستار النسيان عن الماضي مكانا وزمانا، ذلك الماضي الممتد في الحاضر، حيث الأماكن والوقائع والأحداث وكل نشاطات ذلك التفاعل الإنساني تختزن كثيرا من الإشارات التي لا يستطيع فك رموزها، وإجلاء غموضها إلا الفن. إنها محاولة لجعل اللحظة الماضية حاضرة ونابضة بالحياة.. تقاوم فيروس التلاشي، وتجتاز مأزق الفناء.. قد تستعيد الأشياء أشكالها الحقيقية، وقد تمنحنا اللحظة الفنية أكثر من حياة. وأكثر من معنى. أما الديوان الجديد فعنوانه (بوصلة للحب والدهشة) وهو امتداد لتجربتي الشعرية وإن اختلفت المضامين والاهتمامات. نحن لا نكتب ديوان شعر دفعة واحدة. ولذلك فإن لكل نص شعري ظرفه الخاص وومضاته ومحفزاته الخاصة، لذلك يصعب أن يقول شاعر أن هذا الديوان أو ذاك “انعطافة مفاجئة” في مسيرته الشعرية. يمكن أن نقول، مع شيء من التحفظ، إن لكل ديوان نكهة خاصة أو مميزة..

- الكثير يراهن على أن قصيدة النثر هي قصيدة المستقبل فماذا تقول أنت؟
أقول: كن شاعرا واختر الشكل الذي تريد. الشكل إناء.. “وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضح”! لو ارتديت ثيابا عصرية، وسكنت منزلا عصريا، واستخدمت وسائل التقنية المتقدمة، فإن اللباس والمسكن والإمكانيات التقنية لا تصنع منك شخصا عصريا حقيقيا، أي لن يجعلك ذلك المظهر تفكر بطريقة عصرية، ما لم تكن أنت كذلك قلبا وقالبا.. النثر وحده لا يصنع نصا إبداعيا حديثا متفوقا. وما يقال عن النثر يمكن أن يقال عن الوزن. إن المعيار الحقيقي للإبداع هو ما يتركه النص من أثر في ذاكرة ووجدان المتلقي. الكلمة هي أداة التعبير في النص الشعري، ومادام الشاعر قادرا على تجديد أدواته للتعبير عن الإنسان والحياة فذلك هو المعيار الذي يمنح الكلمة أهميتها، سواء جاءت في نص نثري أو تفعيلي. والمستقبل للكلمة ودلالاتها وليس لشكل القصيدة.

- في (ركلات ترجيح) اختلف حضورك الشعري وبدوت كشاعر ضاحك، ما مقدار ذلك في حياتك؟
أضحك كثيرا. وأضيق ذرعا بالثقلاء والمتجهمين. ومن كانت به دعابة فقد برئ من الكبر. ربما كانت ملامح وجهي لا تعطي الانطباع نفسه. أعرف صديقا بشوشا، تعطي ملامح وجهه الانطباع بعدم الجدية. وقد طلب مني، ذات يوم، مازحا أن أمنحه ولو نسبة قليلة من ذلك “العبوس” المزيف الذي توحي به ملامح وجهي. طلب مني ذلك ليأخذه الناس عندما يتحدث إليهم على محمل الجد. وعن ذلك الضيق بالثقلاء كتبت مرة مقامة على طريقة بديع الزمان تهجو أحد الثقلاء، ولكن بلغة عصرية جاء فيها: “يا تعطل السيارة، عند الإشارة، في يوم شديد الحرارة. ويا نداء يعلن تأجيل موعد إقلاع الطيارة. يا آخر يوم في الإجازة، ويا حيرة مسافر فقد جوازه. يا وقفة في طابور طويل أمام موظف عديم التأهيل. يا صوت المنبه في السحر بعد ليلة من الأرق والسهر. يا دائرة حمراء في كشف درجات أحد الأبناء. يا صوت اسطوانة مشروخة، ويا اكتئاب فنانة بلغت سن الشيخوخة. يا فيروسا بعث به أحد (الهاكر) فشلَّ ذاكرة الكمبيوتر. يا نضوب القريحة، ويا جوالا بلا شريحة”. كما أنني قد أهديت ديواني (ركلات ترجيح) إلى الذين لا تعرف الابتسامة طريقا إلى شفاههم: “إلى السادة المكشرين ابتسموا فإنكم لن تخسروا إلا تجاعيدكم”!

- “منْ رآه يمرّ؟.. إني رأيته! لهذا سكنتُ القصيدة” !
كيف يدخل حسن السبع القصيدة ؟

الومضة الأولى ضرورة لدخول النص. إنها “الجمرة” التي تحدث عنها بلزاك. الجمرة المتوهجة المتلونة. حين تمس تلك الجمرة الجمجمة تنفجر ينابيع الشعر والنثر. أما تلك الرغبة المؤجلة أو “الرغبة غير المتحققة” كما يسميها الشاعر رينيه شار فهي الطاقة التي تحرك القريحة، وتشعل فتيل الانفعال.

س- المرأة، ليلى.. في شعر حسن السبع، كيف يراها في حياته؟
أراها “ضرورة” شعرية، ولكن ليس على طريقة العروضيين، فالعلاقة التي تربطني وتربط قصائدي بالمرأة علاقة حُلُمية، أما الصداقة والحب فهما مصدر إلهام كبير لكل الشعراء منذ استطاع الإنسان التعبير عن مشاعره بالكلمة. تتماهى المرة، أحيانا، في قصائدي على شكل فكرة أو موقف، أو معنى من المعاني. أو قيمة من القيم، أو حلم من الأحلام الجميلة، أو لحظة من اللحظات العذبة الهاربة. لكنها ليست معنى مجردا مستعارا، أو منفصلا عن الواقع. أي أن المرأة الحاضرة في قصائدي ليست شبحا من صنع الخيال، بل هي كائن من لحم ودم، أراه وأتعامل معه. فأنا والحال هذه أصنع قصورا من الكلمات وأسكنها من أحب كما يعبر جان جينيه.

س- “لك ما تشاء .. لك نشوة الورد الشهي.. وماؤها وسماؤها.. لك وحشة الادغال في غاباتها، لك ما تشاء.. ولى أساطير المساء”! كيف تهب كل هذا الجمال وتقبل بالأساطير؟
لأنه الجمال/ الأسطورة. وأساطير المساء أعاجيبه ومفاتنه المرتبطة باللحظة الراهنة.واستعارة المفردة، في هذا السياق، تعبير عن النشوة الخارقة التي هي وليدة ذلك الدفق من الصور الجمالية التي تولد البهجة والفرح بشكل خرافي. إنها الأسطورة الماثلة على نحو واقعي ملموس، يعاش لحظة بلحظة. أي الواقع الذي يشبه الحلم . فكأنك تعيش أحداث حكاية شهرزادية ساحرة. ترجح فيها كفة الجمالي على المادي بكل صلابته وجفافه. وعندما يخطر الجمال، ويمطر مساءك لؤلؤا وكرزا وسرب حمام، ثم يخاطبك قائلا: “لك ما تشاء”! فإنك لا تملك إلا أن تدخل الأسطورة من أجمل وأبهى بواباتها.

- الآن وقد أصبحت عضواََ في مجلس إدارة النادي الأدبي وكونك شاعرا، كيف ستساهم في الحراك مع الشعراء الشباب؟
هنالك أصوات شعرية شابة مدهشة، ينبغي أن تعطى المساحة الأكبر من برنامج النشاطات المنبرية. وهذا ما يسعى مجلس الإدارة الجديد إلى تحقيقه.

- “أهلا! وجاملني بفنجانٍ به طعم الحنين.. هو ما تبقى من عزاء.. هو نكهة الأشياءِ خلف الباب تدعوني لأرتشفَ النهار.. وأعانق الدنيا ،، وأشهد شمس ميلاد جديد” !
أي شمس يرتقب الشاعر السبع؟

الشمس التي لا تغيب. شمس المعرفة والمحبة والانفتاح، واحتضان العالم بكل تعدده وتنوعه، بعيدا عن عتمة الكهوف. أحلم بشمس الزمن الآتي وحدائقه وأجوائه التي تتيح للمرء أن يمارس إنسانيته وحقه في الحياة، دون وصاية معتمة تكرس الانغلاق والعزلة، أو تشل الإرادة وتعطل قدرة الإنسان على التفكير.

- الطفولة هذا العالم السحري الذي لاتبارح أحلامه ذاكرة الشاعر، داخل كل شاعر طفل لا يكبر.. ترى ما الذي ظل في دهاليز ذاكرتك من صور الطفولة المضيئة.. وما تأثيرها على شعرك وحياتك؟
بقيت أشياء كثيرة لا أستطيع أن أختصرها هنا. كما أنها أشياء لا ترى بوضوح. فكل مرحلة من مراحل حياتنا إنما هي امتداد لمرحلة الطفولة تلك. تحفر الطفولة نقوشها أو شاراتها الأولى في القلب. تحفر نقوشا وشارات تكبر مثلما نكبر، لكنها لا تهرم. تبقى ذكرى فتية كأنها ولدت البارحة. ربما تحمل دلالات جديدة، لم تخطر على البال آنذاك، لكنها لا تشيخ. الزقاق الذي أقل خطانا. الشجرة التي أظلت ثرثراتنا. الأرصفة التي شهدت معاركنا الساذجة. حارس المدرسة الأمي الذي رصد تحركاتنا، وعد علينا أنفاسنا، وبعث بها تقارير شفوية طازجة إلى مراقب أو مدير المدرسة. المراقب الذي فحص ياقات ثيابنا، وأظافرنا، وشعر رؤوسنا ليتأكد من نظافتنا البدنية. معلمنا الذي لقننا القمع وجدول (الضرب) حقيقة ومجازا، يوم كان العقاب الجسدي بهارات وتوابل وملح المنهج المدرسي. مدرب فرقة الكشافة الذي علمنا الطاعة وقوة التحمل والانضباط. المعلم الآخر الذي اصطحبنا إلى حدائق الشعر، لنقطف ياسمين العبارة، ونستنشق أريج المعنى، أو لينسج بيننا وبين موسيقى الشعر روابط من الألفة والانسجام. المعلم الذي جعلنا نتنفس الهواء واللغة العربية. مع ذلك حدق الشاعر أمل دنقل ذات يوم إلى صورته وهو طفل صغير وتساءل: “أ وكان الصبي الصغير أنا.. أم ترى كان غيري”؟!

- ما هي العوامل التي تعطى للقصيدة نجاحها؟
أول تلك العوامل امتلاك الشاعر لأدواته الفنية، وامتلاك الرؤية النافذة أو “البصيرة” التي تشكل مواقفه من الحياة. ثم يتجلى نجاح النص في ما يخلفه من أثر في نفس المتلقي (المثقف) ذلك الأثر هو المعيار الحقيقي لتميز النص ونجاحه أيا كان شكله أو مضمونه، حيث البقاء للنص الذي يشعل فتيل الدهشة ويبقيها متوهجة في الذاكرة، ولا يستطيع النص الوصول إلى تحقيق ذلك إلا إذا حافظ على عنصري المعادلة وهما الشكل والمضمون أو الوعاء والمحتوى.

- أحيانا يصفق الجمهور للقصيدة المنبريه الخطابيه المباشرة الفجه ويتغافل عن القصيدة العميقه المهمة.. ألا يخيبك مثل هذا الجمهور؟
ملاحظتك صحيحة. ففي بعض المحافل يكون البقاء ل “الأصدح”.. أي للصوت الجهوري والكلمات المشحونة حماسة، وإن افتقرت إلى أية قيمة فنية. الخطابية في محافل القصائد (العصماء) تنال النصيب الأوفر من التصفيق. وهو ضجيج لا يخاطب الوعي الفني أو الذائقة المثقفة، لكنه يخاطب الذائقة السائدة ويرشوها بما تحب أن تسمعه، أيدلوجيا وفنيا، في هذه الأجواء تتعالى عبارات: “أحسنت”.. و “أعده وما قبله”. لا بد، والحال هذه، من تربية الذائقة لتكون مهيأة لسماع الشعر الذي لا يراهن إلا على القيمة الجمالية.. وهذه بعض مهمات المؤسسات الثقافية والتربوية.

- كيف يميز حسن السبع بين الانسان والشاعر ، وهل هناك فاصل بينهما؟
ينبغي أن لا تكون هنالك فواصل. وقد سبق لي وأن أشرت إلى ذلك في إحدى الأمسيات الشعرية حين قلت: إن الشاعر إنسان يحلم في ترتيب البيت البشري وفق رؤيته الخاصة، وحين يكون شاعراً في النص ومنطفئاً باردا خارج النص، مجنوناً في النص ووقوراً خارج النص، جاز لنا أن نواجه تلك الازدواجيةَ العجيبةَ بالريبة. لا يدخل الشاعر فردوس الشعر حتى يتماهى مع عبارته، وحتى يدور معه النص حيثما دار..

- يقال إن القصة والرواية سرقت الأضواء من القصيدة، كيف يرى السبع ذلك ؟
هنالك من هو مهووس حتى الموت بنهاية الأشياء. هنالك من يحلو له أن يعلن بين حين وآخر نهاية شيء ما ليقيم على أنقاضه شيئا آخر . فقد أعلنوا من قبل نهاية زمن القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، وبداية زمن قصيدة النثر. وأعلنوا بداية عصر الرواية ونهاية عصر الشعر بأكمله. وكادوا أن يغيروا عبارة “الشعر ديوان العرب” لتصبح الرواية “ديوان العرب والعجم والبربر”.. مع أن الإبداع بشتى صوره وأشكاله قد أصبح ديوان العالم كله، في زمن يكاد يصبح فيه العالم إقليما ثقافيا واحدا بعد أن قلصت وسائل الاتصال الحديثة المسافات .
وقالوا، كذلك، بانتهاء الشفاهي وسيادة المكتوب وما زال الشفاهي موجودا في كثير من الأشكال الإبداعية التي تملأ علينا حياتنا اليومية. وقالوا بنهاية عصر النظارات وبداية عصر العدسات اللاصقة، وبنهاية عصر الرسائل البريدية، وبداية عصر الرسائل الإلكترونية.. مع أن الرسائل الإلكترونية لا يمكن أن تكون بديلا عن الرسالة التقليدية لعدة اعتبارات يعرفها من يلم بأبجديات الخدمة البريدية. ولهم في كل يوم زمن/ ضحية سواء في ميدان الفن والأدب أم في ميدان الخضار واللحوم.. ويبدو أن المصاب بمثل هذه الحالة يزعجه التجاور والتعدد والتنوع، وتفرحه النهايات. وليست تلك رغبة دفينة في التغيير بقدر ما هي استعداد نفسي للقفز على الأشياء دون إيجاد البدائل!. ويمكن القول أن الأشياء تتطور وتتغير وتتحول من صيغة إلى صيغة أخرى، لكنها لا تندثر، فتصبح نسيـا منسيـا بين ليلـة وضحاهـا..

- أنت متهم بالغياب عن الوسط الثقافي.. هل لك أن تعطينا إضاءة حول هذا الموضوع؟
إذا كان هنالك في الوسط الثقافي من يتابع ما أكتب فأظن أن ذلك شكل من أشكال الحضور. أضف إلى ذلك متابعتي لما يصدر من نتاج أدبي وثقافي محلي. أما إذا كنت تقصد أنني غائب عن حضور الفعاليات والأنشطة الثقافية فقد كنت دائم الحضور في الثمانينات والتسعينات. وقد ساهمت، مع غيري، في تنشيط ذلك الحراك الثقافي عبر الصفحات الأدبية، ونشاطات جمعية الثقافة والفنون، ومن خلال المشاركة في الأمسيات والندوات. لكن ذلك النشاط قد خبا قليلا منذ منتصف التسعينات. وهاهو يعود مرة أخرى، عبر المؤسسات الثقافية الرسمية والمنتديات أو الصالونات الثقافية الأهلية. ثم ألا تعتبر الإجابة عن أسئلتك هذه شكلا من أشكال الحضور الثقافي؟
__________________
وذلك هزيمهم للوردِ يرنو=وفي خديهٍ لون الوردٍ أثرَ

Longing for the roses O' Hazeem

Yet the color is reflected in your cheeks

هزيم الرعد غير متصل  

قديم 26-06-06, 12:05 PM   #2

أحــ حور ــلام
عضو شرف

 
الصورة الرمزية أحــ حور ــلام  







رايق

رد: حوار ادبي مع الشاعر حسن السبع


جمـــــــــيل ان نقرأ لشاعر رائع مثله

حوار أدبي شفاف .. ونطمع في المزيد

كل الشكر لك ايها المحترم

تحياتي
أحــ حور ــلام



منتدى تاروت الثقافي
بستان الفكر والمعرفه

__________________

أحــ حور ــلام غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 11:54 AM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited