الحلقة الأولى :
كيف تبدوا المآتم حينما يقدم شهر محرم :
=======================
تجتمع نساء المأتم وفتياته لغسل السواد في جو يخيم عليه النظرة العاطفية الحزائنية تحت أحد الأجفار القريبة من البيوت ، ويتم غسل السواد تحت إشراف كبرياتهن التي يهيئ لها مكان تنظر إليهن وهي تدخن القدو ومن بينهن بعض المقربات . تقوم النساء قبل غسل السواد بتنظيف موقع العين أو الجفر ( الجليب ) وحواليه من الأعشاب وقطع الأخشاب ومخلفات القمامة مستخدمين ما يسمى ( عسق النخيل ) والعسق هو عذق الرطب الذي يحمله ، فبعد أن يجنى منه الرطب يظل في النخلة يابسا به أعواد كثيرة وقوية ، يقطع من الأسفل فيبدو كأنها يد بها دراع طويلة أصابعها الكثيرة هي محموعة ( الأعواد ) ..أما حينما وصل الماء إلى الأحياء في فقد استغلت النساء الوضع للغسل والتنظيف وما إلى ذلك ..
وفي أثناء التنظيف لا يخلو المناخ من ترديد عبارات الحزن والأسى على سيد الشهداء ، وذكر مصاب عقيلة الطالبيين ، والتسليمات والتأوهات ، وبعض الصرخات والبكآت المتقطعة من هنا وهناك ..
فبعد أن يتم غسل السواد يتم نشره على أشجار السدر التي تتواجد بكثرة في القرى أمام كل عين أو جفر تقريبا ، ويسمى ذلك اليوم ( يوم غسل السواد ) . كما يتم في ذلك اليوم طباخ الرز والربيان المجفف والماش والذي يسمى ( لموّش ) تكلف به الفتيات لتوزيعه في صحون صغيرة على أهل الحي ، بحيث تخصص كل فتاة أو فتاتين لمنطقة واحدة لتقدم صحنا واحدا فقط .
صاحبة المأتم تعطي توجيهاتها من حيث التوزيع والعمل ، وتخصيص البيوت بأسماء النساء. فمثلا تقول : ( هذا الصحن لبيت خاتون وذاك لبيت زينب والآخر لبيت أم يوسف أو أم عباس وهكذا ... ) ،
ولا يقتصر توزيع الأرز فقط يوم غسل السواد وإنما هناك طيلة ايام العشرة ، بل تمتد إلى آخر الشهر لدى بعض المآتم ، فهناك يوم للطباخ باسم تركيب السواد وآخر لزفة القاسم ، وآخر للرايات وهكذا ...
إلى اللقاء في موروث آخر