احترف الصمت
إني احترف الصمت
لعل الصوت قد بحّ من طول الهتاف
ويضِجُّ قلبي
في حناياه ارتجاف
فيغدو نثاراً
في دواخله شرار ونياح
وهو اجس من سفاح
لا .. لن يلين
على الجراح
ولن يملّ من الجماح
نزيفَ قلبي
ــ إخـوتــي ــ
بالهّم يرقصُ
حولي َ رقص الرياح
دائماً يعجلُ قصف
زهوري والصباح
لكنني التزم الصمت
أرى صولة الروح فيه والكفاح
***
لا تعجبوا لو غاب صوتي
أنا أدمنتُ السكوت
كي لا أموت
شاركوني أخوتي
هذا السؤال
كيف نبقى في دُنانا كالمتاع ؟
كيف نحيا بشقانا ــ إخوتي ــ
نستسيغ المُرّ
من كأس الرعاع ؟
كيف نحيا يومنا مستأنسين
نلبسُ البسمة نبضاً للحياة ؟
كيف نبقى
مع أحلامٍ وشمسِ
والأسى في دربنا
يعوي صداه ؟
آه ... ثم آه .. ثم آه
تسري في الاعماق
الآم ترى
بأن الذِل موصولٌ مداه
دمدمي يا ريحُ
إن شئت اعصفي
وإن شئتِ إصفعي
تلك الجباه
زمجري يا ريح
هيا فجري
كل ينابيع العويل
واصرخي كالجوع
هيا
حطمي حلمي انثريه
لا تخافي من هدوئي
من سكوتي .. وشقائي
وأنات العليل
أنت يا ريحُ تعرف شجني
هل تدري متى يكون منتهاه ؟
فالصقيع في الحشا
دام جريح
مفعم بالويل والحزن الثقيل
***
ذي فلسطين التي
الظلم قد أضناها
وفي ليالي البلا
يلقى شبابُ الغد
حصار أفعاها
فقدتُ يا إخوتي الحلم والصبرا
وليس لي من دونه عذراً ولا سترا
أين نحنُ أمةٌ واحدة
قد تناست أخوةٌ
وتغاضت عن أراض تستباح
تجتاحنا الرياح
تعصفُ باللقاح
ولا احتجاج لا كفاح
***
غارت النفس
لا .. بل لملمت أشعاعها
سافرت بالهّم روحي مثقله
هاجرت بالحزن ــ أحبابي ــ
كخيمات العزاء
ودمنا المباح .. ورب السماء
وهذا المدى المتزاحمُ بالغناء
احترف الصمت .. أحيا بالبكاء
فاحرقوا يا إخوتي
كل البخور
واملأوا اليوم المصابيح زيوتاً
كي يموت الزيف غيضاً بسكوتي
حينها أعرف أني قد وفيت
عبدالله حسن آل عبد المحسن