[ALIGN=CENTER]الكابوس القاتل[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]1[/ALIGN]
كنت أسير بين جموع كثيرة من الناس كأننا في سوق أو مهرجان، لفت انتباهي رجلٌ مسن لحيته البيضاء تصل إلى منتصف صدره.. يلف عمامة خضراء على رأسه ويرتدي ثوبا لا أعرف ما لونه فهو أبيض يميل إلى الصفرة أو أصفر باهت يميل إلى البياض.. ويشع من جبينه العريض نور يتسرب من بين خصلة شعر بيضاء فلتت من العمامة وتدلت على جبينه.. وقفت خلفه والناس يسألونه ويجيب من كتاب كان قد نشره بين فخذيه وهو يجلس القرفصاء.. يحمل حقيبة قماشيه على كتفه.. استرقت النظرا لى الكتابا لذي يحمله وعندما عجزت عن قراءة أي حرف، سألته:
· أيها العم إنني لم استطع قراءة شيء من هذا الكتاب.
· نظر إلي ثم ابتسم وقال: أنتم البشر لا تعرفون قراءة إلا ما كتب بلغاتكم.
· قاطعته: أتعني أنك لست منا؟
· قال نعم وهو يتشاغل بتقليب الأوراق في الكتاب ثم: نعم أنا من الملائكة.
· الملائكة؟ وما هي مهمتك هنا؟
· أنا أزوج الناس، سجلت في هذا الكتاب أسماء الأزواج والزوجات، هل تريد أن تعرف من هي زوجتك؟
· لا.. انا لا افكر في الزواج الآن.. ثم إن لدي من افكر فيها.
· ما هو اسمك وما هو اسمها؟
· أنا يوسف وهي (دعني أختلق له اسما) هي: فاطمة.
أخذ يقلب صفحات الكتاب ثم قال:
· تقصد فاطمة بنت عمك؟
· حدثت نفسي: اقسم بالله أنني لا أعنيها بل انني ذكرت أول اسم خطر على بالي.
· إنها ليست زوجتك فزوجتك من العوامية وتبلغ من العمر الآن الخامسة.
تركته ورائي وذهبت، وأنا اسخر من قوله وأهز رأسي من الجنون الذي هو فيه.. ابتعدت ثم عدت إليه يحملني الفضول لأعرف المستقبل، وأقسمت عليه أن يصدقني القول، نظر إلي ثم فتح الحقيبة التي كان يحملها وسألني:
· هل تعلم ما بداخلها؟
· أجبته بسرعة من فرغ صبره: لا.
· إن بها خيوطا حريرية أربط بها أرجل كل زوجين، وإذا أردت أن أريك زوجتك تعال معي لتشاهدها.
لم يمهلني حتى أجيب بل أخذ بيدي ومضينا إلى السوق و إذا به يقف أمام بسطة خضار يجلس بجوارها رجل عجوز رسم الزمان على صفحة وجهه آثار تعاقب السنين.. والحروف الباهتة على ثيابه وهيئته تدل على فقر قديم، وبجواره فتاة لا تقل عنه قبحا ودمامة وقذارة.. تعرف من حركاتها أنها لا تسمع ولا تتكلم فأبوها يحادثها بالإشارة.. قال العجوز هذه زوجتك.. حدقت النظر فيها ثم نظرت إليه فلم أجده فلقد اختفى.. ثم نظرت إلى الفتاة بلا رحمة أو شفقة.. وأنا أردد مع نفسي هل هذه ستصبح زوجتي؟ لا.. لا.
يتبع