لا أبالغ إذا قلت ان أكثر مستخدمي الإنترنت عندنا وخصوصاً الشباب هم في خانة الإدمان ويعانون من أعراضه الشديدة ولست أخي القارئ في حاجة الى أدلة فيكفيك العيون الحمراء في الصباح.. يكفيك السهر المضني.. والتعلق النفسي والارتباط العاطفي وفاتورة الهاتف الإنترنتية المتورمة!!.
لا يكاد أحدهم وبالذات فئة الشباب ان يترك الشاشة حتى يعاود ليعانق انظارها ويسبح في سمائها!.
إذا أردتم أدلة على ظاهرة الإدمان عند شبابنا اسالوهم عن عدد الساعات التي يقضونها متسمرين أمام شاشات الكمبيوتر!.
اسألوهم عن «ولكمووو» و«يسلمووو» و«برب» و«تيت» وغيرها اسالوهم عن مستواهم الدراسي وتحصيلهم العلمي بعد غرف التشات! اسألوهم عن علاقاتهم الاجتماعية قبل وبعد استخدام الإنترنت! اسالوا أصحاب محلات الإنترنت عن المواقع التي يرتادونها!.
إن الإنترنت سلاح ذو حدين وفي ظني ان استخدامه عندنا لا يزال يصب في صحراء الضياع والاوهام الوردية التي تنتهي بضياع الوقت وخسارة المال دون طائل!.
الإدمان الانترنتي كما يحلو لي ان اسميه هو ما نراه ونحاول ان نخدع انفسنا وان ندفن رؤوسنا بالرمال.
انه ادمان يحتاج منا الى تشخيص وعلاج دون مكابرة او معاندة لست متشائماً او سوداوي النظرة لكنها الحقيقة المرة التي صنعناها بأيدينا! صنعناها حينما اضفينا على عالم الإنترنت ألواناً من الخيالات والبهرجة الصاخبة.
ومازلنا نصنعها بمقالاتنا ونحن نمجد الانترنت ونجعله مقام الهواء والماء.
نصنع الإدمان عندما نضع القارئ أمام هذا البحر الخضم دونما دليل يأخذ بيده.
فهل من المعقول ان يتعلم الشاب شيئاً واحداً هو كيف يستخدم الشات فقط؟.
يتعلم الشاب كيف يفتح الجهاز ثم يضغط «انتر» ثم يدخل الى الشات مباشرة ولا يكاد يفقه ذرة واحدة من علوم الحاسب بل لا يكاد يعرف ابسط قواعد التعامل مع هذا الجهاز السحري العجيب، يعرف كيف يدخل الى «الدردشة» فحسب!.
هل هذا هو عالم الإنترنت الرحيب؟!.
أما الوجه الآخر للحاسب والإنترنت فلا يكاد يفقه المستخدم منه أدنى معلومة.
علوم الحاسب التي تكاد تدخل في كافة الأغراض يجهلها اغلب الشباب تراهم يفنون اوقاتهم في الغرف الخاصة ليلاً حينما ينام الرقيب! او نهاراً يختلسون الأوقات في غياب المسؤول!.
أين سيؤدي بنا هذا الادمان واين سيرمي بثقافة ابنائنا وشبابنا!.
أين التثقيف وعملية البحث العلمي الرصين والقراءة الجادة ومئات الساعات تذبح على اعتاب الشات!.
أين كتب الأدب والتاريخ والقصص والثقافة العامة وهي تئن في الأدراج حبيسة لا تكاد تلقى يداً تحملها أو عيناً تسامرها!.
ان تلقي المعارف من المواقع الإنترنتية له ألف محذور ومحذور لا تكاد تغيب عن عين الحصيف العاقل!.
وان نقطة من معرفة يتلقاها من فضاءات انترنتية ويعتورها ما يعتورها من الضعف العلمي لا تجعل من الانترنت وسيلة تثقيف جادة.
ان مسايرة التطور ومجاراة التمدن لا تعني ان نهز رؤوسنا في ايماءات الموافقة دونما تفكير اوتأمل.
وخير ان اقول بملء فمي لا للإدمان الانترنتي من ان اسير كالإمعة لكي يقال انه من مستخدمي الانترنت الذين يتقنونه وهو اجهل من حمار ابيه في علم الحاسب والانترنت.
وانها لدعوة الى أرباب القلم ان يضيئوا سماءات الانترنت بالمقالات الواعية التي ترينا ايجابيات هذا العالم وسلبياته.. ان يضعوا النقاط على الحروف دون مجاملة او زيف.
فلكل شيء محاسنه ومساوئه اما ان نرى ادماناً يهلك الشباب فهذا هو الخطر القادم!.
(( بتصرف ))
ناصر المسعد
القرية الالكترونية / جريدة الجزيرة