نهضة الحسين خارج قوانين الزمن
ما زلتَ تعْصفُ بالظلام بنحْرك المنحورِ
وتجذُّ أقبيةَ الطغاة بأصبعٍ مبتورِ
مازلتَ تأسرُ من تطّيَّبَ طينةً في أصْلهِ
فيلوذَ فيك مباركا ومضَمّخاً بالنورِ
مازلتَ تقتلُ حاسديك بما سموتَ فما لهمْ
إلاّ الجحيمُ تنَفُّسٌ من نفثة المصدورِ
ولَكَمْ أَمَلْتَ لمن تردّى لو تقيه من الردى
لكنّما المعجون في الأحقاد غيرُ جديرِ
كان الحسين كما أرادَ الله عرشاً للعلى
يأوي إليهِ العاشقون تخَلُّصاً من زورِ
غيرُ الحسين هو السرابُ ولن يكون حقيقةً
وعدا الحسين هو الزوال بفكرهِ المغرورِ
أحيا الضميرَ وكاد لولا رفضُهُ أن ينحني
ويكونُ ديناً يرتضي بالذّلِ والتخديرِ
لولا الحسينُ لما بقى في عشّهِ متهجّداً
طيرٌ ليُلقي في الصباح قصائد التنويرِ
يا من على طود الشهادة زلزلتْ أنفاسُهُ
بغي الطغاة وهدّمتْ ذكراهُ بأس قصورِ
سيلٌ من البركان يحوي عزّةٌ من ربِّهِ
قلَعَ البغاة الحاقدين وكبَّهمْ لثبورِ
يا سيدي يا من توَسَّدَ في التراب وعينُهُ
نحو الخيام الحاويات حرائر التطهيرِ
سمعَ استغاثاتِ العيال حسيننا عصَفَتْ بنا
ثارات بدرٍ يذبحون رضيعنا بكبيرِ
أرخى العيون وفي الخيام سكينةٌ مذهولةٌ
تدعو أبي يا من بعثْتَ مع الحياة سروري
هجَمَتْ علينا الخيلُ ما من وجهةْ نأوي لها
إلاّ بها نار العداة تعجُّ في تسعيرِ
إنْ كنت فارقَتَ الحياة فويلنا من حقدهم
في قتلنا حسبوا المنى وتفاخروا بشرورِ
يا والدي يا من بفيض حنانه مأسورةٌ
مأسورةٌ بحبالهم والسورُ غير السّورِ
قد سوَّرتني قبل هذا عزةٌ من أحمدٍ
والآن في خوفٍ أغضُّ الطرف عن خنزيرِ
في ذبحنا رقصوا هَنَا وتفاخروا في أسرنا
في بتْرنا يقضون حقَّ الأبْترِ المبتورِ
حتى رضيعُ محمدٍ فوق الحسين معفّرٌ
يبكي بكاءاً آذناً في آهةٍ بالصورِ
في قتلهم سبط النبي تعَجّلوا في نارهم
وتوسّلوا أنْ يُفرحوا المخمور بالديجورِ
لكنّهم في ذبحهم فرخ النبي تسبّبوا
في نهضةٍ أبديّةْ لا تقتفي بدهورِ
حسين إبراهيم الشافعي
سيهات