مبتعثات لم يسمع عنهن أحد

روح المسك · 18-11-10, 06:16 PM

مبتعثات لم يسمع عنهن أحد

محمد حسن علوان - جريدة الوطن
عند الخامسة والنصف فجراً في مدينة شتائية متجمدة شمال أمريكا تستيقظ مبتعثة ما لتبدأ يوماً طويلاً. الطفلان النائمان يجب أن يستعدا للخروج خلال ساعة. المبتعثة تنتقل بين غرفة نوم طفليها والمطبخ الذي تعدّ فيه إفطارهما على عجل. بعد ساعة يكون الجميع قد استعد للخروج بملابس ثقيلة تعينهم على تحمل دقائق الانتظار حتى يصل الباص. يتذمر الطفلان من كل شيء بمزاج صباحي زادته البرودة عكراً. تحاول المبتعثة تهدئتهما وسط الباص المزدحم. يتوقف الباص عند الحضانة حيث سيقضي الطفلان بقية اليوم. تعود المبتعثة للوقوف عند قارعة الطريق في انتظار الباص الآخر الذي سيحملها إلى الجامعة. درجة الحرارة هبطت تحت الصفر وهي تفكر في قدميها المتجمدتين وفي طفلها الأصغر الذي اشتكى من احتقان حلقه صباحاً. يصل الباص فتأخذ مكانها في آخره وتخرج أوراقها لتستذكر قليلاً قبل الوصول. تصلها رسالة من زوجها ليطمئن على أسرته فتطمئنه، وتسأله إذا ما تمكن من النوم أثناء مناوبته الليلية في المستشفى الذي يعدّ فيه زمالته. يجيبها بالنفي.
تصل إلى الجامعة وتتجه إلى محاضرتها اليومية. تنجز محاضراتها خلال ست ساعات، ثم تسابق الريح باتجاه الباص حتى لا تتأخر على طفليها، ثم تظل فيه واقفة لعدم وجود كرسيّ فارغ. تصطحب طفليها في باص آخر إلى المنزل، وتدلف، لتجد زوجها قد عاد إلى المنزل ونام. تساعد طفليها على خلع أحذية الشتاء المبللة بالمطر والثلج، وتلقي عليهما بعض التوصيات، ثم بدلاً من أن ترتمي على الأريكة لتلتقط أنفاسها تتجه مباشرة إلى المطبخ لتبدأ في إعداد وجبة العشاء. تقضي ساعة في الطبخ، وساعة أخرى في إطعام الطفلين، ثم تبدأ في تجهيزهما للنوم. ينام الطفلان أخيراً فتتجه هي إلى المطبخ لغسل أطباق العشاء. تتذكر أثناء ذلك أن حمامات المنزل بحاجة للتنظيف، وكومة الملابس بحاجة للغسل، وأحذية طفليها بحاجة للتجفيف، فتعمل على ذلك لساعة تقريباً. وعندما تنتهي تفتح الثلاجة لتتأكد من أن متطلبات الإفطار موجودة فتكتشف أنه لا يوجد حليب. ترتدي ملابسها الثقيلة، وتلتقط مفاتيح زوجها، وتخرج لتجد السيارة محتجزة وراء تل صغير من الثلج. تخرج مجرفة صغيرة وتبدأ في إفساح طريق للسيارة. أخيراً تتجه إلى السوبرماركت وتشتري ما تحتاجه. تعود إلى المنزل بعد منتصف الليل. الطفلان وزوجها نائمون. البيت نظيف والثلاجة عامرة. الثلج يتساقط خارج النافذة. طاقتها الجسدية اقتربت من الصفر. الآن فقط بوسعها أن تخرج أوراقها وكتبها، وتبدأ في الاستذكار.
في الواحدة صباحاً تقرر أنها استذكرت بالقدر الذي تسمح لها ظروفها به. تأوي إلى فراشها وهي تعلم أن يومها الجديد سيبدأ بعد أربع ساعات فقط، لتكرر فيه كل ما فعلته اليوم خطوة خطوة. قبل أن تخلد إلى النوم، يدقّ الهاتف فيستيقظ زوجها ليردّ عليه، ثم ينهض ليرتدي ملابسه ويتجه إلى المستشفى لمتابعة حالة عاجلة. تسمع صوت محرك سيارته في الخارج، وتغرق هي في نوم عميق. وعندما يدقّ جرس التنبيه صباحاً تظنّ أنه أصيب بعطل لأنها لم تنم أكثر من خمس دقائق، قبل أن تكتشف أنها الخامسة والنصف فجراً.
تكرر البرنامج السابق خمسة أيام متتالية، وفي عطلة نهاية الأسبوع راحت المبتعثة تقرأ بريدها الإلكتروني لتجد فيه بضع رسائل. الأولى من حضانة ابنيها تنوه فيها أن رسوم الحضانة سترتفع بنسبة عشرة بالمئة. الثانية من الملحقية الثقافية تهدد فيها جميع المبتعثين بإيقاف المكافأة إذا لم يرسلوا كشوف درجاتهم الفصلية. الثالثة من البروفيسور الذي تدرس مادته يخبرها أن بحثها الأخير كان أقل من المطلوب وعليها أن تبذل جهداً أكبر. الرابعة من شركة الهاتف تذكرها بدفع الفاتورة الشهرية حتى لا تتعرض لفصل الخدمة. الخامسة من صالون التجميل يخبرها أن طلبها لحجز موعد هذا الأسبوع مرفوض لأنها قامت بإلغاء أربعة مواعيد سابقة لضيق الوقت. السادسة من زميلاتها في الجامعة يدعونها لحضور حفلة غداً بمناسبة خطوبة إحداهنّ. السابعة من أختها الصغرى في الرياض تعاتبها فيها على عدم التواجد على الإنترنت للدردشة. الثامنة من زوجها يذكرها فيها بمواعيد التطعيم الخاصة بابنهما الأصغر.
راحت المبتعثة تتأمل الرسائل الثماني التي يحتاج كل منها إلى إجراء معين يستنزف من الوقت الذي كانت تأمل استغلاله في الاستذكار. على عجل، راحت تبحث عن حضانات أخرى تناسب ميزانية العائلة، ثم طبعت كشف درجاتها لترسله إلى مشرفها الأكاديمي، وكتبت رسالة اعتذار للبروفيسور تعده فيها ببذل جهد أكبر، ودخلت على الموقع الإلكتروني لشركة الهاتف لتسدد الفاتورة، وبحثت عن صالون تجميل آخر لتحجز موعداً ترمم فيه أنوثتها التي لم تعتن بها منذ أشهر، اعتذرت عن حضور الحفلة بسبب جدول مناوبة زوجها. أرسلت لأختها الصغرى لتعدها بالاتصال بها قريباً، ثم اتصلت بعيادة الأطفال لحجز موعد لطفلها الأصغر.
أخيراً، قررت أن تقرأ في كتابها عندما وصلها صوت صراخ الطفلين. هرعت لتجد الأكبر يضرب الأصغر بعدوانيّة لم تعهدها فيه من قبل. أقلقها هذا السلوك، فقررت أن تعود إلى جهازها بعد أن فرّقت بينهما لتقرأ قليلاً عن مسببات هذا السلوك. شعرت بالحزن عندما علمت أنه سلوك ناتج عن شعور الطفل بالإهمال وانشغال الأبوين. قررت أنها يجب أن تقضي وقتاً أطول مع طفليها ولكنها لا تعرف كيف سيتسنى لها ذلك في ظل جدولها اليوميّ المجنون. فكرت أن تحذف إحدى المواد من هذا الفصل الدراسي لتحل مشكلتي تراجع أدائها الجامعي وتوفير وقت لطفليها اللذين تأثرا نفسياً من هذا الجدول الميكانيكي الصارم. تذكرت أنها لجأت لهذا الحل مرتين خلال الفصلين الماضيين وستتأخر سنة كاملة عن موعد التخرج، ولا تدري كيف ستتعامل الملحقية مع هذا التأخير.
تمسح، دون أن تقرأ أياً منها، بقية الإيميلات المتراكمة في بريدها بما فيها من مقالات واهتمامات شخصية طالما أحبتها ولكنها لا تملك الآن وقتاً لقراءتها. يصرخ طفلها مرة أخرى باكياً بعد أن نشبت معركة أخرى، تتأمل في المرآة شعرها المهمل ويدها المتشققة، تلقي نظرة على أوراق وكتب الجامعة التي ينبغي أن تقرأها قبل بداية الأسبوع المقبل. تتساءل للمرة المئة منذ بدأت بعثتها إذا ما كان بوسعها تحمّل ذلك كله بضع سنوات أخرى.
بعد أربع سنوات من هذا الكفاح اليومي تخرجت فعلاً، ونال زوجها الزمالة. اكتسب طفلاها لغةً ثانية، وعادوا جميعاً للسعودية. ومنذ عودتها، كانت تقرأ بين الحين والآخر في الصحف عن إنجازات المبتعثات، ولكنها لم تجد يوماً اسمها.

**زهراء الصفار** · 19-11-10, 09:38 AM

النار ماتحرق الا رجل واطيهااا .....

وكل كوووم اذا جاء احد يتفلسف في شىء مايدري وين الله حاطة .........
بس هالقصة ... فعلاً واقع حياة أغلب المبتعثات .....
الله يوفق الجميع يارب .. بحق محمد وأل محمد....

ويكفى من هالمبتعثة ..انها تفتخر بالأنجاز اللي هي عملته الى نفسها وعملته الى زوجها واولادها ...بدون ماأحد يذكر اسمهااا في صحف او مجلات

محبة آل محمد · 20-11-10, 10:46 PM

قصة كفاح جميلة
الله يعين الجميع يارب

اوان الورد · 21-11-10, 04:21 PM

من جد مبتعثات لم يسمع بهن احد
يعطيك العافية اخوي

روح المسك · 21-11-10, 06:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهراء الصفار


	ويكفى من هالمبتعثة ..انها تفتخر بالأنجاز اللي هي عملته الى نفسها وعملته الى زوجها واولادها ...بدون ماأحد يذكر اسمهااا في صحف او مجلات

::
عين العقل والصواب...
هنا يكمن الافتخار والاعتزاز...
يسلموووووا

{..شذى~ · 21-11-10, 06:57 PM

يكفيها فخرا انها حققت طموحها

صديق · 22-11-10, 11:37 AM

الله يعين الامهات والآباء | وبالنسبة الى الاربعمائة دولار المخصصة للاطفال من الابتعاث شتسوي؟!هي للحليب او للحفاظ ! اوللحظانه او ،،او،، وهذا الامر بحاجة الى اعادة نظر من المسؤلين عن برنامج الابتعاث اليس كذلك ؟؟

Senior Presiden · 22-11-10, 11:42 AM

حقا إنها تضحية تستحق الإحترام

SanfoOoOora · 22-11-10, 02:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صديق


	الله يعين الامهات والآباء \| وبالنسبة الى الاربعمائة دولار المخصصة للاطفال من الابتعاث شتسوي؟!هي للحليب او للحفاظ ! اوللحظانه او ،،او،، وهذا الامر بحاجة الى اعادة نظر من المسؤلين عن برنامج الابتعاث اليس كذلك ؟؟

الي ياخذوا ال400 دولار يقولوا الحمدلله
احنا ناخذ 170 باوند للبيبي والحضانة لحالها 500 باوند وهذه حضانة الجامعه ارخص من غيرها...حلوها يالله

وحده من صديقاتي اضطرت تاخذ نص يوم وتطنش محاضرات لانهم ماعندهم يدفعوا ال500.....
احنا مكافئاتنا في بريطانيا يمبى لها نااااااااس يعيدوا النظر فيها الف مرة....
الحمدلله على كل حال نعمة من رب العالمين لكن العدل مطلوب لو دخيل الله يعطوا بعقلانية....
من زمان عفر مرفوع طلب ان الملحقية تتكفل بمصاريف الحضانة وعفر للحين موقف عند الشورى....

اوان الورد · 22-11-10, 04:04 PM

يعني اني بذكر مثال اني ادرس هندسة معمارية واحس ناااااادر بنت تدرس هالتخصص وخلال دراستي احس بشي واااو اني اطلع لورشات واشراف على عمال وتقييمهم ومشاريع وايد ماتخطر ع البال ننفذها...شي ماينوصف يعني
واحس بالنسبة لبنت سعودية شي اممم مو الكل يدرسه مع ان واااايد انتقدوني وش هالتخصص لكن رااااائع بمعنى الكلمة ولااحد ذكرني ولااحس بتشجيع ابدن بغض النظر عن كفاح هذي البنت وادرس على حسابي بعد وسنه احاول على البعثه واروح للملحق ماحد يفتكر يعني بالاحرى طاش ماطاش

الجود · 22-11-10, 04:40 PM

فعلاقصة مؤثرة مليئة بالكفاح والجد والتعب

ولكن

لبرهة دعنا نتاوقف قليلا

اغلب الموظفات والطالبات غير المبتعثات تعاني نفس المشكلة والظروف في بلادنا دون ان يلتفت لهن احد

واالكثيرات منهم نفس المعاناة ولكن في وطنهن

**زهراء الصفار** · 22-11-10, 06:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اوان الورد


	يعني اني بذكر مثال اني ادرس هندسة معمارية واحس ناااااادر بنت تدرس هالتخصص وخلال دراستي احس بشي واااو اني اطلع لورشات واشراف على عمال وتقييمهم ومشاريع وايد ماتخطر ع البال ننفذها...شي ماينوصف يعني واحس بالنسبة لبنت سعودية شي اممم مو الكل يدرسه مع ان واااايد انتقدوني وش هالتخصص لكن رااااائع بمعنى الكلمة ولااحد ذكرني ولااحس بتشجيع ابدن بغض النظر عن كفاح هذي البنت وادرس على حسابي بعد وسنه احاول على البعثه واروح للملحق ماحد يفتكر يعني بالاحرى طاش ماطاش

ضربتي على الوتر الحساس . الله يعينش والله افهم شعورش ..

وياش واااجد في هالمشكلة خيوووو

وش تقول اللي دراستها فيلد كامب .. ب3 الى 4 ايام في مناطق بعيدة(( غابات مافيها ارسال او محيطات وبحار مايعلم فيها الا الله ))

حتى الملحقية تسال وش انتين تدرسي

بس الحمدلله على النعمة يارب ......
وزي ماقلت قبل النار ماتحرق الا رجل واطيهااا .......
ويكفي خيوووو انتن عارف قيمة الشىء اللي انتين قمتي فيه وتعبتي عليه ...... ولا تتوقعي احد يوم يقدر هالشىء .....

قال تعالى :''وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم''

..سر وجودي.. · 28-11-10, 12:46 AM

فعلا النار ماتحرق الا رجول واطيها..
>>>>>>تحاول بقدر المستطاع انها ماتذكر اي مساوئ للغربة.. حتى لا حد يقول ليها......انتي اللي اخترتي تحملي..
وفعلا>>>>>>>>>متحملة والوضع عندها تيكت ايزي..وتحاول ايجاد الايجابيات وتصبر روحها قبل السلبيات..
ويكفيني فخرا اني حققت حلمي بالرغم من انف الجميع..
بصبري واجتهادي..
ولو جيت احسبها لكم.. المغتربات مايصفواا على شي.. بس لازم التحمل.هي سكن.. هي مواصلات خارجية.. مواصلات داخلية تصل الى 1500 بالشهر لعدم توفر المواصلات للمناطق الصحراوية.. الحضانة.. العزبة.. وازيدكم من الشعر بيت توصيل الطفل للحضانة ياخذ السائق مبلغ وقدره .. غير كذا استغلال الرجال للمعلمة المغتربة باخذ مبالغ طائلة مقابل بعض الخدمات الصغيرة.. لعدم توفر محرم..

ولكن في النهاية ارجع واقول.. الحمد لله على كل حال>>>>>>>>>>>احسن من ناس واجد..
ويكفيني فخرا اني حققت كل هذا..

قصة جميلة اخي فتحت لنا ابواب للسوالف والهدرة
>>>والنسوان مايعرفوا يسكتو

اوان الورد · 28-11-10, 01:18 AM

علي سرو احسش من قلب تتكلمي
لكن مشالله واثقه من نفسش وهادا شي جميل ..ان الانسان مهما كانت الصعوبات يجتازها ...كل شي في حياتنا عواصف وكل وعاصفة وقوتها وكل واحد منا وقدرة تحملة على الصمود قدام هذي العاصفة
تحياتي

..سر وجودي.. · 28-11-10, 01:36 AM

اقتباس:


	علي سرو احسش من قلب تتكلمي لكن مشالله واثقه من نفسش وهادا شي جميل ..ان الانسان مهما كانت الصعوبات يجتازها ...كل شي في حياتنا عواصف وكل وعاصفة وقوتها وكل واحد منا وقدرة تحملة على الصمود قدام هذي العاصفة

عزيزتي اوان.. هذا نقطة من بحر.. ولكن عندما انظر لغيري. كالتي في القصة.. اقل شي انا قريبة كل اسبوع بشوف اولادي واهلي.. وهذا يخفف كثير..
ولكن عزيزتي كما ذكرت انا انظر للايجابيات قبل السلبيات.. وعلى قولتهم الواحد لو يتابع.. بيتعب..
.. وتسلمي ياقلبي على التعقيب..

18-11-10, 06:16 PM	#1
روح المسك م.المغتربـــين	مبتعثات لم يسمع عنهن أحد مبتعثات لم يسمع عنهن أحد محمد حسن علوان - جريدة الوطن عند الخامسة والنصف فجراً في مدينة شتائية متجمدة شمال أمريكا تستيقظ مبتعثة ما لتبدأ يوماً طويلاً. الطفلان النائمان يجب أن يستعدا للخروج خلال ساعة. المبتعثة تنتقل بين غرفة نوم طفليها والمطبخ الذي تعدّ فيه إفطارهما على عجل. بعد ساعة يكون الجميع قد استعد للخروج بملابس ثقيلة تعينهم على تحمل دقائق الانتظار حتى يصل الباص. يتذمر الطفلان من كل شيء بمزاج صباحي زادته البرودة عكراً. تحاول المبتعثة تهدئتهما وسط الباص المزدحم. يتوقف الباص عند الحضانة حيث سيقضي الطفلان بقية اليوم. تعود المبتعثة للوقوف عند قارعة الطريق في انتظار الباص الآخر الذي سيحملها إلى الجامعة. درجة الحرارة هبطت تحت الصفر وهي تفكر في قدميها المتجمدتين وفي طفلها الأصغر الذي اشتكى من احتقان حلقه صباحاً. يصل الباص فتأخذ مكانها في آخره وتخرج أوراقها لتستذكر قليلاً قبل الوصول. تصلها رسالة من زوجها ليطمئن على أسرته فتطمئنه، وتسأله إذا ما تمكن من النوم أثناء مناوبته الليلية في المستشفى الذي يعدّ فيه زمالته. يجيبها بالنفي. تصل إلى الجامعة وتتجه إلى محاضرتها اليومية. تنجز محاضراتها خلال ست ساعات، ثم تسابق الريح باتجاه الباص حتى لا تتأخر على طفليها، ثم تظل فيه واقفة لعدم وجود كرسيّ فارغ. تصطحب طفليها في باص آخر إلى المنزل، وتدلف، لتجد زوجها قد عاد إلى المنزل ونام. تساعد طفليها على خلع أحذية الشتاء المبللة بالمطر والثلج، وتلقي عليهما بعض التوصيات، ثم بدلاً من أن ترتمي على الأريكة لتلتقط أنفاسها تتجه مباشرة إلى المطبخ لتبدأ في إعداد وجبة العشاء. تقضي ساعة في الطبخ، وساعة أخرى في إطعام الطفلين، ثم تبدأ في تجهيزهما للنوم. ينام الطفلان أخيراً فتتجه هي إلى المطبخ لغسل أطباق العشاء. تتذكر أثناء ذلك أن حمامات المنزل بحاجة للتنظيف، وكومة الملابس بحاجة للغسل، وأحذية طفليها بحاجة للتجفيف، فتعمل على ذلك لساعة تقريباً. وعندما تنتهي تفتح الثلاجة لتتأكد من أن متطلبات الإفطار موجودة فتكتشف أنه لا يوجد حليب. ترتدي ملابسها الثقيلة، وتلتقط مفاتيح زوجها، وتخرج لتجد السيارة محتجزة وراء تل صغير من الثلج. تخرج مجرفة صغيرة وتبدأ في إفساح طريق للسيارة. أخيراً تتجه إلى السوبرماركت وتشتري ما تحتاجه. تعود إلى المنزل بعد منتصف الليل. الطفلان وزوجها نائمون. البيت نظيف والثلاجة عامرة. الثلج يتساقط خارج النافذة. طاقتها الجسدية اقتربت من الصفر. الآن فقط بوسعها أن تخرج أوراقها وكتبها، وتبدأ في الاستذكار. في الواحدة صباحاً تقرر أنها استذكرت بالقدر الذي تسمح لها ظروفها به. تأوي إلى فراشها وهي تعلم أن يومها الجديد سيبدأ بعد أربع ساعات فقط، لتكرر فيه كل ما فعلته اليوم خطوة خطوة. قبل أن تخلد إلى النوم، يدقّ الهاتف فيستيقظ زوجها ليردّ عليه، ثم ينهض ليرتدي ملابسه ويتجه إلى المستشفى لمتابعة حالة عاجلة. تسمع صوت محرك سيارته في الخارج، وتغرق هي في نوم عميق. وعندما يدقّ جرس التنبيه صباحاً تظنّ أنه أصيب بعطل لأنها لم تنم أكثر من خمس دقائق، قبل أن تكتشف أنها الخامسة والنصف فجراً. تكرر البرنامج السابق خمسة أيام متتالية، وفي عطلة نهاية الأسبوع راحت المبتعثة تقرأ بريدها الإلكتروني لتجد فيه بضع رسائل. الأولى من حضانة ابنيها تنوه فيها أن رسوم الحضانة سترتفع بنسبة عشرة بالمئة. الثانية من الملحقية الثقافية تهدد فيها جميع المبتعثين بإيقاف المكافأة إذا لم يرسلوا كشوف درجاتهم الفصلية. الثالثة من البروفيسور الذي تدرس مادته يخبرها أن بحثها الأخير كان أقل من المطلوب وعليها أن تبذل جهداً أكبر. الرابعة من شركة الهاتف تذكرها بدفع الفاتورة الشهرية حتى لا تتعرض لفصل الخدمة. الخامسة من صالون التجميل يخبرها أن طلبها لحجز موعد هذا الأسبوع مرفوض لأنها قامت بإلغاء أربعة مواعيد سابقة لضيق الوقت. السادسة من زميلاتها في الجامعة يدعونها لحضور حفلة غداً بمناسبة خطوبة إحداهنّ. السابعة من أختها الصغرى في الرياض تعاتبها فيها على عدم التواجد على الإنترنت للدردشة. الثامنة من زوجها يذكرها فيها بمواعيد التطعيم الخاصة بابنهما الأصغر. راحت المبتعثة تتأمل الرسائل الثماني التي يحتاج كل منها إلى إجراء معين يستنزف من الوقت الذي كانت تأمل استغلاله في الاستذكار. على عجل، راحت تبحث عن حضانات أخرى تناسب ميزانية العائلة، ثم طبعت كشف درجاتها لترسله إلى مشرفها الأكاديمي، وكتبت رسالة اعتذار للبروفيسور تعده فيها ببذل جهد أكبر، ودخلت على الموقع الإلكتروني لشركة الهاتف لتسدد الفاتورة، وبحثت عن صالون تجميل آخر لتحجز موعداً ترمم فيه أنوثتها التي لم تعتن بها منذ أشهر، اعتذرت عن حضور الحفلة بسبب جدول مناوبة زوجها. أرسلت لأختها الصغرى لتعدها بالاتصال بها قريباً، ثم اتصلت بعيادة الأطفال لحجز موعد لطفلها الأصغر. أخيراً، قررت أن تقرأ في كتابها عندما وصلها صوت صراخ الطفلين. هرعت لتجد الأكبر يضرب الأصغر بعدوانيّة لم تعهدها فيه من قبل. أقلقها هذا السلوك، فقررت أن تعود إلى جهازها بعد أن فرّقت بينهما لتقرأ قليلاً عن مسببات هذا السلوك. شعرت بالحزن عندما علمت أنه سلوك ناتج عن شعور الطفل بالإهمال وانشغال الأبوين. قررت أنها يجب أن تقضي وقتاً أطول مع طفليها ولكنها لا تعرف كيف سيتسنى لها ذلك في ظل جدولها اليوميّ المجنون. فكرت أن تحذف إحدى المواد من هذا الفصل الدراسي لتحل مشكلتي تراجع أدائها الجامعي وتوفير وقت لطفليها اللذين تأثرا نفسياً من هذا الجدول الميكانيكي الصارم. تذكرت أنها لجأت لهذا الحل مرتين خلال الفصلين الماضيين وستتأخر سنة كاملة عن موعد التخرج، ولا تدري كيف ستتعامل الملحقية مع هذا التأخير. تمسح، دون أن تقرأ أياً منها، بقية الإيميلات المتراكمة في بريدها بما فيها من مقالات واهتمامات شخصية طالما أحبتها ولكنها لا تملك الآن وقتاً لقراءتها. يصرخ طفلها مرة أخرى باكياً بعد أن نشبت معركة أخرى، تتأمل في المرآة شعرها المهمل ويدها المتشققة، تلقي نظرة على أوراق وكتب الجامعة التي ينبغي أن تقرأها قبل بداية الأسبوع المقبل. تتساءل للمرة المئة منذ بدأت بعثتها إذا ما كان بوسعها تحمّل ذلك كله بضع سنوات أخرى. بعد أربع سنوات من هذا الكفاح اليومي تخرجت فعلاً، ونال زوجها الزمالة. اكتسب طفلاها لغةً ثانية، وعادوا جميعاً للسعودية. ومنذ عودتها، كانت تقرأ بين الحين والآخر في الصحف عن إنجازات المبتعثات، ولكنها لم تجد يوماً اسمها. __________________ دونكـ تــآيهـ في غربتي!! saffar127@

19-11-10, 09:38 AM	#2
زهراء الصفار _:: عضوية الإمتياز ::_	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد النار ماتحرق الا رجل واطيهااا ..... وكل كوووم اذا جاء احد يتفلسف في شىء مايدري وين الله حاطة ......... بس هالقصة ... فعلاً واقع حياة أغلب المبتعثات ..... الله يوفق الجميع يارب .. بحق محمد وأل محمد.... ويكفى من هالمبتعثة ..انها تفتخر بالأنجاز اللي هي عملته الى نفسها وعملته الى زوجها واولادها ...بدون ماأحد يذكر اسمهااا في صحف او مجلات __________________

20-11-10, 10:46 PM	#3
محبة آل محمد عضو متميز	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد قصة كفاح جميلة الله يعين الجميع يارب __________________

21-11-10, 04:21 PM	#4
اوان الورد عضو شرف	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد من جد مبتعثات لم يسمع بهن احد يعطيك العافية اخوي __________________ والله واخذكم الموت ياأحباب

21-11-10, 06:57 PM	#6
{..شذى~ ...(عضو شرف)...	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد يكفيها فخرا انها حققت طموحها __________________ ‏ثمّ إنَ لُطفهُ يجري وعبْده لا يَدري❤

22-11-10, 11:37 AM	#7
صديق عضو مشارك	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد الله يعين الامهات والآباء \| وبالنسبة الى الاربعمائة دولار المخصصة للاطفال من الابتعاث شتسوي؟!هي للحليب او للحفاظ ! اوللحظانه او ،،او،، وهذا الامر بحاجة الى اعادة نظر من المسؤلين عن برنامج الابتعاث اليس كذلك ؟؟

22-11-10, 11:42 AM	#8
Senior Presiden كاتب متميز	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد حقا إنها تضحية تستحق الإحترام __________________ إضاءات وأنوار الزينة /تجهيز الحفلات من أ-ي/ إعداد المأتم والمساجد عمل دعايات الإفتتاح والعروض www.ospp.co.nf

22-11-10, 04:04 PM	#10
اوان الورد عضو شرف	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد يعني اني بذكر مثال اني ادرس هندسة معمارية واحس ناااااادر بنت تدرس هالتخصص وخلال دراستي احس بشي واااو اني اطلع لورشات واشراف على عمال وتقييمهم ومشاريع وايد ماتخطر ع البال ننفذها...شي ماينوصف يعني واحس بالنسبة لبنت سعودية شي اممم مو الكل يدرسه مع ان واااايد انتقدوني وش هالتخصص لكن رااااائع بمعنى الكلمة ولااحد ذكرني ولااحس بتشجيع ابدن بغض النظر عن كفاح هذي البنت وادرس على حسابي بعد وسنه احاول على البعثه واروح للملحق ماحد يفتكر يعني بالاحرى طاش ماطاش __________________ والله واخذكم الموت ياأحباب

22-11-10, 04:40 PM	#11
الجود عضو متميز	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد فعلاقصة مؤثرة مليئة بالكفاح والجد والتعب ولكن لبرهة دعنا نتاوقف قليلا اغلب الموظفات والطالبات غير المبتعثات تعاني نفس المشكلة والظروف في بلادنا دون ان يلتفت لهن احد واالكثيرات منهم نفس المعاناة ولكن في وطنهن __________________ إتق شر من أحسنت إليه

28-11-10, 12:46 AM	#13
..سر وجودي.. مشرفة الحياة الزوجية+التعليمي	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد فعلا النار ماتحرق الا رجول واطيها.. >>>>>>تحاول بقدر المستطاع انها ماتذكر اي مساوئ للغربة.. حتى لا حد يقول ليها......انتي اللي اخترتي تحملي.. وفعلا>>>>>>>>>متحملة والوضع عندها تيكت ايزي..وتحاول ايجاد الايجابيات وتصبر روحها قبل السلبيات.. ويكفيني فخرا اني حققت حلمي بالرغم من انف الجميع.. بصبري واجتهادي.. ولو جيت احسبها لكم.. المغتربات مايصفواا على شي.. بس لازم التحمل.هي سكن.. هي مواصلات خارجية.. مواصلات داخلية تصل الى 1500 بالشهر لعدم توفر المواصلات للمناطق الصحراوية.. الحضانة.. العزبة.. وازيدكم من الشعر بيت توصيل الطفل للحضانة ياخذ السائق مبلغ وقدره .. غير كذا استغلال الرجال للمعلمة المغتربة باخذ مبالغ طائلة مقابل بعض الخدمات الصغيرة.. لعدم توفر محرم.. ولكن في النهاية ارجع واقول.. الحمد لله على كل حال>>>>>>>>>>>احسن من ناس واجد.. ويكفيني فخرا اني حققت كل هذا.. قصة جميلة اخي فتحت لنا ابواب للسوالف والهدرة >>>والنسوان مايعرفوا يسكتو __________________

28-11-10, 01:18 AM	#14
اوان الورد عضو شرف	رد: مبتعثات لم يسمع عنهن أحد علي سرو احسش من قلب تتكلمي لكن مشالله واثقه من نفسش وهادا شي جميل ..ان الانسان مهما كانت الصعوبات يجتازها ...كل شي في حياتنا عواصف وكل وعاصفة وقوتها وكل واحد منا وقدرة تحملة على الصمود قدام هذي العاصفة تحياتي __________________ والله واخذكم الموت ياأحباب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
رجال الحسم .. هو الإنتقام ..صوتٌ لا يسمع ، وصدىً يكرر نفسه	لسعة شقاوة	منتدى السينما والتليفزيون	0	21-08-09 01:07 PM
هذا مصير الذي لا يسمع كلام أبوه وأمه	شموخ رجل	منتدى الصور الغير مصنفة والمنقولة	6	17-04-09 03:43 PM
الي يبي يزوجني لازم يسمع شروطي	امواج البحر	منتدى حواء والأسرة	17	28-03-03 02:32 AM
لمن يريد ان يسمع شعرا !!!	سلمان	المنتدى الثقافي والأدبي	4	08-08-02 01:04 AM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية

.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.