افتتحت جماعة الخط العربي برنامجها الرمضاني لهذا العام ( 1430هـ ) في ديوانية القطيف بنادي الفنون بندوة حوارية بعنوان ( التنشئة الذاتية للخطاط ) قدمها الخطاط نافع تحيفاء و حاوره الخطاط صالح الحداد ، وقد ذكر في تقديمه أن الخطاط نافع هو أستاذ جيل كامل من الخطاطين في المنطقة ، وقد حضر الندوة رئيس الجمعية السعودية للخط العربي الخطاط إبراهيم آل زاير وجمع من الخطاطين والخطاطات .
بدأ الأستاذ نافع التحيفاء حديثه عن مفهوم التنشئة و ذكر أن تنشئة الخطاط تحتاج إلى ثلاثة أمور : الغذاء و التوجيه و التخطيط . وقال " الغذاء بالنسبة إلى الخطاط يعني الاطلاع على الخطوط والمعارض و الكتب الخطية ومصاحبة الخطاطين و الاشتراك في المسابقات الخطية ، فيجب عليك ـ أيها الخطاط ـ أن تنفتح على الإنتاج في هذا المجال ، يجب أن تبحث عن أفضل الكتب لأفضل الخطاطين ، ويجب عليك أيضا مطالعة اللوحات الخطية الجميلة ذات المستوى الرفيع ".
و أكد المحاضر على أهمية المباحثة مع الخطاطين فالعاقل من جمع عقول الآخرين إلى عقله ، وضرب مثلا بالخطاط الكبير حامد الآمدي الذي استفاد من مباحثة الخطاطين الكبار من أمثال أحمد الكامل و اسماعيل حقي و نجم الدين اوقياي وغيرهم في تطوير خطه ، وقال : " العزلة تجعلك ضيق الأفق ، أنت تعلم شيئا و الآخرون يعلمون أشياء فعليك أن تنفتح عليهم و مصادقتهم و عدم المنافسة المنفرة معهم ، وعندما تخسر أي خطاط في الواقع أنت الخاسر ، فالتقوقع يضر بالخطاط ".
الخط مخفي في تعليم الأستاذ :
و الأمر الثاني الذي يحتاجه الخطاط هو ( التوجيه ) و هنا يأتي دور الأستاذ فـ ( الخط مخفي في تعليم الأستاذ ) ... و أضاف الخطاط نافع : " يجب عليك ـ أيها الخطاط ـ النظر في مستويات أساتذة الخط وتتعمق في حروفهم و تصاميمهم الخطية لتنتخب أفضلهم ... عليك أن تبحث عن الأستاذ المناسب ، الأستاذ يمهد لك الطريق و يشرح لك ما يعينك على فهمك" .
و الأمر الثالث هو ( التخطيط ) و هو من أعظم الصفات الي يجب أن يتحلى بها الخطاط ، وعن أهميته قال : " كل هدف لا يكتب و لا يـُخطط لتنفيذه هو أمنية و ليس هدافا حقيقيا ، فإذا أردت أن تكون خطاطا يجب أن تضع الخطط اللازمة لقطع المراحل ، هناك في البداية مرحلة تعلم الأبجديات من حرف الألف إلى أخرعبارة ( تمت الحروف بعون الله الملك الرءوف) فيجب أن تقطع هذه المرحلة بكل جد والتزام بمساعدة الأستاذ ... هذه الخطة لها وقت زمني محدد مع الأستاذ فيجب تحديد ساعات للتدريب و ساعات للاطلاع و ساعات للمباحثة مع الزملاء . مثلا سوف يلزمك الأستاذ بتعلم الحروف المفردة لمدة ستة أشهر فيجب عليك الالتزام بذلك " .
ثم أكد على أهمية أن يتحلي الخطاط بالصبر و قال : " من الصفات النفسية للخطاط أن يتحلى بالصبر ، و الصبر لا يعني الصعوبة و لا تعني الانهماك في تعلم الخط و ترك الأشغال الأخرى ، الصبر هنا هو الالتزام بالخطة و تنفيذها ... خطط ثم نفذ الخطط سوف تجد نفسك مرتاحا ... " .
ثم ذكر الأستاذ نافع أمرا مهما للخطاط وهو الاهتمام بالأدوات ، وقال : " اهتم بأدوات الخط ، اهتم بالحبر الجيد ، لا تقبل بأي حبر و أتعب نفسك للحصول على الجيد منه ، وكذلك القصب لا تقبل بقصب متوسط ... ابحث عن القصب الممتاز و تعلم الطريقة الممتازة لبريه ، تعلمها جيدا ... " .
النضج البصري و أهميته في إتقان الخط :
إتقان الخط كفن بصري لا يعتمد على التمارين و الممارسة فحسب و إنما التدريب البصري المستمر وعن هذا الجانب قال الخطاط نافع : " النضج البصري يريك الشيء على حقيقته لا كما تتخيله ، أنت تتخيل حرف ( ج ) بهذا الشكل و لا ترى التفاصيل الدقيقة ، إدراك هذه التفاصيل يأتي بالنضج البصري و بمزاولة مهنة الخط كثيرا . بعض الأحيان لا أرى خطا فيما كتبت و عندما يرشدك الأستاذ إليه تراه ، كأنما الخطأ مغطى بغطاء ، وجاء الأستاذ وكشف هذا الغطاء، و تتساءل كيف لم أرى هذا الخطأ من قبل ؟" ، و أضاف : " الخط ينمو مع الصداقة و التعاون و التآلف ... أن تريني أخطائي ، أن تلفت نظري إلى ما غاب عني و أن ألفت نظرك كذلك " .
كتبت حرف الواو 500 مرة في تدريب واحد :
و خلال إجابته على أسئلة الحضور أكد الأستاذ نافع على أهمية التدريب الفعلي الجاد و التدريب البصري المستمر ، وأكد أيضا على أهمية التدريب تحت إشراف الأستاذ وذكر معاناته في بداية تعلمه لفن الخط بسبب عدم وجود الأستاذ ، وقال : " لقد صرفت مجهودا كبيرا في بداية تعلم الخط و أثرت عليّ في جوانب أخرى ، كنت أبحث عن الأستاذ و كنت أحزن كثيرا لأنني لم أجد من يقل لي هذا خطأ و هذا صح ... مثلا كنت قد كتبت حرف (الواو) في جلسة تدريب على مدى ثلاثة أيام 500 مرة و كلها خطأ ، ولم أكتشف الخطأ إلا في الأخير ! ، فلو كان عندي أستاذ لكتبتها صحيحة من المرة الأولى " .
و في ختام الندوة شدد الأستاذ نافع على أهمية توثيق العلاقات بين الخطاطين و الأخوة ، وقال : " أنا متفائل جدا بالمستوى الذي وصلت إليه الجماعة لأنها تزودت بتوفيق الله أولا و بالعلم ثانيا و بالأخوة ثالثا ، و أتمنى أن تستمر هذه الأخوة ، فالله الله في توثيق العلاقات بينكم ، وإني أشكر الخط كثيرا لأنه عرفني بكم " .
منقول من الايميل جروب جماعة الخط العربي
موفقين