New Page 1
قديم 25-02-03, 07:42 PM   #1

اسير
عضو واعد

 
الصورة الرمزية اسير  







رايق

نهضة الامام الحسين عليه السلام


[ALIGN=JUSTIFY]الاخ العزيز عبد المنتظر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو تثبيت الموضوع

الإمام الحسين بن علي الشهيد (ع)
هو سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وهو خامس أهل الكساء وأمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسالة الله (ص).
ولد عليه السلام يوم 3 شعبان سنة 4 للهجرة واستشهد في اليوم العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة وعمره 58 سنة.
وقد ورد عن النبي (ص) أنه قال: ( حسين مني وأنا من حسين )، ولما ولد سماه جده حسينا وكان دائما يعظه ويحمله ويعرف به المسلمين ويقول: ( هذا ابني أحب الله من أحب حسينا ).
كان عليه السلام على جانب عظيم من مكارم الأخلاق والشجاعة والإباء. ما قصده أحد بحاجة ورجع خائبا وكان يتفقد الفقراء والمساكين ويكرمهم ويحسن إليهم، وكيف لا يكون كذلك وهو ابن رسول الله وسبطه. وبوقفه في كربلاء يضرب المثل في علو نفسه وإبائه وشممه وشجاعته. وهو القائل في ذلك اليوم لأنصار بني أمية ( لقد منتكم شوكتكم أني أنقاد لطاغيتكم الملحد أبى الله ذلك لي ورسوله وجدود طابت وحجور طهرت لا نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام .....). وهو القائل ( إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ).
وأما عبادته .. فقد كان أعبد الناس وأتقاهم وقد حج خمسا وعشرين حجة ماشيا على قدميه من المدينة المنورة إلى مكة والنجائب تقاد معه. وكان الناس إذا رأوه يترجلون معه هيبة منه، وأدعيته المشهورة تشهد له بعبادته، منها دعاؤه (ع) يوم عرف.
من كلامه عليه السلام وحكمه:
1- إعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فتتحول إلى غيركم.
2- من نفس كربة عن مؤمن فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة.
3- من أحسن أحست الله إليه والله يحب المحسنين.
4- الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.
وقف الإمام الحسين (ع) موقفاً عصيباً من أدق المواقف وأحرجها في تلك الفترة .. فإما يبايع يزيد الكفر وبذلك يقضي عليه وعلى دين الله.. وإما أن لا يبايع، وهو المتوقع منه (ع)، وإما أن يكره على البيعة، وإما أن يقتل دون أن يبايع، وبقتله تقتل قريش وبقتلهم تحصل مقتلة عظيمة.

إذن ماذا يفعل؟ وماذا يلزم عليه؟ إنه لا يبايع، ولكنه يهاجر من المدينة إلى مكة، ويهاجر من مكة إلى العراق ليأمن من بغي يزيد وأميره وحزبهما فاراً مختفيا.

- لماذا خرج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة - مقر جده (ص) - ثم من مكة، مع العلم بأنه لو كان باقياً في الحجاز لالتف حوله الناس وجعلوه خليفة؟
يمكن أن نحصر أسباب خروجه (ع) من الحجاز إلى العراق في النقاط التالية:

1- الإصلاح:

وهو أهم أسباب خروجه (ع) وبه صرّح في أول وثيقة لثورته، وصيته لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً: (وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر وأسير سيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب).

يريد بذلك السير على كتاب الله لا على خطط الوثنية. وعلى سنة نبيه لا على سنن الجاهلية. يريد إحياء السنة التى أماتها الأمويون، وإماتة البدعة التي أحيوها. كما عبر عن ذلك في كتابه إلى البصرة: (وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه فإن السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت...إلخ).

2- الفرار من يزيد:

لقد كان يزيد يكُنُّ العداء البغيض، والحقد الكتواكب على الحسين وآباء الحسين (ع) ويريد البيعة له، وقد تربص للإمام الدوائر، وتعقبه للقتل في مواقع كثيرة. منها .. حين كتب إلى واليه على المدينة - الوليد بن عتبة - يأمره بأخد البيعة من الحسين (ع) .. وقال في آخره: ( .. وإن أبى فاضرب عنقه .. ). ومنها ... حين أرسل عمرو بن سعيد في عسكر عظيم إلى الحجاز وأولاه أمر الموسم (أمره على الحاج كلهم)، وأمره أن يناجز الحسين (ع) إن هو ناجزه وأن يقتله إن تمكن عليه، وإلا فيقتله غيلة. ومنها .. حين دس في تلك السنة مع الحاج ثلاثين رجلاً من شياطين بني أمية أمرهم بقتل الحسين (ع) على أي حال اتفق ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة.

فعلم الحسين (ع) بذلك فجعل حجته عمرة مفردة وخرج. وهكذا في غير موقف وموطن كان يأمر بقتله والحسين (ع) يفر من مترقباً، إلى أن انحصر في وادي الطف فأعلن الثورة.

3- إتمام الحجة على أهل الكوفة:

ومن أسباب خروجه إلى العراق ودواعيه - المهمة - إجابة دعوة أهل الكوفة إياه. فإنهم أرسلوا كتباً يستنجدون به من الذل والهوان ويوعدونه النصر حتى اجتمع عنده (ع) اثني عشر ألف كتاب اشترك في الكتاب الواحد خمسة أشخاص وعشرة أشخاص والأكثر من ذلك. فكان من الواجب عليه (ع) لإتمام الحجة عليهم، سيما بعد أن أرسل إليه نائبه ورسوله مسلم بن عثقيل بإقبال الناس إليه وتوافرهم على البيعة له، وأنهم بلغوا ثلاثين ألفاً.

4- حفظ حرمة الحرم:

كان الحسين (علبه السلام) حريصاً على الخروج من الحجاز بأسرع وقت لئلاّ يقع بينه وبين حزب يزيد في الحرم الشريف قتال فتهتك حرمته، وأما يزيد فهو الذي أمر بقتل الحسين (ع). ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، ومع هذا هل يرى للحرم حرمة؟ فكان هذا الأمر أيضاً من أسباب خروجه (ع).

5- نشر دعوته:
لما كان لخروجه (ع) - في ذلك الوقت - من تأييد حركته ودعوته حتى صار بإبائه على يزيد البيعة وخروجه من الحجاز حديث كل اثنين يجتمعان فأوجد (ع) بمسيره ثورة فكرية سببت إفشاء دعوته بسرعة البرق.

وكان لخروجه في غير أوانه دوي يرن صداه في الداخل والخارج والناس يتساءلون عن نبئه العظيم وعن أنه عليه السلام هل حج وخرج؟ ولماذا خرج؟ وإلى أين؟ ومتى؟.

هذا .. والحسين (ع) يسير بموكبه الفخم وحوله أهله كهالة حول القمر، وكان موكبه (عليه السلام) داعية من دعاته. فإن الخارج يومئذٍ من أرض الحج والناس متوجهون إلى الحج لا بد أن يستلفت إلى نفسه الأنظار وإن كان راكباً واحداً.

إنه لأمر مريب غريب يستوقف الناظر ويستجوب العابر .. وهذه أيضاً من شأنها شهرة أمر الإمام وانتشار خبره.

2- لماذا لم يرجع الإمام الحسين عليه السلام لمّا أُخْبِرْ بقتل سفيره مسلم بن عقيل الذي أرسله لكشف حال الكوفة تجاهه؟
لم يرجع الإمام الحسين (ع) وذلك لأن أهل بيته أبوا الرجوع لأنه (ع) قال لهم حينئذٍ ما ترون فقد قُتِلَ مسلم، فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق، فما كان من العدل أن يتركهم وهم الذين واسوه إلى ذلك الموقف فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء.

هذا مع أنه (ع) لم يجد ملجأً يلجأ إليه - حينذاك - فما كان عليه إلا أن يتابع السير حتى صاروا على مقربة من الجيوش التي زحفت إليه من الكوفة وقد قطعت الطريق عليه واضطرته إلى النزول في كربلاء في مكان لا يصلح للحرب وبعيد عن الماء، وأخذوا يشددون الحصار. وجرى حوار طويل بين الطرفين لم يتوصلا فيه لنتيجة. فلقد منعوا الحسين (ع) من الرجوع إلى الحجاز أو السير إلى الكوفة، وأبى (ع) أن يستسلم ليزيد وابن زياد. وكان مما قاله الحسين في الحوار وقد وقف بينهم خطيباً: ( وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وتوالت عليًّ رسلكم ورسائلكم أما إذا كرهتموني فإني مستعد لأن أرجع إلى الحجاز أو في بلاد الله العريضة .. ) فلما أنكروا قوله أمر (عليه السلام) بإحضار كتبهم التي كانت في خرجين كبيرين فنثرها بينهم وهم يرون ويسمعون، ونادى كل من كتب إليه باسمه وكان بينهم عدد كبير ممن كتبوا له وعاهدوا الله على نصرته .. فصمتوا عند ذلك ولم يجيبوه. وعاد الحسين (عليه السلام) إلى مضاربه حزيناً يقول لأصحابه (وإن القوم قد أصرّوا على القتال ولا يريدون غيري فإن ظفروا بي لا حاجة لهم بكم، فإذا جن الليل فليذهب كل منكم إلى حيث يأمن ودعوني وهؤلاء القوم ...) وأبى أصحابه الأوفياء وأهل بيته البررة أن يفارقوه أو يبخلوا بأرواحهم عليه وقالوا له: والله لا نفارقك ولا نرضى بالعيش بعدك.

وبدخول اليوم العاشر من المحرم زحفت خيل ابن زياد نحو مضارب الإمام الحسين (ع) يتقدمها عمر بن سعد (لعنة الله عليه) ورمى به خيام الحسين (ع) وقال: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى الحسين .. وتوالت السهام على أخبية الحسين (ع)من كل جانب، فنادى الحسين (ع) في أصحابه وقال: (هذه رسل القوم إليكم فخرجوا من خيامهم كالأسود لا يبالون بالموت ولا يحسبون لتلك الحشود الهائلة حساباً مستبشرين بلقاء الله عز وجل. وكان لا يقتل منهم أحد حتى يقول: السلام عليك يا أبا عبدالله. واحتدمت المعركة بين الطرفين فكاد لا يُقتل الرجل من أنصار الحسين (ع) حتى يقتل العشرة والعشرين، وخلال ذلك اليوم قتلوا عن آخرهم، وبقي الحسين في أهل بيته وبنيه وأخوته، فتقدم إلى القتال ببسالة لا يُعْرَفْ لها الإنسان نظيراً من قبل، حتى انتهت المعركة بمقتل الحسين (ع).
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=" shadow(color=red,direction=135)"]
ويح العراق كم له من غدرةٍ = بالمرتضى وبالزكي المجتبى
|قد قدمت شرّ لورى وأخرت = خيرهم جداً وأماً وأباً
وما رعوا يوم الطفوف ذمّة = قد عاهدوا السبط عليها بالوفا
حتى إذا وافى إليهم زحفت = أجنادهم لحربة مثل الدبى
ساموه أن ينقاد طوعاً ضارعاً = لابن زياد ويزيد فأبى
نفسي فداء معشر قد جعلوا = نفوسهم بالطف للسبط وقا
[/poet]
[/ALIGN]
:(

__________________
اميري علي ونعم الامير

اسير غير متصل  

قديم 25-02-03, 09:13 PM   #2

المنار
...(عضو شرف)...

 
الصورة الرمزية المنار  







رايق

[ALIGN=CENTER] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوور اخوي اسير ونرجوا التثبيت



( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يؤمنون)

لم يكن الإمام الحسين(ع) رجل حرب أو مجرد بطل مواقف وميادين فحسب، كما لم تكن واقعة كربلاء حادثة عابرة في التاريخ، وانما إقترن الحسين(ع) وحركة نهضته الرائدة، بهدف سام أعلى نتجت منه مسيرة عبادية جهادية سياسية تظللت في ظل مبادئ مقدسة مستوحاة من روح نصوص الشريعة الإلهية والرسالة المحمدية والسيرة العلوية... والهدف السامي الذي كان في قمة أهداف حركة الحسين(ع) هو إقامة حكم الله في الأرض، بكل ما يعنيه من أصالة وعدالة واستقامة، ومن هنا جاءت بالفعل بداية انطلاقته بإعلانه مقولته الخالدة: (اني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) فالإصلاح الذي عناه(ع) في أمة جده النبي الأكرم محمد(ص) ، يشمل إقامة حكم الله في الأرض، وهذه هي حقيقة ناصعة وثابتة لا تنكر، وليس بإمكان أحد أن يشكك بها، كما لا يستطيع كل من يضمر العداء والحقد أو الحسد لآل بيت الرسول الأطهار عليهم الصلاة والسلام أجمعين أن يشوهها او يتلاعب في وقائعها ومبادئها، لقد ثار الإمام الحسين(ع) وتحرك، ولكنه لم يفعل ذلك ليحكم، أو يحصل على منصب يأمر من خلاله وينهى، فمقولته العظيمة تلك هي الشعار الذي فجر حركته على أساسها، وليس ليصبح حاكماً، مع أن أئمة أهل البيت المحمدي المبارك أولى بل وأحق من غيرهم بالحكم وولاية أمة المسلمين بأمر إلهي وتوصية نبوية، والحسين(ع) هو الذي كان يكرر الآية الكريمة ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) ، الإمام(ع) لم يخرج من أجل الإفساد، ولم يكن هدفه البغي في الأرض كما إتهمه أعداؤه، فقد كان بإمكانه(ع) وهو يمتلك تلك الشجاعة وتلك الشرعية، وبإمكانه أن يفعل ما فعله ابن الزبير من بعده، وما فعلته حركة القرامطة في البحرين والبصرة، وما ارتكبته ثورة الزنج والتي كادت أن تسيطر على بغداد، ولكنه(ع) لم يفعل شيئاً من ذلك، فلم يجبر أحداً على الالتحاق به، علما انه كان في موسم الحج في مكة المكرمة، وكان القائد الروحي الذي لا يرقى إليه شك في العالم الإسلامي كله وقتذاك، ومع هذا كله فإنه(ع) لم يتسلط ويتجبر على الناس بقوة السلاح، فلم يجذب الناس في مكة إلى حركته بالقوة، بل أبان لهم الحقيقة حتى إنه عندما جيء له بخبر مقتل رسوله (ابن عمه) مسلم ابن عقيل بن أبي طالب، وتحوّل الكوفة من الثورة على الحكم الظالم إلى الثورة المضادة، فإنه طلب من الرسول الذي جاء إليه بهذا الخبر، أن يلقيه علانية قائلاً: ما دون هؤلاء من سر، لقد فعل الإمام الحسين(ع) ذلك لان حركته كانت إصلاحية نزيهة، ولم تسر ضمن حركة الطاغوت، ولم تهدف إلى إقامة طاغوت آخر، لأنها لم تكن صراعاً سياسياً بحتاً او غاية ووسيلة لأجل الوصول إلى السلطة، كما يحلو عن خبث وحقد لبعض المرجفين والمشككين عن جهل وضيق رؤية.

كبرياء الدم

ولمحت روحك كبرياء الدم أمام وجه التاريخ.. وسيسيل (الدم) هادرا مع لحظاته، لا تعيقه كثبان المزيفين على طول مجراه..

لم تزل تحدّق في عيون أعدائك.. ما بهم هؤلاء؟ إلى ماذا يذهبون مساكين هؤلاء؟.. مساكين، ما دروا أين يذهبون؟.. يا حسرتي عليهم.. لا على جسدي البالي اليوم أو غداً أو بعد غد.

(الإمام الحسين… ) إلى أين تذهب يا ابن عوسجة وأنت يا ابن مظاهر؟.. إن قومك هناك.

(ابن مظاهر) نذهب إلى ما يذهب به دين جدّك.. إلى ما تدوسه خطاك.

(الحسين… ) انه الدم يا ابن مظاهر.. إلا تخشاه..؟

(ابن مظاهر) لقد علمتنا سيدي انه النور الأول.. للجنة..

(الحسين… ) بوركت يابن مظاهر.. لقد دب النور في صدرك.. لذا فأنت ترى الدماء نوراً..

(الحسين… إلى أصحابه) ها هنا محط تاريخ الكبرياء.. ها هنا في كربلاء.. ستنطلق قصيدة الكبرياء.. يرددها الدهر للأجيال.. وسترفع مواكب السائرين لدرب الله.. رايةُ كربلاء.. توجه روح الرياح.. وإن مالت هنا وهناك.. وستحمل في جعبتها. زادُ ثباتنا.. أمام الطغاة..

نعم كان ذلك.. وها هي البشرية من أقصى الشرق لشراع غربها تردد روح الحسين. في ثورة الزحف العظيم (لماوتسي تونغ) لغاندي.. لأطراف مراكش كلهم يرددون: (من الحسين زادُنا).


منقول مجلة النبأ العدد 44[/ALIGN]

__________________
حرف و نزف ..

مؤلمـاً حقـاً
" عندما تكتم أخطاء غيرك خوفاً عليهم ووفاء منك لهم ..
وتصطدم بأن أخطاءهم نُشرت بين الناس على أنها أخطاءك أنت ..
وهم .. طاهرون من الخطأ !
"

المنار غير متصل  

قديم 26-02-03, 10:52 AM   #3

كاتمة الاحزان
عضوه ذهبية  







رايق

[ALIGN=CENTER] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكورين الاخوه الكرام
واللهم العن قتلت الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام
واللهم ثبتنا على ولايتهم والبراءة من اعدائهم

تحياتي
[/ALIGN]

__________________
** أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لجميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب اليه**
اللهم صلى على محمد وآل محمد


مأجــــــــورين ومــــــثابـين

نسألكم الدعاء

كاتمة الاحزان غير متصل  

قديم 26-02-03, 04:19 PM   #4

اسير
عضو واعد

 
الصورة الرمزية اسير  







رايق

[ALIGN=JUSTIFY]3- ما فائدة تلك النهضة التي أقامها وقتل في سبيلها، كما قُتِلَ أهل بيته فيها؟
نتائج نهضة الحسين (ع):

إن نتائج ثورة الحسين (ع) خالدة تعود إلى المجتمع كله ومنهاجاً للبشر مدى الأجيال في إعلاء الحق وإزهاق الباطل. وهي صرخة نتاجها الحق.ومن فوائدها:

الأول: صد الحكم الأموي الغاشم عن السير في خططه الهدامة التي محورها ((مَحْق الإسلام)) وموادها ملأت صحف التاريخ .. ومنها:

1- معاداة معاوية لأمير المؤمنين علي (ع) ومعارضته له في جميع الحالات واستهانة السيادة الإسلامية ((الخلافة)) وأصبحت الأمة من جراء ذلك لا تعتني بعظمائها ولا يأخذوا أفعالهم مناهج في سيرهم ولم يتبعوا آثاراهم وأقوالهم ولم ينتهوا بمناهيهم فأثّر ذلك فيهم حتى جعلوا القرآن وراء ظهورهم، وعرض بذلك الذل والتقهقر .. إلى أن انتبهوا (بصرخة الحق).

2- قتلهم ونفيهم أصاب الحق والفضيلة والإيمان والجهاد، وكل صحابي جليل ومجاهد قدير أو آمر بالمعروف أو ناه عن المنكر .. كتبعيد أبا ذر الغفاري الصحابي الأكبر الصديق الأمين إلى منطقة الربذة. وسحق ابن مسعود الصحابي الكبير ذو المناقب الجمة وقتله، وقتل عمار بن ياسر الصابر في سبيل الله. وقتل حجر بن عدي الرجل الصالح التقي ورفاقه الأبرار أصحاب أمير المؤمنين. وقتل محمد بن أبي بكر وأشياعه المتقين .. إلى غيرهم من أصحاب الإمام علي (ع) أصحاب الحق والفضيلة والجرأة.

فعلو كل ذلك ليتسلطوا على االأمة ويكونوا ملوكاً حتى أخرج الله من ادخره لإنقاذ دينه "وهو الحسين بن علي (ع)" فنهض تلك النهضة التي بددت كيانهم.

3- تأميرهم كل فاجر فاسق، وكافر منافق على الأمة المؤمنة يعيثون في الأرض فساداً ويكثرون فيها عتواً. كتأمير معاوية على الشام واالوليد على الكوفة، واستخلاف معاوية ابنه يزيد، وتأمير يزيد عبيدالله بن زياد إلى غيرهم ممن يبرأ من الحق من مجركي التاريخ.

4- عداؤهم لأهل بيت رسول الله وإبادتهم، بين قتل وسب وغصب وتشريد وهتك إلى غيرها من الإهانات التي تحط من قوتهم. فكانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام بتراً لحكمهم وصداً لهم وردعاً لعدائهم. وبثورته عليه السلام تنبهت الأمة إلى التأخر الذي أوقعه الحكم الأموي في مجتمعهم فتمسكوا بأهل البيت لإقامة الحق.

الثاني: كشف الحجب عن أعمال تلك السياسة السوداء وبان المقصد الخبيث الذي أكنوه في أعماقهم لإصابة الإسلام والمسلمين.

فأحرق (ع) تلك الأغشية الخلابة الخداعة التي نصبوها ستراً لقبائحهم ومنكراتهم بلهب ثورة شع نورها حتى أوضح الحقائق للعالم أجمع، تلك ثورة أبى عبدالله الحسين التي كانت بدءاً وختاماً فضيحة لبني أمية .. أما ابتداؤها فمن إخراج سيد شباب أهل الجنة من مقره في العراق وحصر الطريق عليه وصده عن الرجوع أو دخول أحد بلدان المسلمين، ثم بعد الحصر في أرض الشهادة حيث أعمال العنف والظلم الشديدين عليه وعلى أهل بيته والغربة في القفر ومنع الماء عنهم ثلاثة أيام بلياليها. وأما انتهاء: فحرق مآوى حرائر الرسول الثواكل وذريته حيث لا مقر ولا مأوى وسبيهم من الطف بأبشع الصور إلى الكوفة ثم إلى الشام وإهانتهم في الطرق والمجالس كأنهم سبايا الترك أو الديلم إلى غير ذلك من المظالم والفجور.

فهذا كله أثّر في أنفس الأمة وأنتج المقصود من إبادتهم واجتثاث أصولهم

الثالث: بث روح الحركة والشعور بالمسؤولية عن الأمة والدين في أنفس المصلحين من المؤمنين وتنبيه الغافلين عن التأخر إلى التقدم والسعادة، فصارت ثورة الحسين (ع) مناهج لهم في ذلك الأوان ودروساً لمن رأى في نفسه الشعور. فما مضت برهة من الزمن على ثورته إلاّ والمصلحون يثبون للإصلاح في وجه الأمويين حيث وثبة أهل المدينة في واقعة (الحرة). وعبدالله بن الزبير والمختار بن عبيدة الثقفي ، وابن الأشتر النخعي ، والتوابون، وزيد بن علي الشهيد ، والحسين بن علي شهيد (فخ).

إلى غيرهم من المصلحين في ثوراتهم التي استوحت النضال ضد الباطل من ثورة أبي عبدالله الحسين (ع).

الرابع: إحياء العزم والقوة اللذان ماتا تلك الفترة في المسلمين. ذلك العزم الذي استولوا به على نصف المعمورة وزلزلوا به عرش الروم. فإنه (ع) أعاد بثورته ذلك الخلق السامي إليهم.. فأخذوا يجاهدون في سبيل الله وينبذون الباطل وأولياءه، ويتبعون الحق ودعاته.

وأخيراً فثورة الإمام الحسين (ع) ينبوع خير أفاضه علينا لنعيش في نعمائه سعداء، ومنار قدس مضى لتسير عليه في الحياة برغد. وهي جهاد روحي متواصل ضد الظلم تبقى آثارها مع الحياة ليجعلها كل من يريد الإصلاح نصب عينيه شعاراً ينهج على سبيله.
[/ALIGN]

__________________
اميري علي ونعم الامير

اسير غير متصل  

قديم 26-02-03, 04:23 PM   #5

اسير
عضو واعد

 
الصورة الرمزية اسير  







رايق

[ALIGN=JUSTIFY]4 - لماذا لم يصالح (ع) يزيد كصلح الإمام الحسن (ع) معاوية فيحقن بذلك دمه؟
كان يزيد يحقد على الحسين (ع) لامور كثيرة غير ما فيه من ضغينة وحقد لآبائه على الإسلام والمسلمين نذكر أهمها موقعية في التأريخ وأحرقها حقداًَ على يزيد:

1- صدّه عن نيل أوطاره وإظهار فحشائه. والإنكار عليه في كل المجالات. وكان هذا مما يغيظه كثيراًً. وكلما أراد أن يحمل على الإمام (ع) حملة الذئب، منعه أبوه الداهية معاوية عن ذلك.

2- إباءه (ع) عن تحكيم يزيد والتصريح بذلك في كل مكان في خطبه ورسائله ومجالسه. وحسبك الكتاب الذي أرسله الإمام إلى معاوية في استخلافه يزيد فإنه (ع) صرح فيه بما احتواه لحمه وشحمه وما عملته يداه واستوت عليه فطرته.

فكان معاوية بدهائه لم يَرَ من صالحه معارضة الحسين وتحريك عواطفه. وأما يزيد الكفر لم ير للحسين إلا القتل والحرق والإفناء ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة والحسين يعلم ذلك تماماً كما صرح به في أقواله مثل لو كنت في حجر هامة من هوائم الأرض لاستخرجوني ويقتلوني).

وقوله (ع) لابن عباس حين أشار إليه بالصلح: ( هيهات هيهات .. يابن عباس إن القوم لن يدعوني وإنهم يطلبونني أين ما كنت حتى أبايعهم كرهاً أو يقتلونني).[/ALIGN]

__________________
اميري علي ونعم الامير

التعديل الأخير تم بواسطة اسير ; 26-02-03 الساعة 04:25 PM.

اسير غير متصل  

قديم 26-02-03, 07:10 PM   #6

ليزر
عضو نشيط  







رايق

[poet font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/8.gif" border="outset,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=" shadow(color=red,direction=135)"]
تلوذ الدهور فمـن سجـد** على جانبيه ومــن ركـع
شممت ثراك فهـب النسيـم ** نسيم الكرامة مــن بلقـع
وعفرت خدي بحيث استراح** خد تفـرى ولم يضــرع
وحيث سنابك خيـل الطغاة ** جالـت عليــه ولم يخشع
وطفت بقبرك طوف الخيـال ** بصومعة الملهــم المبـدع
وخلت وقد طارت ** بروحي إلى عــالم أرفـع
الذكريات ** حمـراء بتـورة الإصـبع
كأن يداً من وراء ** والضيم ذي شرف مــترع
الضريـح ** على مذنـب منه أو مسبـع














[/poet]

__________________
اذا اردت النجاة فزر حسيناً
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
للتواصل عبر المسنجر
m8j8@hotmail.com

ليزر غير متصل  

قديم 27-02-03, 04:07 PM   #7

اسير
عضو واعد

 
الصورة الرمزية اسير  







رايق

ثـَورة الإمام الحسَـيْن عليه السلام


[ALIGN=JUSTIFY]تَنَفَسَ يزيد الصعْداءَ وَهُوَ يَجلِسُ عَلى كُرسيِّ الحُكْمِ بَعدَ مَوتِ أَبِيهِ، ثُمَّ راحَ يُرَدِّدُ بِفَرحٍ شَدِيدٍ:
" لَقدْ أَصبَحتُ حاكِماً.."
لكِنَّ سِرعانَ مَا صَرَخَ هاتِفٌ في رَأسِهِ:
"لقد آن الأوان لِيَنكَشِفَ ذلِكَ الغِطاءُ.."
اِنتَفَضَ صَارِخاً: أيَّ غطاءٍ.. ؟!
أجابه الهاتف:
"ذلِكَ الغِطاءُ الّذِي حَرَصَ والدُك عَلى أَنْ يَبقى مُسدِلاً عَلى جَميعِ تَصَرُفاتِهِ وَأَفعالِهِ.. فَاستَطاعَ بِذلِكَ أَنْ يُمرِّرَ سِياسَتَهُ عَلى عُقولِ الناسِ.. وَقَدْ بَذَلَ قُصارى جُهدِهِ لِيبقى الغِطاءُ بَرّاقاً ، فَحاوَلَ بِذلِكَ مَنَحَ سُلُوكَهُ الصفَةَ الشَرعيّةَ أَمامَ الرأي العامّ..."
أَخَذَ الخوفُ يَتَسَرَّبُ إِلى أعْماقِ يَزيدَ وَهُوَ يُحاوِلُ مُقاوِمَتَهُ بِتَحَدِّي ذلِكَ الصوتِ الصارِخِ فِي رَأسِهِ:
وأَنا كَذلِكَ.. سَأُواصِلُ طَرِيقَ والِدي فِي الُمحافَظَةِ عَلى ذلِكَ الغِطاءِ مُسدِلاً عَلى سياستي..
تَتَعالى فِي رَأْسِهِ قَهقَهاتُ ضِحكٍ.. ثُمَّ يَصرُخُ ذلِكَ الهاتِفُ:
أَنتَ.. ؟!! مَنْ لا يَعرفُ يَزيدَ بنَ معاويةَ هذا الّذِي يَشْرَبُ الخَمْرَ والمُولِعَ بتربية القُرودِ والطُيورِ ، وَفِي إِقامَةِ مَجالِسِ اللّهوِ والغِناءِ..
أَيُّ مّجتَمَعٍ إِسلاميٍّ يرضى أَنْ يَعِيشَ عَصْرَ الجاهِليَّةِ تَحتَ رايةِ الإسلام.. ثُمَّ إنَّ أَباكَ فَضَحَ نَفْسَهُ حِينَ أَوْصى بالخِلافَةِ إِليكَ وَهْيَ بِحقٍ للإمام الحُسينِ عليه السلام ".
وَضَعَ يَزِيدُ رَأْسَهَ بَينَ يَدَيهِ .. وَاستَغْرَقَ فِي تفكيرٍ عَمِيقٍ.. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُردِّدَاً:
سَأَكْتُبُ إِلى والِي المدِينَةِ طالِباً مِنْهُ إرغامَ الحُسَيْنِ عَلى أَخْذِ البَيعةِ مِنْهُ.. نَعَمْ يَجِبُ إِرغامُ الحُسينِ عَلى البَيعةِ لِي..

استلم الوليد بن عتبة والي المدينة، كتاب يزيد بن معاوية وقالَ بِغَضَبٍ شَديدٍ:
مَالِي والحسينَ بنَ فاطِمَةَ..؟!
وَفِي هذِهِ الأثناء تَعالَتْ قَهْقَهاتُ ضِحْكٍ صَدَرَتْ مِنْ خَبِيثٍ كانَ يَجلِسُ قُرْبَ الوَلِيدِ فِي مَجلِسِهِ وَهُوَ: مروان بنُ الحَكَمِ…
فَراحَ الوَليدُ يُحَدِّقُ فِي وَجْهِهِ قائِلاً:
لا أَظنُّ أنَّ الحُسينَ سَيوافِقُ عَلى بيعةِ يَزيدَ.
أجابه مَروانُ:
أَنا أَعلَمُ أَنّهُ لا يُجِيبُكَ عَلى بَيعةِ يَزِيدَ أَبداً.. ولاَ يَرى لَهُ طاعةً عَليهِ.
صمت مَروانُ بُرهةً.. ثُمَّ راحَ يُواصِلُ كَلامَهُ، وَقَدْ ارتَسَمَ حِقْدَهُ وخُبْثَهُ عَلى مَلامِحِ وَجْهِهِ، وقال:
لو كنتُ مَكانَكَ لَمْ أُراجِعَ الحُسينَ بِكَلِمَةٍ واحِدةٍ حَتّى أَضْرِبَ عُنُقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعلَمَ بموتِ معاوية.
عَظُمَ كَلامُ مَروانَ عَلى قلبِ الوَليدِ.. فَأَطْرَقَ بِرَأْسِهِ إِلى الأرض وَراحَ يَبْكِي بِصَمْتٍ وَهُوَ يُرَدِّدُ بِحرْقَةٍ وَأَلَمٍ:
لَيتَ الوَليدُ لَمْ يُولَدْ.. وَلَمْ يَكُنْ شَيئاً مَذكوراً..
تَأَمَّلَ مَروانُ دُموعَ الوَليدِ وَهُوَ يَسْتَمِعُ إِلى كَلامِهِ.. فَراحَ يُكَلِّمَهُ بِهُدُوءٍ:
أَيُّها الأمير.. لا تَجزَعْ مِمّا ذَكَرتُ لَكَ.. إنَّ آلَ عليٍّ بنِ أَبي طالبٍ أَعداؤُنا مُنذُ القِدَمِ وَما يَزالونَ.. وإنْ لَمْ تُعالجْ أَمْرَ الحُسينِ.. فَسَوْفَ تَسقُطُ مَنْزِلَتُكَ مِنْ أَميرِ المؤمِنِينَ يَزيدَ..
فَصَرَخَ الوَليدُ بِوَجْهِ مَروانَ بِغَضَبٍ شَدِيدٍ:
وَيْحَكَ دَعْنِي مِنْ كَلامِكَ هذا.. وأَحسِنْ القولَ فِي الحُسينِ بنِ فاطمةَ.. فَإِنَّهُ بَقِيةُ وُلْدِ النّبيّينَ..

بَعَثَ الوليدُ بنُ عُتْبةٍ فِي اسْتِدعاءِ الإمام الحُسينِ عليه السلام وَقَدْ كَانَ الإمام يَعْلَمُ الأمر الّذي مِنْ أَجلِهِ أَرسَلَ الوَليدُ فِي طَلَبِهِ.. وَهذا لأنه رأَى في رُؤياهُ كَأنَّ معاويةَ مَنكوسٌ على رأسِهِ.. وَالنّارُ تَشْتَعِلُ فِي بَيتِهِ.. فَعَلِمَ مِنْ ذلِكَ بِهَلاكِهِ.. والوليدُ الآنَ يُريدُ أَنْ يَأْخُذَ البَيعةَ مِنْهُ لِيزِيدَ..
اِغْتَسَلَ الإمامُ عليه السلام وَصَلّى رَكعتَينِ ثُمَّ دَعا ربَّهُ بِما أَحَبَّ.. وأَرسَلَ فِي طَلَبِ فِتْيانِهِ وَمَوالِيهِ وأَهلِ بَيْتِهِ..
فَأَعلَمَهُمْ بِشَأْنِهِ قائِلاً: :
لِيأْخُذْ كُلُّ مِنْكُمْ سَيفَهُ مَسلولاً تَحْتَ ثِيابِهِ.. وَكُونوا بِبابِ هذا الرجُلِ فَإِني ماضٍ إِليه ومُكَلِّمُه.. فَإِنْ سَمِعْتُمْ صَوتِي قَدْ عَلا مَعَ القَومِ.. وَصِحْتُ بِكُمْ يا آلَ الرَسُولِ.. اِقْتَحِمُوا البابَ بِغيرِ إِذْنٍ.. وَاشْهَرُوا السيُوفَ وَلا تَعْجِلُوا.. فَإِنْ رَأَيْتُمْ مَا تَخْشَونَ ضَعُوا سِيوفَكُمْ فِيهِمْ.. وَاقْتَلُوا مَنْ أَرادَ قَتلِي..
خَرَجَ الحُسينُ عليه السلام مِنْ مَنْزِلِهِ.. وَمَعَهُ ثَلاثُونَ رَجُلاً مِنْ أَهلِ بَيْتِهِ وَمُوالِيهِ وَشِيعَتِهِ.. فَأَوقَفَهُمْ عَلى بابِ الوَليدِ قائِلاً لَهُمْ : اُنْظُروا مَا أَوصَيْتُكُمْ بِهِ فَلا تَعِدُوه.. وأَنا أَرْجُو أَنْ أَخْرُجَ إَليكُمْ سالِماً إِن شاءَ اللهُ..
وَدَخَلَ عَلى الوَليدِ.. فَسَلَّمَ عَلَيهِ ثُمَّ قَالَ :
كَيفَ أَصبَحَ الأميرُ اليَومَ..؟ وَكَيفَ حَالُهُ..؟
فَرَدَّ عَليهِ الوَليدُ بنُ عُتبةَ رَدّاً حَسَناً.. وأَدناهُ منه فَأَجْلَسَهُ قُربَهُ.. وَمروانُ بنُ الحَكَمِ، ذلِكَ الخَبيثُ، كانَ جالِساً يَنْظُرُ إِليهِما.. فَسَأَلَ الإمام الحُسينُ عليه السلام الوَليدَ عَنْ أَمر مُعاويةَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعلَمْ مِنْ أَمرِهِ شَيئاً:
هَلْ وَرَدَ عَلَيكُمْ خَبرٌ من مُعاويةَ..؟ إِنَّهُ كانَ عَليلاً وَقَدْ طالتْ عِلَّتُهُ.. فَكَيفَ حالُهُ الآنَ..؟
تَأَوَّهَ الوَليدُ.. وَتَنفَّسَ الصَّعداءَ.. ثُمَّ قَالَ للإمامِ الحسينِ عليه السلام: يَا أَبا عبدِاللهِ.. لَقَدْ ذاقَ المَوتَ..
فقالَ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام لِلوَلِيدِ:
إِنّا للهِ وَإِنّا إِليه راجِعونَ.. ولكنْ لِماذا دَعَوْتَني..؟
فَأَجابَ الوَليدُ: دَعَوتُكَ للبَيعةِ الّتي اجْتَمَعَ الناسُ عَلَيْها..
فَقالَ الإمام الحُسينُ عليه السلام:
أَيُّها الأميرُ.. إِنَّ مِثْلِي لاَ يَعطِي بَيعَتَهُ سِرّاً.. وَإِنَّما يَجِبُ أَنْ تَكونَ البيعةُ عَلانيةً بِحَضْرَةِ الْجَماعَةِ.. فَإِذا دَعوتَ النّاسَ غَداً إلى البَيعةِ.. دَعَوتَنا مَعَهُمْ..
فَردَّ عليهِ الوليدُ : وَاللهِ لَقَدْ قُلتَ فَأَحْسَنْتَ.. وَهكَذا كانَ ظَنّي بِكَ.
وَهُنا قامَ مَروانُ صارِخاً بالوليدِ : أَيُّها الأميرُ إنْ فارقَكَ الساعةَ ولم يُبايعْ.. فَإنّك لا تَقْدِرْ مِنْهُ عَلى مِثْلِها أَبداً.. فَاحْبِسْهُ عِنْدَكَ وَلاَ تَدَعْهُ يَخرجُ حَتّى يّبايعَ.. وَإنْ لَمْ يَفعلْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ..
فَقَالَ لَهُ الإمام الحُسينُ عليه السلام:
وَيْلِي عَليكَ يا ابن الزَرْقاءَ.. أَتأمُرُ بِضَربِ عُنُقِي..؟ كَذَبْتَ واللهِ ولَؤُمْتَ.. وَاللهِ لَوْ رامَ ذلِكَ أَحدٌ لَسقِيتُ الأرض مِنْ دَمِهِ.. فَإِنْ شِئْتَ ذلِكَ فَرُمْ أَنتَ ضَربَ عُنُقِي إِنْ كُنتَ صادِقاً..
ثُمَّ التفتَ إلى الوليدِ قائلاً:
أيُّها الأَمير.. إنّا أهلُ بيتِ النُّبوةِ.. ومَعدَنِ الرسالَةِ..
ومُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ.. وَمَهبطُ الرَّحمَةِ.. بِنا فَتَحَ اللهُ وبِنا خَتَمَ.. ويَزِيدُ رَجلٌ فاسقٌ.. شاربٌ للخَمْرِ.. قاتلٌ للنَّفسِ.. ومُعْلِنٌ للفِسقِ.. فَمِثْلِي لاَ يُبايِعُ مِثْلَهُ.. سنُصبحُ وتَصبَحُونَ.. وَنَنْظُرُ وَتَنْظُرونَ أَيُّنا أَحقُّ بِالخِلافَةِ والبَيعَةِ..
وسَمَعَ الّذينَ عَلى البابِ صَوتَ الحُسينِ عليه السلام قَدْ عَلا.. فَهَمُّوا أَن يَقْتَحِمُوا عَلَيهِمْ المَكانَ بِسِيُوفِهم.. وَلكنَّهُمْ فُوجِئُوا بِالإمامِ الحُسينِ عليه السلام يَخْرُجُ إِليهِمْ.. فَأَمَرَهُمْ بِالاِِنْصِرافِ إِلى مَنازلِهِمْ..
وَبَعْدها قَالَ مروانُ بنُ الحكمِ مُعاتِباً الوليدَ:
إِنَّكَ عَصَيْتَنِي أَيُّها الأَميرُ حَتّى أَفلَتَ الحسينُ مِنْ يَدِكَ.. سَيَخْرُجُ عَليكَ وعَلى يَزِيدَ.. فَاعْلَم ذلِكَ..
فَقالَ لَهُ الوليدُ :
وَيحَكَ إِنَّكَ قَدْ أَشَرْتَ عَليَّ بِقَتْلِ الحُسينِ.. وَفِي قَتْلِهِ ذَهابُ دِيني ودُنيايَ.. وَاللهِ لاَ أُحِبُّ أَنْ أَمْلِكَ الدُنيا بِأَسْرِها.. شَرْقَها وَغَرْبَها.. إِزاءَ قَتْلِ الحسينِ بنِ فاطِمةَ.. وَما أَظُنُ أَحداً يَلْقِي اللهَ يَومَ القِيامةِ بِدمِهِ إِلاّ وَهُوَ خَفِيف المِيزانِ عِنْدَ اللهِ. لاَ يَنْظُرُ إِليهِ.. وَلاَ يُزَكِّيهِ.. وَلَهُ عَذابٌ أَليمٌ..

أَصْبَحَ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام وإِذا بِمروانَ بنُ الحَكَمِ يَعتَرِضُهُ فِي طريقِهِ قائِلاً: أَبا عَبدِاللهِ.. إِنّي أُرشُدكَ إلى بَيعةِ يَزِيدَ فَإنّها خيرُ لَكَ فِي دِينِك ودُنياكَ..
فَاستَرْجَعَ الإِمامُ الحُسَينُ عليه السلام :
إنّا للهِ وَإنّا إِليهِ راجِعونَ.. وعَلى الإِسلامِ السلامُ إِذا ابتُليتْ الأمّةُ بِراعٍ مِثْلِ يَزِيدَ.. يَا مَروانُ أَتَرشُدُنِي لِبيعةِ يَزيدَ.. وَيَزِيدُ رَجلٌ فاسِقٌ؟ لَقَدْ قُلتَ شَطَطاً وَزلَلاً.. وَلاَ أَلُومُكَ فَإنَّكَ اللّعينُ الّذِي لَعَنَكَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنْتَ في صُلْبِ أَبِيكَ الحَكَمِ بنِ العاصِ.. وَمَنْ لَعَنَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَلا يُنْكَرُ مِنْهُ أَنْ يَدْعُو لِبيعةِ يَزيدَ.. إِليكَ عَنّي ياعَدوَّ اللهِ.. فَإِنّا أَهلُ بيتِ رَسولِ اللهِ.. اَلحقُّ فِينا يَنْطِقُ على أَلسِنَتِنا.. وَقَدْ سَمِعْتُ جَدّي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ : الخِلافَةُ مُحرَّمَةٌ على آلِ أَبي سُفيانَ الطُلَقاءِ وأبناءِ الطُلَقاءِ.. فَإذا رَأَيتُمْ مُعاويةَ عَلى مَنْبَري فَأَبْقِرُوا بَطْنَهُ .
وَلَقَدْ رَآهُ أَهلُ المَدينةِ عَلى مَنْبَرِ الرَّسُولِ فَلَمْ يَفْعَلُوا بِهِ مَا أُمِروا.. فَابتَلاهُمْ اللهُ تَعالى بِابنِهِ يَزِيدَ..
فَقالَ مَروانُ بِغَضَبٍ شَدِيدٍ:
وَاللهِ لا تُفارِقَنِي حَتّى تُبايعَ لِيزِيدَ صاغِراً.. فَإنّكُمْ آلُ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ مَلَئْتُمْ شَحناءً.. وشَرِبْتُم بُغضَ آلَ أبي سفيانَ.. فحَقَّ لَهُمْ بُغْضَكُمْ..
فَقالَ لَهُ الحسينُ عليه السلام :
إليكَ عَنّي فَإنَّكَ رِجْسٌ.. وَإنّي من أَهلِ بيتِ الطهارَةِ.. قَدْ أَنزَلَ اللهُ فِينا: (إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهبَ عَنْكُمُ الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيرا..) (الاحزاب/33)
فَنَكّسَ مروانُ رَأسَهُ.. وَلَمْ يَنْطِقُ بِكلمةٍ واحدةٍ.. حَتّى قَالَ لَهُ الحسينُ عليه السلام:
أَبْشِرْ يَا ابن الزَّرقاءَ بِكُلِّ ما تَكْرَهُ مِنْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يومَ تَقْدِمُ علَى رَبِّكَ.. فَيسأَلَكَ جَدّي عَنْ حَقّي..
فَمضى مروانُ إلى الوليدِ..وأَخبَرَهُ بِما قَالَهُ الحُسينُ عليه السلام . فَبعثَ الوَليدُ بِثلاثِينَ رَجُلاً فِي طَلَبِهِ.. فَلَمْ يَقْدِروا عَليهِ.. فَكَتَبَ الوليدُ إلى يَزِيدَ.. يُخْبِرَهُ بِأَمرِ الحُسَينِ عليه السلام بِأَنَّهُ لاَ يَرى عَليْهِ طَاعةً وَلا بَيعةً..

بَعْدَ أَنْ وَصَلَ كِتابُ الوَلِيدُ إِلى يَزيدَ.. غَضِبَ غَضَبَاً شَدِيدَاً.. فَكَتَبَ إِليهِ كِتاباً يَطْلِبُ فِيهِ رَأْسَ الحُسينِ بنِ عَليٍّ عليه السلام وَيُمنِّيهِ بِجائِزَةٍ عَظِيمَةٍ..
فَأَعْظَمَ الوَلِيدُ ذلِكَ قائِلاً :
وَاللهِ.. لاَ يَراني اللهُ وأَنَا قاتِلُ الحُسَينِ ابنِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم .. وَلَوْ جَعَلَ لِي يَزيدُ الدُنيا وَما فِيها..
خَرَجَ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام لَيلاً إلى قَبْرِ جَدِّهِ الرَّسُول صلى الله عليه وآله وسلم فَصلّى هُناكَ.. وَلمّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ جَعَلَ يَدعُو قائِلاً:
اللّهُمَّ إِنَّ هذا قبرُ نبيُّك محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم وأَنَا ابنُ بِنتِ نَبيِكَ.. وَقَدْ حَضَرَني مِنَ الأمرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ.. اللّهُمَّ إِنّي أُحِبُّ المَعرُوفَ وأَكرَهُ المُنْكَرَ.. وَإِنّي أَسألُكَ يا ذا الجَلالِ والإِكرامِ بِحَقِّ هذا القَبرِ وَمَنْ فِيهِ.. اِختَرْ لِي مِنْ أَمريَ مَا هُوَ لَكَ رِضىً.. ولِرَسُولِكَ رِضىً.. وَللمؤمنينَ رِضىً..
ثُمَّ جَعَلَ يَبكي حَتّى صارَ قريباً مِنَ الفَجْرِ.. وَضَعَ رَأْسَهُ على القبرِ فَأَخَذَتْهُ إِغفاءةٌ.. وَإِذا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قد أقبلَ عَلَيه بَين كَتِيبةٍ مِنَ المَلائِكَةِ.. فَضَمَّهُ إلى صَدْرِهِ.. وَقَبَّلَه بِينِ عَيْنَيهِ.. ثُمَّ قالَ لَهُ :
حَبيبي يا حسينُ.. كَأَنِّي أَراكَ عَنْ قَرِيبٍ مُرَمَّلاً بِدِمائِكَ.. مَذبوحاً بأَرضِ كَربلاءِ.. بَينَ عِصابَةٍ مِنْ أُمَّتي.. وَاَنْتَ عَطْشانٌ لاَتُسْقى.. وظَمآن لا تُروى.. حَبيبي يا حسينُ.. إِنَّ اُمَّكَ وَأَباكَ وأَخاكَ قَدِمُوا عَليَّ.. وهُمْ إِليكَ مُشتاقُونَ.. وَإِنَّ لَكَ في الْجنَّةِ دَرجاتٍ لا تَنالُها إلاّ بالشهادةِ..
إِذَنْ.. فَقَدْ حَانَ الوَقْتُ الّذي كانَ يَنْتَظِرُه مُنْذُ نُعومَةِ أَظفارِهِ.. حِينَ تَقَدَّمَ مِنْ أُمِّهِ الزهراءَ عليها السلام يسأَلُها بِحزْنٍ شَدِيدٍ:
لِمَ يُقَبِّلُني جَدّي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ نَحْرِي دونَ فَمِي..؟!
وراحتْ دُمُوعُهُ تَسيلُ عَلى وَجْنَتَيِه.. فَما كانَ مِنْ أُمِّهِ الزهراءِ عليها السلام إِلاّ أَنْ تَتَقَدَّمَ بِالسؤالِ إِلى أَبِيها رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم.. فَأَعلَمَها بِما سَيَجْري عَلى وَلَدِها الحُسين عليه السلام..
" لَقَدْ نَزَلَ الأمينُ جِبرَئِيلُ وَأَعْطَى لِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم زُجَاجَةَ تُرابٍ مِنْ أَرضِ كَربلاءَ.. وَقَدْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ الاِمامَ الحُسينَ عليه السلام سَيُقْتَلُ فِي هذِهِ الأََرضِ.. وَعِنْدَ شَهادَتِهِ سَيَصيرُ هذا التُرابُ دَماً..
فَما كَانَ مِنْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أنْ يَضَعَ هذِهِ الزُجَاجَةَ أَمانَةً بَينَ يَدَي زَوجَتِهِ أُمِّ المؤمنينَ أُمِّ سَلَمةَ وَهُوَ يُعلِمُهَا بِما سَيَحْصُلُ مِنْ أَمرِ الزُجاجَةِ وَأَمرِ الإمامِ الحسينِ عليه السلام"
لِذلِكَ أَوصَى الإمامُ الحسينُ عليه السلام أَخاهُ محمدَ بنَ الحنفيةِ قَبْلَ رَحِيلِهِ قائِلاً:
أَنا عازِمٌ عَلى الخروجِ إِلى مَكَةَ.. وَقَدْ تَهيّأتُ لِذلِكَ أَنا وإخوَتِي وَبَنُو أَخي وَشِيعَتِي مِمَّنْ أَمرُهُمْ أَمري.. ورَأَيُهم رَأْيي.. وَأَمّا أَنْتَ يا أَخي عَليكَ أَنْ تُقِيمَ في المدينةِ.. فَتَكونَ لِي عَيناً عَلَيْهِمْ.. وَلا تُخفِ عَليَّ شَيئاً مِنْ أُمورِهِمْ..
عَلِمَتْ اُمُّ المؤمنينَ اُمُّ سَلَمَةَ بِأَمْرِ الإمامِ الحُسينِ عليه السلام فَتَذَكَّرَتْ شَيئاً مَضى عَلَيهِ سَنَواتٌ طَويلةٌ.. زُجاجةُ تُرابٍ وَضَعَهَا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَمانَةً عِنْدَها.. فَبَعَثَتْ إِلى الإمامِ الحُسينِ عليه السلام تُخْبِرُهُ:
إِنّي أذكُرُكَ اللهَ يا وَلدِي أَنْ لا تَخْرُجْ.. فَقَدْ قَالَ لِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُقتَلُ الحُسينُ ابني بالعراقِ.. وأَعطانِي مِنَ التُربَةِ قارُورَةً.. أَمَرَني بِحفْظِها.. ومُراعاةِ ما فِيها..
فَبَعثَ إِليها :
وَاللهِ يا أمّاهُ إِنّي لَمقتُولٌ لاَ مَحالةَ.. فَأَينَ المَفَرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ المقْدُورِ..؟
مَا مِنْ الموتِ بُدٌّ.. وَإِنّي لاََعرفُ اليومَ وَالساعةَ والمَكانَ الّذي اُقْتَلُ فِيهِ.. أَعْرِفُ مَكانِي وَمصْرَعِي والبُقعَةَ الّتِي أُدْفَنُ فِيها كَما أَعرفُكِ.. فَإنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أُريكِ مَضْجَعِي.. وَمَضْجَعَ مَنْ يُسْتَشْهَدُ مَعِي.. فَعلتُ ذلِكَ..
فَحَضَرتْ اِليهِ قَائلةً : قَدْ شِئْتُ ذلِكَ..
" فَتَكَلَّمَ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام بِاسْمِ اللهِ الأعظمِ.. فَتَخَفَّضَتْ الأرضُ حَتّى أَراهَا مَضْجَعَهُ.. وَمضْجَعَ مَنْ يُسْتَشْهَدُ مَعَهُ.. وأَعْطاها مِنَ التُربَةِ شَيْئاً فَخَلَطَتْهُ بِما كانَ مَعَها فِي تِلْكَ الزُجَاجَةِ.."
ثُمَّ قالَ لَها:
إِنّي اُقْتَلُ فِي يومِ عاشوراءَ.. وَهُوَ اليومُ العاشِرُ مِنْ مُحرَّمِ بَعدَ صَلاةِ الزَوالِ.. فَعَلَيكِ السَّلامُ يا أُماهُ.. وَرَضِيَ اللهُ عَنْكِ بِرضانا عَنْكِ..

جَمَعَ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام أصحابه الذِينَ عَزَمُوا عَلى الخُروجِ مَعَهُ إِلى العراقِ.. فَأَعطى كُلَّ واحدٍ مِنْهُمْ عَشْرَةَ دَنانيرَ وَجَمَلاً يَحمِلُ عَلَيهِ رَحْلَهُ وَزادَهُ.. ثُمَّ طَافَ بِالبيتِ.. وَسَعى بَينَ الصّفا والمَروَةِ.. وَبَعدَها تَهيّأَ لِلخروجِ .. فَحَمَلَ بَناتَهُ وأَخواتَهُ عَلى الَمحمَلِ..
وَخَرجَ مِنْ مَكةَ يَومَ الثُلاثاءِ.. يَومَ التَروِيَةِ لِثمانٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الحَجّةِ.. وَمَعَهُ اثنانٍ وَثَمانُونَ رَجُلاً مِنْ شِيعَتِهِ ومَوالِيهِ وأَهلِ بَيْتِهِ مُتَوجِّهاً إلى العراقِ.. وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَجْنِي مِنْ ثَورَتِهِ هذهِ نَصراً ماديّاً ظاهريّاً.. بَلْ سَوفَ يُسْتَشْهَدُ هُوَ وَأَولادُهُ وَأَصحابُهُ وإِخوَتُهُ.. وَسَتُسْبى نِساؤُهُ.. فَكَيْفَ سَيَسْتَطِيعُ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام بِهذا إِحياءَ الرسالةِ الُمحمّدِيةِ..؟!
نَعَمْ إِنَّ وَضْعَ الُمجتَمعِ الإسلاميِّ فِي مِثْلِ هذِهِ الظُروفِ كانَ يَتَطَلَّبُ القيامَ بِعَمَلٍ استِشهادِيٍّ فَاجِعٍ يُلْهَبُ الروحَ الجِهادِيَّةَ فِي هذا المجتَمَعِ.. وَيَتَضَمَّنُ أَسْمى مَراتبِ التضْحِيَةِ فِي سَبيلِ هذا المبدأ.. كَي يَكونُ مَناراً لِجَمِيعِ الثائِرينَ حِينَ تَلُوحُ لَهُمْ وَعورَةُ الطَريقِ.. وتَضَمَحِلّ أَمامَهُمْ احتِمالاتُ الفَوزِ.. لِذلِكَ شَيَّعَ الاِمامُ الحسينُ عليه السلام خُرُوجَهُ إلى مَعْركَةِ الطَفِ بِكَلِماتِهِ الخالِدةِ:: لَمْ أخرجْ أشِراً ولا بَطِراً.. وَلا مُفسِداً ولا ظالِماً.. وإنّما خَرَجْتُ لطلبِ الإصلاحِ فِي أمَّةِ جَدّي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم .

وَيَأْتِي يومُ العاشرِ مِنْ مُحَرَّمِ.. وَالإمامُ الحسينُ عليه السلام فِي ساحةِ المَعْرَكَةِ بِأَرضِ كَربلاءَ يُعاني آلاماً وَ رَزايا لَمْ يَشْهَدُ لَهُما التاريخُ مَثِيلاً.. فَفِي الخيامِ نِساؤُهُ وأَطفالُهُ يَمُوتُونَ عَطَشاً وَهُمْ يَحلَمُونَ بِقَطرةِ ماءٍ.. وَفِي ساحَةِ المعْرَكَةِ سَقَطَ شَهِيداً ،
أَخُوه أَبو الفضلِ العبّاسُ وَهُوَ مَقطوعُ الكَفَينِ عَلى شاطِىءِ الفُراتِ فِي مُحاولةٍ مِنْهُ لِجَلٌبِ الماءِ إِلى النِساءِ والأطفالِ..
واستُشْهِدَ ابنُهُ عليٌّ الأكبرَ.. والقاسمُ بنُ الحَسَنِ عليه السلام. وأَصحابُهُ الّذينَ آثَروا البَقاءَ مَعَهُ..
والأفْجَعُ مِنْ هذا هُوَ اسْتِشهادُ وَلَدِهِ عَبدِاللهِ الرَضيعِ الّذي لَمْ يَتَجاوَزَ عُمْرُهُ بِضْعَةَ شُهورٍ.. كانَ قَد جَفَّ اللّبَنُ فِي صَدْرِ أُمِّهِ الرَّباب.. فَحَمَلَهُ الإمامُ الحُسَينُ عليه السلام بَينَ يَدَيْهِ.. وَوَقَفَ بِهِ أَمامَ الأعداءِ مُخاطِباً إِياهُمْ:
أَنْتُمْ تُقاتِلُونِي وأُقاتِلُكُمْ.. فَما ذَنْبُ هذا الطفلِ الرَّضِيعِ يُعانِي مِنْ شِدَةِ الظَمَأَ..؟ خُذُوهُ أَنْتُمْ مِنّي..واسْقُوهُ جُرْعَةَ ماءٍ..

فَأَجابُوهُ بِسَهْمٍ أَطْلَقَهُ مُجْرِمٌ مِنْهُمْ يُدعى حَرْمَلَةَ بنَ كاهلٍ نَحوَ عُنُقِ الرَّضِيعِ.. فَذَبَحَهُ مِنَ الوَريدِ إِلى الوَرِيدِ.. فَيا أَيُّها الناسُ أَيُّ قلبٍ وعقلٍ يَستطيعانِ أَن يَصْمُدا أمامَ مُصيبةٍ كَهذِهِ..؟!!
وَرَغْمَ كلِّ مَا نَزَلَ بالإمامِ الحُسَينِ عليه السلام مِنْ آلامِ المَصائِبِ المُفْجَعاتِ الّتي استَنْزَفَتْ جَمِيعَ قِواهُ إِلى جانِبِ ذلِكَ الظمأَ الشَدِيدِ الّذِي جَعَلَ لِسَانَهُ كَالخَشَبَةِ اليابِسَةِ.. إِلاّ أَنَّهُ شَهَرَ سَيْفَهُ وَنَزَلَ لِمواجَهَةِ الأعداءِ وَحَمَلَ عَليهم حَملاتٍ مَشهودةً فَما لَبِثَ أنْ رَماهُ أَحدُهُمْ بِحَجَرٍ عَلى جَبْهَتِهِ فَجَعَلَ الدَّمَ يَسِيلُ عَلى عَيْنَيهِ وَوَجْهِهِ.. وبَينما هُوَ يُحاوِلُ مَسْحَ الدَّمَ رَماهُ آخَرُ بسَهْمٍ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ.. فَخَرَقَ السَّهْمُ قلبَ الإمامِ الحُسينِ عليه السلام وَجَعَلَ الدَّمَ يَتَدَفَّقَ بِغَزارَةٍ.. وَعِنْدَها راحَ الإمامُ يُلَطِّخُ وَجْهَهُ ولِحْيَتَهُ بالدِّماءِ الطاهِرَةِ قائِلاً :
« هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بِعينِ الله.. هكذا أكونُ حَتَّى أَلقى جَدّي رَسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم وأَنَا مُخَضَّبٌ بِدَمِي.. فَأَقولُ لَهُ : قَتَلَنِي فلانُ.. وفلانُ »..
وَيومَها كانَتْ أمُّ المؤمِنِينَ أمُّ سَلَمَةَ تُحَدِّقُ بِكُلِّ لَوعةٍ وأَلَمٍ في زُجاجَةِ التُرابِ.. وَإِذا بِها فَجأَةً..!! تَتَحَوَّلُ إلى دَمٍ أَحْمَرٍ..
لَقَدْ اسْتُشْهِدَ الإمامُ الحُسينُ عليه السلام مِنْ أَجْلِ إِحياءِ الرِّسالَةِ المحمَّدِيةِ..
وَبِهذِهِ الفاجِعَةِ الّتِي سَتَهِزُّ ضَمِيرَ الُمجْتَمعِ الإسلاميِّ وَتُشَكّلُ انفِعالاً عَمِيقاً يَغْمُرُ النَّفْسَ فَيَدْفَعَها إلى الثَّورَةِ مِنْ أَجْلِ كَرامَتِها...
ويَبعَثُ فِي الروحِ الهامدةِ جُذْوَةً جَدِيدةً لا يَخْمِدُ أَوارُها عَلى مَرِّ الأعوامِ والقُرونِ..
فَلَمْ تَكُنْ واقِعَةُ الطفِ قَضِيَّةً مَأْساوِيَةً عابِرَةً حَدَثَتْ في مَرحَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ التارِيخِ فَحَسْبُ.. وَإِنَّما هِيَ صُورةٌ متكاملةٌ لِتَجْسِيدِ الصّراعِ بَينَ الحَقِّ والباطِلِ.. صورةٌ واقِعِيةٌ تَنْبُضُ بِالحَياةِ تُشَكِّلُ قَلْبَ التارِيخِ الاِِسلاميِّ.
فَلَولاها لَماتَ ذلِكَ التارِيخُ.. هِيَ صَرْخَةٌ تَتَعالى فِي ضَمِيرِ الإِنسانِيةِ كُلّما أَسْدَلَ التاريخُ سَتَائِرَهُ،
يَظْهَرُ أَمامَ العالَمِ جَسَدَ الإمامِ الحُسَينِ عليه السلام مُضَرَّجاً بِدِمائِهِ يَجْثُمُ فَوْقَهُ اللّعينُ (شِمْرٌ بنُ ذِي الجَوشَن) وَهُوَ يَحِزُّ رَأسَهُ الشَّرِيفَ بالسّيفِ وَمِنْ حَولِهِ آخَرُونَ . مِنْهُمْ مَنْ يَسْلِبُهُ عِمَامَتَهُ ، ومِنْهُمْ مَن يَسْلبُهُ سَيْفَهُ.. ومِنْهُمْ مَنْ يَسْلُبُهُ ثَوْبَهُ.. وَمِنْهُمْ يُحاوِلُ سَلْبَ خَاتِمَهُ فَلَمْ يَستَطِعِ انْتِزاعَهُ فَيَقْطَعَ إِصْبَعَ الإمامِ عليه السلام لِيَحْصُلَ عَلى ذلِكَ الخاتَمِ..
ويُحارُ المرءُ بَينَ أَنْ يُحَدِّقَ فِي هذا المَنْظَرِ أَو في المنظرِ الّذي خَلْفَه..
وَمَاذا خَلْفَ جَسَدِ الإمامِ الحُسينِ عليه السلام غَيرَ خِيامِهِ الّتِي احتَمَتْ بِها نِساؤُهُ وأَطْفالُهُ..

وَقَدْ أَضرَمُوا فيها النِيرانَ ، فَخَرَجْتِ النِساءُ وَالأطفالُ يَتَصارَخُونَ فَزِعِينَ وَهُمْ يُحاوِلُونَ تَجنِب النِيرانِ.. وَبَيْنما هُمْ عَلى هذِهِ الحالةِ وَإِذا بِخيولِ الأعداءِ تَلْتَفُّ حَولَهُم..
وَهكَذا تَمتَزِجُ الصُورَتانِ فِي صورةٍ واحدةٍ..
فَيُشاهِدَ العالِمُ نِساءَ الإمامِ الحُسينِ عليه السلام وأَطفالَهُ وَهُمْ يُقادُونَ اُسارى إلى مَجْلِسِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ..
وَمِنْ حَولِهِمْ الرؤوسُ مَرفُوعةٌ على الرِّماحِ . رَأْسُ الإمامِ الحُسينِ عليه السلام ورُؤوسُ أَهْل بَيتِهِ وَأَصْحابِهِ الّذِينَ أَضاءَتْ أَنوارُهُمْ دُروبَ الإنسانيةِ ، وأَحْيَتْ مَعانِيَ التَضْحِيةِ وَالفِداءِ مِنْ أَجْلِ نُصرَةِ الحَقِّ وَالدينِ .[/ALIGN]

__________________
اميري علي ونعم الامير

اسير غير متصل  

قديم 27-02-03, 07:01 PM   #8

اسير
عضو واعد

 
الصورة الرمزية اسير  







رايق

اللهم ثبتنا على ولايتهم والبراءة من اعدائهم


[ALIGN=JUSTIFY]السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الاخوة والاخوات الاعزاء
المنار
كاتمة الاحزان
ليزر
شكراً لكم على المشاركة الطيبة واتمنا المزيد منكم .

اين البقيه من اعضاء المنتدى الايهمهم موضوع سيد الشهداء

ارجواء المشاركه بل القليل لتعم الفائده للجميع وشكراً ....




اخوكم
اسير [/ALIGN]

__________________
اميري علي ونعم الامير

اسير غير متصل  

قديم 01-03-03, 04:22 PM   #9

اسير
عضو واعد

 
الصورة الرمزية اسير  







رايق

[ALIGN=JUSTIFY]من كلامه (عليه السلام) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويروى عن أمير المؤمنين:اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ والْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وقال لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ إلى قوله لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون والله يقول فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ واخْشَوْنِ وقال الْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفي‏ء والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها ثم أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس مهابة يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يد لكم عنده تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر أ ليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون فاستخففتم بحق الأئمة فأما حق الضعفاء فضيعتم وأما حقكم بزعمكم فطلبتم فلا مالا بذلتموه ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تكرمون وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) محقورة والعمي والبكم والزمنى في المدائن مهملة لا ترحمون ولا في منزلتكم تعملون ولا من عمل فيها تعينون وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المئونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم اقتداء بالأشرار وجرأة على الجبار في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة شديد مطاع لا يعرف المبدئ المعيد فيا عجبا وما لي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان ولا التماسا من فضول الحطام ولكن لنرى المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم وعملوا في إطفاء نور نبيكم وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.

موعظة:

أوصيكم بتقوى الله وأحذركم أيامه وأرفع لكم أعلامه فكان المخوف قد أفد بمهول وروده ونكير حلوله وبشع مذاقه فاعتلق مهجكم وحال بين العمل وبينكم فبادروا بصحة الأجسام في مدة الأعمار كأنكم ببغتات طوارقه فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها ومن علوها إلى سفلها ومن أنسها إلى وحشتها ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها ومن سعتها إلى ضيقها حيث لا يزار حميم ولا يعاد سقيم ولا يجاب صريخ أعاننا الله وإياكم على أهوال ذلك اليوم ونجانا وإياكم من عقابه وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم ومدى مظعنكم كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه ويذهله عن دنياه ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه لا وزير له يمنعه ولا ظهير عنه يدفعه ويومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون أوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب ويرزقه من حيث لا يحتسب فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله.

كتابه (عليه السلام) إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه:

أما بعد فتبا لكم أيتها الجماعة وترحا حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا كان في أيماننا وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم فأصبحتم ألبا لفا على أوليائكم ويدا لأعدائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا لأمل أصبح لكم فيهم وعن غير حدث كان منا ولا رأي تفيل عنا فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم يستحصف ولكن استسرعتم إليها كتطاير الدبى وتداعيتم عنها كتداعي الفراش فسحقا وبعدا لطواغيت الأمة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان ومحرفي الكلام ومطفئي السنن وملحقي العهرة بالنسب المستهزءين الذين جعلوا القرآن عضين والله إنه لخذل فيكم معروف قد وشجت عليه عروقكم وتوارت عليه أصولكم فكنتم أخبث ثمرة شجا للناطر وأكلة للغاصب ألا فلعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلا ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز منا بين اثنتين بين الملة والذلة وهيهات منا الدنيئة يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وأنوف حمية ونفوس أبية وأن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام وإني زاحف إليهم بهذه الأسرة على كلب العدو وكثرة العدد وخذلة الناصر ألا وما يلبثون إلا كريثما يركب الفرس حتى تدور رحى الحرب وتعلق النحور عهد عهده إلي أبي (عليه السلام) فأجمعوا أمركم ثم كيدون فلا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.

جوابه (عليه السلام) عن مسائل سأله عنها ملك الروم حين وفد إليه ويزيد بن معاوية في خبر طويل اختصرنا منه موضع الحاجة:
سأله عن المجرة وعن سبعة أشياء خلقها الله لم تخلق في رحم فضحك الحسين (عليه السلام) فقال له ما أضحكك قال (عليه السلام) لأنك سألتني عن أشياء ما هي من منتهى العلم إلا كالقذى في عرض البحر أما المجرة فهي قوس الله وسبعة أشياء لم تخلق في رحم فأولها آدم ثم حواء والغراب وكبش إبراهيم (عليه السلام) وناقة الله وعصا موسى (عليه السلام) والطير الذي خلقه عيسى ابن مريم (عليه السلام) ثم سأله عن أرزاق العباد فقال (عليه السلام) أرزاق العباد في السماء الرابعة ينزلها الله بقدر ويبسطها بقدر ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تجتمع قال تجتمع تحت صخرة بيت المقدس ليلة الجمعة وهو عرش الله الأدنى منها بسط الأرض وإليها يطويها ومنها استوى إلى السماء وأما أرواح الكفار فتجتمع في دار الدنيا في حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب بينهما ريحان فيحشران الناس إلى تلك الصخرة في بيت المقدس فتحبس في يمين الصخرة وتزلف الجنة للمتقين وجهنم في يسار الصخرة في تخوم الأرضين وفيها الفلق والسجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها من عند الصخرة ومن وجبت له النار دخلها من عند الصخرة.

وجوه الجهاد:

سئل عن الجهاد سنة أو فريضة فقال (عليه السلام) الجهاد على أربعة أوجه فجهادان فرض وجهاد سنة لا يقام إلا مع فرض وجهاد سنة فأما أحد الفرضين فجهاد الرجل نفسه عن معاصي الله وهو من أعظم الجهاد ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الإمام وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنها إحياء سنة وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا

توحيد:
أيها الناس اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبهون الله بأنفسهم يضاهئون قول الذين كفروا من أهل الكتاب بل هو الله ليس كمثله شي‏ء وهو السميع البصير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير استخلص الوحدانية والجبروت وأمضى المشيئة والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن لا منازع له في شي‏ء من أمره ولا كفو له يعادله ولا ضد له ينازعه ولا سمي له يشابهه ولا مثل له يشاكله لا تتداوله الأمور ولا تجري عليه الأحوال ولا تنزل عليه الأحداث ولا يقدر الواصفون كنه عظمته ولا يخطر على القلوب مبلغ جبروته لأنه ليس له في الأشياء عديل ولا تدركه العلماء بألبابها ولا أهل التفكير بتفكيرهم إلا بالتحقيق إيقانا بالغيب لأنه لا يوصف بشي‏ء من صفات المخلوقين وهو الواحد الصمد ما تصور في الأوهام فهو خلافه ليس برب من طرح تحت البلاغ ومعبود من وجد في هواء أو غير هواء هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه ومن الأشياء بائن لا بينونة غائب عنها ليس بقادر من قارنه ضد أو ساواه ند ليس عن الدهر قدمه ولا بالناحية أممه احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار وعمن في السماء احتجابه كمن في الأرض قربه كرامته وبعده إهانته لا تحله في ولا توقته إذ ولا تؤامره إن علوه من غير توقل ومجيئه من غير تنقل يوجد المفقود ويفقد الموجود ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت يصيب الفكر منه الإيمان به موجودا ووجود الإيمان لا وجود صفة به توصف الصفات لا بها يوصف وبه تعرف المعارف لا بها يعرف فذلك الله لا سمي له سبحانه ليس كمثله شي‏ء وهو السميع البصير.

وعنه (عليه السلام) في قصار هذه المعاني:

وقال (عليه السلام) في مسيره إلى كربلاء إن هذه الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل أ لا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما إن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.

وقال (عليه السلام) لرجل اغتاب عنده رجلا يا هذا كف عن الغيبة فإنها إدام كلاب النار.

وقال عنده رجل إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع فقال الحسين (عليه السلام) ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر

وقال (عليه السلام) ما أخذ الله طاقة أحد إلا وضع عنه طاعته ولا أخذ قدرته إلا وضع عنه كلفته

وقال (عليه السلام) إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.

وقال له رجل ابتداء كيف أنت عافاك الله فقال (عليه السلام) له السلام قبل الكلام عافاك الله ثم قال (عليه السلام) لا تأذنوا لأحد حتى يسلم

وقال (عليه السلام) الاستدراج من الله سبحانه لعبده أن يسبغ عليه النعم ويسلبه الشكر.

وكتب إلى عبد الله بن العباس حين سيره عبد الله بن الزبير إلى اليمن أما بعد بلغني أن ابن الزبير سيرك إلى الطائف فرفع الله لك بذلك ذكرا وحط به عنك وزرا وإنما يبتلى الصالحون ولو لم تؤجر إلا فيما تحب لقل الأجر عزم الله لنا ولك بالصبر عند البلوى والشكر عند النعمى ولا أشمت بنا ولا بك عدوا حاسدا أبدا والسلام.

وأتاه رجل فسأله فقال (عليه السلام) إن المسألة لا تصلح إلا في غرم فادح أو فقر مدقع أو حمالة مفظعة فقال الرجل ما جئت إلا في إحداهن فأمر له بمائة دينار.

وقال لابنه علي بن الحسين (عليه السلام) أي بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله جل وعز.

وسأله رجل عن معنى قول الله وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قال (عليه السلام) أمره أن يحدث بما أنعم الله به عليه في دينه.

وجاءه رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجة فقال (عليه السلام) يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة وارفع حاجتك في رقعة فإني آت فيها ما سارك إن شاء الله فكتب يا أبا عبد الله إن لفلان علي خمسمائة دينار وقد ألح بي فكلمه ينظرني إلى ميسرة فلما قرأ الحسين (عليه السلام) الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار وقال (عليه السلام) له أما خمسمائة فاقض بها دينك وأما خمسمائة فاستعن بها على دهرك ولا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة إلى ذي دين أو مروة أو حسب فأما ذو الدين فيصون دينه وأما ذو المروة فإنه يستحيي لمروته وأما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك

وقال (عليه السلام) الإخوان أربعة فأخ لك وله وأخ لك وأخ عليك وأخ لا لك ولا له فسئل عن معنى ذلك فقال (عليه السلام) الأخ الذي هو لك وله فهو الأخ الذي يطلب بإخائه بقاء الإخاء ولا يطلب بإخائه موت الإخاء فهذا لك وله لأنه إذا تم الإخاء طابت حياتهما جميعا وإذا دخل الإخاء في حال التناقض بطل جميعا والأخ الذي هو لك فهو الأخ الذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة فلم يطمع في الدنيا إذا رغب في الإخاء فهذا موفر عليك بكليته والأخ الذي هو عليك فهو الأخ الذي يتربص بك الدوائر ويغشي السرائر ويكذب عليك بين العشائر وينظر في وجهك نظر الحاسد فعليه لعنة الواحد والأخ الذي لا لك ولا له فهو الذي قد ملأه الله حمقا فأبعده سحقا فتراه يؤثر نفسه عليك ويطلب شحا ما لديك

وقال (عليه السلام) من دلائل علامات القبول الجلوس إلى أهل العقول ومن علامات أسباب الجهل المماراة لغير أهل الكفر ومن دلائل العالم انتقاده لحديثه وعلمه بحقائق فنون النظر

وقال (عليه السلام) إن المؤمن اتخذ الله عصمته وقوله مرآته فمرة ينظر في نعت المؤمنين وتارة ينظر في وصف المتجبرين فهو منه في لطائف ومن نفسه في تعارف ومن فطنته في يقين ومن قدسه على تمكين

وقال (عليه السلام) إياك وما تعتذر منه فإن المؤمن لا يسي‏ء ولا يعتذر والمنافق كل يوم يسي‏ء ويعتذر

وقال (عليه السلام) للسلام سبعون حسنة تسع وستون للمبتدئ وواحدة للراد

وقال (عليه السلام) البخيل من بخل بالسلام

وقال (عليه السلام) من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأسرع لما يحذر[/ALIGN]
[/FONT][/ALIGN][/B][/SIZE]

__________________
اميري علي ونعم الامير

التعديل الأخير تم بواسطة اسير ; 01-03-03 الساعة 04:26 PM.

اسير غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مصحف فاطمة عليها السلام بين الحقيقة والأوهام الصراط المستقيم منتدى الثقافة الإسلامية 16 24-01-11 02:45 PM
صلح الإمام الحسن عليه الصلاة و السلام الصراط المستقيم منتدى الثقافة الإسلامية 8 20-12-09 08:27 AM
موانع المعرفة البحاري منتدى الثقافة الإسلامية 9 03-02-08 10:22 AM
لماذا تحب الامام علي عليه السلام السنابسي وبس منتدى الثقافة الإسلامية 3 03-02-08 10:20 AM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 02:47 PM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited