كم يُثلج الصدر هذا " المارد الأملح " كما يحلو لمشجعيه تسميته، هذا المارد الذي تحرّر بعزيمة وإصرار من كذبة ضعف الإمكانيات، وانخفاض مؤشر الإيداعات ، بتجاوزه كل التوقعات، وكسبه معظم الرهانات ، معتمداً في ذلك على توفيق العلي القدير ، ثم دعم ومؤازرة المخلصين من أهالي القديح الكرام، هؤلاء الأهالي الذين لا يتركوا لك خياراً غير الإعجاب بهم وبإلتفافهم حول ناديهم الذي تخفق قلوبهم على وقع أداء أبنائه " السحرة " وتحديداً في منافسات كرة اليد .
عندما يُسعدك الحظ في الحصول على مقعد فارع لحضور مباراة في كرة اليد يكون أحد طرفيها " نادي مضر " حتماً سيخطفك جمهوره المخلص الوفي الذي يحرص على الحضور للصالة في وقت مبكر، ستحاول أن تنصرف عنه لمتابعة المباراة التي هي هدفك الرئيس من الحضور، ولا ألومك إطلاقاً على ذلك الهروب المباح طالما أن أرضية الملعب قد تلألأت بالنجوم ، ولكن لا تبرح أن ترتهن ثانية بجميع مدخلات وعيك إلى ذلك التفاعل الجميل من جمهور نادي مضر، مع خالص إحترامي وتقديري لجماهير الأندية الأخرى بالتأكيد .
إنني أكتب هذا المقال الذي طالما ألحّ عليّ منذ فترة، وأنا لا تربطني أي علاقة شخصية مع رئيسهم الموقر الأستاذ : سامي اليتيم ، أو مع أي عنصر من منسوبي نادي مُضر على الإطلاق، وهذا يعزز الموضوعية التي لا تخدشها حتماً أواصر العلاقة إن وُجدت، ما دام أن الكاتب ملتزمٌ بأدواتها المعتبرة، كما أنني أكنُّ الإحترام والمحبة لجميع الأندية الرياضية على إمتداد الوطن العزيز والجماهير الموالية لكل منها ، لإيماني بأن ذلك حق مشروع لكل فرد شريطة أن ينأي بنفسه عن مستنقع التعصب الأعمى البغيض .
مما لا شك فيه لم يكن لهذا الجمهور الوفي أن يتشكّل لولا بروز فجر " هؤلاء الفتية " المؤمنون بهدفهم، المخلصون لوطنهم وبلدهم، العاملون على إسعاد أهلهم وذويهم، ولا أستغرب بتاتاً هذه الوقفة الرجولية الثابتة من أبناء القديح الكرام، فلطالما شهدناها أيضاً من معظم مشجعي الأندية الرياضية في قطيف الخير ، قطيف الوفاء وغيرها من أندية الوطن الحبيب .
أعترف لكم أيها الأحبّة أنه يستفزني " إيجابياً " ذلك الإنضباط الكبير ، والتلاحم المنقطع النظير ، والتناغم الذي لا يحتاج إلى التنويه من أحد لأنه يعلن عن نفسه بنفسه في الهتاف عند إحراز كل هدف، أو صد آخر، هذا الإنسجام التلقائي بين مكونات الجمهور المضراوي لهو رسالة طيبة من محب بصدق إلى معطاء بإخلاص ، ومن مؤازر بمودة إلى شاعر بمسئولية وإحتضان، لا أحد يستطيع أن يتجاهل ذلك الدعم والمساندة من هذا الجمهور العريض الذي يخرج عن بكرة أبيه عند كل منازلة رياضية مضراوية، ليؤكد عزيمته التي لا تخور، ويُدخل الطمأنينة والإحساس بالأمان – بعد الله – إلى نفوس أبنائه الذين يستميتون ولاءً من أجل إسعاده.
ما أجمل الحب إذا ما صدر دون رياء أو مواربة، ما أجمل الحب إذا لم يكن " مشروطاً " فينحسر مع أول هزة في المشاعر، أو مأجوراً فيتلاشى مع أدنى نقصٍ في مستوى العطاء، فيا أيها المضراويون إحترسوا من أنفسكم بأنفسكم ، تواصوا بحب ناديكم الذي حاز على إحترام حتى المنافسين في الداخل والخارج، أنتم من يستكمل تلك الصورة الرائعة التي طالما ألفناها من أبنائكم البررة ، بدونكم يصبح الحقل يباباً ، والحدائق بوراً، لأنكم بدعمكم وتسابقكم في حب ناديكم تتجلى كل معاني الوفاء والإخلاص ، وهذا يكفيكم فخراً ، ويضاعف المسئولية عليكم ، لأن أبناءكم باتوا سفراء فوق العادة لوطنهم ، ومجتمعهم ، الله أسأل أن لا يغّير عليكم ما حييتم . اللهمّ آمين .
تحياتي