New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > المنتديات الثقافة الفكرية والعلمية > المنتدى الثقافي والأدبي > ركن المنقولات الأدبية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-05-08, 04:17 PM   #1

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

ورده دبلانه بكّيييير يا ليال ..


/





لـِ الأميرة : ليال نبيل ..
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 26-05-08, 07:13 PM   #2

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

*مروان الغفوري ..


/







1


تذكرين يا ليال ، مولاتي الصغيرة، عندما بدأنا الكتابة منذ سنوات .. كنتُ أكتب باسم يزن ، و أنت ليال.. الليلة فقط قررت أن أبدأ في سرد روايتنا الجميلة. قررت أن أبتدئها من الليلة .. قلت لنفسي : ليس مهمّاً ما سيحدث بعد الليلة ، المهم أني سأبتدئ من الليلة حتى أصل إلى أول يوم التقيتك فيه، وأختم الرواية . أعجبتني الفكرة ، كان صوت كثيف بداخلي يقول لي : يا مروان ، لا تنظر إلى ما بعد الليلة ، لا تتأخر للغد .. ابتدئ من الآن وقف عند أول يوم. تأخرتِ عني ، كعادتك أيتها الصغيرة الشقيّة .. قلتُ لنفسي سأبتدئ إذن في سرد الحكاية . كنتُ أخبئ لك مفاجئة الليلة ، أيضاً . لكنك اخترت أن تذهبي إلى الجنة.
آه يا أنا ..
تتذكرين يا ليال .. كنتِ تقولين ، من بين كل القذى المنذور في الطرقات علقت بقلبي شكوى : لو خلت الدنيا من عيونك وييييييييين اروووووح .. هكذا كنتِ تكتبينها لي ، عندما أتأخر عنك أو أغيب.

ليال ، صغيرتي ، لا تنشغلي بالملائكة والخلد ، اقرئي ما كتبته لك الليلة في هذه الأرض المتّسخة .. لا تقولي " نجوتُ من هذه الأرض" فأنا حبيبك ، ما زلتُ بها ـ، يا طفلتي..





.. الكوكب يتناثر! هاتف يزن نفسه ، بينما هو يغلق باب غرفته، تاركاً خلف ظهره صالون شقته المليء بأوراق الجرائد والمجلّات ولفافات السندوتشات. ومعه يصطحب حمولته الدائمة من القلق والخوف. أخبار هذا الصباح تتوافق على عنوان واحد : علماء البيئة يحذرون من تناقص عمر الأرض. ولكي يبدو العنوان أكثر واقعية فإن الطبيعة قد شرعت في بعض الممارسات المجنونة عند أطراف الأرض القصيّة، بالتحديد : في الشواطئ الغربية للولايات المتحدة الأمريكية ، على هيئة عواصف ثلجية مفزعة، تسببت في حوادث سير عديدة، وتعطيل الحياة العامة بشكل محبِط.. وهو أمرٌ بالغ السوء لم يستطع أن يجبر قادة هذه الدولة على تعديل موقفهم السلبي من اتفاقيات الحد من التلوّث البيئي.

كانت الأخبار محايدة، بالفعل. فهي تتحدث عن شواطئ أمريكا الغربية ،ومعها تشير بتفصيل مفزع لـكوارث بشرية في أندونيسيا على إثر فيضانات وأمطار وزلازل. لقد بدت أندونيسيا ، طبقاً لشاعر أندنوسي منكوب، كما لو كانت كفّارةً لخطإ البشريّة، لدى طبيعة جرى استفزازها بصورة عنيفة. ومن بين كل هذه الإزعاجات الكونية تسمّرت عينا يزن على شواطئ أمريكا الغربيّة،وحسب، وأعفى خوفه مؤقتاً من الاهتمام لكل ما يجري على ظهر هذا الكوكب المنهك . عيناه سائحتان في البلاد البعيدة ، هناك حيث ستنزل ليال، ملهمته الأولى، ضيفة على مستشفى كبير طال انتظاره لوصولها. بيدْ أنها لم تذكر اسمه أمام يزن، حتى اللحظة، لأسباب قالت أنّها تتعلق بخوفها على مستقبله الدراسي والنفسي معاً. ليال ، التي ستسافر بعد خمسة أيّام إلى أمريكا ، تحدّثت البارحة فقط ، لأول مرّة ، مع يزن عن نيّتها مجابهة والدها، الأمير، بموضوع الخطوبة( إذا عدتُ من العملية، يا يزن، ولم تنطفئ الشمعة). مما قالته له ليلة أمس في آخر مكالمة دولية بينهما : ادعُ لي ، بربك. الأطباء اعترفوا لأبي منذ أيّام أني تأخّرتُ كثيراً عن ميعاد العمليّة المفترض، وأنهم يخشون أن تتأثر فرصة نجاحها بسبب هذا التأخير. كنتُ خائفةً عليك من اليمن، يا يزن. أن تغيّبك كما فعلت مع كل شيء جميل. أنتظرتُ رجوعك إلى مصر لأتأكّد من أنك تعودُ مجدّداً لإكمال حلمي الكبير، أن تصبح طبيباً وشاعراً عظيماً.لم يسمع شيئاً مما قالته، إذ كل ما يفعله عندما يباغته صوتها أن يسمح لقلبه بالوجيب ولعينيه بالغرق. تعلمُ ذلك عنه، وتفعلُ أن تشاكسه قليلاً ببعض التعليقات الساخرة المكشوفة ، فهي تُريد أن تنسى أنها مريضة عندما تتحدّث إليه ، وينسى هو ، في كل مرة يكون معها ، أنه طبيب.

الساعة السابعة صباحاً .. صوت مقرر البرنامج البيئي، التلفزيوني، عالٍ بشكل ملموس. ولأن يزن اعتاد على مناهضة فكرة أن يحتفي بوجعه الشخصي بعيداً عن حضور هاجسه الكبير (البيئة) فهو لم يخفض صوت التلفزيون، على غير عادتِه.كما أنّه لم يكُن مستعِداً، نفسيّاً وفي اللحظة ذاتها، لقراءة رسالة جديدة على شاشة جوّاله : لا يفهم حزن الشمعة وهي تذوي إلا ضوؤها وهو ينقُصُ من هواها ، بينما صوتُ الطبيعة يجتاح مخيلته عبر مذيع منسيّ في صالون الشقة : يكفي أن يرتفع منسوب مياه المحيطات 40 بوصة فقط ليغرق معظم سكّان منطقـة دلتا النيل، وعديد من السواحل الشرقية لأفريقيا. توهّجت عيناه بضوء خافت.. شمعته التي تذوي ، وشواطئ فقيرة تنتظر زحف المحيط على بيوت ساكنيها المصنوعة من أعواد النخيل. يزن، الذي لم ينتصف عقده الثالث بعد ، يحلمُ الآن بالاختباء من هاجس الموت الانفرادي في طيّات الخوف الجماعي من المجهول الوشيك، فالموت مع الجماعة رحمة .. يردّ على صوتٍ مخيف يسيلُ بداخله.*
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 26-05-08, 08:44 PM   #3

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/


2



ليال ..

أمك الآن مغمى عليها بجوارك ، في الضيعة .. جسدك النقي مسجّى هناك. أمك تفيق وتقول أنك كنتِ تذكرين اسمي. تقول أنك قلتِ أنك تحبين مروان أكثر من أي شيء في الوجود.
لا يا ليال .. كنتِ تحبّين الله أكثر من أي شيء آخر. كنتِ تعلمينني كيف أبحث عنه في كل شيء.
ليال، صغيرتي المقدّسة .
أنا من حاول منعك من الحج ، هذا العام تحت ذريعة الخوف على صحّتك.
وعدتُك منذ أسبوع وأنا أحاول أن أبعد شبح الموت من حديثي أني سأحج بدلاً عنك.
سأفعل يا طفلتي وسآخذك معي ، مهما قال الأطباء أنك توفيت.

ليال .. أميرتي الشقية ، كيف تذهبين إلى الله ليال دون أن تبعثي إليّ بالباسورد الخاص بإيميلك لأبعثَ إلي بإيميلات منه أسأل عن صحّتي. من سيفعل يا ليال وأنت غائبة؟

وكيف ستذهبين إلى الله قبل أن تستلمي العسل الذي بعثته لك أمي ، والعباءة التي اختارها لك خالي أنور، منذ أيّام؟

آه يا أنا .
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 27-05-08, 10:44 PM   #4

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/




3




ليال،
أنا متعب للغاية ، الآن .. للتو جئتُ من الشوارع. كنتُ أضحك وأبكي. نسيتُ أني بلا حذاء.
رأيتُك في السماء منذ قليل.
سأصلي، وأنام لأراك .. سأراك بعد قليل.
لا يمكن أن تكون حكايتنا مختصرة بهذا الشكل.
ليال، مولاتي..
سلمي لي على الأنبياء.. اخبري محمّداً النبي عن كل شيء حدُثتك عنه. اخبريه عن إسلامك.
خبريه كيف أسلم على يديك 42 من أهل بيتك.
قولي له أني علمتُك كثيراً ، وأنك متّ وأنت تصلين شمال لبنان.
هو يحبك وسيباهي بك الأنبياء .. هناك، استغلي الفرصة واذكري اسمي .
اعلم أنّك ستفعلين.
آه يا أنا.
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 29-05-08, 03:31 PM   #5

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/




4




ليال .. منذ يومين فقط كنتِ تطلبين مني أن أحلف لك، بكل ما هو مقدّس، أني سأبعث إليك كل صباح بإيميل .. تقولين لي : لازم تخبرني شو أحوالك. داليا، ابنة خالتك ، كانت تبكي. كنت تحلفينها بالمصحف أن تقرأ إيميلاتي بصوت مرتفع. قلتِ لي : يا مروان ، ربنا ما رح يضيع كل هالحب. يمكن أسبقك يا مروان، بس حستناك في الجنة، عند ربنا. كان صديقي محمد سيد حسن يقف أمامك وأنت توصينه : خلي بالك من مروان. يوم حبيت مروان راقبت أصحابه ، شفتك أكتر واحد بيحبه مروان ، حاولت أوصل لك عشان أوصل لمروان وما قدرت.. هلّأ صار لازم تخلي بالك من مروان، لا تخليه يكلم بنت غيري، ولا يجيب سيرة اسم غير اسم ليال في قصائده.
قلت لي : لو أهلي عرفوك زي ما عرفتك كان حبّوك أكتر مني.
أنت الآن تموتين بهدوء ، تتركينني للشمس وللطرقات. وعدتِني منذ أسبوع أنك ستعودين يا ليال بعد ثلاثة أشهر. قلتِ لي : احلف إن العملية ما رح تشوّهني؟ قلت لك : لا تخافي يا قلبي. قلتِ لي اكتب لي الأشياء المهمة اللي لازم أعرفها عن العملية وابعتها لإيميلي ع الياهو. قلت لك سأفعل.
إلى الآن لم أفعل يا ليال . .لم أفعل . أقسم أني سأفعل ، سامحيني .. كما تفعلين دائماً .
أنا الآن أرتجف، كنار في متحف .. هكذا كنتِ تصفين ارتجافك " مثل نار في متحف" .. لستِ متحفاً بداخلي. أنتِ حقائق لا يمكن أن أكتبها .. أنت أكبر من اللغة. نعم أنت أكبر من كل شيء ، كما كنت تردّين عليّ عندما كنت أقول لك : ليال ، لماذا لا تقدمين للحصول على جواز سفر أمريكي مثل باقي إخوانك؟ كنت تقولين بكبرياء: أنا أكبر من أمريكا يا مروان ، كرمني الله بالعروبة والإسلام.
مولاتي .. ليال. أنا أيضاً كرمني الله ، لكن بإسلامك وبك. أنت أيتها البادية المخبّأة في قلبي، أتساءل الآن : ماذا تريدينني أن أفعل . طلبتِ مني أن أكون شاعراً كبيراً .. أن أكون طبيب قلب عبقرياً .. و أن أدافع عن الإسلام والضعفاء. أنا أبو الضعفاء يا ليال ، وأبو الفقراء. سأحاول أن أعود إلى الطب .. أخاف من السقوط في منتصف الطريق، كما تفعل الفصول الأربعة ( هكذا كنتِ تقولين لي : انظر إلى الفصول الأربعة يا مروان). أنا الآن أنظر إلى الفصول ، لا أراك غير وجهك الضامر ، وصوتك الذي تشربه الأشجار.
لياااااااااااااااااااال .. أرجوك يا أنا .. الصباح الثالث وأنت تتأخرين عنّي. رعب بداخلي يقول لي : عاد المراحل طوال وعاد وجه الليل عابس. يملأُني العدم والرماد أيتها الطفلة. كنتُ أتطهّر بوجودك، وأتمدّد أمام السماء ، عندما تمطرين، مثل كل الأطفال المنتصرين في لعبة ركض طويلة.
كنتِ تقولين لي كل ليلة : كل ما غمضت عيني يجيني الموت من كل مكان. وأنا أقول لك: أنت بياض لا يمسّه الموت. نعم ، لن يمسّك الموت لأنك حياة الموت. أنت فقطِ رحلت على ظهره إلى مكان هااااااادئ جدّاً ، يوجد به أنبياء منتصرون ، وضعفاء فائزون، وأطفالٌ لا يحبّون أن يكبروا ولا يجبرهم على ذلك أحد. هناك حيث يتجلى الله على عباده كل يوم جمعة ، أنت تنظرين إليه وأنا أتعثّر هُنا بقش الدنيا . ( وبين هذا وذا شوف المسافة كم)آه يا أنا ، سمعتها منك قبل سفرك بعشرين ساعة، فقط.
ليال، أيتها المقدّسة( أعرف أنك كنتِ تنزعجين لهذه الصفة) تانيا، الطفلة ابنة خالتك، تسألني :whyyyyyyy did she have to die?
لا أدري كيف أرد عليها .. هل أقول لها أنك ستتأخرين كثييييراً. آآآآه يا ليال. لا أدري والله .. قلت لها She died cuz there is The One who loves her more than we do.. She asked him bitterly to release her pain. And she promised to take care of Marwan, wherever she goes. Now she is where she thinks she can take care of me.

ليال، مولاتي الصغيرة .. أرسلتُ إليك اليوم بإيميل جديد، قلتُ لك فيه إني متعبٌ جدّاً. لعلّك سمعت إيميلي الأوّل، كنتُ أقول لك فيه أن السماء ناقصة لأنك سافرتِ، وأن قلبي انفجر إلى 12 عينا . لقد طلبتِ مني أن أعود إلى القاهرة، وأنك ستكونين في الانتظار .. أنا الآن هنا في القاهرة .. في الشوارع التي كنتُ أدهنها بضحكاتك. لم أجدك هذا الصباح، غير أني ما زلتُ قادراً على سماع طرقات أقدامِك في قلبي. أعلم أنك في السماء ، وأنا هُنا. كتبتِ آخر نصوصك: تحت سماء في مدينة ليست الناس، وتركتِني بجوار النص. لم تكوني تتحدثي عن أحد غيري، أنا الآن في مدينة ليست الناس، وتحت سماءٍ هي أنت اللامنتهية. لا أعرف ما إذا كانت <تانيا> ستستطيع قراءة رسائلي بالعربيّة بصوت مرتفع، لكي تسمعيها، كما وعدتِني ( رح أسمع صوتك وأنا عند الله). يالله ، ما أجمل رفقة الله .. هناك حيثُ يحل الأمن الأزلي، وتتكثّف القلوب على الأشجار كحبّات الطل يا ليال، خبريني كيفك الآن؟ قبل موتك بعشر ساعات طلبتِ مني أن أرسل إليك كيلو عسل دوعني، فأنت تجدين راحتك ،من السعال المزمن، في العسل. قلتُ لك انتظريه غداً (ما بعرِفْ كيف فيّا ابعتلك العسل وانت في السماء). خبريني بربك ويييين أروووح. ليال، أسألك بمعبودك الذي يحبك قولي لي أنك تسمعين صوتي، صوتي الذي يمتلئ برماد حكايتنا التي انهدمت فجأة .. قولي لي إنك كويسة عشان أبقى كويس . ليااااااااااااااااااااااااااااااال، أنا مروانك.. يا الله، منذ أيام فقط جئتِني متلهّفة : مروااني، خبرني هل كان نيرون ألثغ؟ أحسستُ بخفة قلبك تدب بين عيني، بالتاريخ يحاول أن يتماسك حين تكتبينه.. ربااه. قلتُ لك: كان شاعراً غبيّاً .. قلتِ لي : مروااان ، لا تستهبل يللا خبّرني عن نيرون .. آه يا أنا. خشيتُ أن يرتاح نيرون في قبره لمجرد أن اسمه ورد على لسانك ، فغيرتُ واجهة الحديث لأنتصر لضحاياه. وبعد ساعة كاملة من الحديث المنقّى بعناية قلتِ لي: عيب عليك يا مروان ، نسيتني سؤالي عن نيرون.
ليال،مولاتي .. أخبرتني داليا منذ قليل أنها رأتك البارحة، بعد سفرك. كنتِ بيضاء، كملاك..تطيرين بفستان أبيض. كنتِ تبتسمين، لكن داليا تجرّأت وأخبرتك عني . قالت لك : مروان عرف إنك سافرت يا سالي.. قالت لي داليا أنك انفجرت باكية، بمجرد سماعك لأحرف اسمي.. اسمي الذي كنت تلبسينه كل يوم معنى وتجهزين له شجرة جديدة، أكثر الأسماء يتماً في العالم ، الآن . لماذا تبكين وأنت في الجنة. لا تهتمي يا ليال ، سأكون بخير لأجلك. أقسم أني سأكون بخير. وسأنتظرك.. سأحاول أن أكون جديراً بدموعك الجنّة . يا ليال نبيل، يا أقدس المسافرين إلى مكاننا البشري المرتفع.
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 29-05-08, 07:06 PM   #6

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

بَعدَ أربعين يوم ..


/




5





اليوم الأربعون لسفرِك الأخير.
قبل أربعين يوماً كان عنوانك الدائم على المسنجر : (أريد أن أرمي بكل المسافات، أنتضي حلمي وأمضي كما نجمٍ منفلت. أبحثُ عن حفنة من تراب تسكنُ بي أو أسكن فيها .. أسميها وطناً)
وبعد أربعين يوماً ، يغدو العالمُ ضيّقاً مثل خُرم إبرة ، أو كمثل الروح .. كما كنتِ تقولين يا صغيرتي.
كأنّك لم تسافري، هكذا يبدو العالمُ. وكأننا لم نكُن هُنا، يوماً ، نعُد الشعراء الجيّدين والقصائد الرديئة، ونفترضُ حياةً أكثر عدلاً .. كأنك لم تكوني تسألينني كل يوم : يا أمير الفقراء، حدّثني عن أول الضوء.
وكأنني لم أكنُ أهربُ إلى آخر الكلام، يا ليال.
ركضنا ، متعبين كأعمدة الإنارة ، حتى اللحظة الأخيرة، عندما تكسّرت أول مدامع الخريف في عيني داليا، وارتعشتْ أصابع شقيقك القوي، لأول مرّة . لقد تركتِ خلف صورةٍ ، تعرفينها ، مندسة جوار مصحفٍ صغير، كان زوّادتك وأرضاً خضراء على عنقك : ( قرين الروح إليك أسرجتُ قلبي، وألف دربٍ أمدّها لظلك) . وعندما سقط من عنقك، وتوهّجت عيناك بلحظتيهما الأخيرة، اختنق الجميعُ بالوجع، وكنتُ الوحيدَ الذي يصعد معك إلى السماء، ويسلّمك إلى الخلد، كما ينبغي لقرين الروح أن يفعل ، يا ليال.
إيه يا ليال ..
من أين آتي الآن إلى أول الأمكِنة؟ وكيف سأتعرّف على ضحكتي القديمة؟ أبدو غريباً بين الناس، فقد نسيتُ كل شيء تقريباً .. وباستثناء مهزومٍ يسقط في الكلام، بالإمكان القول أنه أنا ، فلا شيء آخر يقول أنني أنا.
ولا شيء آخر يمكن أن يكون أنتِ، كذلك.
في واحدٍ من أسفارك إلى أمريكا ، كنتُ أعد أيّامي المهجورة، وأكتبُ على صدري قليلاً من الشعر، في انتظار نبوءة عينيك، بالعودة. وفي سفرك الأخير، الشاسع، فشلتُ في أن أعد أيامي. ولكي أستوعِب فكرة أن الحب بالإمكان أن يتناثر ، كمسافرين فقراء في عربة تالفة ، فقد اتجهتُ إلى المسجد. ما زلتُ هُناك، أبحثُ عن معانٍ تشبهك وأتوسّل بالذي تحبّينه، معبودك الأسمى، للذين أحبّهم " الفقراء و الرعيان".
يا ليال،
منذ أيّام "مرَقَ " عيد الآُم. وبينما كنّا نتذكرك ونخالطُ أحاديثنا لكي لا يسقطُ أحدُنا في منتصف اليوم ، أمّك كانت الوحيدة التي تنتظر حضورك المادي كالعادة. لم يكن خيال والدك المهدّم قادراً على استيعاب خطئه. فقد قدّم لأمك هدية عليها اسمك : هذه من ليال. جلس على حافة سرير أمّك المريضة، كأنه يقول : ليال تنتظرنا غداً، وأنتِ تعلمين أنّ أمّك لم تكن لتتحدّث معك إلا عن البارحة، دائماً.ابتسمت، أمك ، كما يفعل الحياء في وجوه صبايا الإعدادية. وبلكنتها الفرنسية: خلوها تدخل، بدي شوفا. و .. تكدّست عيناها على باب الغُرفة لوهلة. كنتِ قريبةً جدّاً منها، وغائمة في قلبي .. قلبي يا ليال، هذا المليء بسحابات غبراء، ومطرٍ محترق. هرّبنا أعيننا في اتجاه فراغ سميك يملأ أجسادنا، لننجو من نكسة وشيكة ، وتركناها تقبّل اسمَك وتناجيك بأكثر الألحان نعومة في صوتك : سألوني الناس عنك يا حبيبي، كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا بيعز علي غني يا حبيبي، لأول مرة ما بنكون سوا.
غداً ، بعد صلاة الفجر سالت قدماي حتى البلكونة ..
قلتُ لنفسي : لو خبّرتني هذه الشجرة الغريبة أنها ليال، سأنفقُ ما تخبّأ من عمري معها.
ولأني أتذكّر الأشياء بمناطق الظلّ والحلم فيها ، إلا تفاصيل آخر ضحكة عفوية دحرجناها معاً (في اتجاه الليل، كما كنّا نفعل عندما يُقال عنّا : قديسون وحفاة )..فقد كانت أحلامي ، البارحة ، مزيجاً من أشجار تنمو للأسفل، وصبايا غير ناضجات.. وأقدام أغنية ، تعشقينها ، ظلّت تحدّق في خاتمي طوال الحلم. أعلمُ أن أمر الخاتم كان يهمّك ، حتى وأنتِ تستبقين مع الأرانبِ واليمام في أودية الجنة، يا ليال.
كنتُ، حتى ما قبل أربعين يوماً فقط ، أصحو بيسر. أجد الصباح مكدّساً فوق رأسي مثل حبّات العنب. أمسحُ عنه ما بقي من الظلام وعوادم السيارات، وبذاءات السكارى وزوّار الفجر ..
وقبل أن أنفخ فيه اسمك، لينفجر في الكون من جديد ، أتداعى إلى صوتِك الغافي تحت قصيدة لم تكتمِل ..
و .. أمتلئُ بالإنسان.
الآن، لا شيء بإمكانه أن يكون أنا ، ولا مكان يُعتقد أن ينبجسُ منه صوتُك. ليست متاهتي لوحدي. فحتّى عامل محطة البنزين البدين، في طريقك إلى الجامعة، يروي كل يومٍ عن مكانه الذي دخلته الشمسُ يابسة وغليظة .. وعن أطفاله الذين نقصتهُم حلوى الظهيرة وأنواع ثمينة من الشوكولا .. إنه يشتكي المجهولَ للناس منذ سفرك الأخير، والطويل، ولا يعلم أنّك الآن تتوحّدين بالمطْلَق القديم.
بكّيييير يا ليال. بكّييير يا أجمل أغاني الرّعيان والمسافرين.
يمسكني قلبي كلما رأيتُ عاشقين على حافة الشجر، في نهارات العشّاق التي تعرفينها. أتوسّد اسمَك الناعمَ ، وأدعو للنهارِ أن لا يجفّ ، وللمحبّين أن لا يتساقطوا في السماء.
أربعون فقط، إلى الآن. حزني كرة ثلج تصرّ على الركض في أربعينات قادمة. وعندما يتوقّف حزني ، سأتحوّل إلى كرة نار، كما كنت ليلة سفرِك.
كم بقي من الطريق بيني وبينك يا ليال؟
ليالٍ ، أليس كذلك؟
لقد قمتُ بترميم عاجل لعثرات الطريق. اشعلتُ سيجارةً في فم الوقتِ،و .. ربما سقطتُ من جديد. لا أدري يا ليال، هل أنا الآن هو ذلك الذي أغلقتِ عينيه عندما حاول أن يتحسس تجلّيك الأخير؟
خلال ساعات النهار، أبدو لي كما لو لم أكن إلا مجازاً لكائنٍ وجِد، فقط، في حقيبة سفَرِك. لماذا قررتُ كتابة مذكراتنا قبل سفرك بثلاث ساعات وحسب؟ هل كُنت أعودُ إلى مكاني الأوّل: آلةٍ معطّلة في بقعة الظلام الكبيرة؟ أم أن السماء كانت تستلّك من صدري أيضاً، وتبدِلُك بدخان حارِق، وأصوات تشبه التأتأة؟
أبدو سواي، في معظم وقت هذه المدينة. وعندما أرفضُ التواصل مع الناس، فجأة، أسمعُ قدميك تدحرِجان شيئاً ما في صدري .. شيئاً يشبه القصيدة، وبه خجلٌ قديم، لطالما رويناه للناس.
هل كنت تقولين لي : أنت الناس، وذاكرة الناس ليستْ شيئاً؟
( ينتصف الليلُ فأنبشُ في راحتيه طعم المطر وموت الأصدقاء ..) كنتُ أقرأ إعلانك النبوئي هذا، لعامين كاملين على المسنجر.. ثم قرأت لعامين تاليين: لا يفهم حزن الشمعة وهي تذوي إلا ضوؤها.
والبارحة، يا ليال .. قرأت نصك الأخير منشوراً في مدونة حديثة الإنشاء. كنتِ تدمعين، وتنخلعين عن بشريتك إلى أصلك السماوي. وقعت عيني على أول السطر، ففرّت الدموع من بين أصابعي. صرختُ : ليااال.. إحداهنّ نشرت النص باسمِها،كأنها تبكيك. بيد أني أدركتُ من صوت النص أنك كنتِ فيه منذ أربعين يوماً ، وأنها إشارتك الأخيرة لي خبّأتِها عند صديقتِك، في مطوية ورقيّة كانت آخر ما يصدقُ من حدسك تحت السماء،كما صدقتْ حدوسُك كلّها حتى ظنُنتك - في مساء بعيد - تميمةً اخترعها للمحبّين نبيٌّ موجوع .. وانتظرتِ أن أتعثّر بنصّك ،في طريقنا البشري المليء بالقتلة والجياع.. هكذا وجدتُ نصّك النبوءة : ( على مشارف سدرة بعد السماء السابعة ..زهرة أوصدت فجرها البكر،وانحنت قبل أن يغسلها الندى، تركت الكون مقفرا إلا من حروف نكتبها لتقطر الوجود، وتستعيد المدينة أشياءها .. ليال ، أمك تخطر في حزنها ، وعيونها التي تتضور حنينا ما زالت تمارس الصلاة والدمع معا .. لتكابد طقوس رحيلك ، وترتجل صورتك لتلملم نتف الليل ، عن درب قلبها وتنام .. أبوك المكسور كجناحي روحه ، يعجن بالحزن مساءاته ، ويدرج بين أصابعه مسبحة يعدَ بها رمال زمن يخبىء في دنان الوقت أطيافك .. ليال ، عتبات الدار تئن ، والباب الذي كان الصباح يطلع من شقوقه صار كتلة يباس .. والحزن يحرس زوايا جدران .. تهطل دمعا مثل جرف يائس . ليــال قيسك يشرّع للحروف المراثي،يتوكأ تراب القصيد .. ويمدّ ظلال الشوق لحلم تخثّر في قلبه قبل أن يصل .. إلى مدينة كانت تصلي على أعتاب بسمتك ، ليخضرّ خلف خطاك المطر .. نامي يا مطفأة العينين)!
ليااال ، ما الذي كنتِ تقولينه هُنا ، دون علمي، يا مسرجة العينين؟
بحقّ الخلْد ، أجيبيني ..
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 29-05-08, 08:45 PM   #7

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/




تَوثيق ..



سالي نبيل هو الاسم الرسمي للمبدعة ليال نبيل. عاشت بهما معاً في غفوة قصيرة من العالم (14 – 9 – 1983 إلى 16 – 2 – 2007 ). ومن تحت شجرة أرْز اقتربت ليال نبيل من الإنسان ، من جوهره الفرد ، من دخانه وناره ، من لاوعيه ولامعقوله ، من ثيماته الوجودية بكل تنويعاتها، فقطّرته " دمعة دمعة ، وضحكة ضحكة " أو هكذا أرادت من خلال تشغيلها للموجودات، الشيء والإنسان، في نصوصها الكثيفة. وباختيارها لظلّ شجرة أرز فإنها لم تكن تعلن عزلتها الاختيارية، وإن بدت التماعاتها الفنية شبيهة بلزوميات رهين المحبسين من ناحية تحسسها لتحتيّات الأشياء وتشابه الأضداد ووقوفها في اللحظة الفارقة بين الممكن والمستحيل، الحب والخيانة ، والفناء والديمومة .. فهي لم تكن تقدّم موقفاً ثابتاً تجاه حركة الكون، بل تتمدّد معه، تهدِمه وتبنيه من لحظتها شديدة الكشف، عالية الإشعاع ، شاسعة الفيوضات، ومن مكانها الذي هو حدسها العرفاني المجاوِز. مكانها ، تحت شجرة أرز، الذي اشتغلت على دمجه بالزمن كمعادل نفسي ليقينها العميق بقصر بقائها في منتصف هذا العالم، حين أن أعلنت : عندما يتوقف الزمن عن الحركة يستحيل إلى مكان. وهو يقينٌ تكشفه ثيمة الموت، التي أصبحت أهم لازمة، موتيفة، في نصوصها جسّت بها جوهر الحياة حتى استطاعت في لحظتها الأخيرة أن تدجّن الموت تماماً وتعبَره دون أن ينجرح أي منهما بالآخر .. وعبقريٌ أن يكون آخر نصّ كتبته هو << تحت سماء في مدينة ليست للناس >>. لتغلق بابها القديم على شجرة أرْز تسكن مواقيت العالم، وتحفظ شخوصه الأبديين : اللص، الفقير، الفدائي، الديكتاتور، المقموع ، التائه، المحب ، النخيل ، الزيتون .. وهم يزدحمون في أمكنة ليال المضاءة : المدينة ، القبيلة ، المنفى ، الشرفة ، عين الجندي ، تقرير المخبر، إضبارة المحب.
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 30-05-08, 10:14 AM   #8

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/



تَمرير ..



آه يا أنا ..

لا أبحث عن معزّين .. فقط أتذكر أنك قلتِ لي البارحة :


مروان، يا أنا .. لا يفهم حزن الشمعة وهي تذوي إلا ضوؤها.


كنتُ أبكي، وكنت تبتسمين.

ليال ، أميرتي الصغيرة .. أكّدت لي ابنة خالتك داليا أنها ستقرأ إيميلاتي بصوت عال لكي تعرفي كل شيء عني وأنت في معية الله.

قالت لي داليا ، أن الله استقبلك وأنت في ساجدة.

كنتُ أعلمك أنّك قديسة ..

أقسم بالله أنك قديسة.

هل تتذكرين يا ليال خاتم الخطوبة : ليال نبيل ، 13/6/2003م .. كنت أنتظر معك تمام العام الرابع لأصدر ديواني الثالث : في بحمدون آثار قدمي .. كنتُ معك في ضيعة بحمدون. الآن أنا وحيد في كل مكان. كنتِ الديوان الأول،والثاني .. أنت الآن المطلق وأنا العدم الفذ.
في 16 / 2 /2007 تذهبين إلى الله. لم تبكّري بالرحيل ، لأنك أردتِ أن تتأكدي أني سأتخصص في أمراض القلب، لأراك في كل المرضى ، وأغسلهم من ألمٍ لازمك 21 عاما .. هي عمرك الكامل.

يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااه
لا أصدق .. فقط ، أعرف أن الله يحبك .. يحبك يا ليال، كثيييييييييييراً ..
أنا أيضاً أحبك يا ليال نبيل
أحبك يا سالي نبيل.

رباااه ، ارحمني وارحمها.

مروان الغفوري






تَوثيق 2 ...



لقد استطاعت "ليال نبيل" أميرة الشمال اللبناني، ومروان محمد الغفوري ابن تعز اليمنية - أن يتجاوزا الحدود السياسية الوهمية التي رسمها الاستعمار لتجثم على صدر الأمة العربية لسنين طويلة - ومازالت.

ليال نييل، ابنة الشمال اللبناني، ذات الواحد وعشرون ربيعاً، ومروان أحمد محمد الغفوري خريج كلية الطب بجامعة عين شمس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف - الحائز على المركز الاول لجائزة الشارقة للابداع العربي ،الإصدار الاول عن دائرة الثقافه والاعلام بالشارقه وذلك عن مجموعتة الشعرية"ليال" - ابن السادسة والعشرون، ذلك الأديب الشاعر ، الذي سبق عقله سنيّ حياته مثلما كانت ليال - كان قلبه على موعد غير مسبق مع قلب شاعرة وأديبة - بقي يخفق بالحب والسلام حتى آخر لحظة من عمر صاحبته.

أحبت ليال نبيل مروان الغفوري مثلما أحبها، لكن ذلك االحب كان في وضح النهار، ومدعوم من قبل المحيطين بهما، فثمة خطوبة كانت 13-6-2003م، وثمة آمال وطموحات كانت تنتظر التحقيق، لولا أن القضاء والقدر كان الأسرع في 16-2-2007م .
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 06-06-08, 08:34 PM   #9

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

في ليلة القَدر ..


/


إقتراب ..



اللهم إني أسألك في هذه الليلة العظيمة
في هذه الساعة الفارقة من زمنك
في هذه اللحظة التي تتجلّى فيها قدوسيتك وسبّوحيتك على الأكوان
في هذه النسمة من الليل ، وصوتك يحبو في صدري : هل من سائل فأعطيه ، هل من داعٍ فأجيبه ..

أسألك ، يا من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار،
يا من لا تحيط به الكلمة، ولا تختصره الأنوار

أن تمنح ليال نبيل دفئاً يكافئ إيمانها بك
وأن تسمع الأنبياء خفق قدميها قدميها في الجنّة..

أتوسّل إليك بك ، وإلى رحمتك بألمها ، إلى رضوانك بطمأنيتها التي عمرتْ بها صدرها المنهك ، يوماً ما ..
أن تضمها إلى الذين تقول لهم : لا خوف ، لا خوف ، لا خوف.

سبحانك تعلم إيمانها بك ، توكّلها على يدك ، دمعتها التي مرّخت بها سماءك الدنيا وهي تشخص إليك كل ليل ..
فاللهم كن لها من بعد الحبيب حبيباً ،
ومن بعد أهلها مسكاً وطيبا،
ومن بعد دنياها رضاً لا يخبو ، ورحمة لا تمور

أنت القدوس الأبدي ، مبدئ البدء ومنشئ النشء وموجد الوجود،
أنت واجب الوجود ، اللانهائي ، بيدك الأمر كلّه ..
أسألك بك ، بوعدك ، بما علق في قلب ليال عنك ، عن سلطان رحمتك ، عن فيح رضاك ، عن أشجار ودّك ،
عن مشكاتك التي علقت بين عيني ليال
وأسمائك التي حملتها في بيداء العالم

أستجديك وأستعطيك وأجثو بين يديك

اللهم اغسل ليال من الخطايا بالثلج ، ومن الخوف بالنور، ومن الدنيا بصحبة أنبيائك وحقائقك

اللهم في هذه الساعة الفارقة من زمنك ، افتح لها مد بصرها ، وأرح قدميها المتعبتين على أعتاب ربوبيّتك .. ألهمها ابتسامتها القديمة لكي تقول لك : لك الحمد حتى ترضى..

زد في ميزانها ، وامنحها نعيمك المقيم ..

اللهم اللهم اجمعني بها في ظلك يوم لا ظل إلا ظلّك ، وأحيها بقلبي حتى يسكن التراب بين ضلعي وتتركني الشمسُ بلا نهار..

أحبها يا الله ، فهي تحبّك ، وأحببني فأنا أحبها ..


ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا الله





كَتبهُ: مروان الغَفوري ..
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 07-06-08, 02:00 AM   #10

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/



مَدخل...



كـَ عُيون البدو أنتْ ..

وَجههُ شلال حزن مُحبّب

عيونه كـَ عيون البدو ،

حين ينحرون فرسهم الوحيدة للغريب..

عند حدود جبينه أرز يسجد للغمام،

ويصلّي نسرين فجر.

وحده بمعزل عن التاريخ يقرأُني..

وحين يخطر فوق صباحي،

ينحر موتي..يشرعُ في بعثي

يُجهض كل لحظة تتجنب غيبا لا يكنه

وكل ولادة لا تؤدي إليه...









في الطريق إلى مدينة ليست الناسَ.




( 1 )

إلى أينَ؟ أينَ الطريق.
لم نزِل في البدايةِ، نشغلُ أنفسنا كل ليلٍ بحلوى القصائد
عن بلدٍ جائعٍ ..
عن بلادٍ سنعمرُ رمّانها باليمامات،
عن بلدة لا تضيقُ بأحلام أطفالها الفقراء.

تقولين : تاهُ الزمانُ
أقولُ : سنخلقه ، مرّةً، من تراب المكان.

وبينا نحاولُ أن لا تعكّر أقدامُنا ظلّ أسمائنا
تومئين إلى المنتهى : ألفَ دربٍ أمدّ لظلّك.
وترين الذي لا أرى،
تسمعينَ الذي ليس لوناً من الكلماتِ
ولا قادماً من جهات الأمان.

أقولُ : سنعبُر أحلامنا، في الطريقِ إلى الله ،
إن سقطت حبّةُ الخلد في دمِنا.
تقولين :
في دمِنا البشريّ يموتُ الطريقُ إذا مسّه الملَكان.

ونحنُ نصلّي، نخافُ من الموتِ،
وحين نموتُ ، على أهبَةٍ للصلاةِ ، تخافُ النهاياتُ منّا.
قلتِ لي : سوف أغلبُ رائحة الموتِ بالشعر.
قلتُ : احرجي موتَنا بقميص الزفاف.

يا ليال، المدينةُ ماتت.
المساكين، من شيعوها بمفردهم ، يقسِمونُ بأن المدينة ماتت.
قلتِ لي : لا تغادر حدود المدينة، إن غـدَرَتني المدينة.
قلتُ : هذي المدينة مزدانةٌ بالخياناتِ،
أنتِ البياضُ الذي لا يخاف.
قلتِ: أوصيك أن لا تغادر حدود المدينةِ، إن غادرتني المدينة.
قلتُ : أحبّك،
غنّيتُ : ( هل يسبحُ النجمُ خلف المدار؟)
كأغنيتي من زماااااااااااااااان.

إييييهٍ ليال،
الآآآآآآن، إذ جرّبَ الخلدَ قلبُك
إذ يتحول نعلاك نهرينِ من فضّةٍ
وتنامين في الشمسِ.
الآآآآآآن إذ تضعين الهلالَ على خدّك القروي
تطلِقين اليمامات من شفتيك.

الآن .. إذ أتعثّر في قشّنا البشري،
وأسجدُ في موطئ للخطيئة ..
هل باعدتنا الضفافْ؟
( 2 )

[ بعيداً عن الخوض بين التفاصيل ]

الحقيقة تبتدئ الآن :
وحيدٌ ، أكاد من الموتِ أن أتنفّس.
حزيييينٌ ، كأني ابنُ آدمَ
منسلخٌ عن غبار المحبّين .. مثل النهار.

الحقيقة تغتسلُ الآن :
ليس خلف الوجوه سوى الموت.
ليس بين المحبّينِ، دوماً ، سوى الموت.
ليس في الموتِ غير البشر.

الحقيقة تختنقُ الآن :
اعشقوا ما تشاؤون،
وانقسموا في قصائدكم ما تشاؤون،
وانجرحوا بالمكيدات، كي تكتبوا الشعر، كيف تشاؤونَ
ليس سوى الموتِ من يكسبُ الموتَ،
ليس سوى الفقدِ من يملكُ الخلدْ.
ليس أسوأ من أننا قد نموت ، سوى أننا ربما لا نموت.

آآآه، ليال،
الشتاءُ عنيفٌ وبرد الشمالِ بلا ذمّةٍ،
والجنوبُ جنوب.
أمكِ قالت:
ليالُ تخاف من البردِ والليل.
أخوك يؤكّدُ :
كانت تحب الحكايات [ والليلُ لا يجبرُ الكسرَ في الليل]
تعشقُ أن تتكثّفَ ، مثل الأساطيرِ، في فرحِ الأهل.
أبوكِ استقال عن الوعي.
كل الذي تعوّدتِ أن لا تجيبي شقاواتهم ( عن قصائدنا )
جمّعوا حزنَهم في قواريرَ ، وامتَصّهُم وجعٌ شاردٌ في البيوت.
وأنت لوحدك، مثل الحقيقة.. ناعِمةً مثل كل النهاياتِ ..
خائفةً ، كالبدايات؛
جائعةً مثل كل الحروب.

آآآهٍ ليال..
أخافُ على دمِك القروي من الغيبِ،
أخشى على الغيبِ أن لا يزيدَ الحقيقة معنى.
وفي زحمة الراحلين إلى الله
أخشى عليكِ من العطشِ الأخروي.

إيييييهٍ ليال،
لا تخافي من الخُلْدِ .. خافي من الموتِ أن يتخلّى عن الهاربين.
ونااااااامي، لكي يضمُرَ الوقتُ ما بيننا.
واحلمي.. احلمي يا ليالُ :
* بلبنان يكسرُ أشجارَه الطائفيّة
* بي ، مرهقاً كأناشيدنا الوطنيةِ
* بالوجعِ البشريّ،
* بصنعاءَ هاربةً في الجبالِ،
* بأمّي .. تخبّئُ أشواقها تحت صوتك.









( 3 )
اسمي، يا ليال، أخف ممتلكاتك
الغائب الذي كنتِ تغيرين له كل ليلة معنى
وتجهّزين له ، كل جمعةٍ ، شجرة جديدة
هذا السائل بالأمس، المجفّف غداً
أصبح أكثر الأسماء يتماً في العالم.. الآن.

صوتي، يا ليال .. ظلّ تاريخك، كما كنت تقولين.
الشائهُ مثل الليوكيميا، والأعرجُ كخطبة الجمعة،كما كنتُ أصفه.
تلك الوصلة السماوية ، فيما بيننا، لسنوات
أصبح، الآن،
أقل الأصوات رحمةً، وأطولها خوفاً، على الإطلاق.

بودّي أن أبكي لفترة أطول
كي تتأكّدي أنك متِّ فعلاً، وأني كنتُ أحبّك بحق.
ولأنسى، مؤقتاً، أني لم أكن إلا قاتلك الخائن.

بودي، يا ليال، أن أناااااااااااااااام الآن
ليس لأني متعبٌ مثل مضخّات المياهِ القديمة،
ولا لأني تكوّمتُ في دورة شرود هستيري مثل الحوامِل ،
منذ عشرة أيّام.
فقط : لأنك عوّدتني على اقتيات الحقيقة بطعم الرؤيا .

بودّي أن أنسى كيف أصحو،
وكيف أتنفّس،
وكيف أتلو أدعية النجاة.
أن أخطئ في كل شيء ..
بما في ذلك : الانتباه للسيارات المسرعة
وأسلاك الكهرباء المكشوفة.

بودّي أن أفقد إيماني التقليدي، وأصدق كلامك عن التقمّص
أن أسمع أرقاماً خرافية عن المواليد الإناث لهذا العام.
أن يتحدث جاري بعد ست سنوات، من الآن،
عن طفلته ذات الستة أعوام
المهووسة بأكل الجزرة، والعسل البلدي.

لو اطّلعتِ الآن يا ليال، لتبصري :
وجهي المهدّمَ ، كآنية خزف رطبة.
صدري المليء بالرماد، كمطبخ ريفي قديييم.
ولساني المشقّق، مثل : [اعترافات جاسوس مسلم، شاذ.]
[ رغم أنّك وصفتِني منذ أسبوعين فقط :
وجهه كعيون البدو، حين ينحرون فرسهم الوحيدة للغريب.]



( 3 )

ليس بين السماء وبيني سوى الحب.
كما ليس بيني وبينك غير السماء.
هكذا ، كلما قلتُ [ أشتاقُ أن نتمشّى قليلاً على النهر]
تُلجئنا الريحُ للظلِّ ،
أو يستخفّ بنا ، في الطريقِ ، المطر.

جريحانِ ، نحملُ نعشاً لأحدِنا،
في انتظار خلوّ الممر من الموتِ ، والموتِ من فاكهاتِ الزحام.
يابِسان، ندحرِج أشعارنا للمحبّين،
نكبُرُ حتى نمسّ السماء، ونهربُ حين يمر الغمام.
جديدانِ، نرمي قصائد أصحابِنا بالخيانةِ،
نشغلُ أشعارنا بفناءِ المحب.
ولا بأسَ ، قلنا، نعيشُ كعشب بدائيْ
يأكلنا غنمٌ سائبٌ في الجبال،
وتجهلنا الحربُ والأقوياء!
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 20-07-08, 03:41 AM   #11

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

/


ولوج ..






ليال


إذا تماوج الشتاء في عينّي ، تمسّد الحزن عن شعري ، تحدثني عن الفقر، عهر السياسة ، ونبل الصعاليك ..



مروان الغفوري


ماتوا ، يا دائنة الجمرِ ، من البردِ .. و كفّنهم أولادٌ محرومون من اللونِ الأبيض .
.. فلماذا ينتابُك هذا المرءُ الطافي بين أحاديثِ النسوةِ ، وحده ؟
و الحزنُ بضاعتنا ، كشفت فتنتها فجواتُ شعائرِنا المنسيّة .
.. مات الرفقةُ ، يا آخر شعرٍ دون تدابيرَ لنعرف وجهتها ، و اشتعلوا في الأفْقِ و سالوا..
اشتعلوا ، أو ماتوا " يا قلبي " .. نذكُرُ أنّ مدائنهم غطست .....

( قِيل بأنّ قصائدهم - أوّلَ ما كتبوا - بِيعَ بلا ثمنٍ ، و بأنّ العشّاق المأجورينَ رموها في البر . و إلى آخر ما قيلَ ، و بلا معنى ، أيضاً ، .. فلقد كتبَ المارّون ، و بعد ثلاثين إلهٍ جاء ليزرع فوق أياديهم نهر دلافين ْ :

لمّا غاموا ، أحرَقهم صيّادٌ يعملُ بالسّخرةِ ، ليعيد اللهَ إلى الشيخِ .
لم يلحظ أحدٌ أنّ الشعراء المغلوبين ستشربُهم أشجارُ التينِ الشوكيّ ، و ما علموا ، حتى فيما بعد عقودٍ مرّت ، أنّ الشيخ تبرّأ من فعلته و أقام عزاءً مجدولاً ، و تحدّث شعراً لشهورٍ عدّة ) !



يا " قلبي " .. أنتِ ! هذا ما فعل الانسان .



ليال


من يهزّ الغصون حين ترحل الريح؟ ولماذا تفنى الموجة اذا كاشفت الشطآن؟



مروان الغفوري


لأنّ القلبَ بلا عنوان
لأنّ الريحَ بلادٌ أخرى ، لا تقرعُ أفئدةَ الشعرِ ، و لا تلجُ العالمَ إلا عرياًً ..
من يغسلُ هذا الكون الزائلَ .. ؟ و أنا وحدي سغبٌ أطفأهُ الخوفُ
شجرٌ لم يرِد الماءَ ..
و غافيةٌ أزعجها الأرقُ الأزليّ ،
و صاحبُها الكائنُ في " واقِ الواق " يهزّ بقايا النهر ليذكرَ شيئاً آخرَ عنها !



ليال


تسلقني قلبي إليك، فلم أعرف غير فصولك ذاكرة، ويديك مناخ...



مروان الغفوري



قلبٌ قلبٌ
يقعُ العالمُ بين يدينا حينَ نحيل الماء الأخضرَ سفناً .
يجثو أطفالٌ ، مرّوا بعد وصول حقائبنا ، كي يلتقطوا أسرار الضحك السافرِ .. و مفارز عينيكِ أمام الله .
قلبٌ قلبٌ ..
من جاء بهذا الورد اليابسِ غيرك .. لتعيدي رائحة الخلقِ الأوّل فيها ، و تكونَ بلادٌ يأهلُها الرعيانُ الجوعى .



ليال


أحيانا نغيب لتبقى ظلالنا دافئة تحت الكلمات..


مروان الغفوري


و نغيبُ لنعرفَ ، أيضاً ، أين تخبّئُ هذي الأرض صباها الأولْ
و أين ستهربُ عاشقةٌ ، ملّت جور أبيها ،
رغم البحرِ الشائبِ و أحاديث المجهولين عن النسيان !
.. نغيبُ ، أميرةَ هذي الكفّ المجزوءة حزنينِ ، لنحزنَ أبعدَ من قدرةِ أمّي للحزنِ
و أقربَ من جندِ الله المغلوبين .


ليال


الضوء يبحث في اكتمالك عن هوية، وأنا اكتمالك في نهايات الأنا .

مروان الغفوري



الضوءُ أنا ، و أنا أنتِ اللائي .. سأقولُ : بلادٌ أتركُها خلفي حين أسافرُ ، تأخذُني ذكراها إن حطّت راحلتي بجوارِ الموتى الأبديين ..
مدّيني برداءٍ ما صنعته أيدي التجار الشرفاء ، و لم يمسسه الضوءُ سواكِ
قال الناجونَ من الحبِّ : سيدخلك الليلُ وحيداً ، و ستقضي قريتَك الصغرى سرّاً ..
فنجوتُ من الطيرِ ، و فاحت كفّي في الكونِ لتغلقَ أعينَ من جاؤوا بالشعرِ وحيداً ، و بأنثى محتملة !



ليال


سنكسر وجه الضوء ونمضي خارج ذاكرة الأيام...لنختار كونا لا يليق إلا بنا...



مروان الغفوري


و سنكسرُ كوناً لا يعرِفُنا .
نحنُ نعلمُ أنّ الأكوانَ توسّع سترتها ليلاً لتمرّ ملائكة الموتى زحفا .
نعلمُ ، يا غانيةً أزعُم أني بعضُ حيائكِ ، أنّا نختارُ كما نرغبُ ، لكنّ الخلقَ المستورين يخافون من الأديان الخضراء ، و ينامون بلا سقفٍ كي يرتَطِموا بالشعراء المجروحين .
سنكسرُ " يا قلبي " وجهَ الماءِ لنشربه ضمن حقيقته الأولى . و سنجرحُ ثوب الأيام لتغرقَ معنا وفق تفاصيل غزاة يخفون معالمهم خجلاً من أنفسِهم .
و سأفعلُ شيئاً آخر : سأنامُ قليلاً من دونِ صريرٍ كي لا أوقظَ رائحة الحزن ، و ريثَ رجوعِك من أمريكا !
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 08-12-08, 02:03 PM   #12

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

كُل عام و أنتم أقرب إلينا (f)


كان يمكن أن يكون (...)

يا ليال،

أنا الآن في الخرطوم،
هنا لا يرى الناس الشتاء الذي يعيش في الشمال
ولا الحرب التي تغوص في الجنوب
أو النساء اللواتي تميل بشرتهن للصفرة
لأنهن غير مختتنات.

هنا يحبّون بشراسة ، وينطفئون بشراسة
ويعتقد ذوو الأصول الريفية أن أجدادهم ماتوا أثناء الولادة، وفي ليلة الدخلة
لأن الجدات لم يكن متطهّرات على الطريقة الفرعونية.

هنا كان يمكن أن تكوني معي بمفردك
لو لم أكن ، منذ أسبوعين فقط ، قد قررت أن تكوني ابنتي ، أيضاً.
كان يمكن أن يكون بكائي لأجلك ، بمفردك
لولا ذلك المطر الناعم الذي حملك معي لكي نسكُن السفن في المحيط
وتلك الدار الآخرة التي غفت تحت شباك بيتنا /
وهذه اللكنة الجديدة التي تسلّقتني
أو .. الريح التي سكنت في حيّنا مؤخّراً.

إييييه يا ليال
كان يمكن أن يكون هذا الخد الذي يمتص دموعي الآن
هو خدك فقط
لو لم يكن الله واحداً
ولم يكن الموتُ دخاناً /
ولم نكن أنا وأنت مثل فرسان الإلياذة
- الذين تساقطوا في النهايات مثل حنطة الشتاء

كان يمكن لنا أن نبلغ ذلك المكان الذي تخشاه الحطّابات
ولم يقترب منه حتى الحشاشون، والأنبياء
كنا سنصل إليه لو لم يغن الرعيان لنا :

يصعدون الهوى / والهوى منحدر
عالياً في السما / يهدمون البشر
دلّهم للبكا / يا تراب القمر.

حتى هذا العيد
الذي دفعه المتنبي : فليت دونك بيداً دونها بيدُ
يأتي متخفيّاً في الصباح مثل القتلة المأجورين
ويبتهج في آخر اليوم مثل عمّال النظافة
ويصرّ سدنته على اعتباره عيد الطائعين، فقط
ما هذا يا ليال؟
يسوقون العيد أمامهم مثل نعاج البدو،
ونحن العصاة نكتفي برؤية مؤخرة كتفيه
وشعره المدهون بزيت الشمس
وأصابع أغراب يحتضنونه من الأمام.
لم تخبريني :
هل هذا العيد الفئوي الطبقي الطائفي
هو ذات العيد الذي يجلس بجوارك الآن، في السماء
يصفف شعرَك ،
ويقرأ لك الجزء الذي شطبته من نص ” الطريق أنا”،
ويقسم لكِ أنّه رآني أكتب على ظهر صورتك :
سألوني الناس عنك يا حبيبي؟
هاه؟




مروان الغفوري
عيد الأضحى /28هــ
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 14-09-09, 04:59 AM   #13

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

لملم نتفَ الليل عن درب قلبِك ، ونَـمْ.

ليال.









هذه المرة سأكبُر أنا في عيد ميلادك
فانشغلي بنومك الأبيض.

أين أنت الآن، يا ليال؟
بيوتنا شاسعة مثل مجازاتنا عن الله والهجرة.
لنا شرفة في بيروت، استعملها الطائفيون في حربهم الأخيرة
ومكان عند الله ، داهمه الرسل في محاكم التفتيش
وبيت في صنعاء ، نهبه ابن نوحٍ قبل غرقه.
ولنا مستقبلٌ مريضٌ في مصر،
لم نستخدمه سوى مرة واحدة
عشية مرّ حبنا بين السماء والأرض
فنهرته أرواح المسنّين الصاعدة إلى الله
غريبةً ، جائعة ، ومليئة بالقمح والأسئلة.
عشية تبادل الملائكة والنبيّون أمكنتهم
وكسا الربّ جدرانَ الحكمة بالماء.
في تلك الساعة الملتهبة من زمن الله،
حين قلتِ : أحياك
فوضع الربّ قدمه فوق رأسي : يكفي الآن،
ونفخ اليسوع في دمِك القديم : تكملان غداً
ريثما يفرغ النبيّون من سرد أقوامِهم ، الفقراء فقط
وحتى يتحسس مرضى القلب جباهَهَم بأطراف أصابعهم الزرقاء
للمرة الأخيرة،
فأين أنت الآن؟
صدقيني يا ليال
حين أعودُ إليك في بيتنا،
حين يلهمني الله كما ألهم قدميك
ويستلقي قلبي في أوعية الخبز وزوامل الوديان
غير مبال بما سيعلقُ به من القشّ والخوف،
حين كل ذلك
سأترك قليلاً من الماء لنخلتك التي أجلستها على فخذيك
وأدركتِ أن أصابعها لا تسيل،
وأدير ظهري لبوابات كل المدن،
وسأعشو باتجاه نارك ، مثل جملٍ متعب ،
مثل جيلٍ قديمٍ من السيوف
وكأول مرّة سأنشد أمامك :
أيتها الأشجار الزاحفة في فراغات صدري
أنا ساقيتك الراكدة.
اضيئي يا ابنة الكريم.
ها .. إن الموت الذي تسلق كتفيك البارحةَ
داسته الأقدام العائدة من المقبرة.
اتّسعي بزجل الفلاحين في الشمال
وشبّابات البدو في الجنوب
لقد فرّ الوجع إلى الجبال ،
وترك صرّته المصنوعة من فتلات النخيل وتمائم المرضى
للحطّابات يحرقنها بآية الكرسي
والرعيان ، يتعاورونها ببنادقهم الألمانية القديمة.
اضيئي الآن،
لأجل الله ، كي يسمح للّيل أن يرعى أغنامه على صدري
ولأجل إيثاكا الحافية تحت مخدتك
ولأجل ” أبو الفصاد ” .. اضيئي يا ابنة الكريم.


__

مروان الغفوري
14 سبتمبر ، 2007
يوم ميلادك يا ليال
__________________
وعرُ هو المرقى إلى الجلجلة ، و الصخر يا سيزيف ما أثقله! سيزيف أن الصخرة الآخرون *.

زهرة غير متصل  

قديم 03-10-09, 12:10 PM   #14

romanticrose
إداريه

 
الصورة الرمزية romanticrose  






افكر

رد: بكّيييير يا ليال ..


جميلٌ مروان حين يكتب ..
كتاباته شفافة و صادقة و قوية و لغته خصبه ..
أشكرك يا زهرة قدمتِ لنا باقة عطره ..

__________________

romanticrose غير متصل  

قديم 24-11-09, 02:39 AM   #15

زهرة
عضو شرف

 
الصورة الرمزية زهرة  







رايق

مُوجعة :(


كل عيد في تلاوة الضوء أنت

ها أنت كثير كأنك البشر ،
و ضيّقٌ كأنك العالم ،
و خائف كأنك قصائدي التي لم تكتمل .

على مفرق الحلم لحظة عشق
ولدت في فيض توهجها نجوم
تسطع فوق كلّ العلامات .

حين أطلق في قسماتك أوقاتي
تشرد أصابعي في غدك
وتهدأ أحلامي كثيراً ،
في وعي لحظة لا أحسن البكاء أمامها كما يجب .

و حين تمسح شعري بكم الشمس
وتنمو زهور غائبة بمدائن عيني
أغفر للزمان يباسه
وأحياك قصيدة من أفراح الحصاد .

مر هكذا ، كما تفعل السماء .. كل عام .
لأتذكر صوتك في دم الأرض ،
و شوارع وطني المكتظة بالحب
و المتسوّلين *.

* ليال نبيل

زهرة غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
البنوك السعودية تتأهب لفصل جمع خدمات الوساطة المالية بعد 10 أيام mosahm1 منتدى الاقتصاد 0 21-12-07 11:32 AM
وصايا الإمام الرضا عليه السلام لشعرائنا الكرام في أيام عاشوراء المنار المنتدى الثقافي والأدبي 0 10-03-03 12:06 PM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 03:28 PM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited