New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > منتديات العلوم الدينية > منتدى سيد الشهداء عليه السلام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-01-08, 11:32 PM   #1

نبتون
...(عضو شرف)...  







افكر

فلم محرم ... ذکری مصائب أهل البيت


بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين ، و على آل بيته الطيبين

الطاهرين ، و على اصحابه (المنتجبين) ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .







فضل محبة آل البيت :

قال تعالى : إنما يريد ليذهب عنكم الرجز أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
و يقول صلى الله عليه و سلم : قل لا أسألكم عليه أجرا ، إلا المحبة في القربى .
و ها هو النبي الأكرم صلى الله عليه و سلم يقول : أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة ، و أحبوني لحب الله إياي ، و أحبوا آل بيتي لحبي إياهم .
و يقول أيضا : والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله الله النار .
و على رأس أهل البيت و كما تعلمون عندما سئل النبي الأكرم صلى الله عليه و سلم ، يا رسول الله أي آل البيت أحب إليك ، فقال : الحسن والحسين .
و عندما تأتي ذكرى هذه الجريمة الفاجعة يجب أن نستخلص منها العبر والدروس .
و من أهم هذه الدروس عظمة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فالرسول كشف عنه الغيب و كان يعلم تماما ماذا سيجري لآل بيته .
وهاهي المطهرة البتول التي كرمها الله و ابنة عمران بأن رفع عنهما دم الطمث . فالزهراء ولدت الحسين عند المغرب ثم قامت و توضأت و صلت العشاء . و كلنا يعلم أن أحب أولاد النبي لقلبه هي فاطمة الزهراء عليهما الصلاة والسلام .

ساداتنا الغر من أبناء فاطمة طوبى لمن كان للزهراء ينتسب
من نسل فاطمة أنعم بفاطمة من أجل فاطمة قد شرف النسب

و كان نسب النبي قد انحصر في أبناء فاطمة ، لأن جميع أولاده الذكور ماتوا رحمة الله عليهم
و كأنني أسمع ضحكات النبي صلى الله عليه و سلم وهو يلاعب الحسنين . و كان النبي عندما يصلي يصعد الحسين على ظهره و أحيانا يغفو و ينام فيطيل عليه الصلاة والسلام بالسجود حتى لا يزعج الحسين . و عند ما كان يتصارع الحسن والحسين في طفولتهما فيجلس و ينظر إليهما و يقول : هيي حسين هيي حسين ، فتقول فاطمة : يا أبتاه لم تشجع الحسين ؟ فيقول : والله لقد قالها جبريل يا فاطمة فقلتها .
تخيلوا أيها السادة أن النبي صلوا الله و سلامه عليه كان يخطب بالناس في صلاة الجمعة ، فدخل الحسين و هو غلام ، فتعثر عند مدخل المسجد فنزل المصطفى من على المنبر و أخذ بيديه الحسين و كان يحمله و يقول : هذا ولدي سيد .
و عند ما كان النبي يشاهد الحسين يلعب في الطريق مع الصبية كان يلاعبه و يلاحقه و هو يهرب من جده النبي ، فيأخذه المصطفى و يمسك به ثم يحمله و يمسك برأسه و يقبله بين عينيه و يقول : اللهم من أحب حسينا فقد أحبني ، هذا حسين مني و أنا من حسين .
هذا بعض القليل القليل مم ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم بخصوص الحسين .

الأحاديث الدالة على أن النبي كان يعلم بمقتل الحسين :
دخل النبي مرة إلى منزل أم سلمة زوج النبي و كان في يده حفنة من التراب فأعطاها للسيدة أم سلمة و قال لها ضعي هذه الحفنة من التراب و لا تحدثي أحدا بما سأقول لك فقالت : ما الأمر يا رسول الله ؟
فقال الرسول : عندما تنقلب هذه الحفنة من التراب إلى الدم فهذا يوم مقتل ولدي الحسين .
و ها هو سيدنا عبد الله بن عباس و هو حبر الإسلام أقسم يمينا بأنه شاهد المصطفى بعد وفاته في وقت الظهر أشعث أغبر بيده قارورة يلتقط دما ، فقال له ابن عباس ما هذا يا رسول الله ؟ فقال : هذا دم ولدي الحسين ما زلت ألتقطه منذ اليوم . فكان هو اليوم الذي استشهد فيه الحسين

أما زينب :

من هي زينب ؟
زينب هي بنت سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .
من سماها زينب ؟
ولدتها فاطمة الزهراء و حملها أبوها و قيل له : سمها !
قال والله لا أسبق رسول الله في تسميتها
فلما ذهب إلى النبي و قال له : يا رسول الله لقد رزقت بأنثى فسمها !
فقال الحبيب المصطفى : ما كنت لأسبق الله في تسميتها !
و إذا بالأمين جبريل ينزل على الحبيب المصطفى ويقول له : السلام يقرئك السلام و يقول لك سمها زينب !
إذا الله هو من سماها زينب .

ماذا نستنتج من كل ذلك ؟ أن النبي كان يعلم مسبقا بما سيجري لآل بيته و لكنه كتم الأمر أولا
و كان صابرا محتسبا ثانيا .
و فاطمة الزهراء أيضا كانت تعلم ما سيجري لأولادها ، لذلك كانت حزينة باستمرار و توفيت بعد وفاة النبي بـ 40 يوم ، و بعض كتب السيرة ذكرت 6 أشهر والله أعلم .


كيف حدثت المشكلة :

الآن ماذا جرى، و ما هي الأحداث التي جرت في موقعة كربلاء ؟
إسمحو لي عندما أتكلم عن الحسين أشعر بأن جسمي تـنتابه رعدة شديدة و كأني أقف في وهجة سحيقة و أطل بناظري إلى قمة شماء تـنخلع الرقاب عند رباها عندما أنتقل إلى الحسين و عندما أذهب لكربلاء .
كربلاء : هي كرب و بلاء كما وصفها العلماء في التاريخ الإسلامي .
لماذا نصوم في كربلاء ؟ لأنه اليوم الذي نجى فيه الله موسى من فرعون .
و لكن كربلاء كانت شعلة أضاءت للناس جميعا معنى التضحية و الثبات على الحق والجهاد والوقوف في وجه أهل الباطل من قبل أهل الخير والحق .
مع أن أهل الحق أيقنوا بأن الحق لن يكون في هذه الحياة الدنيا على رأس الناس .

في السنة الستين للهجرة ، ماذا حدث في التاريخ الإسلامي ؟
في شهر رجب من العام الستين للهجرة تولى الخلافة الإسلامية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان
و كما تعلمون أيها السادة والسيدات ، كان يزيد أحد الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالإيمان و لا باتباع سنة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام .
فقد كان يشرب الخمر ، ويقيم مجالس الرقص والمعازف والقينات و كان من أسوأ الناس في ذلك الزمان .
تصوروا أن خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم على رأس الخلافة و الحكم هو يزيد بن معاوية . و عند ما تولى الخلافة بعث إلى أمير المدينة المنورة و كان أميرها يسمى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان و هو إبن عمه . بعث إليه برسالة يقول فيها : أن خذ حسينا بالقوة ، و خذ منه البيعة .
و كما تعلمون أن الحسين هو ابن رسول الله الذي لا يمكن أن يبايع الباطل والزنا والخمور ، و لو كلفه ذلك ما كلفه .
فاستدعي الإمام أبو عبد الله الحسين إلى دار الإمارة في المدينة المنورة ، و كان يجلس على كرسي الإمارة الوليد بن عتبة . و أوقف الإمام الحسين و معه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب و أولاد بني هاشم بن عبد المطلب ذرية النبي صلى الله عليه و سلم . أوقفوا على الباب فترة من الزمن ، و يا لسخرية القدر . حفيد ابن أبي سفيان و ابن هند و ابن سمية يجلسون على كراسي الإمارة و حفيد رسول الله يقف على الباب بانتظار الدخول عليهم . و أدخل الإمام الحسين و على وجهه البهاء و في عينيه أنوار النبي ، و وقف بين يدي الوليد و على يمينه و شماله كوكبة من آل بيت النبي من أبناء أخيه الحسن الذي قتل مسموما و أبناء عقيل ، و نظر إليه الوليد وارتبك من شدة هيبته و وقاره عليه السلام و قال له : بايع يا حسين و إلا قطعت رأسك بسيفي هذا .
فنظر إبن رسول الله إلى الجلوس و قال : يا وليد ليس مثلي من يبايع سرا ، فادعوني وادعو آل بيت رسول الله في النهار يوم غد مع الناس و سوف يكون لنا أمر .
فقام الوليد من شدة غيظه كي يضرب رأس الحسين ولكن الوزراء منعوه و قالوا : دعه إلى يوم الغد ، فإنه إن بايع سرا قد ينكس البيعة .
واستدار الحسين بظهر بأكمله و خرج من دار الإمارة في المدينة المنورة .


خروج الحسين من المدينة إلى مكة :

و هاهو الليل قد أرخى سدوله على المدينة المنورة ، و هاهو الحسين يقف بخشوع و إجلال أمام قبر جده المصطفى و يخرج منها و معه كل آل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه و سلم ، كوكبة غفيرة من المطهرين الشرفاء أشرف الناس و أعظمهم .
لكنهم و أنا آسف لم يكونوا كوكبة من البشر إنما كوكبة من الملائكة ، و كأنني أرى نخيل المدينة تودع هؤلاء القوم .
سبحان من ألهم الشجر ، و كأن النخيل تعلم بعدم رجوعهم سالمين أبدا فتحني أوراقها و تخرس هوامها و حشراتها .
نعم ... خرج الحسين من المدينة إلى مكة مضطهدا مظلووما مقهورا .
و رنت في المدينة أن ابن الزهراء قد خرج تحت جنح الظلام .
فكان يقول رب نجني من القوم الظالمين و معه كل آل بيت الصادق الصدوق من لا ينطق عن الهوى .
و كانت تتقدم النساء السيدة زينب بنت الزهراء أخت الحسين و كان معه أولاد الحسن و أولاد عقيل و أولاد جعفر عمه و أولاده طبعا متجهين في ظلام الليل إلى مكة .
في مكة كان هناك عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب و عبد الله بن عباس و كان جل صحابة رسول الله في انتظار الإمام الجليل .
الإمام الذي كان يدخل المسجد عند ما كان عمر بن الخطاب خليفة فيقوم عمر بن الخطاب و يقول : أهلا بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء أهلا بسيدي الحسين .
وانظروا ماذا فعل بنو أمية به .
دخل الإمام إلى مكة و راح يستشير صحابة رسول الله وابن عمه عبد الله بن عباس الذي كان كبيرا في السن .
و بقي عندهم فترة في مكة ، فوصل الأمر إلى يزيد فأرسل إلى أمير مكة أن خذ حسينا بالقوة
و في تلك الفترة جرت بين الحسين و أهل الكوفة في العراق مراسلات ، و كان سيدنا علي بن أبي طالب قد بقي هناك فترة من الزمن و كان عنده في الكوفة الكثير من الأتباع ، فأرسلوا للإمام الحسين أنهم يبايعونه و أنهم سوف ينصرونه و سوف يفدونه بأرواحهم و أنفسهم .


خروج الإمام الحسين من مكة إلى العراق :

فخرج الحسين في تلك الأمسية الشاحبة من مكة و جبال مكة تنظر إلى زهرة بني هاشم العترة الندية من قريش تنظر الجبال إليهم في وجوم .
و قد سار ركب محمد يتقدمهم الإمام أبو عبد الله الحسين خرجوا مضهدين من بني أمية كما خرج جدهم بعد ما لاقاه من أبي سفيان والقبائل العربية .
و هاهم يتقدمون نحو العراق فيمر الركب بالفرزدق الشاعر ، فتوقف الحسين و قال له : من أين يا فرزدق ؟
فقال الفرزدق : من العراق ( يعني أنه جاء للتو من العراق ) فقال له الحسين : و كيف حال أهل العراق ؟
قال الفرزدق : يا ابن بنت رسول الله قلوب الناس معك و لكن سيوفهم عليك والقضاء ينزل من السماء و يفعل الله ما يشاء .
آه من لكن !
لكن : حرف استدراك يفيد تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم ثبوته أو إثبات ما يتوهم نفيه
إن اليزيد وابن زياد عامله على الكوفة اشتروا الناس بالمال ... و ليس مع الحسين مال .
آه من المال فللدنانير بريقها وللدراهم رنينها .
و إذا أصيب المسلمين بالإفلاس الفكري رزقوا الكسل و منعوا العمل .
فهز رأسه الحسين بأسى و قال للفرزدق : يفعل الله ما يشاء . و تابع المسير.

و في الطريق إلى العراق و بعد أن عبر حدودها جاء الخبر من العراق أن أهل الكوفة قد نكثوا البيعة للإمام الحسين
و أن أمير الكوفة عبيد الله بن زياد قد أخذ الناس بالقوة و قتل ما قتل و ذبح ما ذبح و منهم مسلم بن عقيل وابن هانئ أولاد عم الحسين في العراق .
فوجم الإمام الحسين عندما سمع بالنبأ و شعر بالمصير المشؤوم الذي ينتظره و نظر إلى ركبه
كان معه 70 شخص ، 32 رجل بالغ من آل بيته و صحابته و 38 بين نساء و أطفال رضع و أطفال لم يبلغوا الحلم بعد .

الوصول إلى كربلاء :
و تابع المسير باتجاه كربلاء ، و سلم الأمر لله فمن خلفه في مكة كان يزيد و أميري مكة والمدينة و في العراق إبن زياد . و وصل الإمام و ركبه إلى نهر الفرات في كربلاء و قد أعياهم التعب و أنهكهم العطش فوجدوا أربعة آلاف رمح ينتظرهم في جيش جرار .
و كان قائد الجيش يسمى عمرو بن سعد ينتظرون الإمام الحسين و أمر رجاله بمحاصرة ركب الحسين عليه الصلاة والسلام
و وضعوا الخيام و نزلوا فيها و لكن الأطفال راحوا يبكون من شدة العطش ، فخرج الرجال ليسقوا أطفال محمد فوجدوا جنود ابن سعد قد وقفوا حاجزا بين آل بيت محمد و بين نهر الفرات يمنعونهم من الشرب والسقاية .
واشتد الظمأ عليهم في يوم التاسع من محرم والإمام يصبرهم و يقول لهم : صبراً صبرا !
و دانت الشمس للمغيب و جلس الإمام الحسين و اتكأ فجاءته إغفاءة و نام قليلا ، والسيدة زينب تعتني بالأطفال والرضع داخل الخيمة . و سمعت أصوات أقدام زحف جيش ابن زياد تقترب من الخيمة فنادت أخاها أبا عبد الله الحسين و قالت : يا أبا عبد الله أما تسمع الأصوات قد اقتربت إلينا ؟ فقام الحسين و قال لها : يا زينب لقد رأيت جدك في هذه الإغفاءة .
فقالت له : و ما قال لك ؟
قال لي : يا حسين إنك ستكون عما قريب عندنا .
فأجهشت زينب بالبكاء و قالت : وا حسرتاه ويلتاه !
فقال لها : اهدأي يرحمك الله يا أختاه و أدخلها الخيمة و خرج .

خطبتي الحسين لآل بيته :

في هذه اللحظة علم الإمام بأن الأجل قد اقترب لأن جده المصطفى قد أخبره بذلك في المنام فقام و جمع آل بيته و أصحابه و وقف خطيـباً بهم .
و قال بعد أن أثنى على الله بما هو أهله و صلى على جده المصطفى :
أما بعد ، فإني والله لا أعلم أصحابا أوفى و لا أبر منكم و لا آل بيت أوصل و أرحم منكم ، جزاكم الله عني خيرا لقد أذنت لكم جميعا فأنتم في حل فارحلوا و دعوني وحيدا في الصحراء ، فوالله إن القوم يطلبون رأسي أنا فإن شغلوا بي فقد نجيتم .
ارجعوا سالمين في جنح الليل فهم لا يريدونكم و سأظل وحدي ممسكا بسيفي مادام سيفي بيدي .
و عندئذ سمع للقوم ضجيجا و عويلا و قالوا : أنتركك وحدك يا ابن بنت رسول الله !؟ و ماذا نقول نقول للرسول يوم القيامة لو تركناك وحدك !؟ معاذ الشهر الحرام أن نتركك يا أبا عبد الله
و ماذا نقول للناس إذا رجعنا !؟ تركنا سيدنا وابن سيدنا بين الرماح و مأكلة للسباع والوحوش !؟
لا والله نحيا بحياتك و نموت بموتك ، نحن معك يا حسين !
فدمعت عينا الإمام الحسين و أطبق ليل أخرس بهيم في ليلة العاشر من محرم على كربلاء .
و دخل الجميع لمضاجعهم و شبح الموت جاثم على صدور آل بيت محمد و من معهم في تلك الليلة الليلاء .
و ها هو الإمام الحسين يصلي في فسطاطه لله و يستغفرهه فإذا به يسمع صوتا يشق ظلام الليل بسكونه ، صوت زينب التي أثبتت زعامتها لبني هاشم جميعا و هي تقول : وا حسيناه وا سيداه وا حسيناه وا سيداه !
فخرج الإمام الحسين من فسطاطه و تقدم من أخته و قال لها : يا زينب يرحمك الله ، لا تدعي الشيطان يذهب بحلمك يا زينب .
لاحظوا لرباطة الجأش التي يملكها الحسين و هو يثبت أخته الكريمة فقالت : فداك نفسي يا أخي ، بأبي أنت و أمي يا أبا عبد الله فديتك بنفسي !
فقال : احضري رقية و أم كلثوم و صفية و سكينة و فاطمة و باقي بنات رسول الله .
فلما حضرن قلن : فديناك ما حاجتك ؟
قال : حاجتي أن أوصيكن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا و لا تلطمن علي خداً و لا تخمشن علي وجها !
فقالت زينب : يا أخي هذا كلام من أيقن بالموت . فقال لها : نعم يا أختاه !
فصاحت وا ثكلاه وا محمداه وا علياه وا ضعفاه وا غربتاه !
فترقرقت أشرف العبرات من أسمى العيون و قال لها : اتقي الله يا أختاه و تعزي بعزاء الله واعلمي أن أهل الأرض يموتون ، و أن أهل السماء لا يبقون و كل شيئ هالك إلا وجه الحي القيوم . أبي خير مني و أمي خير مني و أخي الحسن خير مني و جدي لنا به أسوة حسنة خير منا جميعا ، اهدأي واسكني يرحمك الله !
و عاد الحسين لصلاته واستغفاره و لم تغمض له عين في تلك الليلة .
و تنفس صباح العاشر بن محرم سنة الحادي والستين للهجرة ، وإذا بجيش عمرو بن سعد يتقدم من أشرف الخلق بعد رسول الله .


خطبة الحسين بجيش ابن زياد :

تقدم الجيش و أصبح على بعد خطوات من الإمام الحسين و آل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم والسيوف الحاقدة تتلألأ على وجه الحسين .
فقام الإمام واعتلى راحلته و وقف خطيبا بالناس و قال :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على جدي رسول الله .
أيها الناس ، أمهلوني و لا تعجلوني وانسبوني تعرفوا من أنا .
فخرس القوم من هيبته و وقاره و جلاله عليه السلام ، و كان النور يشع من جبينه الطاهر ، إنها أنوار المصطفى .
قال لهم : انسبوني واعرفوا من أنا .
ألست ابن بنت نبيكم ؟
ألست ابن وصيه وابن عمه و أحب الخلق إليه ؟
أليس حمزة سيد الشهداء عم أبي ؟
أليس جعفر الطيار بجناحين أخضرين في الجنة عمي ؟
ألم يبلغكم قول نبيكم أحب الخلق إلي الحسن والحسين ؟
ألم يبلغكم قول نبيكم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ؟
أما في ذلك حاجز يحجزكم من سفك دمي ؟
بماذا تطلبون دمي ؟
هل بقتيل قتلته منكم ؟
أم بدم لكم علي ؟
أم بمال اغتصبته منكم ؟ ارجعوا إلى أنفسكم و حاسبوها !

فوجم الجميع و رؤوسهم بالأرض ، و قام رجل من الجيش الحاقد و صرخ بأعلى صوته : فداك نفسي يا أبا عبد الله ، فداكي نفسي يا أبا عبد الله يا بن رسول الله !
واهتز الجميع لصوت ذلك الجندي الممزوج بالنحيب ، الذي انشق عن عبيد الله بين زياد و كان اسمه زهير بن القين . و عاد زهير يقول : ماذا بكم أيها الناس ؟
والتفت إلى قائده و إلى جيشه و قال لهم : منعتم خير الناس من التجول في بلاد الله الواسعة حتى أصبح أسيرا لا يملك لنفسه دفعا ولا نفعا ولا يملك لنفسه ضرا !؟ منعتم آل بيت نبيكم من ماء الفرات ، هذا الماء الذي يشرب منه اليهودي والمجوسي وتتمرغ فيه الكلاب حتى أصبح آل محمد صرعى من العطش !؟ بئس ما خلفتم محمدا في ذريته ، لا أسقاكم الله يوم العطش الأكبر ! فداك نفسي يا أبا عبد الله !
و إذا بسهم حاقد من يد عمرو بن سعد يدخل فم زهير بن القين ، وكان الشهيد الأول في كربلاء !


بدأت المعركة :

نعم خاف ابن سعد على الجيش أن يتراجع في مواجهة الحسين ، لأنه يعلم أنهم على الباطل و بدأت السيوف باجتذاذ الأعضاء من أشرف المخلوقات على وجه الأرض ، تجمعت الـ 4000 سيف ضد الرجال فاستشهد جميع الرجال الـ32 و لم يبقى منهم أحد .
و بدأت السيوف بنهش لحوم المصطفى و نطافه على الأرض
و كان علي بن الحسين الشاب في مقتبل العمر يصول و يجول بين 4000 سيف و لكنه يعود إلى أبيه الحسين ويقول له : أبتاه العطش العطش ! فالتفت إليه الحسين و قال له : صبرا يا بني فلا تمسي حتى يسقيك جدك رسول الله ! و إذا بسهم حاقد يدخل حلقوم علي بن الحسين و ها هو يتمرغ في التراب بدمه فيتخضب وجهه و جسده و يأتي مقبلا و يضع رأسه على قدمي والده الحسين ، فأخ الحسين ولده بين يديه و نظر إلى السماء و قال : بئس ما خلفتم محمدا في أهله وانتهكتم حرمة محمد ، والتفت لإخوته الصغار و قال لهم بصوت مفجوع : خذوا أخاكم واحملوه ، فأدخلوه إلى الخيمة و صرخت زينب : يا ابن أخاه يا ابن أخاه . و كان أول الـ 38 من الغلمان .
و قتل الجيش الحاقد كل أبناء الحسين و كل أبناء عقيل و كل أبناء الحسن أبو بكر الصغير و محمد الصغير و عبدالله بن جعفر و مسلم بن عقيل . ذبحوهم و قطعوا أوصالهم ، إنها أشلاء محمد بن عبد الله على الأرض يا ناس !
و بقي هناك طفل اسمه القاسم بن الحسن و كان عمره خمس سنوات و هو على يد عمته زينب و شاهد السيوف تقترب من عمه . ففلت من يدها و تقدم من عمه و وضع يده ترسا لرقبة عمه ، و ها هو سيف حاقد يقطع يده فتعلقت يده بخيط من الجلد .و هو يصرخ و يقول : أتقتلون عمي أتقتلون عمي ، يا أماه يا أماه ! و ركضت السيدة زينب لتأخذ أشلاء هذا الولد . ها هي رؤوس و أقدام و أرجل ذرية محمد القرشي الهاشمي قد تكومت فوق بعضها البعض .
و مازال الحسين ممسكا بابنه الرضيع عبد الله الذي لم يبلغ السنة من العمر عندما اقتربت السيوف منه و هوى أحد السيوف بحقد على رأس الطفل الرضيع فانحز الرأس و فار الدم على وجه الحسين . وأخذ الإمام الحسين والدم يتقلب بين يديه و هو يرفع يديه إلى السماء و يقول : اللهم إن كنت قد حبست عنا النصر في هذا اليوم فانتقم من هؤلاء المجرمين ، اللهم أبدلني خيرا منهم !
و وضعت أشلاء الطفل في حضن السيدة زينب .
و لم يبقى من آل بيت النبي و لا طفل رضيع و لا رجل و لا غلام و لا أحد إلا الإمام الحسين و خلفه نسوته و نسوة أخيه ، أعراض بيت النبي ، و قد طعن بجسده 32 طعنة وراؤه الثكلى والحزنى اللائي يجمعن الأشلاء و يضمدن الجراح ، وحيد في ساحة المعركة التي لم يخرج لها
لقد خرج رافضا لمبايعة البغي وأهل الخمر و قد تجمع حوله 4000 سيف و لكنه كان جبارا عظيما و هذا هو الدرس . وقف رافع الرأس شامخا و لم يطأطئه أبدا و قال صامدا : والله لو أن ذرة من التراب وقفت في وجه الباطل لأزهقته .
لقد أزهقهم بتحديهم ، و أقبلت السيوف نحو رأسه فقال لهم : أتجتمعون على قتل بن بنت نبيكم ؟
لا جزاكم الله خيرا ! والذي نفس حسين بيده لم يـبغض الله أحدا أكثر مما أبغضتموه ! فقطعوا يده اليمنى التي كان يمسك بها السيف و وقعت كلها على الأرض، و هو ينظر والدموع تنسكب من عينيه إلى زينب وإلى الثكالى وإلى الأرامل و يقول : بسم الله و على ملة جدي رسول الله فقطعت يده اليسرى و ما لبث أن اقترب منه عمرو بن سعد وأخذ رأس الحسين بسيفه و حزه ، فسقط جسد الحسين مقطع الأشلاء و هوى على أرض كربلاء والدماء تتدفق من حنجرته زكية تفوح منها رائحة المسك .


انتهاء المعركة :
و هنا شحب اللون الشمس و قد آذنت بالمغيب و خرج القمر من وراء الغيوم حزينا باكيا على آل رسول الله . السماء تسمع والأرض تسمع وأهل مكة يسمعون وأهل المدينة يسمعون وأهل العراق يسمعون في تلك الليلة الشاحبة صوت بنت بنت رسول الله و هي تصرخ : وا سيداه وا حبيباه وا حسيناه ، ليت الموت أعدمني الحياه ، وا ثكلاه ، اليوم مات أبي علي وأمي فاطمة اليوم مات أخي الحسن ، اليوم مات جدي رسول الله !
وحمل الرأس الطاهر إلى معسكر الجيش ، الذين راحوا يسمرون و يسكرون و يشربون الخمور احتفالا برأس الحسين .
أما في الجانب الآخر و عند خيام آل بيت رسول الله راحت الثكلى الأيامى والأرامل يأخذن الأرجل والأيدي والرؤوس و يقبلنها في تلك الليلة . الليلة التي عوت فيها الكلاب والذئاب على أرض كربلاء ، و لكنها خجلت من أن تشم رائحة اللحم المقطع والدماء مع أنه غذاؤها .
و هذه بناتك يا رسول الله سبايا !
و هذه ذريتك يا محمد مقتلة مقطعة مفتتة !
و هذه دماؤك يا محمد قد روت أرض كربلاء !
فأخذن نساء الكوفة يصحن و يندبن وارتفع الصراخ من النوافذ ، و دوى عويل الرجال !

لابد لنا من درس و عبرة بأن الله موجود ، فالذي ينظر إلى الحياة بأنها هي النهاية إنما هي دنيا و آل بيت النبي هم مشاعل نور و ليس أمر عابر . فالله يريد أن تعلم الأجيال بأن آل المصطفى هم أكثر من قدم التضحيات في سبيل نصر الحق .

الدكتور محمد عبد الستار السيد

.
.
.

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ,,, واللعنة الدائمة على أعداء أهل البيت الى يوم الدين.
__________________
منتدى تاروت الثقافي
بستان الفكر والمعرفة

نبتون غير متصل  

قديم 22-01-08, 02:39 AM   #2

سمره بس قمره
عضو نشيط

 
الصورة الرمزية سمره بس قمره  







رايق

رد: محرم ... ذکری مصائب أهل البيت


السلام عليكم ياآل بيت النبوه ومنبــــــع الرسالهـ.....

نعاهدكم بأن نكون تحت ولايتكم الشريفـــــهـ..

السلام عليكم مابقيت وبقي الليل والنهـــــار..

سمره بس قمره غير متصل  

قديم 22-01-08, 10:17 AM   #3

شموع الامل
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية شموع الامل  







ملل

رد: محرم ... ذکری مصائب أهل البيت


السلام على الحسين
وعلى علي بن الحسين
وعلى أولاد الحسين
وعلى أصحاب الحسين ,,,
واللعنة الدائمة على أعداء أهل البيت الى يوم الدين.

مأأأأأأأأأأأأأأأجورين

شموع الامل غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حديث مولد النبي محمد صلّى الله عليه وآله وسلم العفريت منتدى الثقافة الإسلامية 4 19-07-11 03:30 AM
البيت المسكون في المحدود المنار منتدى التراث 286 16-08-07 02:05 AM
الانترنت للمبتدئين فتى تاروت منتدى الكمبيوتر والإنترنت 39 06-02-03 02:58 AM
حبيبي..محرم ملكة الحزن المنتدى الثقافي والأدبي 10 21-01-03 07:08 AM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 11:49 PM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited