New Page 1
قديم 05-05-08, 04:20 PM   #1

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم اللهم تسليما


واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ومنكري ولايتهم من بدا الخلق إلى قيام يوم الدين





في هذه الصفحات اسمحوا لي اخوتي واخواتي
ان اعرض لكم محاظرات رائعة لتغدية الروح والنفس معا
لكي نمهد انفسنا لضهور قائم اهل البيت عليهم السلام
لابد لنا من سلاح العلم والدين
عنوانها :

دورة تربية النفس بالأخلاق المهدوية
أستاذ الدورة : خادم أهل البيت والعلم سماحة الشيخ أبو علي العوامي ( حفظه الله ) .


الحلقة الأولى :
إشراقة الأرض بقائم آل محمد – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين –



الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء ، وعجزت عن إدراك حقيقته إفهام العلماء واحـد لا شريك له ، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضلخلائقه ، وأشرف سفرائه وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
قال الحق تبارك وتعالى : " وأشرقت الأرض بنور ربها " 1
تنضوي تحت هذه الآية الكريمة مجموعة من القواعد أهمها :
1 – إن لأولياء الله مقامات .
2 – كل شيء له غاية وغاية الغايات هو الله – سبحانه وتعالى – . 3 – الغاية أشرف من المغي ( ذي الغاية ) .
4 – الأشرف يُعلل بالأدنى .


المحور الأول - إن لأولياء الله مقامات:
من الأمثلة على ذلك أن هناك أناس يستطيعون المشي على الماء ، وآخرين يستطيعون المشي في الهواء ، وآخرين يشفون المرضى بإذن الله – سبحانه وتعالى – من ذلك ما جاء عن الشيخ علي النخدكي أنه كان ولياً من أولياء الله تعالى ؛ أعطاه المولى – عز وجل – القدرة على شفاء المرضى وذلك بأن يعطي المريض نوع من السكر وبقدرة الله تعالى يُشفى ذلك المريض من مرضه ؛ ومن لا يستطيع أن يأتي إليه بسبب مرضه يرسل رسولاً للشيخ ويخبره عن مرض من أرسله فيأكل عنه بالنيابة النبات السكري فيُشفى المريض في محله بإذن الله تعالى ؛ وهذا مقام ومنزلة جليلة لم يصل إليها الشيخ الأصفهاني إلا بلطف من الله تعالى .
قال الإمام الباقر : " إن الأرض لتفخر وتقول أن هذا مشى عليّ ، وما من شيء إلا وله مطيع يطلب رضاه ، حتى سباع الأرض تكون تحت أمره وطوعه " فما أعظمه وأجله من مقام !
هنا يتساءل البعض كيف يمكن الوصول إلى هذا المقام ؟ !
الجواب باختصار بالسيطرة على الغضب ، أي بالتغلب على القوة الغضبية والشهوية ( فلا يكون عبداً للشهوات ) ، وبالتغلب أيضاً على القوة القولية فلا يكون سليـط اللـسان لا يستطـيع أن يملك نفـسه في حـالة الغضـب.
كما ينبغي لنا أن نطهرّ أرواحنا ونسمو بها حتى نصل إلى هذه المقامات ونكون من أولياء الله – سبحانه وتعالى – .

تأديب الأولياء :
تأديب الأولياء من باب محاكاة عقولنا ، لأن الأولياء مؤدبون ، فهذا المقام العظيم يجعله الله تعالى لأوليائه المهيئون للوصول إلى هذه المقامات كالنبوة والإمامة قال تعالى : " ولا يناله إلا ذو حظ عظيم "2 .
ينقل سلطان المؤلفين الإمام الشيرازي – قدس الله نفسه الزكية – في كتابه طريق النجاة : عن نبي الله يوسف أنه بقي سبع سنوات في السجن وهو مقدار الكلمات التي تلفظ بها ؛ فالله – سبحانه وتعالى – يريد من هذا الولي أن يكون متوكلاً عليه ، فلما قال اذكرني عند ربك مقدار هذه العبارات بقي في السجن " حسنات الأبرار سيئات المقربين ".
من هذا نصل إلى أن الإنسان إذا أراد أن يصل إلى هذا المقام الجليل ينبغي أن يكون مُتأدب في جميع أقواله وأفعاله .

المحور الثاني - كل شيء له غاية وغاية الغايات هو الله – سبحانه وتعالى – :
قال تعالى : " وإن إلى ربك المنتهى " 3 .
أي أن النهاية إلى الله – سبحانه وتعالى – والغاية هو الله – سبحانه وتعالى – ونحن نعبد ونطيع ونعمل على تهذيب أنفسنا لنصل إلى مقام الرضا عند الله تعالى .

ما حقيقة الإنسان ؟
إن حقيقة الإنسان تعتبر غاية في الخفاء ، ولا يعرفه إلا خالقه – جل وتقدس – وأن التعرف عليه وكشف هويته هو محور الكثير من الدراسات القديمة والحديثة .
وإذا أردنا سبر أغوار هذه الحقيقة نتعرف عليها من محور الأخلاق ، ونأخذها من كتاب الله – القرآن الكريم – الذي هو عالم الأخلاق .
قال أمير المؤمنين :
دواءك فيك وما تشعـر وداءك منك وما تبصـر
أنت الكتـاب الـذي بأحرفه يظهر المضمــر
وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم أجمـع
ويظهر من القرآن الكريم :
1 – إن الإنسان خليفة الله تعالى في أرضه " إني جاعل في الأرض خليفة " 4 .
2 – إنه مظهر الأسماء والصفات كلها " وعلم آدم الأسماء كلها " 6 .
3 – إنه روح الله تعالى " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " 6.
4 – إنه مسجود الملائكة " فسجد الملائكة كلهم أجمعون " 7
5 – أنه حامل أمانة الله – سبحانه وتعالى – " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً " 8 .
نلاحظ هنا أن المراد بالأمانة في الآية السابقة هو القلب الذي هو عرش الرحمن ، وهذا شرف للإنسان بل هو أعلى مراتب الشرف ، إلا أن الإنسان في بعض الأحيان لا يعرف قدره ولا المقامات العالية التي خصه المولى – عز وجل – بها ، ولا كيف يصل إليها ، لذا فهو يحتاج إلى ترويض نفسه وتهذيبها قال تعالى : " فلا تعلم نفس ما أخفي لها من قرة عين جزاء بما كانوا يعملون " 9 .
وذلك ليصل بنفسه إلى مقام عالي ورفيع هو مقام الأولياء ، وهذه حقيقة ينبغي أن نعرفها ويعرفها كل من يريد أن يكون ولياً من أولياء الله حتى يتهيأ ويتشرف بلقاء صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – .
جاء في بعض التفاسير : " وأشرقت الأرض بنور ربها " 10 .
أشرقت بنور الإمام المهدي المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – عندما يظهر يملؤها قسـطاً وعدلاً فتـشرق بنـوره – أرواحنا لتراب مقدمه فداء – وهذا الشرف والمقام الذي يحوز عليه الإنسان عندما يتشرف بمقام الأولياء يتهيأ لنصرة المولى عند شروق الأرض ؛ وهذا مقام التكامل الذي لا ينتهي بالدنيا .
وكل شخص يعشق الكمال امرأة كان أو رجلاً وهذه حقيقة لا يجهلها أحد ، لكن الكمال لا ينتهي بالدنيا كما يعتقد البعض حتى في الآخرة نسعى للوصول إلى الكمال ، والأولياء لا يقف بهم الكمال ، فالآخرة مكان جزاء لا مكان عمل إلا أن الأولياء مشغولون بعبادة الله ، والحور العين يشكون إلى الله تعالى هذا الولي الذي خلقوا له ، فهو مشغول بعبادة رب العالمين عنهم ، فيقول الله – عز وجل – دعوه إن في ذلك راحة له .
وليس الإنسان فحسب ، بل حتى النبات كما جاء في الروايات عندما يكونوا المؤمنين في الجنّة يكونوا على سرر متقابلين فعندما يأتي المؤمن ليقطف الثمر وإذا بتلك تقول : أيها المؤمن كلني قبل غيري ، فكمال الثمر أكل المؤمن له .
فإذا كانت دورة التكامل لا تنتهي فما أولى بالإنسان المؤمن أن يسعى إلى تكامله في الدنيا .

المحور الثالث - إن الغاية أشرف من المغي – ذي الغاية – :
نحن العباد غايتنا الله تعالى ، وتلك الغاية أشرف من المغي في وصولنا إلى الله تعالى ، أشرف من وسيلتنا وهي العبادة .
مثال على ذلك : هذه الحسينية المباركة وجدت لخدمة المؤمنين وليس المؤمنين لخدمتها ، فكل شيء في الكون خلق لخدمة الإنسان الذي هو أعلى مخلوقات الله تعالى ( فالحيوان وجد من أجل الإنسان ، والنبات وجد من أجل الإنسان ، والجماد أيضاً وجد من أجل الإنسان ) .
نلاحظ أن الغاية أشرف من ذي الغاية ، غايتنا خدمة أهل البيت – عليهم السلام – وهو شرف عظيم لنا ، فعملنا شريف ولكن رضاهم هو الغاية وهي الأشرف .
تصحيح سؤال ما فائدة الإمام الغائب ؟
ينبغي لنا التأدب في حديثنا عن الإمام لأنه علة وجودنا في هذه الحياة فقد روي : " لو بقيت الأرض من غير إمام لساخت " 11 .
لذا من باب أولى أن نقول ما فائدتنا نحن الموالين قبال الإمام الحجة ؟
قال تعالى : " بقية الله خير لكم " 12.
وسأل النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – : هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته ؟ فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – : " أي والذي بعثني بالنبوة ، إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب " 13 .
وروي عنه أنه قال : " أما وجه الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب "14. أقول : ما أعمق هذا التشبيه ! ! وما أجمل وأكمل هذا التعبير .
إن كان الناس فيما مضى لا يعرفون عن الشمس إلا أنها جرم سماوي ، يشرق على الأرض ويبتدأ النهار بشروقها ، وينتهي بغروبها ، وأنها تجفف الأجسام الرطبة وتبخر الماء وتولد الحرارة في الجو وأمثال ذلك ؛ فإن العلم الحديث اكتشف للشمس فوائد عظيمة ومنافع مهمة جداً وأثبت أن الشمس أمان للمجموعة الشمسية بأجمعها من الفناء والزوال .
وعندما ننظر إلى أهمية هذا النجم الذي نراه كتلة ملتهبة ترسل أشعتها النافعة المفيدة إلى الأرض ؛ وتتفاعل بأنواع التفاعلات في الإنسان ، والحيوان ، والنبات ، والهواء ، والماء ، والتراب والجماد .
ومن الواضح أن السحاب لا يغير شيئاً من تأثير الشمس ، وإنما يحجب الشمس عن الرؤية في المنطقة التي يخيم علها السحاب فقط ؛ ومن الطبيعي أن السحاب لا يتكون إلا من إشراقة الشمس ، والأمطار لا تهطل إلا من السحاب ، فلولا الشمس ما كان سحاب ولا زرع وكان مصير الحياة العدم . فالإمام المهدي الذي شبهه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بالشمس من وراء السحاب هو الذي بوجوده يتنعم البشر ، وتنتظم حياتهم ، وكل ذلك من فضل الله تعالى على رسوله وأهل بيـته الطاهـرين – عليهم السلام – وهو الذي تتفجر منه الخيرات والبركات والألطاف الخفية ، والفيوضات المعنوية إلى الناس ، وهو المهيمن على الكون بإذن الله تعالى من وراء ستار الغيبة والاختفاء ، فهو يتصرف في الكائنات بصورة مستمرة ، ويملك كافة الصلاحيات التي فوضها الله تعالى إليه ، وليست حياته حياة الضعيف الذي لا يملك حولاً ولا قوة ، ويكتفي بصلاته وصيامه ، ويقضي أوقاته في الصحـاري والبراري منـعزلاً عن الناس ، لا يعرف شيـئاً عن العباد والبـلاد كلا ..وألف كلاّ .
إن الإمام المهدي بالرغم من غيبته التي أرادها الله له يتمتع بقدرة من الله – سبحانه وتعالى – تمكنه من كل ما يريد وتوفر له جميع الوسائل اللازمة ؛ ومما لا شك فيه إن تصرفات الإمام وإنجازاته ، كلها مطابقة للحكمة والمصلحة وليست نابعة للهوى والميول النفسانية ، فيعطي ويمنع وينصر ويخذل ويفعل ويترك ويدعوا الله تعالى لهذا وذاك ، ويرشد الضال ويبرء المريض ، ويظهر نفسه تارة في العراق ، وأخرى في إيران ، ومرة في الحج ، وأخرى في مكة والمدينة ومنى وعرفات . هو خليفة رسول الله حقاً ، فهو الإمام الذي تتوفر فيه جميع المؤهلات بمعنى الكلمة ويجتمع إليه البشر بل كل ما تحتاج إليه الحياة بل كل ما يحتاج إليه الكون ؛ فحقاً هو أمان أهل الأرض . لذا ينبغي التأدب مع هذا الولي المقدس حتى في التفكير ، ومما يذكر في هذا المجال أن سلطان المؤلفين الإمام الشيرازي – قدس الله نفسه الزكية – كان في آخر أيام حياته مضغوطاً بأمور الدنيا ، حتى غيمت عليه الســحب السـوداء فتوجه للإمام الحجة الغائب وخاطبه بقوله : سيدي لكم خدمناكم ولكم سعينا في ترويج مذهبكم فلماذا يا سيدي لا تولونا اهتماماً ؟ ! – حديث مع النفس – لكنه سرعان ما تدارك وندم على مخاطبته للإمام بهذه الطريقة ، وإذا بالإمام يتجلى له بقوله حفظناك ولا زلنا في حفظك . نلاحظ هنا هذا المقام العظيم لولي الله ، وحقيقة هذا المقام لا يناله إلا ذو حظ عظيم . فإذا استطعنا تطهير أنفسنا من تلك الذنوب والأثام استطعنا أن نكون تحت لطف وعناية الله – سبحانه وتعالى – ولطف أهل البيت – صلوات الله وسلامه عليهم – وعنايتهم فكل من دخل في دائرتهم كان في عنايتهم ولكم وفق المؤمنون لكرامات من آل البيت – عليهم السلام – ولكم يكون الإمام سعيداً عندما يكون المؤمن مبلغاً وناصحاً ومرشداً لعلوم آل البيت – عليهم السلام – ولكم خدم الإمام الشيرازي – قدس سره – أهل البيت – عليهم السلام – بالحركة العملية والثورة المعلوماتية ؛ هذه الحركة التبليغية تسرّ قلب صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – .

الإسلام في الصين:
لعل البعض قرأ عن الصين منذ ما يقارب مائة عام حيث بلغ عدد المسلمين 300 مليون ولم يكن فيها مسلمون من قبل فكيف أصبح فيها هذا المقدار ؟ دخل عشرة من التجار المسلمون إلى الصين ، وأرادوا أن ينشروا الإسلام في أرجاء الصين ، وكان أهلها في حالة من الفقر والمجاعة لدرجة وصلت إلى بيع أبنائهم . قاموا هؤلاء التجار بتحريك الأنفس ، والأموال لخدمة أهل البيت – عليهم السلام – فقاموا بشراء أبناء من الصين ، وعزم كل من هؤلاء التجار العشرة أن يعلم مجموعة من الأبناء معنى الإسلام ومسؤولية الإسلام ، ولما وجدوا النجاح اقترح أحد التجار عليهم بمضاعفة العدد . بعد ذلك قام التجار بمناداة أهل الصين وقالوا لهم : يا أهل الصين ، إن نبينا قال لنا وعلمنا إننا إذا اعتقنا عبداً اعتقنا الله من النار ، وعلمنا كيف نعتق العبيد ، ونحن نقدم لكم اليوم أبناءكم هدية فخذوهم أحراراً . هنا أخذ الأبناء يعلمون أهاليهم ، وبذلك اتسعت دائرة الإسلام واستطاع هؤلاء أن ينالوا بعلمهم هذا المقام العالي واصبحوا أصحاب شرف وفضيلة عند الله – سبحانه وتعالى – . لذلك حري بنا أن نعلم أن بين ظهرانينا أولياء لا نعلمهم ، مثلاً شهادة السيد الحكيم – قدس الله نفسه الزكية – تكشف أنه ولي من أولياء الله .
قال أمير المؤمنين في نهج البلاغة : " الجهاد باب فتحه الله لخاصة أولياءه " فهؤلاء بجهادهم وعطاءهم نالوا الشهادة ، وهكذا العلماء تكشف الأيام عن سمو مكانتهم عند المولى – عز وجل –. هذا الحديث يوصلنا إلى أنه ينبغي التأني فلا نكون سريعين في الحكم على الآخرين فقد يكون هذا أو ذاك ولي من الأولياء ، فإن الله قد أخفى أولياءه بين خلقه .

قصة العالم تقي :
كان أحد العلماء اسمه تقي وكان هناك شخصاً آخر خيراً من الأخيار ذهب إلى مشهد الإمام الرضا ليتشرف بخدمته ؛ فالإمام الرضا يقول : " من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلصه من أهوالها : إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً ، وعند الصراط وعند الميزان " 15 .
فسرقت أمواله وكان هذا اختباراً لصبره ، هنا لم يتوجه هذا الرجل إلى الناس ويطلب منهم مساعدته ، إنما ذهب للإمام الرضا وأخذ يخاطب الإمام ويبث شكواه بقوله : سيدي أنا بحضرتك وفي ضيافتك فأطلب منك أن تحل مشكلتي ، ونام فرأى الإمام الرضا في عالم الرؤيا فقال له الإمام من تلتقي به غداً صباحاً اسأله حاجتك فلما كان الصباح التقى بشخص اسمه تقي بن مازة – أي تقي الذي لا يصلي – فقال في نفسه : اسأل هذا حاجتي إنه رجل لا يصلي ؟ ! ! فرجع ولم يسأله حاجته .
وفي الليلة الثانية استغاث بالإمام مرة أخرى فرأى الإمام وطلب منه المساعدة وخاطبه بقوله : طلبت منك المساعدة أرشدتني إلى تقي بن مازة ! فقال له الإمام من تلتقي به غداً اسأله حاجتك وكان الأمر كاليوم السابق التقى بتقي بن مازة ورجع ولم يسأله حاجته .
وفي الليلة الثالثة رأى الإمام أيضاً في عالم الرؤيا وطلب منه المساعدة فكان نفس جواب الإمام في المرتين السابقتين ؛ فلما كان الصباح التقى بتقي بن مازة وقال له : لي إليك حاجة . فقال له تقي : تفضل سل حاجتك . فقال له : سرقت أموالي وأريد المساعدة فقال له خذ هذه الأموال وستكفيك إلى آخر يوم في مقامك في اصفهان ؛ وإذا أردت السفر فأتي لي عند لك الراحلة التي توصلك ؛ فلما كان يوم السفر أتى له وسأله عن الراحلة ، فقال له اصعد على ظهري فابدأ اندهاشه : تسمرت رجلاه على الأرض ، وفتح عينيه بادياً الدهشة ، وباتت على قسماته علامة الاستفهام العريض والتعجب الطويل ، هز رأسه ثم قال : كيف يكون ذلك ؟ ! قال له : أليس الإمام قال لك : أن تأتي لي وأنا أخدمك ، فاصعد على ظهري ، يقول حينها صعدت ووجدته يقطع المسافات بأعجوبة متناهية وكأن الأرض تطوى إليّ وسرعان ما وصل إلى المكان المنشود ؛ حين وصلنا نظرت له والعجب العُجاب يأخذني ، وسألته والحيرة بادية عليّ كيف يقولون إنك لا تصلي وأنت بهذا المقام والكرامات ؟ ! قال ومن الذي قال أنا لا أصلي ؟ ! إنني عندما يأتي وقت الصلاة وفي أي مكان كنت تنطوي لي الأرض فأصلي خلف إمام زماني الحجة المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – 16.

قصة الرجل الصابوني:
ينقل : أنه كان هنالك عطار صالح يمتلك محلاً يدر عليه رزقه اليومي ، وذات يوم التقى بشخصين من أصحاب الإمام المنتظر فتضرع إليهم ليأخذوه نحو الإمام .
فقالا له : إن مقابلته مشروطة بإذنه .
فقال العطار : خذوني قريباً منه واستأذنوه . تحرك الثلاثة ووصلوا إلى ساحل بحر ... فدخل الرسولان ومشيا على سطح الماء – كما نمشي على سطح الأرض –. توقف العطار وهو حائر لا يدري ماذا يفعل ؟ فالتفت الرسولان إليه وقالا له : لا تخف وتعال معنا ... ففعل ذلك وأخذ يمشي معهما على سطح الماء ؛ في هذه الأثناء لاحظ العطار الغيوم تنتشر في السماء والمطر يهطل .. فانصرف ذهنه إلى دكانه ... حيث صنع قطعاً من الصابون ، ووضعها على سطح الدكان حتى تجف تحت أشعة الشمس وأخذ يفكر في أنه مع هطول الأمطار على المدينة ماذا سيكون مصير قطع الصابون هذه ؟ وبينما العطار مشغول بهذا التفكير إذا به ينغمس فجأة في الماء ... أتاه الرسولان ... وأخذا بيده ... وانتشلاه من الماء ... ثم مضوا جميعاً حتى وصلوا إلى المقصد ... أوقفه أحدهما لكي يستأذن من الإمام المنتظر في مثول الرجل بين يديه ... فأجابه الإمام : " ردّوه فإنه رجل صابوني ".


وأخيراً - يمكننا القول إن الإمام المنتظر رحمة مهداة ... إنه بقية الله التي حفظها لخير عباده ...ولكن الاستفادة التامة من هذا الوجود المعطاء يرتبط بنفسيتنا وسلوكنا اليومي .
كما إن الفيوضات الغيبية الخاصة لا يمكن أن تنزل إلا على القلوب الطاهرة النقية التي لم تتملكها المادة ، ولم تلـوثها بأدرانها . لذلك إذا أردنا أن نكون من أولياء الله فعلينا أن نظف قلوبنا وأرواحنا من الذنوب والخطايا ؛ فلا يمكن التحلية إلا بالتخلية ، لا يمكن أن يحل محل الفضائل إلا إذا خلا من الرذائل فالإمام المنتظر يريد أرواحاً صافية لذا فلنعاهد الإمام على أن نسير على خطه ، ونطهر نفوسنا من أدران المعصية والغفـلة ، ولننظر بعدها كيف يفجر الله تعالى ينابيع الحكمة في قلوبنا ، ويرزقنا خير الدنيا والآخرة .
وإلى حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى .
اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحظوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
----------------------
1– سورة الزمر آية ( 69 ) .
2 – سورة فصلت آية ( 35 ) .
3 – سورة النجم آية ( 42 ) .
4 – سورة البقرة آية ( 30 ).
5 – سورة البقـــرة آية ( 31 ) .
6 – سورة الحجــر آية ( 39 ) .
7 – سورة الحجـر آية ( 30 ) .
8 – سورة الأحزاب آية ( 72 ) .
9 – سورة السـجدة آية ( 17 ) .
10– سورة الزمر آيـــة ( 69 ) .
11 – الغيبة للنعماني : ب8 ، ح8 .
12 – سورة هود آية ( 86 ) .
13 – كمال الدين : ج1 ، ص 253 .
14 – البحار : م 52 ، ص 92 – منتخب ميزان الحكمة ص 55.
15 – عيون أخبار الرضا ص 255 .
16– سمعتها من مرشدنا سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي ( دام ظله ) .


اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن المهدي صلواتك عليه وعلى آبائه
في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً،
حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً

موفقين الى خير
ولي رجعة لنتابع معا
حلقات هذه الدورة التربوية
__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))


التعديل الأخير تم بواسطة نور قلبي علي ; 05-05-08 الساعة 04:29 PM.

نور قلبي علي غير متصل  

قديم 06-05-08, 11:10 PM   #2

نبتون
...(عضو شرف)...  







افكر

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم .

بارك الله فيك اختي الكريمة عوامية انا ,

جعله الله في ميزان أعمالك .



تحياتي.

__________________
منتدى تاروت الثقافي
بستان الفكر والمعرفة

نبتون غير متصل  

قديم 06-05-08, 11:49 PM   #3

سيدة الأحلام
عضو فعال

 
الصورة الرمزية سيدة الأحلام  







رايق

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


اللهم صلي على محمد وال محمدوعجل فرجهم يا كريم

عوامية انا/
جعلنا الله واياكم ممن تكتحل نواظرهم با لطلعة الرشيده والغرة الحميده

ذخراًلك غا ليتي
سيدة الأحلام

__________________
الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروه سواه :(

سيدة الأحلام غير متصل  

قديم 07-05-08, 06:18 AM   #4

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


شكرا لكم اخوتي ..
وجعلنا الله من انصاره ومعاونيه بحق محمد وال محمد
دمتم بخير

__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))

نور قلبي علي غير متصل  

قديم 07-05-08, 06:29 AM   #5

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


بسم الله الرحمن الرحيم


دورة تربية النفس بالأخلاق المهدوية
الحلقة الثانية : كيف نجند أنفسنا لخدمة الإمام المنتظر؟
أستاذ الدورة : خادم أهل البيت والعلم سماحة الشيخ أبو علي العوامي ( حفظه الله ).





الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء، وعجزت عن إدراك حقـيقته أفهام العـلماء واحـد لا شريك له، لا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضل خلائقه وأشرف سفرائه وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
سئل الإمام الحسين (1) وكذلك الإمام الصادق ( 2 ) هل ولد الإمام الحجة فقال كل منهما : لا ولو أدركته لخدمته أيام حياتي .
الإمام الحسين واإمام الصادق يتمنيان خدمة الإمام المهدي فكيف نجند أنفسنا نحن لخدمة الإمام المهدي ؟


المحور الأول-خطوات تجنيد النفس لخدمة الإمام الحجة.
أولاً – المعرفة:
كل حركة يقوم بها الإنسان تحتاج إلى معرفة، وتجنيد النفس لخدمة الإمام المنتظر أو الأئمة الأطهار – عليهم السلام – أو ما شابه من أعمال الخير وغيرها يحتاج الإنسان فيها إلى معرفة ؛ فالمعرفة تعد الخطوة الأولى لنجاح الحركة وفي ذلك قال أمير المؤمنين : " ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة " 3 . هنا الإمام يفصح بوضوح أن أي حركة أو أي عمل تقوم به تحتاج أن تكون عارفاً بذلك العمل وأبعاد ذلك العمل ؛ لذلك نجد عندنا في الأعمال العبادية والأعمال المستحباتية والتي من جملتها زيارة الأئمة الأطهار – عليهم السلام – " من زار الإمام عارفاً بحقه غفر الله له " أي لا بد من المعرفة .
إن الإمام المنتظر يتأذى من العامل الجاهل ويتأذى أكثر من الجاهل الغير عامل ؛ وكل هذا في دائرة التشيع، لأن الإمام يهمه أمر الموالين فلو أراد أحـدٌ أن يخـدم الإمام وكان جاهلاً ليس لديه معرفة بالعمل ربما يتأذى الإمام من عمله، أي أن الإمام يريد من المؤمنين أن يكونوا دعاة واعيين حتى لا يتأذى بعملهم .
ولذلك ورد عنه : " لقد آذانا جهلاء الشيعة وحمقائهم " 4 . فهو جاهل من ناحية ومن ناحية أخرى أحمق والجاهل هو الذي ليس لديه معرفة والأحمق هو الذي يدعي المعرفة دائماً والإمام يتأذى من هذين الصنفين ولذلك نجد في الروايات إن الذي يعمل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح لأنه جاهل فقد ورد " من عمل على غير علم كان ما يفـسد أكثر مما يصـلح " 5 .
إذاً : الخطوة الأولى التي نحتاجها في خدمة إمامنا أن نكون أصحاب معرفة حتى نستطيع خدمة الإمام بالطريقة المثلى .

ثانياً – العلم:
أن نكون ذوي علم، وفيه بعدان التعلم والتعليم وينبغي في هذا المجال أن نتعلم ونعلم، ومن جملة التعلم التعرف على علامات الظهور حتى لا نصاب بالتضليل من المضللين، فقد يأتي أحد المضللين ويعمل عمل عجيب ويدعي بذلك العمل أنه الإمام الحجة ولكم ادعوا ذلك !أو يقول إن هذه من علامات الظهور فينخدع ذاك البعيد الذي لا يعرف علامات الظهور ويتصور إن هذه علامة من علامات الظهور والحق خلاف ذلك ؛ لذلك ينبغي تعلم كل علوم أهل البيت – عليهم السلام – بقدر المستطاع، ولا سيما في خدمة الإمام المنتظــر – عجل الله فرجه الشريف – ينبغي التعرف على علامات الظهور : العلامات الصغرى، العلامات الوسطى والعلامات الكبرى حتى نعد العدة من ناحية ومن ناحية أخرى نأخذ الحذر والحيطة من الوقوع فيها لذلك نجد البعض يخطأ في فهم معنى الفساد والإفساد " يظهر الإمام إذا امتلأت الأرض ظلماً وجوراً فيملؤها قسطاً وعدلاً " فيعتقد أنه بالإفساد سيعجل ظهور الإمام وهذا تصور خاطيء ؛ التصور الحقيقي أنك إذا أردت أن تشارك في ظهور الإمام ينبغي عليك أن تمهد الطريق وتعبده لا أن تكون أحد المحـاربين للإمـام وعقلاً لا يمكن أن تكون مصلحاً ومفسداً في آن واحد إمّا ذلك أو ذاك .
لذلك الإمام يريد من الشيعة أن يكونوا معلمين لبعضهم البعض ومصبرين لبعضهم البعض ولذلك جاء في رواية الإمام الجواد " من تكفل بأيتام آل محمد المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الأسراء في شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا فاستنقذهم منهم وأخرجهم من حيرتهم وقهر الشياطين برد وساوسهم وقهر الناصبين بحجج ربهم، ودليل أئمتهم، ليفضلوا عند الله تعالى على العباد بأفضل المواقع، بأكثر من فضـل السمـاء على الأرض، والعرش والكرسي، والحجب على السماء، وفضـلهم على هذا العـابد كفضل القمر ليـلة البدر على أخفى كواكباً في السماء " 6 .
الإمام الجواد يعبر هنا عن الشيعة المنقطع عنهم إمامهم بأنهم أيتام، ويبين الإمـام العسكـري ذلك أيضاً بقوله " من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محبتنا بأستارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه قال الله – عز وجل - : " أيها العبد الكريم الموافي لأخيه أنا أولى بالكرم منك، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم " 7 .
إذاً : ينبغي لنا أن نتعلم ونعلم، ونرشد الناس إلى أن يتعرفوا على الإمام ونعلمهم كيف يرتبطوا به ونجند أبنائنا وبناتنا وأبناء وبنات مجتمعنا في خدمة الإمام وحقيـقة لو أن المجتمع عرف حقيقة حب الإمام لأصبح من أسعد المجتمعات .

ثالثاً – الدعاء:
وهو على نوعين :
1 – دعاء خاص بنا .
2 – دعاء خاص به – عليه السلام -.
الدعاء الخاص بنا إننا نسأل الله الفرج لنا بفرجه، أمّا القسم الثاني الدعاء له - عليه السلام - وهو أشرف من الأول أي أن ندعـوا له أشـرف من ندعـوا لأنفـسنا ؛ قـال السـيد ابـن طـاووس ( رحمه الله ) : " فإياك ثم إياك أن تقدم نفسك أو أحداً من الخلائق بالولاء والدعاء له بأبلغ الإمكان واحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن ؛ وإياك أن تعتقد إنني قلت هذا لأنه محتاج إلى دعائك هيهات ... هيهات " 2 . وهذا يعد تراثاً ضخماً تركوه لنا أئمتنا يكمن فيه طرق الارتباط بالإمام ومن ذلك الأدعية التي ينبغي أن نتوجه بها ومنها :
1 – الدعاء له بتعجيل الفرج ومنها " اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة لطاعتك والقادة إلى سبيلك " 8 .
2 – الدعاء لنصرته كما ورد عن الإمام الصادق " اللهم إني اسألك بالحق الذي جعلته عندهم وبالذي فضلتهم على العالمين جميعاً .... وارزقنا نصر دينك مع ولي هادٍ منصور من أهل بيت نبيك، واجعلنا معه وتحت رايته شهداء صديقين في سبيلك وعلى نصرة دينك " 9 .
3 – زيارته وجاء في الزيارة التي يزار فيها " واجعلني يا إلهي من عدده ومدده وأنصاره و أعوانه وأركانه وأشياعه وأتباعه ..... " 10 .
وقد وردت مجموعة من الأدعية التي تربط الموالي بالإمام كدعاء العهد الذي يقرأ صباح كل يوم فمن أراد أن يصبح من أنصار قائمنا فعليه بهذا العهد ؛ ودعاء الندبة الذي يقرأ صباح الجمعة .
ومن طرق خدمة الإمام - عليه السلام - أن تكون هناك مجالس باسمه يجتمع فيها المؤمنون ويقرأون الأدعية لتعجيل الفرج . ونؤكد أنه ينبغي أن نخدم الإمام للإمام لا أن نخدم الإمام لأنفسنا ؛ ومن المؤسف اليوم أن ينصرف البعض في خدمته للإمام انصراف ذاتي لا يقصد في خدمته الإمام لذلك حري بنا أن نلتفت إلى هذا المعنى حتى لا نكون في خدمتنا مقصرين، وخدمتنا تكون من أجل الإمام لا من أجل مصلحتنا . مما يذكر في هذا المجال أن مسجد جمكران في إيران يعج بالناس ليلتي الأربعاء والجمعة، فترى الناس زرافات زرافات فيذهب إليه الكثير من الفضلاء والأجلاء والعلماء والمراجع والكبار والصغار بعضهم مشياً على الأقدام وهذا منظر رائع وجميل أن ترى الموالين متوجهين إلى مكان أقلاً فيه شمّ رائحة إمامهم، وسلطان عصرهم وزمانهم فكيف إذا كانوا يثقون بأن هذا المسجد فيه المُلتقى بالإمام ويعد مسجد السهلة في الكوفة في المرتبة الأولى للتشرف بلقاء الإمام ومسجد جمكران في المرتبة الثانية فمن داوم أربعين أربعاء فيه رزق رؤية الإمام .
ومما يروى في هذا المجال أن إحدى النساء وهي امرأة جليلة عابدة نبيلة، في إحدى لياليها ذهبت على عادتها إلى مسجد جمكران، وكانت تعبر للإمام عن فرحها وسرورها أنها ترى الموالين صغاراً وكباراً أتوا إلى هذا المسجد من أجل الإمام – عليه السلام -، ولما انتهت من الصلاة المخصوصة والدعاء المخصوص خرجت ودخلت إحدى الغرف المخصوصة الموجودة في هذا المكان لتستريح، عندئذ هومت عيناها ورأت في عالم الرؤيا الإمام المنتظر- عجل الله فرجه الشريف – فأخذت تخاطبه بمثل ما خاطبته في الحقيقة .
قال لها : يا هذه إن هؤلاء لم يأتوا من أجلي !
قالت له : كيف يا سيدي ؟
قال : أكثرهم أتوا لقضاء حوائجهم، تعالي واسمعي، أخذ الإمام يخاطـب هـؤلاء الناس
فلان لماذا أتيت ؟
قال : أتمنى قضاء حوائجي .
فلانة : لماذا أتيت ؟
قالت : أتمنى بناء داري .
فلان : لماذا أتيت ؟ قال كذا ...... وهكذا كل واحد منهم كان له طلبه الخاص، ليس منهم من طلب أن يتشرف بخدمة الإمام .
قال : أرأيت يا هذه هؤلاء ما أتوا من أجلي بل أتوا من أجل أنفسهم .
لذلك نؤكد أنه يجب علينا أن يكون ما نقوم به من أجل الإمام لا من أجل أنفسنا لأن ما كان لنا ينتهي وما كان للإمام باق مهما طالت الأيام وامتدت .


المحور الثاني – التمهيد لظهور الإمام المنتظر.
ينبغي الاستعداد والإعداد لرؤية الإمام ومن جملة ذلك أن نصفي أنفسنا حتى نستطيع أن نؤهلها لرؤية الإمام وعندما نقرأ في تاريخ الماضيين من الرجال والنساء نجد لكم تشرفوا برؤياه وإلى عصرنا الحاضر هناك من يرى الإمام فرؤياه ليست محجوبة وممنوعة في عصر الغيبة إنما هي ممكنة لمن هو أهل لها، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم رؤياه . لذلك لابد أن نعدّ أنفسنا ونطهرها ونجعل عندها القابلية لأعمال الخير ونتحرز من أعمال السوء وما يغضب الإمام والتي من جملتها النزاعات الاجتماعية، الأحقاد، الأحساد وسوء الظن بالناس، لأن كل هذا خلافاً للإعداد والاستعداد المطلوب لرؤية الإمام .
قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : " ويملأ الله به قلوب أمة محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – غنى، ويسعهم عدله " 11 . هذه إشارة إلى الفن المعنوي، أي أن القلوب سوف تملأ بالصفّات العالية وتنظّف من الصفات الدنيئة كالبخل والطمع والحقد والحسد، والتنازع وغيرها من الأشياء التي تشعر الإنسان بالفقر وإن كان جيبه مملوءاً بالمال، ثم أن تلك الأمور الدميمة ( التنازعات والأحقاد ) من شأنها أن تضعف العمل وتأثر على العاملين .


المحور الثالث - تهذيب النفس .
إن تهذيب النفس بالأخلاق المهدوية له أبعاد متعددة من جملتها :
1 – زيارته وتوجد زيارات عديدة للإمام وكل زيارة مدرسة وإذا حسبناها جامعة فكل مقطع من مقاطعها هو كلية تربوية خاصة تربي الإنسان ؛ وكـلما كثر ارتبـاطنا بالإمام عن طريق زيارته كلما تهذبت النفس أكثر ؛ وهذا شيء طبيعي لأن النفس حسب ما تغذيها وتربيها فإذا ربيتها على الخير تتربى و تنمو عليه وترفض الشر وتصبح عندها نافرية قباله ؛ والعكس صحيح إذا ربيتها على الشر لا تقبل الخير وتصبح عندها نافرية قباله لأنها تعوذت على الشر .
2 – أن نبحث عن ما يسره فأي شيء يسره يجب أن نسارع إليه من طبع الكتب، نسخ الأشرطة، طباعة الأوراق، تأسيس المؤسسات، إقامة المحافل والمجالس باسم الإمام وهـذا ما نحتاجه نحن وليس الإمام لأن الإمام غني بغنى الله سبحانه وتعالى .
3 – أداء حقوق الإمام المالية، فنحن الموالين في ضيافة إمامنا لأنه علة وجودنا فقد ورد " لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت " وورد في الزيارة الجامعة : " بكم يمسك السماء أن تقع على الأرض " وطالما نحن في ضيافة الإمام يجب علينا أن نتأدب بالآداب الحقيقية للضيافة، ومن جملة تلك الآداب أنه إذا كان له حق يحتاج أن نقدم له هذا الحق ومن حقوقه أداء الأخماس ؛ فالخمس واجب شرعي على كل مكلف رجلاً أو امرأة . والخمس له تفصيله في الفقه، والمتعب فيه أن الإنسان لا يعرفه أما إذا عرفه فهو بسيط لا يكلف شيئاً لكن ينبغي فقط للإنسان أن يحيط به معرفة حتى يجد أنه ليس صعب عليه .



المحور الرابع – تجنيد النفس لخدمة الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – .
كل عمل صالح تعمله في الحياة الدنيا اقصده بنيتك للإمام المهدي مثلاً صلاة الجماعة والنوافل قدّم ثواب ذلك العمل هدية إلى الإمام وهذا ليس تفضل منّا على الإمام إنّما هو شرف لنا أن نوفق إلى هذا العمل وأمثاله ؛ فلكم أناس سعوا إلى خدمته ولكنهم لم يوفقوا، لذلك هذه نعمة من الله سبحانه وتعالى يجب علينا أن نغتنمـها، من أبعاد خدمـته :
1 – أن نقيم المجالس باسمه أي أن أي مجلس من مجالس الذكر ننوي هذا المجلس باسم الإمـام أي ثوابه يكون للإمام .
2 – أن نقيم مجالس خاصة لتعريف الناس بالثقافة المهدوية، واتخاذ هذه المجالس منبراً للدفاع عنه وينبغي أن تكون محافلنا خاصة في توجيه الدعوة إلى الإمام لأنه عندما نقوم بهذه الأعمال قد نحصل على لطف خاص بالإمام وعندما ننظر إلى سيرة علمائنا الأجلاء نجدها أعظم شاهد على ذلك وإليك هذا النموذج .
الشيخ الصدّوق ( رحمه الله ) عالم جليل نبيل جنّد نفسه لخدمة الإمام الحجة فكان دائماً عندما توجد مشكلة عقائدية يجند نفسه للرد عليها بالتي هي أحسن ؛ وقد كان هناك نقاش كثير حول الإمام والتكذيب بأن هناك إمام غائب – كما في أيامنا هذه يوجـد من يقـول " ما يضـر الشيعـة أن تكتـفي بإحــدى عشر إمام " هذا وأمثاله ينـكرون وجود الإمـام ويروجون لذلك – فواجبنا أن نتصدى لرد هذه المزاعم وأمثالها .وقدكان الشيـخ الصـدّوق ( رحمه الله ) يتصـدى إلى مثل هذه المزاعم ويجهد نفسه في تحصيل الأدلة القرآنية والروائية للرد عليهم حتى حظي بلطف وعــناية من الإمام فقد ذكر الشيخ الصـدّوق ( قدس سره ) في أوائل كتابه كمـال الدين وتمام النعمة قوله : " إنّ الذي دعاني إلى تأليف كتابي إني لمّا مضيت وطري من زيارة الإمام علي ابن موسى الرضا رجعت إلى نيشابور وأقمت بها فوجدت أكثر المختلفين إليّ من الشيعة قد حيرتهم الغـيبة ودخلت عليهم في أمر القائم الشبهة وعدلوا عن طريق التسليم إلى الأداء والمقاييس فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالأخبار الواردة في ذلك عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – والأئمة الأطهار – عليهم السلام – حتى ورد إلينامن بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلدة قم طالما تمنيت لقاءه، واشتقت إلى مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته، وهو الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمد بن الحسن . فلما أظفرني الله تعالى ذكره على ما يسّر لي من لقائه، وأكرمني به من إخائه، وحباني به من ودّه وصفائه . فبينما هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاماً في القائم قد حيّره وشككه في أمره، لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولاً في إثبات كونه ورويت له أخباراً في غيبته عن النبي – صـلى الله عليه وآلـه وسلم – والأئمة – عليهم السلام – سكنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما كان عليه من الشك والارتياب والشبهة، وتلقى ما سمعه من الآثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسـألني أن أصنف له في هذا المعنى كتاباً، فأجبته إلى ملتمسه، ووعدته جميع ما أبتغي، إذا سهّل الله تعالى لي العودة إلى مستقري ووطني بالريّ . فبينما أنا ذات ليلة أفكر فيما خلّفت ورائــي من أهل وولد وإخوان ونعمة، إذ غلبني النوم فرأيت كأني أطوف حول بيت الله الحرام، وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود استلمه وأقبّله وأقول : أمانتي وميثاقي تعاهدتهلتشهد لي بالموافاة ؛ فرأيت مولانا صاحب العــصر والزمان واقفاً بباب الكعبة فدنوت منه على شغل قلب وتقّسم فكر، فعـلم ما في نفـسي بتفرّسه في وجهي، فسلمت عليه فرّد عليّ السلام ؛ ثم قال لي : لِم لا تصنف كتاباً في الغيبة حتى تكفي ما أهمّك ؟ فقلت له : يا ابن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياء .
فقال : ليس على ذلك السبيل، آمرك أن تصنف الآن كتاباً في الغيبة واذكر فيه غيبات الأنبياء – عليهم السلام – ثم مضى فانتبهت فزعاً إلى الــدعاء والبكاء والبث والشكـــوى إلى وقـت طلوع الفجر، فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلاً لأمر ولي الله وحجته، مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه"12.
نلاحظ من هذه القصة إن الشيخ الصدّوق كان ملتفتاً للرد على الزاعمين بعدم وجود الإمام بالأدلة القرآنية والروائية، ولم يكن ملتفتاً للرد عليهم بغيبة الأنبياء – عليهم السلام – من قبل ذلك مثل غيبة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في الشعب، وغيبة النبي موسى وغيبة النبي يونس في بطن الحوت وغيرهم من الأنبياء فكان هذا توجيه من الإمام للشـيخ الصـدّوق ( رحمة الله ) فاستطاع بتوفيقات من الله سبحانه وتعالى وعناية ولطف من الإمام أن يؤلف كتابه كمال الدين وتمام النعمة .



مقامات الاحترام والإهداء للإمام .
1 – القيام عندما يذكر احتراماً وإجلالاً له خاصة في الدعاء المخصوص بالإمام فالإمام الرضا والإمام الصادق كانوا يدعوان للإمام ويقومان إجلالاً له فمن نحن إذا ذُكر الإمام لا نقوم إجلالاً واحتراماً وإكباراً له ؟ !
2- إهداء ثواب الأعمال مثل ختم القرآن الكريم، حج بيت الله الحرام حتى ولو كان بالنيابة إذا لم يستطع الشخص بنفسه الطواف عن الإمام فالطواف الواحد يعادل صلاة .
3 – زيارة الإمام واستشعار روح الشوق والتوق إليه دائماً لأنه علة وجودنا ومظهر الغيب والفيض لنا .
4– تقديم الصدقات باسمه، وهذا حق من حقوقه لأننا نحبه ونواليه وحق من حقوق الموالين على المولى أن يكونوا في خدمته .
وإلى حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى .
-اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحظوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً برحمتك يا أرحم الراحمين - وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
------------
1 – عقد الدرر، ص 160 .
2 – الغيبة للنعماني، ص 245 .
3 - تحف العقول : ص 171 .
4 – الاحتجاج للطبرسي : ج2 ن ص 286 – البحار : م25، ص 267 .
5 – البحار : م 74، ب7، ح 87 .
6 – بحار الأنوار : م2، ص 6 .
7 – بحار الأنوار : م2، ص4 .
8 – فلاح السائل، ص 112 .
9 – بحار الأنوار : م 98، ص 107 .
10– مصباح الزائر، ص 424 .
11 – جولة في سيرة الأئمة الأطهار – عليهم السلام – للشيخ مطهري، ص 178 .
12 – كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدّوق : ح1، ص 16 .



واللهم صلي على محمد وال محمد وارزقنا شفاعتهم واهلك اعدائهم وفرج عنا بظهور قائمهم المهدي بن الحسن عليه السلام
موفقين الى خير
ولي رجعة ..
__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))

نور قلبي علي غير متصل  

قديم 11-05-08, 07:31 PM   #6

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

الحلقة الثالثة من الدورة ..


المراحل العمرية للمجتمع البشري
أستاذ الدورة : خادم أهل البيت والعلم سماحة الشيخ أبو علي العوامي ( حفظه الله )

الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء ، وعجزت عن إدراك حقيقته أفهام العلماء ، واحد لا شريك له ، لا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء ، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضل خلائقه وأشرف سفرائه ، وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
قال أمير المؤمنين – عليه السلام – : " لكل ارئ عاقبة حلوة أو مرّة "
1
كل شيء في الوجود له بداية ، وكل عمل له بداية ، وكلاهما له نهاية إمّا حلوة أو مرة ، فنحن البشر أي عمل نقوم به لابد أن يبتدأ وينتهي ، في نطاق هذا المعنى نركز على ناحيتين :

الناحية الأولى – المراحل العمرية للإنسان .
كل فرد في حياته يمر بثلاث مراحل عمرية كل منها يحتاج إلى عناية خاصة وهم :
1 – مرحلة الطفولة .تتسم هذه المرحلة باللعب والأفكار الصبيانية ، وقد جاءت الأحاديث التي تؤكد هذا المعـنى ، ورد في الـحديث " دع ابنك يلعب سبع سنين " 2
وذلك لأن اللعب يفجر طاقات الطفل ، ويفتح آفاقه نحو المستقبل .
وتعد مرحلة الطفولة هي الأساس للنشوء السليم ، لذلك يطرح الإسلام برنامجاً لتنشئة الأطفال على أساس الإيمان ، من ذلك ما يُسمى بالعبادات التمرينية كالصلاة والصيام والدعاء...فهي لا تصل إلى حد الوجوب من التكليف الشرعي ولكنها من المستحبات الأكيدة ؛ والتي يراعي فيها الإسلام طبيعة الطفولة باستعداداتها النفسية والجسمية والفكرية .
وكثير من الروايات تشير إلى هذا المعنى من ذلك ما روي عن أبي عبد الله – عليه السلام – قال : " إنا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين فامروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين "
3 والجدير بالذكر أن علماء الغرب ينصحون بتوجيه الأبناء نحو مثل هذه العبادات الدينية التمرينية يقول الدكتور كاريل : " لتحصيل الكمال النفسي لا يلزم أن يكون الإنسان عالماً أو ذكياً ؛ يكفي أن يختلي كل يوم صباحاً ومساءً لبضع دقائق ، بعيداً عن الضوضاء ويجعل ضميره حكماً في تصرفاته فيعرف أخطاءه ويخطط لسلوكه ؛ وفي هذه الفرصة يجب أن يتوجه إلى الدعاء إن كان يعرف ذلك ،فلدعاء أثر حتى ولو لم يكن هذا الأثر الذي نريده.
ولهذا يجب تعويد الأطفال منذ البداية على أن يقضوا فترات قصيرة في سكون وهدوء خاص للدعاء ؛ ومن توفق لذلك مرة واحدة يستطيع أن يصل إلى العالم الهادئ الذي يفوق كل الصور والكلمات المألوفة متى شاء ؛ عند ذلك يزول الظلام تدريجياً ، ويظهر شعاع خلاّق يهدي صاحبه إلى الطريق الأمثل "
4

2 - مرحلة الشباب .
تتميز مرحلة الشباب بالعنفوان ، والحيوية ، والنشاط ، والفاعلية ، والغضب ، والشهوة ، والشباب بما يتمتعون به من صحة وعافية وحماس يمتلكون القدرة على العطاء والعمل والإبداع .
وشريحة الشباب من أهم الشرائح العمرية تأثراً وتأثيراً في البنية الاجتماعية ؛ فالشباب عندما يكونوا مبدعين وفاعلين يستطيعوا أن يحدثوا تغيير نوعي في مختلف الأبعاد وعلى شتى المستويات ؛ أمّا عندما يكونوا غير فاعلين أو غافلين عن القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم فإنهم يفقدون القدرة على ممارسة أي تغيير إيجابي أو عمل إبداعي .
ومن المهم للغاية توظيف طاقات الشباب واستثمارها فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة وفيما يخدم المجتمع والأمة ؛ إذ أن جيل الشباب يشكل ثروة في المجتمع ؛ من هنا تعد مرحلة الشباب من أخطر المراحل العمرية لذا لابد لها من التوجيه والإرشاد حتى لا يكون المصير الانزلاق والانحراف .
قال الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله وسلم – : " اوصيكم بالشباب خيراً فإنهم أرق أفئدة ؛ إن الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبان وخالفني الشيوخ "
53 – مرحلة الرجولة .تتسم بالعقل والنضج والاستفادة من التجارب والخبرات السابقة ؛ والإنسان في هذه المرحلة العمرية لا يخاف عليه.



الناحية الثانية – مراحل المجتمع البشري .
إن المجتمع البشري لابد أن يطوي مراحله الثلاث إلى أن يمر بالمرحلة النهائية ؛ إلا أن الواضح أن المجتمع البشري لم يمر إلا بمرحلتين منذ الأزل وإلى يومنا هذا وهما :
1 – مرحلة الأساطير والخرافات .بتعبير القرآن الكريم المرحلة الأولى مرحلة الجاهلية ؛ ولذلك أي مجتمع يسير على نهج أولئك من الأساطير والخرافات يصبح صاحب الجاهلية الأولى السابقة .

2- مرحلة العلم .مرحلة العلم الممزوج بالشباب,مما يعني أن هذه المرحلة محكومة بالغضب والشهوة,فالعصر هذا يعد عصر القنبلة, وهي تمر على كل المجتمعات ، ويعيش كل منها حالة من الجهل ، ولكن تكون هناك حركة تنويرية إلا أنها تبقى ممزوجة بحالة من الغضب والعنفوان والشهوة لذا يحتاج إلى مهدئات ومسكنات .

السؤال هنا:هل المجتمع البشري يتوقف إلى هذه المرحلة فحسب؟
مما لاشك فيه أن المجتمع البشري له مرحلة ثالثة لم يأت عليها بعد ؛ والمجتمع اليوم يمر بحالة من الغضب والتطاحن والحروب ؛ لذلك نقرأ اليوم في الجرائد والمجلات وعلى شاشات التلفزيون وساحات الإنترنت كيف المطاحن العالمية التي خلفتها وتخلفها الحروب ؛ وهذه الحالة بين مدّ وجزر لكن سيأتي اليوم الذي ينتهي فيه هذا التطاحن وتنتهي هذه الموجة ويعم السلام .
وهنا علماء الاجتماع يؤكدون على أن أي مجتمع من المجتمعات تحدث له موجة ؛ هذه الموجة تخلف وراءها حالة من الصفاء والنضج ؛ أي أن المجتمع يتغير مستواه وينتبه إلى أشياء كان غافلاً عنها بمعنى " مصائب قوم عند قوم فوائد " فالمجتمع يتعالى ويرتقي مع الأحداث . كما أن كبار علماء الاجتماع في العالم يرون أن الحروب ، وسفك الدماء ، وقتل الأنفس ، وكل هذه المفاسد المتزايدة اليوم إنما هي ناتجة من عدم توافر التوازن بين متطلبات الجسم والروح الإنسانيين ؛ فالإنسان اليوم قد سحق الفضائل الأخلاقية والمنابع المعنوية ؛ وإن كان قد سخر البحر والفضاء والصحراء لصالحه ، وصعد القمر ، ومن البديهي أنه لا يمكن إقرار العدالة والنظام الصحيح بالقوة والقدرة ، ولا يمكن ضمان سعادة البشرية بحصول التكنيك المتقدم وباقي العلوم المادية ؛ وليس للإنسانية محيص من أن تقيم علاقاتها على أساس الإيمان والأخلاق ؛ وتنجي نفسها من دوامة الخطر بقيادة مصلح عالمي عظيم وتصل إلى إقرار الحكم القائم على أساس العدالة والأمن والصفاء والأخوة ؛ وعلى هذا نستنتج أن المجتمع البشري لا يزال في المرحلة الثانية ، وإن البشرية اليوم لابد أن تستعد لتقبل قيادة الإمام صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – .

متى تأتي المرحلة الثالثة من مراحل المجتمع البشري ؟
عند مجيء المُنقذ الأكبر الإمام الحجة المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – ونؤكد هنا على أن المرحلة الثالثة تحتاج إلى قائد بمستوى تلك المرحلة ؛ حيث أننا متيقنون أن هذه المرحلة من أخطر المراحل وأكبرها .
وعندما نطالع التاريخ نجد أن الجماهير لم تستطع أن تنجح نجاحاً تاماً في ثوراتها بدون زعيم وقائد مُحنك ؛ لأن ليس كل قائد مناسب للقيادة بل لابد أن يكون على مستوى من الذكاء والحنكة فمكان القائد من الجماهير كمكان العقل من الجسم ؛ فمتى ما اختل العقل أو ضعف عن إصدار أوامره فإنه يبقى خاملاً وعلى ذلك فهو قطب الرحى ؛ وهكذا الإمام المنتظر–عجل الله فرجه الشريف– قطب دائرة الإمكان وهو الناموس الأعظم والمنقذ الأكبر.

جماهير الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – .
إن الجماهير التي تكون مع المنقذ الأعظم ينبغي أن تكون على قدر كبير من تحمل المسؤولية ؛ وذلك بتهيئة النفس والاستقامة لأن الاستقامة ورضا الإمام – عليه السلام – عنا طريقاً للكون من أنصاره ؛ فلابد أن تكون بمستوى تلك المرحلة لأنها من أخطر المراحل وأهمها على مر الزمن.
وسنتحدث هنا عن بعض النماذج التي عاصرت الأئمة-عليهم السلام– وأصبحت لهم المحمودية ، والبعض الآخر عاصرهم ولكن أصبحت لهم المذمومية .

1 – الفضل بن شاذان .يعد الفضل بن شاذان وكيل من الوكلاء الجيدين بل والممتازين الذين كان يعتمد عليـهم عند الأئمـة الأطهـار – عليهم السلام – والفضل بن شاذان في مقابله علي بن أبي حمزة البطائني ويماثله الحسين بن منصور الحلاج ؛ وقد روي في وسائل الشيعة والكافي وأمثالهما ما يتحدث عن فضله ومكانته ؛ والتي منها أنه أرسل مبعوثاً إلى الإمام العسكري –عليه السلام– فقال مبعوث الفضل بعد رجوعه أن الإمام– عليه السلام– قال له:" اغبطوا 6 أهل خراسان لمكان الفضل بن شاذان بين أظهرهم" ونلاحظ من تحليل الحديث وتحقيقه المعنى الأخلاقي في تمني النعمة التي عند الغير دون زوالها؛وهنا يتحدث الإمام بنفسه المباركة قائلاً:اغبطوا،وما الذي يتمناه الإمام – عليه السلام– في هذه النعمة الـتي هي عـند الـوكيل المبارك ؟! إنما هي دعوة إليهم لتمني النعمة التي لديه أن يكون لديهم مثلها ؛ وعندما يقول الإمام –عليه السلام – اغبطـوا لا يقصد بها معناها الحقيقي إنما معناها المجازي كي يبين فضل ومكانة الفضل بن شاذان .
وبناءً على هذا ينبغي أن يكون كل فرد منا في هذا المستوى الذي كان عليه الفضل بن شاذان والذي هو مستوى المحمودية عند الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – وذلك بالدعوة ، والنشاط ، والفاعلية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

2 – علي بن حمزة البطائني .
كان علي بن حمزة البطائني وكيل لأكثر من معصوم ، ولكن ساءت خاتمته بالرغم من أن كثير من عمال بني أمية اهتدوا على يده ، وذلك بسبب توجيهاته وإرشاداته ، ومما يؤكد هذا المعنى أن أحد الناس قدِم للإمـام الصـادق – عليه السلام – للتوبة فقال له : جعلت فداك ، إني كنت في ديوان بني أمية – لعنهم الله – وأصبت من ديوانهم مال كثير وقد أجهدت نفسي حتى أستطيع أن أحصل على تلك الأموال .
فقال له الإمام – عليه السلام – : لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويأتي لهم بالفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعاتهم لما سلبونا حقنا ولما أخذوا المناصب ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلا وقع في قال الرجل : جعلت فداك ، فهل لي مخرج منه .
قال الإمام – عليه السلام – : إن قلت لك تفعل .
قال : نعم أفعل .
قال له الإمام – عليه السلام – : اخرج جميع ما كسبت من ديوانهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدقت به عن صاحبه وأنا أضمن لك الجنة.فأطرق الرجل رأسه طويلاً ثم قال : قد فعلت،جعلت فداك.
7
يقول الراوي عن الإمام الرضا – عليه السلام – قال : " مات علي بن حمزة البطائني في هذا اليوم ، فأدخل قبره ، وعندئذ دخل عليه الملكان فسألاه من ربك ؟ قال : ربي الله – سبحانه وتعالى – .
من نبيك ؟ قال : محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – .
من وليك ؟ قال : علي بن أبي طالب – عليه السلام – .
قالا ثم من ؟ قال : الحسن بن علي – عليه السلام – .
قالا ثم من ؟ قال : الحسين بن علي – عليه السلام – .
قالا ثم من ؟ قال : علي بن الحسين – عليه السلام – .
قالا ثم من ؟ قال : محمد بن علي – عليه السلام – .
قالا ثم من ؟ قال موسى بن جعفر – عليه السلام – .
قالا ثم من ؟ هنا تلعثم لسانه ولم يكمل فزجراه ، وقالا له: أ موسى بن جعفر أمرك بهذا ؟
ثم ضرباه بمقمعة من النار ، فألهبا قبره إلى يوم القيامة "
8
فمنذ ذلك الحين وإلى الآن يشتعل قبر وكيل الإمام الصادق – عليه السلام – بالنار فكيف بنا نحن ؟ ! ! !
إذن : يجب على الموالي أن يربي نفسه على الصفات الحميدة ، ويتطهر من الرذائل الأخلاقية ،فقد ورد عن الإمام الصادق – عليه السلام – " من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق؛ فهو منتظر فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ؛ فجدوا وانتظروا هنيئاً أيتها العصابة المرحومة "
9 نلاحظ أن الإمام يقرن الانتظار بالورع ومحاسن الأخلاق ، وهذا ما يجب على كل شيعي أن يسعى فكراً وعملاً للحفاظ على علاقته المعنوية والفكرية بإمام زمانه ، وتهذيب ذاته بالشكل الذي يبعث الرضا في نفس الإمام المعصوم – عليه السلام – .


وإلى حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى
-اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحظوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً برحمتك
يا أرحم الراحمين -
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

المصادر
..............................
1 – نهج البلاغة : ص 597 .
2 – مكارم الأخلاق : ص 222 .
3 – الكافي : ج3 ، ص 409 – وسائل الشيعة : ج4 ، ص 19 .
4 – عن كتاب الطفل بين الوراثة والتربية ، ج 2 ، ص 150 .
5 – روايات من مدرسة أهل البيت – عليهم السلام– لمرتضى فريد– ج 1 ص 34.
6 – الغبطة : تمني النعمة التي هي عند الغير دون زوالها .
7 – بحار الأنوار ، م 47 .
8 – بحار الأنوار ، م 49 .
9 – بحار الأنوار ، م 52 ، ص 140 ، ب 22 ، ح 50 .
__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))

نور قلبي علي غير متصل  

قديم 24-05-08, 12:23 AM   #7

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

الحلقة الرابعة والخامسة ..


بسم الله الرحمن الرحيم
دورة تهذيب النفس بالأخلاق المهدوية

الحلقة ارابعة : علامات ظهور الإمام المهدي - عجل الله فرجه الشريف -



الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأوليـاء ، وعجزت عن إدراك حقيقته أفهام العلمـاء، واحـد لا شريك له ، لا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء ، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضل خلائقه وأشرف سفرائه ، وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
قال تعالى:"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس "1 إن لمعرفة علامات الظهور أهمية كبيرة ، وإلا لما ورد الحث المستفيض من أهل البيت – عليهم السلام – حول التعرف والتبصر والإحاطة بها؛فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : "اعرف العلامة، فإذا عرفت لم يضرك تقدم هذا الأمر أم تأخر "2
وتبرز أهمية هذه المعرفة في عدة جوانب من أهمها :
1 – إن التعرف على علامات الظهور تحفظ المؤمن في عصر الغيبة من الضلال ، فهي ترشده إلى رايات الحق وتحذره من رايات الباطل قال تعالى : " وعلامات وبالنجم هم يهتدون "3 فالنجم يهدي من عرف مواقعه .
2–أنه من خلالها يعرف قرب وقت الظهور؛وعليه يعد العدة لذلك اليوم الموعود ففي رواية عن الإمـام الصادق– عليه السلام– قال: " يا سدير، ... فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك "4
ورد عن إمام الزمان – عليه السلام – في توقيعه لأبي إسحاق : "إذا بدت لك إمارات الظهور والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا "5
الحديث في هذا التوقيع المبارك يبين أنه متى ما اتضحت لك العلامات وقرب الظهور ينبغي لك أن تحث إخوانك على المبادرة والاستعداد للقاء ونصرة إمام زمانهم الحجة المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – .
نستفصح من خلال هذه المقدمة : أنه ينبغي لنا أن نعد العدة ، ونهيأ الأنفس فهذه العلائم تسبق إحداهما الأخـرى مفصحة ومبينة بجلاء عن قرب ظهور الإمام – عليه السلام – وعليه ينبغي لنا أن نتعرف على تلك العلامات حتى نستطيع أن نعد أنفسنا نعم الإعداد .
علامات ظهور الإمام المهدي – عليه السلام – .

تقسم علامات ظهوره – عليه السلام – المروية في كتب الأحاديث إلى قسمين :
القسم الأول : العلائم العامة .
تتحدث عن الانحرافات التي تنتشر في الأوساط الإسلامية وغيرها ؛ وتلوث المجتمعات البشرية بالحروب والفتن وأمثالها . وتكون قبل ظهور الإمام – عليه السلام – بعشرات السنين .
القسم الثاني : العلائم الخاصة .
وهي التي تحدث قرب ظهور الإمام – عليه السلام – بسنوات غير كثيرة ، وتنقسم إلى نوعين :
1 – العلائم الغير محتومة ، ومعنى ذلك إنها ليست قطعية قد تقع وقد لا تقع .
2 – العلائم المحتومة ، هي التي لا تقبل الشك والتردد في قطعية وقوعها ، فهي واقعة لا محالة .
وفي قول آخر تقسم علامات الظهور إلى ثلاثة أقسام :
1 –العلائم العامة:وتنضوي تحتها الانحرافات البشرية بكل أبعادها .
2 –العلائم القريبة:وهي التي تكون أقرب إلى زمن الظهور وتشمل الفتن .
3 –قبل الظهور بسنة وهي على قسمين : علائم محتومة وغير محتومة .
العلائم العامة .
أولاً – فساد المجتمعات .
قال تعالى:"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس "6 سبب الفساد مرجعه إلى الناس وذلك من أفعالهم وأعمالهم التي لم يراعوا فيها القيم والمبادئ .
وهنا يفصل لنا أمير المؤمنين – عليه السلام – الحال في فساد المجتمعات فيقول:"إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة ، واستحلوا الكذب،وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا وباعوا الدين بالدنيا،وقطعوا الأرحام، وكان الحلم ضعفاً والظلم فخراً،وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد،وطولت المنارات،واكرم الأشرار، وازدحمت الصفوف واختلفت الأهواء "6 فالصلاة التي هي عمود الدين تفقد جوهرها،والأمانة تضيع ،وفي ذلك يقول الإمام الصادق–عليه السلام–:"امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة؛كيف محافظتهم عليها "7 ويصبح الكذب حلالاً،مُعللاً عندهم بالكذب الأبيض ، فهو متلون عندهم كتلون الحرباء ؛ ويكون الربا مباحاً في تعاملاتهم لا يراعون في ذلك حرمة الدين ولا القيم .
وفي قوله : ( باعوا الدين بالدنيا ) أي أن أهوائهم وملذاتهم مقدمة على ما جاء في الدين .
و ( قطعوا الأرحام )أي لا تواصل ولا صلة بينهم وبين أرحامهم.و (كان الحلم ضعفاً والظلم فخراً) يعد الحلم والتروي في ذلك الزمان ضعفاً ،ويتباهى ويتفاخر بالظلم فهو في نظرهم رمز للقوة.و ( حليت المصاحف ) أي
يكون احترام القرآن بأناقة الطباعة وتلوين الغلاف ؛ لا تلاوته ولا العمل به .و ( زخرفت المساجد ) تكون المساجد مزخرفة ومُجملة ، ولكن قلة من يعتنون بتلك المساجد ويحافظون عليها ويصلون فيها ؛ فيعمروا المساجد عمارة بنائية وليست عبادية .و ( طُولت المنارات ) المنارات مرتفعة لكن مع علوها وارتفاعها لا تجد ذلك المسجد معطياً حقه ومحافظاً عليه .و ( أكرم الأشرار ) يكرمون خوفاً منهم .و ( ازدحمت الصفوف واختلفت الأهواء ) أي أن صفوف الجماعة تكون مزدحمة بالمصلين الذين يحملون قلوباً متنافرة ؛ فالأجساد متقاربة والقلوب متباعدة .
ثانياً –الرجال في آخر الزمان.
عن عبد الله بن بشر قال سمعت حديثاً من زمانه : " إذا كنت في قوم عشرين رجلاً أو أقل أو أكثر فتصفحت وجوههم فلم تر فيهم رجلاً يهاب في الله فاعلم أن الأمر قد قرب "8 يعني لن تجد رجلاً مُهاباً في الله،لأنه يأمر بالمعروف وينكر المنكر ،ثم يكون محترماً مسموع الكلمة على هذا الأساس ... إنك لن تجده في مجتمعنا الحاضر حين تتصفح وجوه العشرين رجلاً بل حتى عندما تتصفح وجوه المئات ؛ لأن الهيبة والعظمة في هذا الزمن أصبحت للسلاح ، وأصبح فرض الاحترام مناط بالقوة وكثرة المال وحطام الدنيا وهذا من المؤسف حقاً ؛ لأن الرجال هم المسؤولون عن كل انحراف بين الشباب والشابات ؛ فهم باستهانتهم وتهاونهم لما يجري حولهم ، وبسكوتهم عن انحراف أولادهم ، وبسخائهم في تلبية الرغبات الشاذة عند نسائهم ، قد جروا المجتمع إلى التراجع والفوضى والفساد ؛ فالأب قطب الرحى ، إذا أهمل أسرته سرى لها الفساد ، وانتقل لأسر المجتمع .
وأقرب مثال على ذلك ما يحدث أثناء الاحتفال بموالد الأئمة الأطهار كالاحتفال بمولد سلطان العصر والزمان الحجة المنتظر– عجل الله فرجه الشريف – والاحتفال بمولد كريم أهل البيت – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين– فبدل من أن يأخذوا هذه الليالي ليالي فرح وسرور ليتكرموا على أنفسهم بألطاف الأئمة– عليهم السلام– ومن ثم ليشاركوا أهل البيت –عليهم السلام – فرحتهم ؛ نراهم يعيشون حالة جنونية من الفساد والفوضى تحت دعوى الاحتفال بالمولد الكريم ؛ وهذه السلوكيات حقيقة تألم وتدمي قلوب أهل البيت – عليهم السلام – لأنها تصدر من المجتمعات الموالية ؛ فكيف بالمجتمعات الأخرى التي ليس عندها قيم ولا مبادئ ؛ فإن الواقع مأساوي بحدٍ لا يتصور .
ومما جاء في فساد الرجال في آخر الزمان ، قال الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله وسلم – : " يتحلى ذكور أمتي بالذهب ، ويلبسون الحرير والديباج "9 وقال أمير المؤمنين–عليه السلام – : " ويعيّر الرجل على صون النساء "11 والواقع ما أكثر من يعيّر على صون زوجته وبناته ، وما أكثر النساء والبنات اللاتي لا يردن الصون ولا يرغبن في سماع هذه اللفظة البالية على حدّ ما يرون ؛ وكم من رجل اتهم بالرجعية لأنه يصون أهل بيته ويغار عليهم .وأمّا التشبه بالنساء فنراه في كل مكان ، فالرجل يلبس السلسلة الذهبية في رقبته ، ويتفنن في عرضها ، ويتختم بالذهب ، ويلبس الحرير للتفاخر والتباهي ، ويحلق اللحية مع الشارب ، ويرقق حاجبيه عند الحلاق ، ويستعمل المساحيق الخاصة للوجه ،وكأنه يجلب الأنظار إلى نفسه صحيح إن الله جميل يحب الجمال ولكان ليس بطريقة التشبه بالنساء .
ثالثاً – النساء في آخر الزمان.
إن النساء هن جوهرة عقد الحياة ، وكمال معناها حين يدركن قيمتهن ، ويعرفن واجباتهن ، ويعلمن أنه بدونهن تتدمر الأسرة وينهار المجتمع لأنهن حافظات النسل ، أقدس ما في الحياة ، لذلك تعد المرأة حقاً مدرسة تربوية ، تهذب نفسها وتقيم روحها على الطهر والعفاف والفضيلة ؛ فتدرك بذلك مسؤوليتها في تعليم وتوجيه أبنائها والسير بهم إلى الطريق القويم .إلا أن النساء في آخر الزمان يفقدن كرامتهن ، ويفتتن بزخارف الدنيا ويتركن دينهن وحيائهن . قال أمير المؤمنـين – عليه السلام – : "يظهر في آخر الزمان واقتراب القيامة وهو شر الأزمنة ، نسوة متبرجات ، عاريات من الدين ، داخلات في الفتن ، مائلات إلى الشهوات ، مسرعات إلى اللذات ، مستحلات للمحرمات ، في جهنم خالدات "10 قال الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله وسلم – : " كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، وفسق شبانكم "11.هذه الحالة تنبأ عن خطر وبيل ، حيث أن نساء آخر الزمان تصبح السلوكيات عندهن سلوكيات ألا حياء وقد ورد في الحديث " جمال المرأة في حيائها " فمتى ما خلعت رداء الحياء عنها صنعت ما شاءت قال الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله وسلم– : " إذا لم تستح فاصنع ما شئت "12.وعندما تفقد المرأة أيضاً الطهر والعفاف وتتعرى منهما فإنها تنزع عن نفسها جلباب العز والشرف ؛ لتتهاوى في مهاوي الرذيلة ، فلا تبالي عندئذ أن تكشف عن مفاتنها ، وما خُلدت تلك المرأة في النار إلا لما تجلبه إلى المجتمع من دمار وشقاء وتعاسة ؛ فالمرأة السافرة بعملها تعتدي على عزها وكرامتها وتعتدي أيضاً على الناس ؛ وفي واقع المجتمع اليوم حوادث إجرامية سببها السفور وعدم مراعاة الأحكام الشرعية .
وأمّا تشبه النساء بالرجال فقد صار من أرقى مراتب الحضارة والتقدم اليوم فالفتاة تلبس البدلة الرجالية ، وتقصر شعرها بحيث يصعب التمييز بينها وبين الرجل .
قال – صلى الله عليه وآله وسلم – : " لا تقوم الساعة حتى تظهر ثياب تلبسها نساء كاسيات عاريات "13 أي تلبس النساء الملابس الشفافة والعارية التي لا تستر شيئاً من مفاتنها .
العفة .
من أعظم مقاصد الدين الإسلامي إقامة مجتمع طاهر الخلق ؛ سياجه العفة والحشمة ، لا تهيج فيه الشهوات ولا تثار فيه عوامل الفتنة ، وتقطع فيه أسباب الإثارة ، ومن هنا خصت المؤمنات بتوجيهات من الشارع الإسلامي ، فشرع الحجاب ليحفظ هذه العفة ويصونها من أن تخدشها أبصار الذين في قلوبهم مرض .قال تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً "14.والعفة من أشرف الخصال ، ويتفرع منها الصبر ، والمرأة العفيفة: هي الخيرة التي تصون عرضها وشرفها .قال الحق تبارك وتعالى : " وأن يستعففن خير لهن15.وقد وردت عدة روايات عن أهل بيت العصمة والطهارة – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – تحث على العفة والتي منها: ما جاء عن النبي الأعظم–صلى الله عليه وآله وسلم – : " أحب العفاف إلى الله تعالى عفة البطن والفرج "16.
1- عن أمير المؤمنين – عليه السلام – : " الصبر على الشهوة عفة "17.
2- وعنه – عليه السلام – :"من عقل عفّ ... "18
وعنه – صلوات الله وسلامه عليه–:" ... أفضل العفة الورع في دين الله والعمل بطاعته ... "19.
3- وقال – عليه السلام – : " العفاف يصون النفس وينّزهها عن الدنايا "20.
4- وقال – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم –: " ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة "21.
إلا أنه اليوم ومع اشتداد التأثيرات العالمية ، وتعدد الحملات المستهدفة أخذ موضوع الحجاب الذي هو عنوان العفة منحى جديداً أسوة بباقي مفاصل الحياة الإسلامية؛فقد تنوع الهجوم عليها،فتارة يهاجم العمل الإسلامي،وتارة أخرى الدعاة ،وتارات أخرى الحجاب كونه يمس المجتمع وتكوينه بأجمعه .وذكرت الإحصائيات الصحفية حتى21مايو 2003سُجلت(400) مشكلة ذات علاقة بالحجاب في فرنسا؛ وما هذا الهجوم والتكاثف من القوى الغربية واجتماعها على ضرب العفاف إلا محاولة للقضاء على المجتمع بضرب المرأة واغوائها التي هي أساس الأسرة؛ومتى ما ضربت المرأة ضربت الأسرة المسلمة في ثوابتها؛وبالتالي تكون الفرصة مواتية للقضاء على كيان المجتمع الإسلامي وهذا هو هدفهم الأكبر.لذلك حري بك أختي الموالية أن تحافظي على عفافك وحجابك ولا تلتفتي إلى تلك المحاولات التي تحاول تمزيقه وقتله فهو سر عزك وكرامتك؛وشاركي في بناء مجتمعك وتطوير العالم والإعداد لنهضته الحضارية الشاملة التي تتحقق على يد سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف–.


– سورة الروم : آية ( 41 ) .
2 – بحار الأنوار : م 52 ، ب 22 ، ص 142 .
3 – سورة النحل : آية ( 16 ) .
4 – بحار الأنوار : م 52 ، ب 26 ، ص 303 .
5 – كمال الدين : م 2 ، ص 451 .
6 – سورة الروم : آية ( 42 ) .
7 – بحار الأنوار : م 52 ، ص 192 .
8 – وسائل الشيعة : ح 4 ، ص 114 .
9 – كنز العمال : م 14 ، ص 565 ، ح 39610 .
10 – منتخب الأثر ، ص 428 ، ح 9 .
11 – بشارة الإسلام : ص 133 .
12 – مكارم الأخلاق : ص 206 .
13 – بحار الأنوار : م 97 ، ص 91 ، ب 1 ، ح 82 .
14 – مستدرك الوسائل : ج 8 ، ص 466 .
15 - منتخب الأثر : ص 226 .
16 – سورة الأحزاب : آية ( 59 ) .
17 – سورة النور : آية ( 60 ) .
18 – تنبيه الخواطر .
19 – غرر الحكم .
18 – البحار : ج 77 .
20 – غرر الحكم .
21 – نهج البلاغة






الحلقة الخامسة : الدعوة إلى الثقافة المهدوية
أستاذ الدورة : خادم أهل البيت والعلم سماحة الشيخ أبو علي العوامي ( حفظه الله ) .
الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء وعجزت عن إدراك حقيقته أفـهام العلماء واحـد لا شريك له والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضل خلائقه وأشرف سفرائه وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
تحدثنا في الحلقة الماضية عن الخطة المرسومة سماوياً ، والخارطة الإلهية المخططة لمسيرة ونهضـة الإمام امنتظـر – عجل الله فرجه الشريف – إلى حيث يصل إلى مكة المكرمة وبين الركن والمقام يخطب خطبة نأتي عليها في هذه الحلقة على لسان الإمام الباقر – عليه السلام – .
قال – عليه السلام – : " ... والقائم يومئذ بمكة ، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به ، فينادي :
" أيها الناس ! إنّا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيكم محمد ، ونحن أولى الناس بالله وبمحمد – صلى الله عليه وآله وسلم – فمن حاجني في آدم فأنّا أولى الناس بآدم ، ومن حاجني في نوح فأنا أولى بنـوح ، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس في إبراهيم ، ومن حاجني في محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – فأنا أولى الناس بمحمد ، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين ، أليس الله يقول في محكم كتابه " إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " 1.
فأنا بقية من آدم ، وذخيرة من نوح ، ومصطفى من إبراهيم ، وصفوة من محمد – صلى الله عليه وآله وسلـم – .
ألا : فمن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله .
ألا : ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى بسنة رسول الله .
فأنشد الله من سمع كلامي اليوم ، لما بلّغ الشاهد منكم الغائب .
وأسألكم بحق الله وحق رسوله وبحقي – فإني لي عليكم حق القربى من رسول الله – إلاّ أعنتمونا ، ومنعتمونا ممن يظلمنا ، فقد أخفنا وظلمنا ، وطردنا من ديارنا وأبنائنا ، وبغي علينا ، ودُفعنا عن حقنا ، وافترى أهل الباطل علينا .
فالله الله فينا ، لا تخذلونا ، وانصرونا ينصركم الله تعالى "2.
بعد هذه الخطبة المباركة نقف في هذه الحلقة مع الإمام – عليه السلام – في ناحيتين :
الناحية الأولى : نستلهمها من جوانب الخطبة .
الناحية الثانية : نستلهمها من ختام الخطبـة .
التي نستلهمها من جوانب الخطبة ، إحدى مفرداتها ومعانيها إن الإمام – عليه السلام – يعرف الناس به ليقيم عليهم الحجة حتى لا يكون هناك من يقول أنه لا يعرفه ؛ وهذا ما دأب عليه أئمة الهدى في التعريف بالإمام الغائب والتبشير به – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين –
أسماء الإمام المهدي – عليه السلام – .
وعليه يجدر بنا أن نتعرف ولو شيء يسير على بعض أسماء الإمام – عليه السلام – وعللها .
1 – المهدي .
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – اسم المهدي اسمي 3
وسمي بالمهدي ، لأن الله تعالى يهديه ويرشده إلى الأمور الخفية التي لا يطلع عليها أحد كما أكد على ذلك الإمام الصادق – عليه السلام – حينما سئل عن علة تسميته بالمهدي فقال : " لأنه يهـدي إلى كل أمر خـفي " 4.
وهنا ينبغي الالتفات إلى ملاحظة من خلال الخطبة تتجلى بشكل واضح وهي أن الإمام الباقر – عليه السـلام – يحكي عن مستقبل هذه النهضة أي أن الخطة والخارطة لسير نهضة الإمام – عليه السلام – مهندسة منذ الأزل ومنذ قديم الدهر ؛ ولذلك الإمام الباقر – عليه السلام – يحكي عن هندسة هذه الخارطة وطريقة سيرها ؛ مما يعني أنه عندما يأتي الإمام – عليه السلام – تكون الخارطة التي يسير عليها ليست جديدة أو ارتجالية ؛ إنما مرسومة منذ قديم الدهر ، فالله – سبحانه وتعالى – يرشده إلى الأمور الخفية .
2 – القائم .
يسمى بالقائم ، لأنه يقوم بأعظم قيام عرفه التاريخ البشري ، ويقوم بالحق الذي لا يشوبه باطل وفي ذلك قال الإمام الصادق – عليه السلام – : " سمي بالقائم لقيامه بالحق " 5.
هذا ما يمتاز به قيامه – عليه السلام – لأن التاريخ قد سجل قيام بعض الأفراد بثورات ونهضات ولكن قيامهم ونهضتهم لم تكن على الصراط المستقيم ؛ إلا أن الإمام المهدي – عليه السلام – يقوم بالحق المحض .
ونلاحظ أن نهج الأنبياء – عليهم السلام – ودعوتهم كانت تمهيداً لدعوة المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – وكلا الدعوتين هما تمهيداً لنهضة الإمام الحجة – عجل الله فرجه الشريـف – وعـلى ذلك نقـرأ في الدعـاء : " اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك ، والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة " 6.
هذه الدولة بكل أبعادها قيامها قيام عظيم في التاريخ ، ولذلك نلاحظ في جوانب الخطبة أن الإمام – عليه السلام – يقوم مستجيراً بين الركن والمقام ليعلن قيامه العالمي وما عنده من تبليغ الرسالة في تلك المحطة المباركة وذلك المكان العظيم .
3- المنتظر .
سئل الإمام الجواد – عليه السلام – لم سمي بالمنتظر ؟
قال : لأن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدّها فينتظر خروجه المخلصون ، وينكره المرتابون ... " 7 .
كل العالم يستشعر في نفسه الحاجة الماسة للعدل ورفع الظلم ، ومحاربة الفقر ، وإطفاء نار الحروب والفتن وسيادة الحرية وهذا كله يتحقق على يد المصلح الأكبر ، والناموس الأعظم الحجة المنتظر – عليه السلام – حيث يتأصل الأمل والانتظار ويتجذر في أعماق قلوب العالم بأجمعه ؛ فالنصارى ومن صميم اعتقادهم ما زالوا ينتظرون الموعود المخلص وهو عندهم (المسيح ) أو من يسمى ( مهميد ) ، والرومان ينتظرون الموعود المسمى عندهم ( الفردوس الأكبر ) ، والزرادشت تنتـظر مخلصـها المسـمى ( سروش ) والفرس يدعـونه ( برويز ) كذلك الـمجوس تنتظـر ( خسرو ) والهند ينتظرون ( لاند بطارا ) .
فهؤلاء ينتظرون المخلص وكلاً حسب مذهبه ومشربه ، أمّا نحن شيعة آل محمد – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – فننتظر الإمام الغائب – عليه السلام – الذي جاء ذكره في القرآن الكريم في 100 موضع عـلى ما صرح بذلك سماحة المرجع المقدس السيد صادق الشيرازي ( مدّ ظله ) في كتابه المهدي في القرآن الكريم .
والذي بشرت به أئمة الهدى – عليهم السلام – وعلى رأس المبشرين النبي المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – في الأحاديث التي وردت عن الطريقين وبلغت حد التواتر وقاربت 3666 حديث ؛ إذن فهي قضية مشتركة ، وقاسمها مشترك بيننا وبين كل العالم .
4 - صاحب الأمر .
سمي بصاحب الأمر ، لأنه الإمام الحق الذي فرض الله طاعته على كل العباد في قوله تعالى : " واطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " 8.
وقد صرحت الأحاديث الصحيحة عن أهل البيت – عليهم السلام – أن " أولي الأمر " هم أئمة أهل البيت – عليهم السلام – وخاتمهم هو صاحب الأمر .
5 – الحجة .
سمي بالحجة لأنه حجة الله على العالمين ، وبه يحتج الله – سبحانه وتعالى – على خلقه .
ونشير هنا إلى أن الدعاة إلى أهل البيت – عليهم السلام – هم حجج الله على العباد ؛ فالعالم يسمى حجة لأنه حجة على أهل مجتمعه ، وكل مبلغ هو حجة على من يبلغهم ، لأنه في يوم القيامة يحاج البشر به فيقال هذا حجتي عليكم لقد دعاكم فلم تستجيبوا ! والحجج يختلفون باختلاف مراتبهم فهذا الحجة المنتظر – عليه السلام – وذلك الحجة النبي – عليه السلام – والمرجع ، والعالم ، والمبلغ ، والداعي ، والداعية ، والهادية والمرشدة لأهل البيت – عليهم السلام – .
وهذه بذاتها الحجية تعد عمل من الأعمال الدعوية التي هي في سير خدمة الإمام – عليه السـلام – وهـذا ما جاء في نهاية الخطبة في قوله – عليه السلام – : " وانصرونا ينصركم الله " فهذه الدعوة وهذا الإرشاد يعد بحد ذاته نصرة للإمام – عليه السلام – .
طرق الدعوة للإمام – عليه السلام – ونصرته .
ينبغي الالتفات إلى أن طريق الدعوة إلى الإمام – عليه السلام – ونصرته متنوعة منها :
1 – إن مشروع الثقافة المهدوية ، وحث الناس وتعريفهم على الإمام – عليه السلام – يعد نصرة للإمام – عليه السلام – .
2 – تثقيف الناس بالثقافة المهدوية عن طريق الخطابة ، والتأليف والكتابة ،وقد بينت روايات أهل البيت – عليهم السلام – فضل وعظم ذلك في عدة مواضع :
 قال الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – : " المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً فيما بينه وبين النار ؛ وأعطاه الله تبارك وتعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات " 9 .
 قال الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله وسلم – : " من كتب عني علماً أو حديثاً ، لم يزل يكتب له الأجر ما بقي ذلك العلم أو الحديث " 10.
 قال أمير المؤمنين – عليه السلام – : " عقول الفضلاء في أطراف أقلامها " 11 .
 قال أمير المؤمنين – عليه السلام – : " كتاب الرجل عنوان عقله ، وبرهان فضله " 12 .
3 – مساعدة الناس على نصرة الإمام – عليه السلام – بعدة طرق فالبعض منهم مثلاً لا يستطيع التأليف ولكنه من الممكن أن يساهم مالياً في طباعة الكتب ، وما دام هذا الكتاب منتشراً في الآفاق يكون هذا الشخص مثاباً .
4 – نسخ الأشرطة والمساهمة في ذلك مالياً ، فالشريط يوفر خدمة سريعة ومختصرة في هداية الإنسان ، فربما يسمع حديث أو دعاء أو موقفاً في ذلك الشريط وإذا بمعادلة حياته تنقلب للأصلح .
5 – الصدقة الجارية باسم الإمام – عليه السلام – يعتقد بعض الناس أن الصدقة تكمن في تقديم الأموال فقط وصحيح أن الأموال تعد في حد ذاتها صدقة ؛ لكن الصدقة أنواع فبعض الأحيان تكون الصدقة آنية مثل كسوة فقير أو إشباع جائع ، وأحيان أخرى تكون ديمومية جارية مثل شراء وبناء الحسينية فما دامت هي موقوفة لأهل البيت – عليهم السلام – تكون صدقة جارية ليس على مدى الأيام بل على مدى الحياة .
وللصدقة فضل كبير عبر عنه أهل البيت – عليهم السلام- في العديد من الروايات فقد قال الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم - : " أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظلله " 13.
والصدقة في خصوص شهر رمضان لها فضل كبير وخاص فقد روي عن الإمام الصادق – عليه السلام – قوله : " من تصدق في شهر رمضان صرف عنه سبعين نوعاً من البلاء " 14 .
وبخصوص يوم الجمعة قال الإمام الصادق عن أبيه – عليهما السلام – أنه قال : " ... الصدقة في يوم الجمعة تضاعف لفضل الجمعة على غيره من الأيام " 15 .
وليست آثار الصدقة الجارية على المتصدق وحده فحسب بل على ولده فقد قال الإمام الصادق – عليه السلام - : " ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلا أحسن الله الخلافة على ولده من بعده " 16.
وحتى ندرك أهمية الصدقة الجارية وخدمة أهل البيت – عليهم السلام – يجب علينا أن نلاحظ أن ما كان لله – سبحانه وتعالى – ينمو ، وأن هذه الأعمال الصالحة تتجسم لصاحبها ، فعندنا في العقائد إن الأعمال الخيرية تتجسم لصاحبها في القبر على هيئة شاب تسعده .
وإليكم هذا القصة التي تبين عظمة الصدقة وأثرها :
كان ملك في بني اسرائيل صاحب سطوة وجبروت ، أعلن أن من يتصدق من أهل بلدته سيقطع يده ، إلا أن أصحاب الخير والأيادي البيضاء لا يثنيهم عن العمل شيء ، فكانت هناك امرأة مؤمنة ما استطاعت أن تصبر عن الصدقة وكان عندها رغيفين تصدقت بهما ، حينئذ سمع الملك بذلك وقطع يدها وطردها من البلدة ، كان مع هذه المرأة طفل صغير ، وعندما وصلت إلى نهر أرادت أن تشرب منه فكان الموقف صعب عليها فهي بدون يد وإذا بالطفل يسقط من عندها في النهر فأصبحت في حال يرثى لها ؛ وإذا برجلين أمامـها يسألاهـا ما تقولين إنّ ردّ الله عليك يدك و ولدك ؟
قالت : أنى يكون لي ذلك ؟
فدعيا الله – سبحانه وتعالى – فرد عليها الولد واليد !
فسألتهما من أنتما عافاكما الله ؟ قالا : نحن رغيفاك . 17.
وعلى كل حال إن الإنسان عندما يقدم الخيرات والأعمال الصالحة يخلد له ذكراً في الحياة ؛ فنحن البشر عندما يموت أحد منّا نقول : ماذا ترك ؟ بينما الملائكة تسأل : ماذا قدم ؟
وفي ذلك قال أمير المؤمنين – عليه السلام – : " إذا مات ابن آدم قال الناس : ما ترك ؟ وقالت الملائكة : ما قدم ؟ " .
وكل واحد منّا يستطيع أن يخلد له ذكراً في الحياة ، فكل مشروع خيري تستطيع أن تساهم فيه ، ساهم ولو بالشيء القليل .
نلخص ما سبق بقولنا :
إن الإمام – عليه السلام – ينادي " انصرونا ينصركم الله " هذه النصرة متلونة بألوان ومتشكلة في عدة معاني منها نصرته – عليه السلام – بنشر الثقافة المهدوية ، وتقديم الصدقات باسمه – عليه السلام – وطبع وتأليف الكتب ، ونسخ الأشرطة ، وتأسيس المؤسسات باسمه فما كان لله ولأهل البيت – عليهم السلام – يبقـى وما كان لغير الله يذهب مع أدراج الرياح .


- " اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحظوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً برحمتك
يا أرحم الراحمين " - –
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

--------------------
-1- سورة آل عمرآن آية : ( 33 – 34 )
2– كتاب الغيبة للنعماني – ب14 ، ص 288 ، ح 67 .
3 – كتاب الإمام المهدي – عليه السلام – من المهد إلى الظهور للعلامة الخطيب السيد القزويني ص 27 .
4– الغيبة للطوسي – ص 471 .
5 – بحار الأنوار : ج 51 ، ص 30 - والإرشاد للشيخ المفيد .
6 – صحيفة المهدي– عليه السلام - دعاء الافتتاح ، ص 93 .
7– بحار الأنوار : ج 51 ، ص 30 – وإكمال الدين للشيخ الصدوق .
8 – سورة النساء آية ( 59 ) .
( 9 ) ، ( 10 ) ، ( 11 ) ، ( 12) منتخب ميزان الحكمة ، ص 337 .
13 – ثواب الأعمال للشيخ الصدّوق ، ص140 .
14– ثواب الأعمال للشيخ الصدّوق ، ص 124 .
15– ثواب الأعمال للشيخ الصدوق ،
16- بحار الأنوار : ج96 ، ص 135
17– الدعوات للراوندي : ص 182
__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))


التعديل الأخير تم بواسطة نور قلبي علي ; 24-05-08 الساعة 09:35 PM.

نور قلبي علي غير متصل  

قديم 24-05-08, 12:42 PM   #8

منتظر
عضو فعال

 
الصورة الرمزية منتظر  







ملل

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


نشكرك اختي العزيزة ونشكر شيخنا الفاضل أبوعلي العوامي على عطاءه العلمي

مآجورين ومثابين


تحياتي

__________________
التوقيع مخالف لضوابط المنتدى .

منتظر غير متصل  

قديم 24-05-08, 09:38 PM   #9

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


لاشكر على واجب اخي منتظر
واسمحوا لنا تم تعديل المشاركة الاخيرة
ووضع الحلقة الرابعة والخامسة مع بعض ..

وموفقين الى خير
ونسألكم الدعاء
__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))

نور قلبي علي غير متصل  

قديم 22-06-08, 07:52 PM   #10

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

رد: حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..



بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وال محمد
وارحمنا بمحمد وال محمد

دورة تهذيب النفس بالأخلاق المهدوية
الحلقة السادسة : نهضة الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – من أين وكيف ؟
أستاذ الدورة: خادم أهل البيت والعلم سماحة الشيخ أبو علي العوامي ( حفظه الله ) .

[COLOR=#000000]الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء ، عجزت عن إدراك حقيقته أفهام العلماء واحد لا شريك له ، لا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء ، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضل خلائقه وأشرف سفرائه ، وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
قال تعالى : " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثيـن " 1 .
الحديث في هذه الآية عن سيدنا ومولانا قطب دائرة الإمكان صاحب العصر والزمان الحجة المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – حديثنا في هذه الحلقة يتمحور حول قضية مهمة وهي نهضة الإمام -عليه السلام - من أين تكون وكيف ؟ مفتاح الإجابة على هذا السؤال نذكر هذه القصة .
قصة الشيخ محمد حسن النجفي .
[COLOR=#000000]ذكر الشيخ النوري – في كتاب جنّة المأوى – عن بعض علماء النجف الأشرف : أنه كان في النجف رجل من طلاب العلوم الدينية اسمه الشيخ محمد حسن سريرة وكان يعاني ثلاث مشاكـل :
1 – يقذف الدم من صدره .
2 – يعيش في فقر شديد .
3 - يحب الزواج من امرأة امتنع أهلها أن يزوجوها إياه لفقره .
فلمّا يئس من ذلك قرر الذهاب إلى مسجد السهلة ( مسجد عظيم مبارك يقع في مدينة الكوفة بالقرب من النجف الأشرف وقد كان الإمام علي -عليه السلام - يصلي بالناس فيه وفيه قتل عليه السلام ) أربعين ليلة أربعاء ، لأنه اشتهر بين المؤمنين من واظب على زيارة مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء ، فلا بد أن يـرى الإمـام صاحـب العصر والزمان - عليه السلام - فواظب الرجل على ذلك أملاً أن يتشرف بلقاء الإمام - عليه السلام - ويعرض عليه حوائجه الثلاث .
فلما كانت الليلة الأخيرة وكانت ليلة ظلماء باردة ، ذات ريح عاصف جلس الرجل على دكة باب المسجد من الخارج لأنه لا يستطيع اللبث في المسجـد بسبب الدم الذي كـان يقذفـه من
صدره عند السعال ؛ وجعل يفكر في أنه لم يوفق لرؤية الإمام المهدي - عليه السلام - بالرغم من أنه في آخر أسبوع من الأسابيع الأربعين .
كان الرجل متعوداً على شرب القهوة ، فأشعل النار لصنع القهوة ، وإذا به يرى رجلاً قصده ، فانزعج من ذلك وقال في نفسه : إن هذا الإعرابي سيشرب القهوة كلها ، ولا يبقى لي شيء !
يقول فوصل الرجل وسلم عليّ باسمي فتعجبت من معرفته اسمي وجعلت اسأله : من أي طائفة أنت ، من طائفة فلان ؟ فيقول لا ، حتى ذكرت أسماء طوائف متعددة ، وهو يقول : لا ، لا .
وأخيراً سألني ما الذي جاء بك إلى هنا ؟
فقلت له : ولماذا تسأل عن ذلك ؟
فقال : وما يضرك لو أخبرتني به ؟ !
فصببت له القهوة في الكأس المعروفة ب ( الفنجان ) وقدمته له فشرب قليلاً منه ، ثم ردّ الفنجان وقال لي أنت اشربها ، فأخذت الكأس منه وشربت ما تبقى من القهوة .
ثم بدأت ببيان حوائجي فقلت أنا في غاية الفقر والحاجة ، ومصاب بقذف الدم منذ سنين ، وقد تعلق قلبي بامرأة وامتنع أهلها من تزويجها إياي ، وقد خدعني رجال الدين إذ قالوا لي اقصد حوائجك الإمام صاحب العصر والزمان - عليه السلام - واذهب إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة أربعاء ، فتقضى حوائجك وقد تحملت المشاق والمتاعب في هذه الليالي وهذه هي الليلة الأخيرة ولم أر فيها أحداً .
فقال لي وأنا غافل : أمّا صدرك فقد برأ ، وأمّا المرأة فستتزوج بها قريـباً ، وأما الفقــر فلا يفارقك حتى الموت .
فقلت له : ما رأيك لو دخلنا إلى المسجد ، فدخل معي وصلينا ركعتين مخصوصة للإمام صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف- وكان يصلي معي ؛ يقول الشيخ : حينها شعرت في نفسي وخامرني شعور أليست هذه الليلة الأخيرة وفيها اللقاء الموعود ؟ وأنا يخامرني هذا الشعور وإذا بنور يكتنف هذا الرجل من رأسه إلى قدميه ؛ وتقدم النور إلى ذلك المكان وأنا معه فأخذت أعج بالبكاء وأنادي سـيدي يا صاحب العصر والزمـان اغثـني اغثني ...ولمّا أصبح الصبح شعرت أن صدري قد برأ ، وبعد أسبوع تزوجت تلك المرأة وبقي الفقر على حاله 2.
هذه القصة بكل ما تحمل من معاني عذبة تحكي أبعاد متعددة :
1 – إن هذا العالم الجليل صاحب إيمان عميق .
2 – إنه وفى لله فوفى الله له " إن الله لا يخلف الميعاد " 3 .
3 – إنه ممن محض الإخلاص محضاً ، وهذا الإخلاص يعد أهم طريق لنصرة الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – وللكون من أنصارهِ وأعوانهِ - عليه السلام - .
4 – اليقين بوجود الإمام - عليه السلام - مدعاة لفضله وكرمه .
5 – أفضال الإمام - عليه السلام - وكراماته مستمرة حتى وإن كان غائباً .
6 – فضل مسجد السهلة ، فمن واظب على زيارة هذا المسجد أربعين ليلة أربعاء تشرف بلقاء صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – بعون الله سبحانه وتعالى وقدرته .
نهضة الإمام عليه السلام من أين وكيف ؟1 – ينبغي أن نعرف إن برنامج سير خطة حركة الإمام - عليه السلام - برنامج سماوي أي أن الخارطة مهندسة من السماء لا يمكن أن يداخلها الفشل .
2 – إن الخبرة التي يمتلكها الإمام – علـيه السلام - خبرة سنين طوال فيها تجـارب الأنبيـاء - عليهم السلام - وكل الأوصياء ؛ فيها كل التجارب السابقة وللمعلومية إن كل حركة الأنبياء - عليهم السلام - كانت تمهيداً للنهضة المباركة ؛ أي أن كل حركة على مدى التاريخ هي إعداد لنهضة الإمام الحجة – عجل الله فرجه الشريف - .
3 - إن هذه النهضة المباركة لا يمكن أن يشارك فيها إلا من تعمق في الإيمان ، وأخلص لله سبحانه وتعالى .
ما الفرق بين القيام والظهور ؟
الظهور : هو الخروج بعد الاستتار والاختفاء .
القيـام : هو النهضة والشروع في العمل أي قيام الإمام - عليه السلام - بثورته العظمى ونهضته المباركة ؛ وهذه النهضة المباركة تستمر حتى تتطهر الأرض من الأدناس وحتى يكون فيها عزاً لأوليائه وذلاً لأعدائه .
كيف تكون نهضته المباركة - عليه السلام - ؟
إن من علائم الظهور الصيحة السماوية في شهر رمضان وهذه الصيحة مفتاح النهضة فمع الصيحة يكون الظهور ؛ قال الإمام الباقر- عليه السلام - : " يكون الصوت في شهر رمـضان ، في ليلة الجمعة ، في ليلة ثلاث وعشرين ، فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا " 4 .
خارطة سير الإمام - عليه السلام - .
يظهر الإمام - عليه السلام - أولاً من المدينة المنورة كما في الروايات ويصل خبر ظهوره إلى السفياني وهو أكبر عدو من أعداء الإمام - عليه السلام - وقد استولى على بلاد سوريا ، والأردن وفلسطين ، فيرسل السـفياني جيشاً إلى المدينة المنورة لأجل القـضاء علـى الإمـام - عليه السلام - ، ولكن الإمام – عليه السلام - يغادر المدينة قبل وصول الجيش اتقاءً من شر جيش السفياني قاصداً مكة على قولين :
1 – ينزل في دار قريبة من الصفا .
2 – ينزل في ضاحية ذي طوى وهي إحدى ضواحي مكة .
يبقى الإمام - عليه السلام - في مكة وتمر الأيام ، ويقترب وقت قيامه - عليه السلام - فيجتمع له الخواص من الأصحاب من غرب الأرض وشرقها في مكة كما في الرواية عن أمير المؤمنين - عليه السلام - : " إذا قام يجتمع إليه أصحابه على عدة أهل بدر وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجـلاً ، كأنهم ليوث قد خرجوا من غاباتهم ، مثل زبر الحديد لو أنهم هموا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها فهم الذين وحدوا الله حق توحيده ، لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل ، خوفاً وخشية من الله تعالى ، قوّام الليل ، صوّام النهار ، كأنما رباهم أب واحد وأم واحدة ، قـلوبهم مـجتمعة بالمـحبة والنصيحـة ، ألا وإنـي أعـرف أسماؤهم وأمصــارهم " 5.
تجتمع أصحاب الإمام - عليه السلام - عند الإمام في مكة ؛ فإذا صار يوم الخامس والعشرون من شهر ذي الحجة أرسل الإمام المهدي - عليه السلام - الرجل الملقب بالنفس الزكية وهو من العلائم المحتومة إلى أهل مكة فينقضون عليه ويقتلونه بين الركن والمقام ؛ ويرسلون رأسه إلى السفياني بالشام .
وبعد خمسة عشر ليلة يحضر الإمام عليه السلام في المسجد الحرام في العاشر من شهر محرم ويعلن قيامه العالمي بين الركن والمقام .
ويكون شعاره : يا لثارات الحسين ، ليبين حقيقة الارتباط بين الثورتين المباركتين ، وإعلاماً منه بعظم الفاجعة التي تتجدد بمرور الأيام .
روي عن الإمام الباقر - عليه السلام - أنه قال : " وليس بين قيام قائم آل محمد وقتل النفس الزكية إلا خمسة عشر ليلة " 6.
ويصلي الإمام - عليه السلام - ركعتين عند مقام إبراهيم - عليه السلام - ، وبعد ذلك يخطب خطبة نأتي عليها في الحلقة المقبلة إن شاء الله تعالى .


- اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحظوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً
برحمتك يا أرحم الراحمين -
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين


-----------------------------
1 – سورة القصص : آية ( 5 ) .
2 - الإمام المهدي - عليه السلام - من المهد إلى الظهور ص 267 - 26 .
3 - سورة آل عمران آية ( 9 ) .
4- الإمام المهدي - عليه السلام - من المهد إلى الظهور ص 339 .
5 – إلزام الناصب للشيخ علي الحائري ، ج2 ، ص 200 – نوائب الدهر للميرجهاني ، ج 2 ، ص 114 .
6 - بحار الأنوار : ج52 – ص203 نقلاً عن كمال الدين ج2 – ص 649 ؛ ورواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ص271 ، والشيخ المفيد في الإرشاد .





__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))

نور قلبي علي غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 07:46 AM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited