عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-13, 05:57 AM   #2

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 2


البعد العاطفي

الحب بين المرأة والرجل، نوع حبّ يمكن إظهاره

لقد أودع الله سبحانه بين المرأة والرجل جاذبية أشار إليها في القرآن الكريم بقوله «وَجَعَلَ بَیْنَکُم مَّوَدَّةً وَ رَحْمَةً». والمودّة هي نوع خاص من الرحمة.

المحبة والمودة

أ تعلمون ما الفرق بين المودة والمحبة؟ المودة هي ما تظهر على اللسان أما المحبة فتنتقل عبر العين وحسب.
إن الله سبحانه قد فرض علينا مودة اهل البيت (عليهم السلام)، وهذا يعني وجوب إظهار محبتنا لهم. فلو رأينا الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لابدّ أن نقول له «روحي لك الفداء»، لا أن نكتفي بمحبّة العين والقلب. صحيح أن قلوبنا تنبض بمحبته (ع) بيد أنه يلزم إظهار هذه المحبة وجريانها على الألسن. ألم تسألوا أنفسكم لماذا نحن نبكي على الإمام الحسين ونصرخ بأعلى أصواتنا ونلطم على رؤوسنا وصدورنا؟ أ وليست هذه من مصاديق إظهار المحبة؟ أ وليست هذه من المودة؟

المحبة بين المرأة والرجل، هي من النوع المحبة الظاهرة

لقد جعل الله بين المرأة والرجل مودة ورحمة. ولهذه العبارة معنيان: أحدهما توصيفي والآخر تكليفي. فالمعنى التوصيفي؛ هو لو حصلت بين المرأة والرجل محبة فلا بد وأن تظهر في يوم من الأيام، لأن نمطها من النوع الظاهر. أما المعنى الآخر فهو إذا حصلت بين المرأة والرجل علاقة عاطفية فلابدّ من إظهارها للطرف الآخر والتعبير عنها. لقد ورد في رواياتنا أنه لابدّ للزوجين أن يتبادلا بينهما الحبّ والمودّة، ينبغي أن يصرّحا بهذا الحبّ مع بعض لا أن تكون العلاقة بينهما باردة كالثّلج.
هل سمعتم برسالة الإمام الخيمنىي (ره) لزوجته أيام سفرته إلى لبنان، فقد أرسل لها رسالة من هناك تفوح بروائح المحبّة و المودّة وتمتلئ بتعابير الودّ والشوق واللهفة. إن هذه الأمور من وصايا ديننا الحنيف المؤكّدة. فلا بد أن تبقى العلاقة بين الزوجين متوقدة دون أن يطرأ عليها البرود والفتور. ولا بد من إظهار هذه المحبة والإسفار عنها.
أشير هنا إلى موضوع بالمناسبة ثم أتناول الخطأ الشائع في مجال البعد العاطفي بين المرأة والرجل. أما الموضوع الأول فهو، عندما تقع محبة شخص في قلب شخص ثان ولايمكنه الوقوف أمامها أو لايمكنه إخراجها من قلبه، فلو كانت هذه المحبة للجنس المخالف فما لم يبدها لأحد ومالم يقم بتعزيزها ومالم تجرّه إلى المعصية، لايمكن عدّها شيء سيئ. ولا يمكن لأي أحد أن يؤاخذه عليها.
فقد ورد في الروايات ما معناه: لو أن شخصا أحبّ شخصا آخر وامتنع عن إظهار هذا الحب بأسلوب غير لائق ولم يوقعه هذا الحبّ في محرّم، یغفر له أو يحشر يوم القيامة بمقام الشهداء.[1] فإنه سوف ينال مثل هذا المقام عند الله.

هل تتّسع العلاقة بين المرأة والرجل للعشق والغرام؟

أما الخطأ الذي يحصل في البعد العاطفي فهو: الخلط بين المحبة و العلاقة بين الزوجين و التي هي جنس محبة يمكن إظهارها و الإسفار عنها كما لابدّ من إظهارها، وبين مفهوم آخر باسم «العشق» فهل تعلمون ما العشق؟ هو نوع عاطفة تسخّر قلب الإنسان بكامله لها. أصبحت اليوم العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل، تعتبر المصداق الكامل والأتم لهذا المفهوم ما أدّى هذا الخطأ وهذا الخلط إلى إيجاد نفور شديد وكثير من الاضطرابات والأزمات في علاقة الزوجين معا.
لا يمكن أن تحصل هذه المحبة العالية (العشق) بين إنسانين عاديين. فلماذا نزعج أو نخدع أنفسنا؟ فلايمكن لأي علاقة بين الرجل والمرأة حتى في أحسن حالاتها العاطفية أن تصل إلى أعلى هيجان المحبّة. فهذا ما لا يمكن على الإطلاق. فلا يمكن لهذه الكميّة الواسعة من المحبة، أي العشق أن نضعها موضع العلاقة بين الزوجين. نعم، يمكن أن نتصور علاقة بينهما مملوءة بالمحبة الشديدة بحيث تجعل أحدهما مستعدّا لأن يفدي نفسه للآخر، لكنه يبقى حبا وليس عشقا. لأن العشق شئ آخر. فالعشق الذي يقول:

وتلافي إن كان فيه ائتلافي بك عجّل به جعلت فداكا



لا يمكن أن يكون بين إنسانين، ولايمكن أن يتحقق بين المرأة والرجل. نعم قد نسمع في بعض القصص والروايات أو في بعض الأفلام ما يشبه ذلك كما في فيلم «تيتانيك» بأن تحصل ظروف خاصّة يفدي فيها المرء نفسه لشخص آخر، لكنها غير مقتصرة على العلاقات الزوجية؛ فالشرطيّ أيضا فد يفدي نفسه في سبيل نجاة طفل من الحريق أو من أي خطر آخر. بيد أن هذا الفداء لا يحتاج إلى علاقة عشق و محبة. إن الخلط بين العلاقة العاطفية بين الزوجين و بين العشق وما يؤديه من تبعات، فهو مخطط صهيوني فرض على ثقافتنا وعلى الثقافة المسيحية أيضا. فقد أوجدوا هذه المسألة للخلط بين مفهوم العشق ومفهوم العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل وقد جعلوا هذا العشق بطبيعة الحال مقصورا ومتجليا في العلاقة الجنسية لا غير.

يتبع إن شاء الله...

[1]. «من عشق فكتم وعف وصبر فمات مات شهيدا». راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج20، ص233؛ «من عشق وكتم وعفّ غفر الله له وأدخله الجنة». راجع منهاج النجاح في ترجمة مفتاح الفلاح، المقدمة2، ص87.


أميري حسين غير متصل