عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-13, 08:09 AM   #2

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 2


طريقة التعامل مع المشاكل في الحياة المشتركة

1- النظرة الصحيحة للمشاكل

كما أن أهم عامل في مرحلة الاختيار، هو إصلاح الرؤية للحياة المشتركة والعلاقة بين الزوجين، كذلك مسألة التعامل مع المشاكل؛ فإصلاح الرؤية هو أول قدم وأهمه. و على هذا الأساس، سنشير ابتداء إلى ملاحظتين يظهر للوهلة الأولى أنهما متناقضتان، مع أن الأمر ليس كذلك. أولا إن السبب الأول لعدم ازدهار استعدادنا، يعود للتفريط في طاقاتنا وقدراتنا، وأهم سبب للضعف في عبوديتنا وحياتنا، هو المشاكل التي تحصل لنا في جو العلاقات الأسرية. ولا توجد مشكلة كهذه المشاكل في الأثر في تحطيم الاستعداد الإنساني للعبودية وللحياة.
أما الملاحظة الثانية في الرؤية الأولى فهي تناقض الملاحظة السابقة وهي: إن أهم المسائل التي يتحتم علينا الالتفات لها هي على المرء أن لايذل نفسه ويأسرها أمام المشاكل العائلية. إذ لايمكن لأي أحد أن يصون نفسه ويصدها عن هذه المشاكل. فعلى الرغم من أن أهم عامل لتحطيم الانسان هو هذه المشاكل، عليه أن يجتهد في أن لايسمح لها أن تسقطه أرضا.
ألا أن عرف أهمية الأسرة ومقامها السامي، ستعينه هذه المعرفة على أن يحصل على وعيا كافيا لها، والقدرة على استقبال المشاكل والسعي لحلها وإزالتها.
نعم، لابد من الالتفات لهذه الملاحظة؛ فمع أن للأسرة مقام رفيع جدا ولها الأهمية البالغة، لكن لابد أن يكون البحث عنها بشكل لايدع المرء يزيد من انتظاراته منها. وذلك لأن المرء كلما ازدادت انتظاراته من أسرته، إزداد عذابه، وتقاعس عن الإقدام لإصلاح نفسه، وكذلك يحطم العلاقات الأسرية بانتظاره الإصلاح من الآخرين بدلا عن إصلاح نفسه.

2- الرؤية الصحيحة للزواج

كما مر في موضوع اختيار الزوج، لتكن نظرتكم بعد العقد للطرف الآخر كنظرة الأبناء إلى والديهم. فهل للأبناء حق اختيار أبويهم؟ وهل يفكر أحد في هذا المجال ويعترض على قصر أمه؟ أو لماذا أبي يشغل الشغل الفلاني أو له الوضع الجسماني الكذائي؟ هل يمكن لأحد أن يغير تقديره؟ على الزوجين أيضا أن ينظرا إلى علاقتهما بعد الزواج بهذه النظرة التي تساعد على رشد المرء ورقيه كثيرا. فهذا -مهما كان- هو تقديرك المعين.
اسمحوا لي أن أضرب لكم مثالا لتقريب المعنى في الذهن: هل نظرتم إلى وجوه العجائز والشيبة جيدا؟ وهل رأيتم وجوههم المجعدة وشعرهم المشعث بسبب شدة الكبر، حتى قد يصاب البعض بالحدب، ومن الناحية الأخلاقية أيضا نجد بعضهم يقل صبرهم وتحملهم كثيرا. مع هذا نجد أحفادهم يحبونهم كثيرا ونجد بينهم ألفة كبيرة. وقد يتعجب المرء من شدة هذه المحبة. فيالها من محبة وأنس شديدين بين الحفيد وجديه. فهل فكر الحفيد يوما بهذا الموضوع أي لماذا يكون وجه جدي أو جدتي هكذا؟ على الزوجين أيضا أن يكونا هكذا. فهذا الحفيد وصل إلى هذه النقطة بشكل طبيعي ولا يفكر إطلاقا بعيوب جديه ونقائصهما، لكن على الزوجين أن يصلا إلى هذه النقطة بالمعرفة والدراية؛ أي أن يصلا إلى الأنس والمحبة الشديدة، من غير أن تؤذيهم النقائص والعيوب. لا تختر زوجتك مرة ثانية، كما أن الحفيد لا يفكر باختيار جديه على الاطلاق.
نجد البعض للأسف ما إن تحصل عندهم مشكلة يتطرق هذا السؤال إلى أذهانهم: "هل اختياري هو أفضل اختيار بالنسبة لي، وليس باستطاعتي اختيار أفضل منه؟". لتعلموا أن هذا التساؤل طفولي ويأتي من السذاجة والبساطة الطفولية.
كما نجد بعض الناس يتدخل عند حصول أي سوء تفاهم بين الزوجين ليقول لأحدهما عندما يستشيره في أمر هذه المشكلة: "يا لها من ورطة تورطت بها، لقد ضاع عمرك هدرا" ففي الواقع إن مشورة هؤلاء مضيعة للعمر وإفساد للمعيشة.
ليس الهدف من تقديم هذا البحث أن يتضاعف صبركم على تحمل صعاب المعيشة ومرها. بل إن الهدف منه نجاتكم من شر وسوسة الاختيار المجدد. فإن الحسرة على كل شيء وفي كل وقت قبيحة وغير مطلوبة؛ لكنها في الحياة المشتركة أقبح بكثير. أبعدوا بساط هذه الأفكار المخربة عن الحياة الزوجية المشتركة.
قد تقولون أن الطلاق لا مكان له في ظل هذا المنطق، الجواب هو هكذا تقريبا؛ لذلك ذكر الطلاق في الروايات بوصفه أبغض الحلال. فهذه البحوث كلها ترتبط بباثولوجيا الحياة المشتركة والطلاق خارج عن محل بحثنا الفعلي ويتطلب مجال آخر.
إن ما يجب أن نضعه نصب أعيننا هو أن اختيارنا كاشف عن إرادة الله سبحانه. إن الرجال الصالحين يحسنون الارتباط العاطفي بزوجاتهم ويحبونهم على أساس علل وعوامل معينة لا يمكن للناس العاديين أن يحبون أزواجهم لنفس هذه العلل والعوامل. ومن هذه العوامل هي، أن هذه الزوجة هي ما اختارها الله له؛ هذا عدا العوامل الأخرى كجمال زوجته وأخلاقها وصفاتها الحسنة وحبها له وغير ذلك من العوامل.أو ليس الذي يحصل على سجادة مثلا أو تربة من الامام الحجة عج الله تعالى فرجه كهدية سيتعلق بها ويعشقها جدا وتكون عزيزة عنده غير ما لغيرها من السجاد والتراب؟ عندما نقول إن زوجتك قد اختارها الله لك؛ أتعلم ما يعني هذا الأمر؟ أتعلم ما معنى هذا الكلام؟ لابد أن تكون حياتنا مشتملة على هذه النظرة العرفانية، ولا يمكن لمن كانت حياته خالية من هذه الرؤية العرفانية أن يدرك لذة العيش. لا يمكن لمن لا يحيى حياة عرفانية أن يتحمل صعاب الحياة وستكون حياته مليئة بالتذمر والشكوى. من يحيى حياة عرفانية ستكون صعاب الحياة بالنسبة له جميلة فضلا عن امكانه تحملها. ومن لا يحيى حياة عرفانية، سيكون كل أمر بالنسبة له قبيح وكريه. وسيُكره على قضاء أوقاته بالذنب والمعصية، حتى لا يتذمر من هذه المعيشة ويمكنه تحملها وإدامتها.أضيف قائلا بأن هذا الاقتراح وهو أن تنظروا للحياة الزوجية بنظرة عرفانية وأن تحيوا حياة عرفانية، اقتراح عام تماما، وعلى الجميع أن ينظروا للحياة الزوجية بهذه النظرة، فلا تتصوروا بأن هذه النظرة خاصة بالعرفاء والأولياء.

يتبع إن شاء الله ...

أميري حسين غير متصل