عرض مشاركة واحدة
قديم 21-07-13, 09:31 AM   #40

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

وقفة عند أسرار الولاية 31


عوامل مظلومية الولاية

مع أن السبب الرئيس في مظلومية الولاية هو مراعاة كرامة الناس واحترام إدراكهم وإحساسهم، بيد أنه يمكن إضافة عوامل أخرى تتسبّب إلى مظلومية الولاية أو أنها تشدّد مظلوميّتها. فنضيف في هذا القسم خمسة عوامل مع إمكان إضافة عوامل أخرى.

1ـ قلة الأنصار من خواصّ المجتمع

كما ذكرنا سابقا، إذا أرادت أن تحكم الحكومة الولائيّة دون أن يتعرض وليّ الله للظلم، لابدّ أن يعمل الخواصّ وأنصار الولاية بوظيفتهم بأحسن وجه. ولكن المشكلة الموجودة في هذا المسار هي قلّة وجود الأنصار من الخواصّ في المجتمع الولائي. بعبارة أخرى، بما أن موقع الخواصّ في المجتمع الولائي له اقتضاءاته الخاصة من التضحية والمعرفة العالية، لذلك لا يرغب بهذا الموقع كثير من الناس. طبعا قد يُحسب بعض الناس من خواصّ المجتمع ولكنّهم لا يقومون بوظيفتهم، فلا نعتبرهم ضمن الخواصّ في هذه النظرة. الخواصّ في المجتمع الولائي هم أولئك الذين يعملون بتكليفهم تجاه الولاية.
وعلى مرّ التاريخ كان الأولياء الربانيّون يعانون من قلّة الأنصار والمضحّين من الخواصّ والمقرّبين. فحسبنا أن نلقي نظرة إلى حياة أولي العزم من الأنبياء حيث كانوا خير عباد الله في زمانهم. ولكن مَن منهم كان يحظى بأنصار خلّص يتلقّون الظلامات بدلا عنه؟ وحتى في زمن نبينا(صلى الله عليه وآله) كم من أصحابه كانوا يعملون بوظيفتهم مثل ما كان أمير المؤمنين(عليه السلام) لرسول الله(صلى الله عليه وآله)؟
وكذلك كانت هذه الحقيقة ظاهرة في زمن أمير المؤمنين(عليه السلام). فكم كان لأمير المؤمنين رجال من أمثال مالك الأشتر وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر؟ فلو كان أمثال طلحة والزبير قد سعوا لتعزيز دعائم حكومة أمير المؤمنين(عليه السلام) بدلا عن معاداته، لتغيّر مجرى التاريخ بأسره.
لا يستطيع كلّ واحد أن يدخل في زمرة خواصّ المجتمع الولائي. فمن خلال بعض الروايات نفهم أن الإمام الحجة(عج) سوف يتشدّد مع فئتين من الناس؛ الفئة الأولى هي أعداؤه والفئة الثانية الخواصّ وأنصاره المقربون[1] فبالرغم من أن الإمام سوف يتشدّد على أنصاره المقربين كثيرا ولكن مع ذلك سوف يحظى بثلاثمئة وثلاثة عشر ناصرا مضحيا يمتثلون أوامره كالأمة المطيعة لسيدها.[2]
إن نتيجة قلة الخواص في المجتمع الولائي هي مظلومية الولاية بطبيعة الحال. ففي حال عدم وجود أنصار يتلقون ويستقبلون جميع الظلامات التي توجّه للولاية بتضحيتهم، سوف لا تجد الولاية بُدّا إلا أن تتلقى كل هذه الظلامات بنفسها دون أن تشكوا لأحد معاناتها. فلابدّ للخواص أن يفدوا بأنفسهم كيما يحموا الولاية عن المظلومية. كما كان أمير المؤمنين(عليه السلام) لرسول الله(صلى الله عليه وآله). فإذا كان لابدّ من أن يسقط أحد من أعين الناس وتمجّه القلوب، كان أمير المؤمنين(عليه السلام) هو الذي يسبق الرسول(صلى الله عليه وآله) لأداء هذا الدور ويكفيه المؤونة. وكما فعلت الزهراء(سلام الله عليها) من أجل علي(عليه السلام). فما قامت به الزهراء(سلام الله عليها) في واقع الأمر هو أنها فدت بروحها حفاظا على حرمة علي وعزته(عليه السلام).

2ـ وهن أتباع الولي من عامة الناس

إن الوليّ يتشدد على نفسه في الدين بيد أنه لا يتشدد على الناس.[3] ولهذا فلا ينبغي لعامة الناس أن يكدروا علاقتهم مع الوليّ الرباني وبذلك يمهّدوا أرضية مظلوميته. ولكن ما يجري في الواقع هو أن لعامة الناس دورا كبيرا في مظلومية الولاية. أساسا إذا حظى الناس جميعا بالوعي الصحيح تجاه مفهوم الولاية وموقعها بعد ذلك لا يسمحوا لخواص المجتمع بأن يتهاونوا بتكليفهم تجاه الولاية. إن مطالبتهم الشعبية تدفع خواص المجتمع إلى أداء ما عليهم بشكل صحيح.

يتبع إن شاء الله...

[1].لا حاجة بشرح شدة إمام العصر(عج) مع أعدائه، أما في شدته مع أصحابه وأنصاره فهناك روايات وردت في هذا المعنى. ومن جملتها هي الروايات التي تشير إلى جواب أئتمنا(عليهم السلام) لأصحابهم حينما كانوا يأملون الظهور والفرج، فكانوا يشيرون إلى مصاعب ذاك الزمان وشدة المعاناة التي تفرض على أصحاب الإمام آنذاك. فعلى سبيل المثال: «عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) بِالطَّوَافِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي يَا مُفَضَّلُ مَا لِي أَرَاكَ مَهْمُوماً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ نَظَرِي إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ وَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ هَذَا الْمُلْكِ وَ السُّلْطَانِ وَ الْجَبَرُوتِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمْ لَكُنَّا فِيهِ مَعَكُمْ فَقَالَ يَا مُفَضَّلُ أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا سِيَاسَةُ اللَّيْلِ وَ سِيَاحَةُ النَّهَارِ وَ أَكْلُ الْجَشِبِ وَ لُبْسُ الْخَشِنِ شِبْهَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِلَّا فَالنَّارُ فَزُوِيَ ذَلِكَ عَنَّا فَصِرْنَا نَأْكُلُ وَ نَشْرَبُ»(الغيبة للنعماني، ص287)
[2].قال الإمام الصادق(عليه السلام): هُمْ أَطْوَعُ لَهُ مِنَ الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا».(بحار الأنوار، ج52، ص308).
[3].اشاره به سخنان حضرت زهرا(س) در جمع زنان مدینه که به عیادت ایشان آمده بودند. که در فصل گذشته به آن اشاره کردیم.(احتجاج علی اهل اللجاج، ج1، ص108)

أميري حسين غير متصل