عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-08, 03:44 PM   #9

القلم المتأمل
أنغام أدبية  







رايق

رد: حلقات ( الذاكرة تحكي للمحرم طقوسه وعاداته )


الحلقة الرابعة
طبيعة القسم والحلاف في محرم

حين يستقبل الناس شهر محرم فإن المناخ السائد فيه هو مناخ الحزن بالدرجة الأولى، وهذا يعني أن يتقيد كل فرد في المجتمع بهذا المسلك كبيرا كان أم صغير، ذكرا أو أنثى، شيخا أو شابا.. وليس غريبا أن تكون لغة الحزن ترتسم على كل شيء ، وبذلك تتحول المفردات والعبارات إلى لغة تعكس ذلك المناخ من بعيد أو من قريب ، وتعكس التصرفات كل التصرفات بما يتلاءم وقدسية هذا الشهر ..

وينطبق كل ذلك كذلك على لغة الأطفال وأحاديثهم ولعبهم ، فما تجد أي طفل أو يافع يحاور صديقه إلا وعبارات توحي بالمحرم على شفتيه مثل الحلف أو القسم ، فحين يصطدم شخص مع صديقه في محاورة ما ، فإنه يقول لصديقه ( وحياة الحسين ) أو ولحسين المظلوم ، .. أو يقول له اقسم برأس الحسين ، أو اقسم بكفي أبي الفضل المقطوعتين ، أو اقسم بعطش الأطفال وبعطش الحسين .

وحين يقوم شخص بإخبار جماعة ما بحدث غير متوقع وغير مصدق ، فإنه يقسم بشخصيات كربلاء ، وخاصة القسم بالإمام الحسين عليه السلام ، فإن ذلك يقود الجميع إلى التصديق السريع من غير تأمل أو ارتياب .. كما إن عملية الطلب التي تقابل بالرفض ابتداء بين شخصين ، يطلب أحدهما حاجة من عند صديقه أو قريبه فلم يجبه ، فإن تأثير لغة القسم بالحسين تأخذ مفعولها السريع بينهما . مثل لو شخص أراد قلما من صديقه بإصرار ، والصديق لم يجبه على طلبه ، فإنه يقسم عليه بالإمام الحسين إلا ما أعطاه ذلك القلم ، فحينها يتنازل صديقه عند هذا القسم الذي يعتبره مقدسا ومقدما على ما لديه .. ولم يكن هذا القسم يخص فئة الأطفال فقط، ولكن الكبار رجالا ونساء يستخدمونه حين يعتد النقاش فلا سبيل إلى التهدئة والتصديق إلا بعبارات القسم والطلب والتهدئة التي تشمل على اسم مقدس كالحسين عليه أفضل الصلاة والسلام ..

فالقسم بآل البيت ثقافة تعود عليها المسلمين عامة وشيعتهم خاصة .. كما أن القسم أو الحلف أو الحلاف لا يقف عند وتيرة واحدة فقط ، وإنما تتعدد عباراتها وفي مضمونها ، وفي سياقها ، وربما تختلف من منطقة إلى منطقة ومن قرية إلى قرية ومن بلد إلى بلد ، ..
ومن أمثلة القسم أو الحلاف ما يأتي :
وحْيات الحسين ابن علي .
وحيّات أبو الفضل العباس ..
ولحسين .
وعبد الله الرضيع .
وبعطش الحسين .
وحيّات من نحن في تعزيته / مأتمه .
وبالحسين إلا ما ....
وبكف أبي الفضل العباس إنني كنت ..
وبحق هذه التعزية ...
وبحق من غسله دمه .
أقسمت عليك بعطش الحسين المظلوم ، / أبي الفضل / أو عطش اليتامى .


المهم يتنوع القسم بحسب طبيعة الموقف وخلفياته ، فمرة يقسم كي يصدقوه ، ومرة أخرى يقسم كي يؤكد خبر ، ويقسم للاستعطاف ، ويقسم للتهدئة ، أو للتهديد والوعيد ، ويقسم للطلب .. وما إلى ذلك من أمور ومواقف..
ويعكس القسم في مجتمع ما نوع من ثقافته وتعليمه تظهر في العبارات المستخدمة، وقوة الثروة اللغوية لديه وكيفية توظيفها في الوقت المحدد لتعطي التأثير على سامعه..
وعلى كل حال فلا غرابة أن يكون القسم بالحسين وآل البيت مهما كان نوعه إلا ثقافة مقدسة ذات بعدا عقائديا راسخة في الأجيال ، مستمدة من الثورة الخالدة وقداستها ، ولذلك يظل تأثيرها القوي على من يقسم عليه جرسا يرن في أذنه ، وضميرا يغذيه ..



-----------------------------------------------------------
سيدة الأحلام :
أعجز حقيقة عن شكري لك في إعطاء هذه المساحة نبضا تراثيا بمسحة ثرية ونابعة من تجلي هذه الثقافة في مخيلتك ..
نعم الناعي كما ذكرتيه قد ارتبط ببعض الشخصيات التي تجيد هذا العمل ولديها محصلة جيدة في التأثير الصوتي ، وهي وسيلة إعلامية سامقة المقام عالية المرام ، لا يمكن لأي شخص أن يقوم بها مام يكن موفقا في ذلك .. لكن لا يوجد لدينا على الأقل في الوقت الذي فطنا فيه ، ربما كان قبل جيلنا .. فإن كانت موجودة إلى الآن فهي أسلوب يجب المحافظة عليه والتشجيع عليه .. وأتمنى إن كانت موجودة فعلا أن يقوم فريق من الأخوة بتوثيق هذه القناة من خلال تسجيلها مرئيا ..
مع طيب هذا التواصل .

Fatim*
نمتن إليك أختنا في معرفة ما سبق من تراثنا المقدس ..
كل ما هو واقع اليوم له أصل وجذور ولكن ما يقتضيه الموقف من تطويروتبديل
وصل بشكله الحالي .
اشكر لكما هذا التواصل .

القلم المتأمل غير متصل