عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-08, 12:18 AM   #6

القلم المتأمل
أنغام أدبية  







رايق

رد: حلقات ( الذاكرة تحكي للمحرم طقوسه وعاداته )


الحلقة الثالثة

أخذو الرايـــــــــــة
من العادات والتقاليد التي انتهجتها المآتم في شهر المحرم الحرام هو إعداد ( الراية ) .
والراية كما هو معروف تمثل ( رمز ) هذا الرمز جسّد من خلال التشبيه به كمجسم لكف العباس عليه السلام في واقعة الطف . وهذا الرمز يعني الكثير في معطياته ، يعني القوة والشجاعة لأبي الفضل ، يعني الوفاء والإخلاص اللامتناهي ، يعني الذود والمحاماة عن الحرم ، يعني جلب المياه للأطفال والنساء ...
وحيث إن هذه القيم التي تمثلت في كف أبي الفضل عليه السلام ، تمثل الراية الحقيقية التي حملها في مواجهة الأعداء قد قطعت ، فإن ثمة احتفاء خاص يجسد هذه القيمة السامية لدى الموالين ..
وعلى ضوء ما صورته تلك الفاجعة وبروز نوع من الطقوس التراثية التي تحاكي الوجدان وتنغمس فيه حزنا وألما وتحسفا لما آل لأهل البيت عليهم السلام ، فقد برزت الراية والتي هي عبارة عن مجسم مسطح مصنوع من الفضة أو النحاس يطلق عليها كف أبي الفضل ..
تشتري المآتم مجسم الكف ، وخاصة مآتم النساء ، ويلبس بأقمشة خضراء عديدة و أقمشة مشجرة بالزري ، وتوضع فوق بعض على نهاية الذراع ، ومن فوق الذراع بمسافة معينة يربط عنقها بخيط أخضر فيكون شكلها على هيثئة رأس بحيث تتدلى الأقمشة إلى أسفل فيغطي الكف .
ترش العطورات الفاخرة على مجسم الكف وعلى الأقمشة ، ويطلب من إحدى البنات وخاصة البنات اللاتي تعلمن القرآن ويسمون ( لوليدات ) أن تأخذ الراية بيدها اليمنى وفي يدها اليسرى ( قفة ) وتدور بها على الدور والبيوت ، فتقف على الأبواب وهي نقول ( خذوا الراية ) فتخرج ربة البيت ، فما أن تجد الراية فإن لهفتها تكون أكبر مما يتصور ، فكأـنها تنتزعها من يد لوليدة انتزعا ، وتضمها إلى صدرها ، ودموع الحزن والأسى والنياح الذي يخرج بالآهات ، فتفتح طريقا من الأقمشة لكي ترى الكف وهي بتلك الحالة ، فتشعر بقشعريرة ينتابها فتقبل الكف بكل عمق ، وتوضع كفها عليه وتأخذ منه مسحة وتمسح بها على وجهها وعلى صدرها ، وهي تقول السلام عليك يا سيدي ويا مولاي ، فتردف بعد العبارة السابقة بما حفظتها من لطمية ترددها بذلك الخصوص ، وهي بانتحاب وبصوت مخنوق ضعيف تكرر كلمة ( وآحسيناه .. وآحسين ) .. وتطلب الشفاعة عند جده المصطفى ، ومن ثم تدخل بالراية إلى أفراد الأسرة واحدا واحدا ليتمسحوا من ذلك الكف ويتبركوا منه ، وأن يطلبوا من الله ما يحقق لهم آمالهم بوجود هذه الراية ،. بعدها تقوم ربة البيت بتقديم ما تقدر عليه من مال أو من ( رز ) أو أي شيئ للمأتم ، وهي متمنية العودة لمثل هذه الأيام وزيارة الحسين عليه السلام .

إن مثل هذا الموروث ( الراية ) الذي انتشر بقوة في أعوام ماضية ، يشكل أهدافا متنوعة تصب في نهاية المطاف بالتمسك الشديد في إظهار مظلومية آل البيت عليهم السلام ، وهو بجانب ذلك لا يخفى أن تتخذ شكل الدعاية والإعلان للمأتم والحسينية ، وكذلك التبرع السخي والجاد لذلك المأتم أو لتلك الحسينية ، وذلك لتنويع الدخل المادي والعيني من أجل النهوض بمتطلبات واحتياجات المأتم وبمصاريفه الباهظة ، من خلال هذه الأساليب المرغوبة والطقوس المطلوبة .. أما الآن فقد بات هذا الموروث القديم في الاضمحلال والتلاشي ، ولم يبقى منه إلا صبابة ستنتهي بحجة التطور والرقي ..



---------------------------------------
أحيي أختنا الكريمة قلب من دانتيل على زيارتها لهذا الموضوع ، وأقول لها يعطيك الله شفاعة الحسين يوم الورود .
وإلى اختنا العزيزة والنبيلة سيدة الأحلام على إضافتها المعلومات الوافرة والإثراء الجميل وأقول : شرف وعلو مرتبة لك ولجدتك وجدك وأمك وابيك ولك هذه الخدمة العظيمة التي امتزجت أيما امتزاج بهذا التراث العظيم ، فهنيئا لكم هذه المرتبة العالية واضمري في نفسك بأن يوفقك الله في مواصلة هذه الخدمة الشريفةلتفوزوا جميعا بهذه الشفاعة من الحسين عليه السلام .

وإلى أختنا الفاضلة سلسبيل كل التوفيق على هذه المداخلة ، وأن يكتبك من خدام الحسين عليه السلام ويجحك دنيا وآخرة . لك شكري وتحياتي

أشكركم لإنكم هنا .

القلم المتأمل غير متصل