عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-08, 04:20 PM   #1

نور قلبي علي
عضوية الإمتياز

 
الصورة الرمزية نور قلبي علي  







رايق

حلقات دورةتربية النفس بالاخلاق المهدوية ..


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم اللهم تسليما


واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ومنكري ولايتهم من بدا الخلق إلى قيام يوم الدين





في هذه الصفحات اسمحوا لي اخوتي واخواتي
ان اعرض لكم محاظرات رائعة لتغدية الروح والنفس معا
لكي نمهد انفسنا لضهور قائم اهل البيت عليهم السلام
لابد لنا من سلاح العلم والدين
عنوانها :

دورة تربية النفس بالأخلاق المهدوية
أستاذ الدورة : خادم أهل البيت والعلم سماحة الشيخ أبو علي العوامي ( حفظه الله ) .


الحلقة الأولى :
إشراقة الأرض بقائم آل محمد – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين –



الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء ، وعجزت عن إدراك حقيقته إفهام العلماء واحـد لا شريك له ، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضلخلائقه ، وأشرف سفرائه وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
قال الحق تبارك وتعالى : " وأشرقت الأرض بنور ربها " 1
تنضوي تحت هذه الآية الكريمة مجموعة من القواعد أهمها :
1 – إن لأولياء الله مقامات .
2 – كل شيء له غاية وغاية الغايات هو الله – سبحانه وتعالى – . 3 – الغاية أشرف من المغي ( ذي الغاية ) .
4 – الأشرف يُعلل بالأدنى .


المحور الأول - إن لأولياء الله مقامات:
من الأمثلة على ذلك أن هناك أناس يستطيعون المشي على الماء ، وآخرين يستطيعون المشي في الهواء ، وآخرين يشفون المرضى بإذن الله – سبحانه وتعالى – من ذلك ما جاء عن الشيخ علي النخدكي أنه كان ولياً من أولياء الله تعالى ؛ أعطاه المولى – عز وجل – القدرة على شفاء المرضى وذلك بأن يعطي المريض نوع من السكر وبقدرة الله تعالى يُشفى ذلك المريض من مرضه ؛ ومن لا يستطيع أن يأتي إليه بسبب مرضه يرسل رسولاً للشيخ ويخبره عن مرض من أرسله فيأكل عنه بالنيابة النبات السكري فيُشفى المريض في محله بإذن الله تعالى ؛ وهذا مقام ومنزلة جليلة لم يصل إليها الشيخ الأصفهاني إلا بلطف من الله تعالى .
قال الإمام الباقر : " إن الأرض لتفخر وتقول أن هذا مشى عليّ ، وما من شيء إلا وله مطيع يطلب رضاه ، حتى سباع الأرض تكون تحت أمره وطوعه " فما أعظمه وأجله من مقام !
هنا يتساءل البعض كيف يمكن الوصول إلى هذا المقام ؟ !
الجواب باختصار بالسيطرة على الغضب ، أي بالتغلب على القوة الغضبية والشهوية ( فلا يكون عبداً للشهوات ) ، وبالتغلب أيضاً على القوة القولية فلا يكون سليـط اللـسان لا يستطـيع أن يملك نفـسه في حـالة الغضـب.
كما ينبغي لنا أن نطهرّ أرواحنا ونسمو بها حتى نصل إلى هذه المقامات ونكون من أولياء الله – سبحانه وتعالى – .

تأديب الأولياء :
تأديب الأولياء من باب محاكاة عقولنا ، لأن الأولياء مؤدبون ، فهذا المقام العظيم يجعله الله تعالى لأوليائه المهيئون للوصول إلى هذه المقامات كالنبوة والإمامة قال تعالى : " ولا يناله إلا ذو حظ عظيم "2 .
ينقل سلطان المؤلفين الإمام الشيرازي – قدس الله نفسه الزكية – في كتابه طريق النجاة : عن نبي الله يوسف أنه بقي سبع سنوات في السجن وهو مقدار الكلمات التي تلفظ بها ؛ فالله – سبحانه وتعالى – يريد من هذا الولي أن يكون متوكلاً عليه ، فلما قال اذكرني عند ربك مقدار هذه العبارات بقي في السجن " حسنات الأبرار سيئات المقربين ".
من هذا نصل إلى أن الإنسان إذا أراد أن يصل إلى هذا المقام الجليل ينبغي أن يكون مُتأدب في جميع أقواله وأفعاله .

المحور الثاني - كل شيء له غاية وغاية الغايات هو الله – سبحانه وتعالى – :
قال تعالى : " وإن إلى ربك المنتهى " 3 .
أي أن النهاية إلى الله – سبحانه وتعالى – والغاية هو الله – سبحانه وتعالى – ونحن نعبد ونطيع ونعمل على تهذيب أنفسنا لنصل إلى مقام الرضا عند الله تعالى .

ما حقيقة الإنسان ؟
إن حقيقة الإنسان تعتبر غاية في الخفاء ، ولا يعرفه إلا خالقه – جل وتقدس – وأن التعرف عليه وكشف هويته هو محور الكثير من الدراسات القديمة والحديثة .
وإذا أردنا سبر أغوار هذه الحقيقة نتعرف عليها من محور الأخلاق ، ونأخذها من كتاب الله – القرآن الكريم – الذي هو عالم الأخلاق .
قال أمير المؤمنين :
دواءك فيك وما تشعـر وداءك منك وما تبصـر
أنت الكتـاب الـذي بأحرفه يظهر المضمــر
وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم أجمـع
ويظهر من القرآن الكريم :
1 – إن الإنسان خليفة الله تعالى في أرضه " إني جاعل في الأرض خليفة " 4 .
2 – إنه مظهر الأسماء والصفات كلها " وعلم آدم الأسماء كلها " 6 .
3 – إنه روح الله تعالى " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " 6.
4 – إنه مسجود الملائكة " فسجد الملائكة كلهم أجمعون " 7
5 – أنه حامل أمانة الله – سبحانه وتعالى – " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً " 8 .
نلاحظ هنا أن المراد بالأمانة في الآية السابقة هو القلب الذي هو عرش الرحمن ، وهذا شرف للإنسان بل هو أعلى مراتب الشرف ، إلا أن الإنسان في بعض الأحيان لا يعرف قدره ولا المقامات العالية التي خصه المولى – عز وجل – بها ، ولا كيف يصل إليها ، لذا فهو يحتاج إلى ترويض نفسه وتهذيبها قال تعالى : " فلا تعلم نفس ما أخفي لها من قرة عين جزاء بما كانوا يعملون " 9 .
وذلك ليصل بنفسه إلى مقام عالي ورفيع هو مقام الأولياء ، وهذه حقيقة ينبغي أن نعرفها ويعرفها كل من يريد أن يكون ولياً من أولياء الله حتى يتهيأ ويتشرف بلقاء صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – .
جاء في بعض التفاسير : " وأشرقت الأرض بنور ربها " 10 .
أشرقت بنور الإمام المهدي المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – عندما يظهر يملؤها قسـطاً وعدلاً فتـشرق بنـوره – أرواحنا لتراب مقدمه فداء – وهذا الشرف والمقام الذي يحوز عليه الإنسان عندما يتشرف بمقام الأولياء يتهيأ لنصرة المولى عند شروق الأرض ؛ وهذا مقام التكامل الذي لا ينتهي بالدنيا .
وكل شخص يعشق الكمال امرأة كان أو رجلاً وهذه حقيقة لا يجهلها أحد ، لكن الكمال لا ينتهي بالدنيا كما يعتقد البعض حتى في الآخرة نسعى للوصول إلى الكمال ، والأولياء لا يقف بهم الكمال ، فالآخرة مكان جزاء لا مكان عمل إلا أن الأولياء مشغولون بعبادة الله ، والحور العين يشكون إلى الله تعالى هذا الولي الذي خلقوا له ، فهو مشغول بعبادة رب العالمين عنهم ، فيقول الله – عز وجل – دعوه إن في ذلك راحة له .
وليس الإنسان فحسب ، بل حتى النبات كما جاء في الروايات عندما يكونوا المؤمنين في الجنّة يكونوا على سرر متقابلين فعندما يأتي المؤمن ليقطف الثمر وإذا بتلك تقول : أيها المؤمن كلني قبل غيري ، فكمال الثمر أكل المؤمن له .
فإذا كانت دورة التكامل لا تنتهي فما أولى بالإنسان المؤمن أن يسعى إلى تكامله في الدنيا .

المحور الثالث - إن الغاية أشرف من المغي – ذي الغاية – :
نحن العباد غايتنا الله تعالى ، وتلك الغاية أشرف من المغي في وصولنا إلى الله تعالى ، أشرف من وسيلتنا وهي العبادة .
مثال على ذلك : هذه الحسينية المباركة وجدت لخدمة المؤمنين وليس المؤمنين لخدمتها ، فكل شيء في الكون خلق لخدمة الإنسان الذي هو أعلى مخلوقات الله تعالى ( فالحيوان وجد من أجل الإنسان ، والنبات وجد من أجل الإنسان ، والجماد أيضاً وجد من أجل الإنسان ) .
نلاحظ أن الغاية أشرف من ذي الغاية ، غايتنا خدمة أهل البيت – عليهم السلام – وهو شرف عظيم لنا ، فعملنا شريف ولكن رضاهم هو الغاية وهي الأشرف .
تصحيح سؤال ما فائدة الإمام الغائب ؟
ينبغي لنا التأدب في حديثنا عن الإمام لأنه علة وجودنا في هذه الحياة فقد روي : " لو بقيت الأرض من غير إمام لساخت " 11 .
لذا من باب أولى أن نقول ما فائدتنا نحن الموالين قبال الإمام الحجة ؟
قال تعالى : " بقية الله خير لكم " 12.
وسأل النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – : هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته ؟ فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – : " أي والذي بعثني بالنبوة ، إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب " 13 .
وروي عنه أنه قال : " أما وجه الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب "14. أقول : ما أعمق هذا التشبيه ! ! وما أجمل وأكمل هذا التعبير .
إن كان الناس فيما مضى لا يعرفون عن الشمس إلا أنها جرم سماوي ، يشرق على الأرض ويبتدأ النهار بشروقها ، وينتهي بغروبها ، وأنها تجفف الأجسام الرطبة وتبخر الماء وتولد الحرارة في الجو وأمثال ذلك ؛ فإن العلم الحديث اكتشف للشمس فوائد عظيمة ومنافع مهمة جداً وأثبت أن الشمس أمان للمجموعة الشمسية بأجمعها من الفناء والزوال .
وعندما ننظر إلى أهمية هذا النجم الذي نراه كتلة ملتهبة ترسل أشعتها النافعة المفيدة إلى الأرض ؛ وتتفاعل بأنواع التفاعلات في الإنسان ، والحيوان ، والنبات ، والهواء ، والماء ، والتراب والجماد .
ومن الواضح أن السحاب لا يغير شيئاً من تأثير الشمس ، وإنما يحجب الشمس عن الرؤية في المنطقة التي يخيم علها السحاب فقط ؛ ومن الطبيعي أن السحاب لا يتكون إلا من إشراقة الشمس ، والأمطار لا تهطل إلا من السحاب ، فلولا الشمس ما كان سحاب ولا زرع وكان مصير الحياة العدم . فالإمام المهدي الذي شبهه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بالشمس من وراء السحاب هو الذي بوجوده يتنعم البشر ، وتنتظم حياتهم ، وكل ذلك من فضل الله تعالى على رسوله وأهل بيـته الطاهـرين – عليهم السلام – وهو الذي تتفجر منه الخيرات والبركات والألطاف الخفية ، والفيوضات المعنوية إلى الناس ، وهو المهيمن على الكون بإذن الله تعالى من وراء ستار الغيبة والاختفاء ، فهو يتصرف في الكائنات بصورة مستمرة ، ويملك كافة الصلاحيات التي فوضها الله تعالى إليه ، وليست حياته حياة الضعيف الذي لا يملك حولاً ولا قوة ، ويكتفي بصلاته وصيامه ، ويقضي أوقاته في الصحـاري والبراري منـعزلاً عن الناس ، لا يعرف شيـئاً عن العباد والبـلاد كلا ..وألف كلاّ .
إن الإمام المهدي بالرغم من غيبته التي أرادها الله له يتمتع بقدرة من الله – سبحانه وتعالى – تمكنه من كل ما يريد وتوفر له جميع الوسائل اللازمة ؛ ومما لا شك فيه إن تصرفات الإمام وإنجازاته ، كلها مطابقة للحكمة والمصلحة وليست نابعة للهوى والميول النفسانية ، فيعطي ويمنع وينصر ويخذل ويفعل ويترك ويدعوا الله تعالى لهذا وذاك ، ويرشد الضال ويبرء المريض ، ويظهر نفسه تارة في العراق ، وأخرى في إيران ، ومرة في الحج ، وأخرى في مكة والمدينة ومنى وعرفات . هو خليفة رسول الله حقاً ، فهو الإمام الذي تتوفر فيه جميع المؤهلات بمعنى الكلمة ويجتمع إليه البشر بل كل ما تحتاج إليه الحياة بل كل ما يحتاج إليه الكون ؛ فحقاً هو أمان أهل الأرض . لذا ينبغي التأدب مع هذا الولي المقدس حتى في التفكير ، ومما يذكر في هذا المجال أن سلطان المؤلفين الإمام الشيرازي – قدس الله نفسه الزكية – كان في آخر أيام حياته مضغوطاً بأمور الدنيا ، حتى غيمت عليه الســحب السـوداء فتوجه للإمام الحجة الغائب وخاطبه بقوله : سيدي لكم خدمناكم ولكم سعينا في ترويج مذهبكم فلماذا يا سيدي لا تولونا اهتماماً ؟ ! – حديث مع النفس – لكنه سرعان ما تدارك وندم على مخاطبته للإمام بهذه الطريقة ، وإذا بالإمام يتجلى له بقوله حفظناك ولا زلنا في حفظك . نلاحظ هنا هذا المقام العظيم لولي الله ، وحقيقة هذا المقام لا يناله إلا ذو حظ عظيم . فإذا استطعنا تطهير أنفسنا من تلك الذنوب والأثام استطعنا أن نكون تحت لطف وعناية الله – سبحانه وتعالى – ولطف أهل البيت – صلوات الله وسلامه عليهم – وعنايتهم فكل من دخل في دائرتهم كان في عنايتهم ولكم وفق المؤمنون لكرامات من آل البيت – عليهم السلام – ولكم يكون الإمام سعيداً عندما يكون المؤمن مبلغاً وناصحاً ومرشداً لعلوم آل البيت – عليهم السلام – ولكم خدم الإمام الشيرازي – قدس سره – أهل البيت – عليهم السلام – بالحركة العملية والثورة المعلوماتية ؛ هذه الحركة التبليغية تسرّ قلب صاحب العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – .

الإسلام في الصين:
لعل البعض قرأ عن الصين منذ ما يقارب مائة عام حيث بلغ عدد المسلمين 300 مليون ولم يكن فيها مسلمون من قبل فكيف أصبح فيها هذا المقدار ؟ دخل عشرة من التجار المسلمون إلى الصين ، وأرادوا أن ينشروا الإسلام في أرجاء الصين ، وكان أهلها في حالة من الفقر والمجاعة لدرجة وصلت إلى بيع أبنائهم . قاموا هؤلاء التجار بتحريك الأنفس ، والأموال لخدمة أهل البيت – عليهم السلام – فقاموا بشراء أبناء من الصين ، وعزم كل من هؤلاء التجار العشرة أن يعلم مجموعة من الأبناء معنى الإسلام ومسؤولية الإسلام ، ولما وجدوا النجاح اقترح أحد التجار عليهم بمضاعفة العدد . بعد ذلك قام التجار بمناداة أهل الصين وقالوا لهم : يا أهل الصين ، إن نبينا قال لنا وعلمنا إننا إذا اعتقنا عبداً اعتقنا الله من النار ، وعلمنا كيف نعتق العبيد ، ونحن نقدم لكم اليوم أبناءكم هدية فخذوهم أحراراً . هنا أخذ الأبناء يعلمون أهاليهم ، وبذلك اتسعت دائرة الإسلام واستطاع هؤلاء أن ينالوا بعلمهم هذا المقام العالي واصبحوا أصحاب شرف وفضيلة عند الله – سبحانه وتعالى – . لذلك حري بنا أن نعلم أن بين ظهرانينا أولياء لا نعلمهم ، مثلاً شهادة السيد الحكيم – قدس الله نفسه الزكية – تكشف أنه ولي من أولياء الله .
قال أمير المؤمنين في نهج البلاغة : " الجهاد باب فتحه الله لخاصة أولياءه " فهؤلاء بجهادهم وعطاءهم نالوا الشهادة ، وهكذا العلماء تكشف الأيام عن سمو مكانتهم عند المولى – عز وجل –. هذا الحديث يوصلنا إلى أنه ينبغي التأني فلا نكون سريعين في الحكم على الآخرين فقد يكون هذا أو ذاك ولي من الأولياء ، فإن الله قد أخفى أولياءه بين خلقه .

قصة العالم تقي :
كان أحد العلماء اسمه تقي وكان هناك شخصاً آخر خيراً من الأخيار ذهب إلى مشهد الإمام الرضا ليتشرف بخدمته ؛ فالإمام الرضا يقول : " من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلصه من أهوالها : إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً ، وعند الصراط وعند الميزان " 15 .
فسرقت أمواله وكان هذا اختباراً لصبره ، هنا لم يتوجه هذا الرجل إلى الناس ويطلب منهم مساعدته ، إنما ذهب للإمام الرضا وأخذ يخاطب الإمام ويبث شكواه بقوله : سيدي أنا بحضرتك وفي ضيافتك فأطلب منك أن تحل مشكلتي ، ونام فرأى الإمام الرضا في عالم الرؤيا فقال له الإمام من تلتقي به غداً صباحاً اسأله حاجتك فلما كان الصباح التقى بشخص اسمه تقي بن مازة – أي تقي الذي لا يصلي – فقال في نفسه : اسأل هذا حاجتي إنه رجل لا يصلي ؟ ! ! فرجع ولم يسأله حاجته .
وفي الليلة الثانية استغاث بالإمام مرة أخرى فرأى الإمام وطلب منه المساعدة وخاطبه بقوله : طلبت منك المساعدة أرشدتني إلى تقي بن مازة ! فقال له الإمام من تلتقي به غداً اسأله حاجتك وكان الأمر كاليوم السابق التقى بتقي بن مازة ورجع ولم يسأله حاجته .
وفي الليلة الثالثة رأى الإمام أيضاً في عالم الرؤيا وطلب منه المساعدة فكان نفس جواب الإمام في المرتين السابقتين ؛ فلما كان الصباح التقى بتقي بن مازة وقال له : لي إليك حاجة . فقال له تقي : تفضل سل حاجتك . فقال له : سرقت أموالي وأريد المساعدة فقال له خذ هذه الأموال وستكفيك إلى آخر يوم في مقامك في اصفهان ؛ وإذا أردت السفر فأتي لي عند لك الراحلة التي توصلك ؛ فلما كان يوم السفر أتى له وسأله عن الراحلة ، فقال له اصعد على ظهري فابدأ اندهاشه : تسمرت رجلاه على الأرض ، وفتح عينيه بادياً الدهشة ، وباتت على قسماته علامة الاستفهام العريض والتعجب الطويل ، هز رأسه ثم قال : كيف يكون ذلك ؟ ! قال له : أليس الإمام قال لك : أن تأتي لي وأنا أخدمك ، فاصعد على ظهري ، يقول حينها صعدت ووجدته يقطع المسافات بأعجوبة متناهية وكأن الأرض تطوى إليّ وسرعان ما وصل إلى المكان المنشود ؛ حين وصلنا نظرت له والعجب العُجاب يأخذني ، وسألته والحيرة بادية عليّ كيف يقولون إنك لا تصلي وأنت بهذا المقام والكرامات ؟ ! قال ومن الذي قال أنا لا أصلي ؟ ! إنني عندما يأتي وقت الصلاة وفي أي مكان كنت تنطوي لي الأرض فأصلي خلف إمام زماني الحجة المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – 16.

قصة الرجل الصابوني:
ينقل : أنه كان هنالك عطار صالح يمتلك محلاً يدر عليه رزقه اليومي ، وذات يوم التقى بشخصين من أصحاب الإمام المنتظر فتضرع إليهم ليأخذوه نحو الإمام .
فقالا له : إن مقابلته مشروطة بإذنه .
فقال العطار : خذوني قريباً منه واستأذنوه . تحرك الثلاثة ووصلوا إلى ساحل بحر ... فدخل الرسولان ومشيا على سطح الماء – كما نمشي على سطح الأرض –. توقف العطار وهو حائر لا يدري ماذا يفعل ؟ فالتفت الرسولان إليه وقالا له : لا تخف وتعال معنا ... ففعل ذلك وأخذ يمشي معهما على سطح الماء ؛ في هذه الأثناء لاحظ العطار الغيوم تنتشر في السماء والمطر يهطل .. فانصرف ذهنه إلى دكانه ... حيث صنع قطعاً من الصابون ، ووضعها على سطح الدكان حتى تجف تحت أشعة الشمس وأخذ يفكر في أنه مع هطول الأمطار على المدينة ماذا سيكون مصير قطع الصابون هذه ؟ وبينما العطار مشغول بهذا التفكير إذا به ينغمس فجأة في الماء ... أتاه الرسولان ... وأخذا بيده ... وانتشلاه من الماء ... ثم مضوا جميعاً حتى وصلوا إلى المقصد ... أوقفه أحدهما لكي يستأذن من الإمام المنتظر في مثول الرجل بين يديه ... فأجابه الإمام : " ردّوه فإنه رجل صابوني ".


وأخيراً - يمكننا القول إن الإمام المنتظر رحمة مهداة ... إنه بقية الله التي حفظها لخير عباده ...ولكن الاستفادة التامة من هذا الوجود المعطاء يرتبط بنفسيتنا وسلوكنا اليومي .
كما إن الفيوضات الغيبية الخاصة لا يمكن أن تنزل إلا على القلوب الطاهرة النقية التي لم تتملكها المادة ، ولم تلـوثها بأدرانها . لذلك إذا أردنا أن نكون من أولياء الله فعلينا أن نظف قلوبنا وأرواحنا من الذنوب والخطايا ؛ فلا يمكن التحلية إلا بالتخلية ، لا يمكن أن يحل محل الفضائل إلا إذا خلا من الرذائل فالإمام المنتظر يريد أرواحاً صافية لذا فلنعاهد الإمام على أن نسير على خطه ، ونطهر نفوسنا من أدران المعصية والغفـلة ، ولننظر بعدها كيف يفجر الله تعالى ينابيع الحكمة في قلوبنا ، ويرزقنا خير الدنيا والآخرة .
وإلى حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى .
اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحظوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
----------------------
1– سورة الزمر آية ( 69 ) .
2 – سورة فصلت آية ( 35 ) .
3 – سورة النجم آية ( 42 ) .
4 – سورة البقرة آية ( 30 ).
5 – سورة البقـــرة آية ( 31 ) .
6 – سورة الحجــر آية ( 39 ) .
7 – سورة الحجـر آية ( 30 ) .
8 – سورة الأحزاب آية ( 72 ) .
9 – سورة السـجدة آية ( 17 ) .
10– سورة الزمر آيـــة ( 69 ) .
11 – الغيبة للنعماني : ب8 ، ح8 .
12 – سورة هود آية ( 86 ) .
13 – كمال الدين : ج1 ، ص 253 .
14 – البحار : م 52 ، ص 92 – منتخب ميزان الحكمة ص 55.
15 – عيون أخبار الرضا ص 255 .
16– سمعتها من مرشدنا سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي ( دام ظله ) .


اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن المهدي صلواتك عليه وعلى آبائه
في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً،
حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً

موفقين الى خير
ولي رجعة لنتابع معا
حلقات هذه الدورة التربوية
__________________
الدنيــا حلم و الآخرة يقظة ونحن بينهما أضغاثُ أحلام .

(( من حكم أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام ))


التعديل الأخير تم بواسطة نور قلبي علي ; 05-05-08 الساعة 04:29 PM.

نور قلبي علي غير متصل