عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-13, 02:52 PM   #6

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 6


حدود المحبة

صحيح أننا قلنا بأن وجود المحبة ضروري في العلاقات الزوجية وبشكل وافر؛ على أن تكون المحبة خالية من التوقع وتوخي التعويض، لكن لابد أن يكون لها حد معين. فلا ينبغي لهذه المحبة أن تتجاوز حدود الأخلاق. فمن لا يغار على زوجته باسم المحبة ليعلم بأن هذه خيانة لا محبة.وسيكون عمله على عكس ما تقتضيه المحبة. فليس من مصاديق الحب أن يمنع زوجته من الصلاة على وقتها. طبعا ستخرج بعض الموارد الضرورية عن هذا المثال.
نعم كما أشرنا، ينبغي للمحبة أن تكون خالية من التوقعات. عندنا في الحديث: إن الله يأخذ الحق لصاحبه ولو من غير الجهة التي يتوقعه منها. فعليكم بالإطمئنان لوعد الله سبحانه وترك التوقعات، التي من شأنها أن تسلب راحة المرء وسكينته. هذا هو طريق الوصول إلى الحياة الممتعة الجميلة بعلاقات جميلة كذلك. فلذة العيش تحصل بالعمل من جانب واحد وعدم انتظار الأجر من الطرف المقابل.
إبدأ وجرّب محبة إنسان آخر. إبدأ وفكر بفداء نفسك لإنسان آخر. لاتدعوا الأنانية تقف أمام تحقق هذا الأمر. قد يصل بنا الأمر -للأسف- إلى التنظير للأنانية والدفاع عنها بشدة، وإظهارها بشكل جميل لاغبار عليه بأن نقول: من هذا الذي ينبغي أن أفدي نفسي له؟ هل يستحق هذا الفداء؟ هلا كانت عنده الأهلية لكي أفديه بنفسي! في هذه الحالة لايوجد إلا جواب واحد نجيب به أنفسنا ألا و هو: هل أستحق أنا فداء الإمام الحسين عليه السلام نفسه لي؟ فما هي قيمتي لكي يفديني الإمام الحسين عليه السلام بنفسه المباركة؟ فما شأني باستحقاق الطرف الآخر؟ لأعمل بواجبي ولاشأن لي بالنتيجة.
تصوروا زوجين في أسرة واحدة يتعاملون فيما بينهما على هذا الأساس، ولا يدعا لأنانيتهما أن تقف أمام هذا الأمر. فكيف سيكون هذا البيت؟ سيتحول إلى محل نزول الملائكة وصعودها برحمة الله وغفرانه.
فليس من الرفاقة أن تقول: "هل أنت تصادقني حتى أصادقك؟" فهذا لايعرف معنى الصداقة والرفاقة؛ هذا الشخص يريد أن يحصل على الصداقة بالحرب والعداوة.
أتعلم ما هو مَثَل الشخص الذي ينتظر تعويض المحبة من الآخرين وليس بوسعه أن يحب الآخرين من جانب واحد؟ مثله مثل من يحمل إلى صديقه أو زوجته وردة بيد، وخنجر باليد الأخرى، فعندما يقدم الوردة وتسأله عن الخنجر، يقول لها: حملته لكي أدخله في قلبك إذا لم تشكري لي شرائي لهذه الوردة!! فما قيمة شكر كهذا؟ وهل سيدخل قلبك لو شكرتك؟!
إن لذة المحبة في كونها من طرف واحد وبدون توقع. فعلى كل واحد منا أن يتذوق حلاوة العيش هكذا. لندع الأنانية جانبا؛ بل لنكون عشاقا. لنشعر باللذة والمتعة بمحبة الآخرين لا بالحصول على المحبة من الآخرين. عندما نشعر باللذة من المحبة للآخرين، عندها سنحصل على حياة لذيذة سامية. فمن يلتذ بمحبة الآخرين أكثر من محبته للآخرين، عليه أن يغير شخصيته. قل: إن هذه الحياة منحها الله لي فرصة لأحتوي الآخرين، لا لأن يحتويني الآخرون. وهذا أصل ينبغي إجراؤه في كل مصاديق الحياة ومرافقها.

المساواة في الأسرة:

نظرا للفوارق الروحية والخصوصيات الجنسية للمرأة والرجل، يمكن القول: أن لا وجود لأي مساواة في الأسرة. بل وحتى بين الأخ والأخت الذين هما في عمر واحد أيضا. فقد أمر الله الأب أن يعامل الولد بغير ما يعامل به البنت في البيت في بعض الموارد. فإذا أراد أن يعطي شيئا لأولاده يوصيه الله بأن يعطي للبنت قبل الولد. حتى لو يتأذى الولد على هذا الأمر. إذ عليه أن يتذوق مرارة الحياة ويتحمل هذه الفروقات. فالبنت -ونظرا لخصوصياتها الروحية- تحتاج إلى محبة أكثر من الولد. إنسانية الإنسان -منذ الأساس- تختلف في دركه وفهمه للاختلاف وقبوله للأدوار وعمله المتناسب مع الظروف. من كان عنده ولدين لأحدهما ست سنين وللآخر 12سنة، فلو رأى خطأ صدر ممن عمره 12سنة يمكنه حتى عقوبته في بعض الموارد والتعامل معه كتعامل السيد مع عبده. بيد أنه لا يمكنه معاقبة الطفل ذي 6سنوات. فهو سيد إلى سبع سنين. وهذا الاختلاف في التعامل والسلوك لابد أن يفهمه ويدركه الولد ذو 12سنة. على كل الاولاد أن يدركوا هذا الاختلاف في التعامل مع ذوي الأعمار المختلفة.
على الأولاد أن يهتموا بهذه الاختلاف في التعامل مع الأب والأم أيضا. فالمهم مع الأب، تقديم الطاعة، ومع الأم المحبة. أولاد الإمام الخميني قدس سره عندما كانوا يأتون إلى بيته ويتجهون نحوه للسلام عليه وتقبيل يده كان يسألهم: هل سلمتم على أمكم؟ إذهبوا وسلموا على أمكم أولا، ثم تعالوا نحوي.
على الآباء والأمهات أيضا الالتفات إلى هذه الإختلافات. يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يوصي الآباء والأمهات بأن يربوا أولادهم على غير ما هم عليه لأنهم خلقوا لجيل وزمان غير الذي هم عليه. على الجميع أن يدركوا هذه الاختلافات الواسعة ويعتنوا بها وينسجموا معها. وقد بين الله سبحانه في الدين الاسلامي الأوامر اللازمة لمعرفة هذه الاختلافات وايجاد التكافؤات. فليس من الشطارة أن تحصل على صديق متفق معك في كثير من الأمور كالعمر وغيره وتتعامل معه تعاملا حسنا، لكن الشطاره أن تتعامل مع اسرتك واقربائك بنفس هذا التعامل.
إذن الأسرة هي، محل تحمل الآخرين. ففرق الصديق مع القريب هو أن القريب ينبغي أن أضعه موضع اهتمام وأن أعامله بمحبة حتى لو لم يكن صالحا؛ أو حتى لو لم ينفعني في حياتي بشيء؛ بل وحتى لو لم أحصل منه إلا على السوء. أما الصديق فيمكني قطع العلاقة معه لو لم يكن جيدا ولم يكن صالحا.
إذن العلاقات الجبرية محل رشد الانسان وتكامله، هذه العلاقات مليئة بالاختلاف؛ بل لاتنفك عنها أبدا، وما عليك إلا أن تضعها نصب عينيك لأنها مجال رشدك وتكاملك. فالمهم العمل بالتكليف؛ والنتيجة موكولة لله عزوجل.
فليس بوسع المرء المناقشة في أمه وأبيه، فلايمكنه القول: ليت أبي يكون مثلما أريد. فما عليه إلا العمل بواجبه تجاههما.
ولا يهمه الباقي. حتى الوالدين عليهما عدم الاعتراض لو ولدهما أولادا غير صالحين وعدم الشكوى لله سبحانه. فالولد، انسان مستقل، أمره بيد الله سبحانه. سعادته وشقاؤه أيضا بيد الله وما على الوالدين إلا العمل بوظيفتهما والسعي المجد لإصلاحه، والباقي على الله عزوجل. هذه، وصايا الروايات. فحتى ابن نوح كان سيئا. فليس بمقدور المرء أن يغير التقدير الإلهي. عليه العمل بتكليفه؛ لاغير.

يتع إن شاء الله...

أميري حسين غير متصل