عرض مشاركة واحدة
قديم 29-10-13, 09:45 AM   #3

أميري حسين
عضو نشيط  






رايق

رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 3


لاتؤدي مشاكل الحياة بكم إلى الشك في الاختيار

لا يمكن لأي أحد أن يقف أمام الامتحان، ولتعلموا بأن المشاكل مهما كانت مما تساعد على رشدكم ونموكم. نأمل من الله أن تكون مشاكلنا هكذا، ومن المشاكل التي تحلّ بسهولة. لا يمكن لأي إنسان أن تخلو حياته من المشاكل، حتى أولياء الله المقربين. فكم هو خيال ساذج أن يتصور المرء أن بإمكانه أن يعيش حياة خالية من المشاكل، فهذا مما لا يمكن أبدا، المهم أن نعرف كيف نتعامل معها لا غير.
أول ضرر يصيبنا من المشاكل هو التشكيك في الاختيار. فعلينا اجتياز هذه المرحلة من غير أن نقع طعمة للشكوك والترديد، وإلا ستتضاعف علينا المشاكل فضلا عن عدم إمكان حلها بسهولة.
عندما يجري الإمام الخميني رضوان الله عليه عقدا لزوجين شابين، ويطلبان منه النصيحة بعد العقد يقول لهما الإمام: "إذهبوا وانسجموا فيما بينكم"، كان يقول هذا الكلام للجميع. أحد أصدقائي في الحرب المفروضة وقد كان من معلولي الحرب حيث قدم رجليه الإثنين في الجبهة، قال عندما كنا في خدمة الإمام الخميني ليجري لنا خطبة العقد، نصحنا الإمام بنفس هذه النصيحة قائلا: "إذهبوا وانسجموا فيما بينكم"، استصغرنا هذه النصيحة وكنا نرغب بنصيحة أكثر أهمية من هذه. لذلك كررنا عليه الطلب وقلنا له: لو كانت عندكم نصيحة أخرى فتفضلوا بها. فأجاب ثانية: "إذهبوا وانسجموا فيما بينكم"
هذه النصيحة يقدمها الإمام للجميع دائما ولا يضيف عليها شيئا آخر. وهي تمثل في الواقع أصلا جميلا جدا في الحياة المشتركة. فـ "انسجموا فيما بينكم" تعني المرونة والتعاطي المستمر فيما بينكم. وهذه النصيحة تعد من الاصول المهمة التي لابد للزوجين من مراعاتها دائما. من أين ينشأ عدم الانسجام فيما بيننا؟ ينشأ من الأنانية، فالأنانية هي التي جاءت كل الأديان الإلهية لإزالتها. ويتمنى كل العرفاء التخلص منها و من تبعاتها. ففلسفة جميع مشاكل البشر وامتحاناتهم في الحياة، هو تضعيف الأنانية، حتى الصلاة شرعت لتضعيفها و... ضعف الأنانية في وجود المرء، يساعده على الترقي في درجات الكمال العالية بشكل أفضل و أسهل.
خلاصة القول هو: "على كل من بدأ حياته المشتركة، بعد إجراء العقد وبعد أن تعرف على زوجته في أحضان التقدير الإلهي، إغلاق عينيه على هذا الاختيار وليعلم أن سعيه لاختيار زوجته، ليس إلا رفع الستار عن التقدير الإلهي السري. فما عليه إلا قبول هذا التقدير الإلهي وعدم الترديد فيه.

الرجل السيئ؛ المرأة السيئة

كما قلنا سابقا، لا يحق للزوجين أن يسمحوا لهذه الأفكار أن تتجه إلى أذهانهم وهي: هل إقدامي هذا صحيح أم لا؟ أو هل من الصحيح أن أصرف عمري كله مع هذا لا غير؟
الرجل السيئ هو الذي عندما تحصل له مكانة في المجتمع ويصبح له مريدون ومؤيدون، يستغل هذا الظرف وينظر لزوجته بترفع ويقول: "بالله عليكم، كل هؤلاء المريدين، ولم يقع حظي إلا على هذه!"
المرأة السيئة هي التي عندما ترى كثيرا من الرجال مستعدين لأن يفدوا أرواحهم لها بعد الزواج تترفع على زوجها وتسيء أخلاقها معه. نأمل أن تخلوا مجتمعاتنا من هاتيك النساء.
يختلف غضب الرجال و النساء إثر هذه التخيلات الشيطانية كل الاختلاف عن غضبهم لأمور ثانية. ومن البساطة بمكان تشخيص الغضب الذي منشأه هذه الأفكار عن غيره.
النظرة العرفانية للحياة الزوجية وأن الطرف المقابل نحبه لأنه ما اختاره الله لنا، يمكنه أن يشكل سدّا منيعا أمام نشوء مثل هذه الأفكار ومضراتها. فعلى كل حال، لا تفكروا بأي حال من الأحوال في إعادة النظر في اختياركم للزوج المختار سابقا.

الرؤية الصحيحة للعلاقة الأسرية

من الممكن تقسيم العلاقات الأسرية بلحاظ معين إلى خمسة أنواع. وبالطبع يحظى النوع الرابع والخامس بأهمية أقل في هذه العلاقات. النوع الأول: العلاقة الزوجية. النوع الثاني: علاقة الابناء بوالديهم. النوع الثالث: علاقة الوالدين بأبنائهم. النوع الرابع: علاقة الأخوة والأخوات فيما بينهم. النوع الخامس: العلاقة مع الأقرباء. الروابط الثلاث الأولى تحظى بأهمية خاصة ويتحتم علينا أن نضعها نصب أعيننا في العلاقات الأسرية لا أن نهتم بالعلاقات الزوجية فقط.
الملاحظة الأخرى المهمة هي نحن لانقصد من الكلام عن إصلاح وتكامل العلاقات الأسرية صرف إزالة المشاكل التي تنقدح في الذهن ابتداء. بل إن نطاق هذه الإصلاحات أوسع بكثير من هذه المشاكل.
فالعلاقات الأسرية نترقب منها أن توصلنا إلى الرشد والتكامل لا أن نكتفي بأثرها في القضاء على المشاكل فحسب.
الملاحظة الثالثة هي أن معرفة المشاكل وعوامل المعاناة والمحن في المعيشة أمر مهم جدا. فالمرء عندما يقف على عوامل معاناته الروحية، يمكنه بسهولة الخروج واتخلص منها. وعندها لا حاجة لأن يأتي شخص آخر ليخلصه من هذه القيود، فالإنسان يمتلك القدرة الروحية على أن ينجي نفسه إذا وقع على عوامل وأسباب المعاناة. فلا ينتظر من الآخرين أن يتقدموا ويصلحوا سلوكه. بل بإمكانه الخروج من كل هذه التورطات من دون حاجة لتدخل الآخرين.

العلاقات الاجتماعية، مجال معرفة النفس وإصلاحها.

إن بوسع العلاقات الاجتماعية أن تولد ثمرتين مهمتين، وبعبارة أخرى إن مجال العلاقات الاجتماعية وتعد الأسرة إحدى مصاديقه التي تكون لها مكانة سامية فيه؛ له فائدتين: 1- أن يكتشف المرء نفسه فيه ويعرفها. 2- أن يقوم بإصلاح نفسه فيه. فلا يمكن للمرء أن يعرف نفسه ويصلحها من غير أن يزجّها في هذا الظرف. فالعلاقات الاجتماعية، مجال معرفة النفس البشرية وإصلاحها. بل وحتى العبادات الفردية وصلاة الليل وأمثالها يمكن تعريفها عبر هذا الطريق الرئيسي. ويمكن القول بأن تشريع صلاة الليل أساسا لأجل اتساع ظرف الإنسان ليمكنه التحرك حركة مناسبة في هذا الطريق الأصلي -أعني به العلاقات الإجتماعية- ليصل إلى الرشد والكمال. كالسيارة التي تنحرف عن الجادة الأصلية وتدخل إلى مضخة الوقود جنب الطريق لتتزوّد بالوقود ثم تعود ثانية إلى الجادة. صلاة الليل أيضا كمضخة الوقود. فالمرء يتحرك دائما في جادة العمل إلى الأمام. ولا يمكن لأي أحد أن يفرّ من هذا الطريق.
فمن الخطأ أن نعتبر مجال التدين بل وحتى معرفة الدين مقتصر على علاقة الانسان بربه. فعلاقة الانسان بربه تتشكل وتتألف في ظل المجتمع و"العلاقات الاجتماعية". فعلى المرء أن يسعى ليصل إلى الله من خلال هذه العلاقات، فهي محل صعوده وعروجه. وأكثر الصفات الحسنة والسيئة للانسان لايمكن تعريفها إلا من خلال هذه العلاقات. بل وحتى تلك الصفات الحسنة والسيئة والتي تعتبر صفات فردية تماما، نجدها لا تعطي ثمارها إلا من خلال العلاقات الاجتماعية.

يتبع إن شاء الله...

أميري حسين غير متصل