عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-13, 03:27 PM   #1

الكشاف
عضو متميز  






افكر

العمل التطوعي والتثبيط


التطوُّع الخيري والتشكيك في النزاهة

الاستاذ سراج ابو السعود -
16/05/2013م -





واجهت بعد مقالٍ حول (تسويق العمل التطوعي) الذي تطرق لضرورة دعوة الكفاءات العلمية للانضمام للعمل الخيري إشكالات كثيرة، كان أهمها تلك الدوافع التي تقف دون رغبة كثير من الكفاءات العلمية الانضمام إلى العمل الخيري، التي كان أهمها التشكيك الدائم في نزاهة هؤلاء المتطوعين لا سيما إذا ما كان للعمل التطوعي جانب مالي،

هذا التشكيك في النزاهة يكون عادة سبباً مباشراً في العزوف عن التطوع، و أنه يُحيط المتطوع بعد انضمامه للعمل الخيري بجو من التثبيط يجعله بالنتيجة مورداً غير منتج.

لا شك أنَّ النقد ضرورة دائمة لكل عمل، إذ به يُسلَّط الضوء على سلبيات ينبغي علاجها وبالنتيجة يحصل التقدم والنماء، غير أنَّ النَّقد قد يتحوَّل أحيانا إلى تعييب وإهانة وربما يصل إلى الافتراء، هكذا إن لم يكن لدى الناقد معرفة دقيقة ببواطن الأمور، من هنا كان لزاماً على كل من يضع نفسه موضع النقد أن يحذر كثيراً فيما يقول، وأن يتحرى الدقة الشديدة، ذلك أنَّه سيكون عنصراً من عناصر تخلف المجتمع في الوقت الذي كان يظن أنه عكس ذلك،

من جانب آخر فإن المتطوع ينبغي عليه أن يمتلك دائماً القوة والإرادة التي تمنحه القدرة على المسير رغماً عن كل الظروف القاسية، فالاستسلام ورفع رايته البيضاء لن يؤدي إلا إلى مزيد من التخلف للمجتمع عموماً:

ومن يتهيب صعود الجبال..يعشْ أبد الدهر بين الحفر

والحديث عن سلسلة المثبطات يقودنا لنقطة أخرى غاية في الأهمية وهي (بيئة العمل). إنَّ الصفوة العلمية في المجتمعات العربية، بالإضافة لامتلاكها حساسية مفرطة من النُّقاد عموماً فضلاً عن المسيئين فإنَّ ظروف عملهم المحكمة والمنظمة جداً تجعلهم لا يصمدون حين انضمامهم لأي منظمة خيرية ذات بيئة رديئة ومتهالكة، هم تعودوا على أنظمة متطورة جداً ومحيط وظيفي ممتلئ بالكفاءات العالية، ووجود هؤلاء الصفوة في غير هذه البيئة يجعلهم يستسلمون سريعاً.
إنَّني أعتقد أنَّ من الضرورة بمكان لأي كفاءة علمية متطوعة أن تتحلى بمزيد من الصبر والإرادة والتصميم على تغيير وتطوير بيئة العمل وعدم استعجال النتائج، ينبغي على هذا المتطوع أن يعي سلفاً أنَّ انضمامه لبيئة عمل غير مثالية هو أمرٌ واردٌ كثيراً وعليه أن يتوقع كلَّ شيء ويُهيئ نفسه لذلك بحيث يمتلك القوة للعمل ضمن طاقمها بإصرار وإرادة على التغيير.

إنَّ التشكيك الدائم في نزاهة المتطوعين للأعمال الخيرية ذات الجانب المالي وبيئة العمل غير المثالية أسباب مهمة لعزوف الكفاءات العلمية والإدارية العالية عن العمل الخيري، غير أنَّ الاستسلام والرضوخ لها لن يغير من الواقع شيئاً، لذا على هؤلاء أن يمتلكوا من الإصرار والإرادة ما يجعلهم قادرين على تجاوز كل تلك الظروف، بذلك ترتقي مؤسساتنا الخيرية التي هي بلا شك شريان مهم لجسد أي مجتمع مدني متقدم.

__________________
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى ابائه في هذه الساعه وفي كل ساعه وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين

الكشاف غير متصل