عرض مشاركة واحدة
قديم 04-01-04, 11:20 PM   #3

عاشق الحسين
...(عضو شرف)...  







رايق

بسمه تعالى

الكتاب الذي سنعرضه على حلقات (ليتسنى لمن أراد المتابعة) يتكوّن من 17 قسم, قد أنتهينا من القسم الأول وها نحن نشرع في القسم الثاني..



القسم الثاني


عناوين هذا الفصل:



آثار الخوف من الله تعالى

ذكرى

الذنوب

اثار الذنوب

وسائل علاج الذنوب

مراحل التوبة

من ثمار التوية

يوم البلوغ

النية والعبادة

الاحكام الشرعية







آثار الخوف من اللَّه تعالى في الدنيا والآخرة

الخوف من اللَّه هو الطريق الأمثل لدرك الجنة و رضا اللَّه وهو الطريق لإصلاح النفس فالخائف من اللَّه لا يكذب ولا يغتاب ولا يفعل ما يحرمه اللَّه تعالى وفي المقابل اللَّه تعالى ينزل عليه بخوفه من أنواع الرحمات ويدخله فسيح جنته وفوق ذلك الخائف من اللَّه مطمئن النفس لأنه مستعد للموت في أي آن ولحظة .

والدليل على اطمئنانه ما ورد عن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: ((من خاف اللَّه أخاف اللَّه منه كل شيى‏ء ومن لم يخف اللَّه أخافه اللَّه من كل شيى‏ء)) ... الكافي.



وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ((من خاف اللَّه آمنه اللَّه من كل شيئ ومن خاف الناس أخافه اللَّه سبحانه من كل شيئ)). غرر الحكم.

وعن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: ((من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللَّه عزوجل حرم اللَّه عليه النار وآمنه من الفزع الأكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله: ولمن خاف مقام ربه جنتان)) البحار .



وكذا ما عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى (و لمن خاف مقام ربه جنتان), ((من علم أن اللَّه يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى)) . الكافي .



فاللَّه سبحانه وتعالى تكفل على أن يرحم ويدخل الخائف منه فسيح جنته وهنالك حديث قدسي عظيم فيه الوعد وفيه الوعيد وإن من عمل بما يرضي ربه فسوف يسره اللَّه وإن عمل بما يسخطه أركسه اللَّه في عذابه ففي الخبر (( وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فإذا آمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة)).

فيضمن لنا اللَّه الرحمة منه إن جعلنا ميزان اللَّه نصب أعيننا ولذا ترى شخصيات خافت اللَّه تعالى فنظر إليها نظرة رحيمة فعن ليث بن أبي سليم قال سمعت رجلاً من الأنصار يقول: بينما رسول اللَّه مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر إذ جاء رجل فنزع ثيابه ثم جعل يتمرغ في الرمضاء يكوي به ظهره مرة وبطنه مرة وجبهته مرة ويقول: يا نفس ذوقي فما عند اللَّه أعظم مما صنعت بك ورسول اللَّه ينظر إليه ما يصنع ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل فأومى إليه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم: بيده ودعاه فقال له: ياعبداللَّه! رأيتك صنعت شيئاً ما رأيت أحداً من الناس صنعه، فما حملك على ما صنعت؟

فقال الرجل: حملّني على ذلك مخافة اللَّه، فقلت لنفسي: يا نفس ذوقي فما عند اللَّه أعظم مما صنعت بك .

فقال النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم: لقد خفت ربك حق مخافته وإن ربك ليباهي بك أهل السماء ثم قال لأصحابه: يا معشر من حضر! ادنوا من صاحبكم حتى يدعوا لكم .

فدنوا منه، فدعا لهم وقال: اللهم اجعل أمرنا على الهدى واجعل التقوى زادنا والجنة مآبنا.

تنبيــه :

قال الإمام السجاد في بعض أدعيته:

((سبحانك عجباً لمن عرفك كيف لا يخافك)) .

انظري إلى هذه القصة التي تقشعر منها الأبدان وإليك ثانياً لبيت العصمة وما قالوا وما فعلوا .

1- قال أفلح مولى الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام: خرجت مع محمد بن علي حاجاً فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته فقلت: بأبي أنت وأمي إن الناس ينظرون إليك فلو رفقت بصوتك قليلاً .

قال: ويحك يا أفلح ولم لا أبكي لعل اللَّه ينظر إلي منه برحمة فأفوز بها عنده غداً .

قال ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه .

صفوة الصفوةج 2 ص 110


2- الإمام السجاد فقد قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي : مناقبه ومزاياه كثيرة منها أنه عليه السلام كان إذا توضأ للصلاة يصفر لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء ؟

فيقول عليه السلام: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم ؟

وإذا قام إلى الصلاة أخذته الرعدة و يقول: أريد أن أقوم بين يدي ربي و أناجيه فلهذا تأخذني الرعدة، ووقع الحريق والنار في البيت الذي هو فيه وكان ساجداً في صلاته فجعلوا يقولون: يا ابن رسول اللَّه النار، يا ابن رسول اللَّه النار، فما رفع رأسه من سجوده حتى أُطفِئَت.

فقيل له: ما الذي الهاك عنها ؟

فقال: نار الآخرة.

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول عليهم السلام ص 204 ورواه السيد شهاب الدين احمد في توضيح


الرسائل في تصحيح الفضائل ص 773 مع فرق، وسبط ابن الجوزى في تذكرة الخواص ص 325 .

3- قال أبو حمزة الثمالي رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه، قال: فلم يسوه حتى فرغ من صلاته .

قال: فسألته عن ذلك .

فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إن العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه .

4- وإليك الآن بدعاء للإمام زين العابدين المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي الذي يقطع القلب إذ يقول فيه‏((فما لي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي أبكي لظلمة قبري أبكي لضيق لحدي أبكي لسؤال منكر و نكير إياي أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري انظر مرة عن يميني وأخرى عن شمالي إذ الخلائق في شأن غير شأني لكل امرئ منهم شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة و وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة وذلة)) . مفاتيح الجنان .


ذكــــرى


قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((‌إن لله تعالى ملكاً ينزل كل ليلة فينادي:

يا أبناء العشرين جدوا واجتهدوا .

ويا أبناء الثلاثين لا تغرنكم الحياة الدنيا .

ويا أبناء‌ الأربعين ماذا أعددتم للقاء ربكم .
ويا أبناء الخمسين أتاكم النذير .

ويا أبناء الستين زرع آن حصاده .

ويا أبناء السبعين نودي لكم فأجيبوا .

ويا أبناء الثمانين أتتكم الساعة‌ وأنتم غافلون .

ثم يقول : “لولا عبادٌ ركع ورجال خشع وصبيان رضع وأنعام رتع لصب عليكم العذاب صباً)) .



الذنوب

قال تعالى ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن)) .. الأنعام 151.


إننا لو نظرنا إلى الأمراض الصحية التي يعانيها الإنسان لوجدناها غالباً ما تكون بسبب مخالفة الدساتير الصحية التي وضعها الأطباء وقاية وعلاجاً للأبدان وكل مخالفة لقواعد الصحة هناك مرض في مقابلها، هذا في الأمراض الصحية أما الذنوب فهي أعظم مغبة وغائلة فهي:

1- تسبب الأمراض.

2- تجلب سخط اللَّه وتزيل رحمته.

3- ضررها ليس مقتصراً في الدنيا فقط بل في الآخرة عذاب شديد.



وفي هذا المقام المبارك نذكر ثلاث نقاط عن موضوع الذنوب وهي:

1- التحذير من الذنوب .

2- آثار الذنوب .

3- وسائل علاجها .



خطر المعاصي آيات وروايات


أما في التحذير من المعاصي فقد جاءت آيات وروايات للتهويل منها فمن ضمن الآيات قوله تعالى:(بلى من كسب سيئة و أحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) 81 البقرة .

وقوله تعالى (واعلموا أن فيكم رسول اللَّه لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن اللَّه حبب إليكم الإيمان و زينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون) 7 الحجرات

ففي الآية الأولى صرح القرآن الكريم على أن اكتساب المعاصي سبب لدخول النار والخلود فيها بينما الآية الأخرى فرضت إتباع الرسول ووصفت أتباعه بأنهم هم الراشدون لكونهم تركوا الكفر والفسوق العصيان فكل هذه الأمور هي أساس الشر والطغيان فلو صفا الإنسان عنها لصار من القوم الذين يحبون لقاء اللَّه تعالى لأنهم راضون عن أنفسهم .

وأما الأحاديث فهي كالمعتاد تفصل و تبين حتى الجزئيات لهداية البشر وإليك ما يهز الكيان ويحفر القلب فقد قال الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم: في الحديث الذي رواه الإمام الصادق عليه السلام عنه قال: ((عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار)).

فنحن نخاف من الطعام الذي يضرنا ولكن في المقابل هنالك شيى‏ء إذا فعلناه لم نتمرض فقط بل ندخل النار ألا وهي الذنوب فكما لابد أن نحافظ على صحتنا من الأمراض لابد أن نرحم أجسادنا الضعيفة عن النار.



أقســام الذنــوب

والذنوب تنقسم إلى قسمين و هما الصغائر والكبائر وكلاهما معصية ولكن الفرق بينهما في شدة العذاب وقلته فالكبائر هي التي توعد اللَّه بها النار, كعقوق الوالدين والحسد والغيبة ولكن هنالك حالات تكون الذنوب فيها كلها عظيمة وتوجب دخول النار ومن تلك الحالات:

1- الإصرار على الذنب وعدم التفكير بالتوبة قال أمير المؤمنين عليه السلام:

((أعظم الذنوب عند اللَّه ذنب أصر عليه عامله)) .

2- الاستخفاف بعقاب اللَّه بالاستهتار وعدم الوجل من اللَّه تعالى فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((أشد الذنوب عند اللَّه سبحانه ذنب استهان به راكبه)) .

3- الابتهاج بالمعاصي والفرح بإتيانها والتلذذ بها كمن يغتاب ويضحك ويستر, ومن لا تتحجب الحجاب الشرعي وتستر فعن الإمام زين العابدين عليه السلام قال:

((إياك والابتهاج بالذنب فإن الابتهاج به أعظم من ركوبه)).

4- احتقار الذنب وعدم النظر إلى من عُصِي , بأن يقول لو أن دخول النار بهذا فلا ضرر وبمعنى آخر عدم المبالاة بفعل الذنب والتقليل من خطره فعن الإمام الباقر عليه السلام قال:

((من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل ياليتني لا أُواخَذُ إلا بهذا)) .

5- سوء الخلق فهو سبب للانغماس في الذنوب فعن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: ((لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق فإن صاحبه كلما خرج من ذنب دخل في ذنب)) .


مــن نتائـــج الذنــوب


وانتبهي إلى أمر مهم يغفل عنه كثير من الناس وهو أن بعضهم يُذنِبُ لأجل أن يكسب مصلحة كأن تغتاب لأجل أن يحبها الناس، أو لا تتحشم في لبسها أو كلامها لكي يقال لها أنك متطورة , وهذا خطأ فسرعان ما ينعكس الأمر عليها و تكون هي الخاسرة , ثم لا بد من لفت النظر إلى أمر وهو أنه مَنْ المُوَفِقْ ؟

الجواب: هو اللَّه تعالى إذاً كيف نريد توفيق اللَّه وتسهيله بمعصيته فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: كتب رجل إلى الحسين صلوات اللَّه عليه: عظني بحرفين؟

فكتب إليه: ((من حاول أمراً بمعصية اللَّه كان أفوت لما يرجو وأسرع لمجي‏ء ما يحذر)) .

وإليك أمراً مهماً آخر وهو كما أن للحسنات والطاعات توفيقاً وتسديداً من اللَّه تعالى وارتياحاً وابتهاجاً وسروراً وقرباً إلى اللَّه تعالى , كذلك للمعصية سكرة تنسي الإنسان ربه وطاعته فقد قال الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إحذر سكر الخطيئة فإن للخطيئة سكراً كسكر الشراب بل هي أشد سكراً منه يقول اللَّه تعالى :((صم بكم عمي فهم لا يرجعون)) 18 البقرة.

ولذا يستحب لرفع أو دفع وسوسة الشيطان سواء كان شيطان الإنس أو الجن أن يقوم الإنسان ويصلي ركعتين لكي لا يندك في معصية اللَّه تعالى أو أن يتعوذ من شيطان الإنس بذكره الصلاة على النبي وآله عليهم السلام ومن شيطان الجن بقوله لا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم .

لا تتخيلي أن تراكم المعاصي صعب بل هو أسهل من شربة الماء لمن لا يلتفت إلى نفسه فالخروج إلى السوق مثلاً ربما تكمن فيه عشرات المعاصي فمنها:


1- الخروج من دون جوراب .

2- ظهور الذراع .

3- الكلام مع صاحب المحل بغير احتشام .

4- الغيبة .

5- الكذب .

6- لبس الملابس الضيقة بحيث تبين مفاتن المرأة كأن تلبس بنطلوناً وعليها عباءة وتعلم أن الهواء سيرفع العباءة .

7- لبس البرقع مع علمها بأنه يسبب الإفتتان على رأي من يجيز طبعاً .

8- الخروج من دون إذن الزوج .

9- نظرها إلى ذراع رجل أجنبي .


وكثير من الأمور فلابد من ملاحظة الشارع المقدس وما يريده وما يكرهه ولقد جاء الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم لهذا المعنى بمثال عملي فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ((أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم نزل بأرض قرعاء.

فقال لأصحابه: ائتوا بحطب ؟

فقالوا: يا رسول اللَّه نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب.

قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض.

فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: هكذا تجتمع الذنوب فإن لكل شيئ طالباً ألا وإن طالبها يكتب ((ما قدموا وآثارهم وكل شيىء أحصيناه في إمام مبين))



أيهمــــا أولـــــــى


ثم لماذا يذنب الإنسان ويمني نفسه بالتوبة فلعله لا يوفق لأن يتوب بل في الخبر أن ترك المعاصي خير من أن تأتي بالحسنات فاللَّه تعالى يرشدك إلى أن عدم تدنيس كتابك بالمعاصي أولى وخير من ملئه بالطاعات لكي إذا لقيت اللَّه تعالى تكون دفاترك سالمة من الذنوب فعن الإمام علي عليه السلام قال:

(( اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات)) .

وقال سلام اللَّه عليه بكيفية أخرى:

((جدوا واجتهدوا وإن لم تعملوا فلا تعصوا فإن من يبني ولا يهدم يرتفع بناؤه وإن كان يسيراً وإن من يبني ويهدم يوشك أن لا يرتفع بناؤه)) .

ولذا في الخبر لا خير في النوافل إذا أضرت بالفرائض فبدلاً من أن يصلي صلاة الليل إذا كانت صلاته تجعله يأتي بصلاة الصبح قضاءاً فالإتيان بصلاة الفجر في وقتها خير من أن يصلي الشخص صلاة الليل ولا يؤدي الصلاة الفجرية في وقتها .



آثار الذنوب


قال تعالى:

((ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير))

30 الشورى.

تكلمنا في المقام السابق عن الذنوب وخطرها والآن نتكلم عن آثار الذنوب فكما أن لمخالفة الإرشادات الصحية آثار وعوارض فكذا في الركون إلى معاصي اللَّه جل وعلا فلها آثارها أيضاً والآثار على كيفيات ونقسمها على حسب الاستقراء الناقص إلى أربعة موارد:

1- أثر الذنوب على العقل .

2- أثر الذنوب على الإيمان .

3- أثر الذنوب على الأمور الأخروية .

4- أثر الذنوب على الأمور الدنيوية .




تأثير الذنوب على العقل


تأثير الذنوب على العقل واضح للمتفطن حيث أنه كما أن المرآة تتسخ بسبب الغبار فلا يرى منها فكذلك العقل بسبب الذنوب تحصل فيه حجب وأغطية فلا يستطيع أن يتحرك فلو أن الإنسان لم يعص اللَّه تعالى أربعين يوماً لجرت ينابيع الحكمة على لسانه كما في الخبر.

فالذنوب تمنع من الإدراك والفهم ولذا لقمان الحكيم لم يكن حكيماً إلا لصفاء سريرته وفي المقام قال الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم:

((من قارف ذنباً فارقه عقل لا يرجع إليه أبداً))




تأثير الذنوب على الإيمان

فتأثير المعاصي على الإيمان فهو كما أن الطاعة مقربة إلى الله تعالى وجالبة لرضاه فكذلك المعاصي بضدها مبعدة عنه ومجلبة لسخطه والذنب على الذنب كالحطب مع النار فبه تشتد المعاصي وباشتداد المعاصي يخرج الإنسان من موضع عناية اللَّه تبارك وتعالى فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول: ((ما من شيى‏ء أفسد للقلب من خطيئة إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله)) .

وعنه أيضا سلام اللَّه عليه قال: ((إذا أذنب الرجل خرج من قلبه نكتة سوداء فان تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبداً .........)) .



تأثير الذنوب على القرب الإلهي والاستعداد للآخرة

فتأثير الذنوب على القرب الإلهي والاستعداد للآخرة هو سبب أساس لنسيان اللَّه وعدم الاستعداد للقائه فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ((إن الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل وإن العمل السيى‏ء أسرع في صاحبه من السكين في اللحم)).

انظر إلى عظم الاقتحام في الذنب ولذا ترى في بعض الأوقات تحب أن تفعل كل ما يرضي اللَّه من استماع مأتم أهل البيت وصلاة ليل وغيرها وهذا ينم عن عمل صالح عملته فاللَّه أحبك وأراد منك غير هذا لكي تحضى على كرمه , وفي المقابل ‏ترى بعض الناس يحب أن يسمع الغناء أو يتلهى في أمور لا يرضى بها اللَّه تعالى من نظر إلى الأفلام الساقطة التي لا يقبلها اللَّه تعالى ولا رسوله ولا أهل البيت ولا البضعة الطاهرة، وهذا يكشف على أن هذا الشخص بعُد عن اللَّه تعالى فقرب إليه الشيطان الرجيم ولذا إذا حصلت هذه الحالة لأحد المؤمنين فلابد أن يأتي بطاعة للَّه تعالى ولو سجدة لأنك بذلك ترغمي أنف الشيطان .

وليس الأمر مقتصراً على هذا الحد وهو عدم التوفيق للطاعة بل في يوم القيامة يشاهد الأمرًين فعن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: ((يا بن مسعود لا تحقرن ذنباً ولا تصغرنه واجتنب الكبائر فإن العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحاً ودماً يقول اللَّه تعالى (يوم تجد كل نفس ما عملت ...)) الآية .



تأثير الذنوب في الأمور الدنيوية

فتأثير المعاصي على الأمور الدنيوية كبير جداً فكل مرض وبلية ومشكلة هي بذنب فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ((أما أنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب وذلك قول اللَّه عزوجل في كتابه: وما أصابكم من مصيبة...) ثم قال وما يعفو اللَّه أكثر مما يؤاخذ به)) .

بل أعظم من ذلك فحتى الخدشة والكبوة في الأرض فعن الإمام علي عليه السلام قال: ((توقوا الذنوب فما من بلية ولا نقص رزق إلا بذنب حتى الخدش والكبوة و المصيبة قال اللَّه عزوجل (وما أصابكم من مصيبة ...)) .

بل أنه قد يبتلى الإنسان في زوجته والزوجة في زوجها أو في أبنائهم وما هو إلا بسبب الذنوب فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (( قد يبتلي اللَّه المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله وتلا هذه الآية (وما أصابكم من مصيبة ...) وضم يده ثلاث مرات و يقول : ويعفو عن كثير)) .

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: ((المرض للمؤمن تطهير ورحمة وللكافر تعذيب ولعنة وإن المرض لا يزال بالمؤمن حتى لا يكون عليه ذنب)) .

وعن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال:

((السقم يمحو الذنوب)) .

فلا يحزن من يصاب بالعاهات فهو وإن تألم و لكن هذا الألم لا يقاس بألم الآخرة فليفرح وليحمد اللَّه على حاله وليطلب العون والمغفرة ولذا كان الإمام زين العابدين عليه السلام إذا رأى المريض قد برئ قال له: ((ليهنئك الطهر - أي من الذنوب- فاستأنف العمل)) .

وحتى المرض في الأبناء أحياناً يكون كفارة لذنوب الوالدين كما عن الإمام علي عليه السلام.

بل إن الإنسان في بعض الأحيان يشعر بحزن ولا يعرف سببه وما هو إلا ذنب عليه فاراد اللَّه تعالى عن طريق الحزن التكفير عنه فعن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: ((إذا كثرت ذنوب المؤمن ولم يكن له من العمل ما يكفرها ابتلاه اللَّه بالحزن ليكفرها به عنه)) .

بل أعظم من ذلك بعض الأحيان يرى كوابيساً وأموراً مخيفة في نومه وما هي إلا كفارة لذنوبه فعن الإمام الصادق عليه السلام قال:

((إن المؤمن ليهول عليه في منامه فتغفر له ذنوبه وإنه ليمتهن في ذنوبه فتغفر له ذنوبه)) .

بل إن من يموت بسبب الذنوب أكثر ممن يموت بسبب الأجل فاللَّه تعالى مثلاً قرر للإنسان أن يعيش مائة سنة فإذا أذنب نقصت سنة وإذا اغتاب مثلاً نقصت مقدار وهكذا حتى يموت في سن مبكرة وما هو إلا بسبب ذنوبه فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ((من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال)) .



خلاصة الكلام

وبالجملة فهناك موازنة فبكل ذنب بلاء و لذا كثرت الأمراض وخروج أنواع جديدة منها, وما هو إلا بسبب الذنوب فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ((كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث اللَّه لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون)) .

بل إن بعض الذنوب تسلب بركات اللَّه ورحمته فعن الإمام الصادق عليه السلام قال أبي عليه السلام يقول: ((إن اللَّه قضى قضاءً حتماً ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنباً يستحق بذلك النقمة)) .

فهذا صك ضمان من اللَّه تعالى فلا تعصوا لكي لا تسلب نعمة منكم، بل لا تعصِ لكي تنزل بركاته عليكم فان الإنسان إذا عصى منع اللَّه عنه ما أراد أن يعطيه من مال أو ولد أو جاه أو صحة أو غيرها فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: ((أن العبد يسأل اللَّه الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو وقت بطيئ فيذنب العبد ذنباً فيقول اللَّه تبارك وتعالى للملك: لا تقضي حاجته واحرمه إياها فانه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني)) .

وهنالك نوع من الذنوب مفعولها سريع فيعاقب الإنسان بها في الدنيا فعن الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه و آله وسلم قال: ((ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة عقوق الوالدين والبغي على الناس وكفر الإحسان)) .

بل وهنالك ذنوب لها آثارها الخاصة وإليك هذا الخبر فعن الإمام الصادق عليه قال: ((الذنوب التي تغير النعم البغي والذنوب التي تورث الندم القتل و التي تنزل النقم الظلم والتي تهتك الستر شرب الخمر والتي تحبس الرزق الزنا والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين)) .

ولا تظنين أن للمعصية حلاوة حقيقية فهي سرعان ما تتلاشى ويأتي العقاب ففي الدنيا ذل فعن الإمام علي عليه السلام قال:

((من تلذذ بمعاصي اللَّه أورثه اللَّه ذلاً)) .

وفي الآخرة اليم العقاب فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

((حلاوة المعصية يفسدها ألم العقوبة)) .

وهل نتصور أن إنساناً يتلذذ بسخط اللَّه تعالى؟ . نعم مَن نسي اللَّه تعالى أنساه اللَّه نفسه وأكبر شاهد واقعة الطف وما كان سبباً لهذه الواقعه فأضلاع الإمام الحسين لم تتكسر إلا لأن هناك أضلاع كسرت........ الخ



ولنا عودة لنكمل ما بقي من هذا الفصل..

نسألكم الدعاء

__________________
دمعي أساً يجري لأي مصيبةٍ *حــ ياــــسيـن* ونواظري تبكي لأي رزيةٍ
سالت عليك دموعها لمحــبةٍ * حــ ياــــسين* تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ
لكنما عيني لأجلك *حــ ياــــسيـن* بــاكــيــــــــة

عاشق الحسين غير متصل